يبدو أن إسرائيل تحاول شراء طائرات F 22، ذات القدرات الشبحية، مقابل موافقتها على شراء الإمارات طائرات F 35، فلماذا تتشدد الولايات المتحدة في عدم بيع هذه الطائرات رغم مرور سنوات طويلة على إنتاجها، وهل ينتهي الأمر بوصول هذه الطائرات الفائقة القدرات إلى تل أبيب بفضل التطبيع الإماراتي.
بعد اعتراضات إسرائيلية سابقة على بيع طائرات الشبح Lockheed LMT -1.7% F-35 Lightning II إلى الإمارات العربية المتحدة، ذكرت تقارير أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس رضخ ووافق على البيع، بعد اجتماع مع وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، يوم الجمعة الماضي.
وتبادل المسؤولون الإسرائيليون الاتهامات حول الموافقة على بيع طائرات f 35 للإمارات، إذ قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مراراً إن موافقة إسرائيل على بيع طائرات F-35 للإمارات العربية المتحدة ليست جزءاً من اتفاقية السلام الموقعة بينها وبين إسرائيل في واشنطن الشهر الماضي، وإنه تم توفيرها فقط في سياق محادثات وزير الدفاع بيني غانتس مع البنتاغون مؤخراً.
ومع ذلك، زعم غانتس في بيان خاص به أن المفاوضات بشأن بيع الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة كانت معروفة لبعض المسؤولين الإسرائيليين، لكن تم إخفاؤها عنه وعن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
في المقابل، فإن إسرائيل تحيّنت الفرصة لمحاولة توسيع تفوقها العسكري في المنطقة، حيث أكد مسؤولو الدفاع في البلاد أنها طلبت من كبار المسؤولين الأمريكيين النظر في إزالة الحواجز التي تقف في طريق بيع مقاتلة F-22 Raptors الفتاكة إلى سلاح الجو الإسرائيلي، وهي الطائرات التي يحظر قانون فيدرالي أمريكي بيعها لأي جيش أجنبي.
واستند المسؤولون الإسرائيليون في اعتراضهم على بيع طائرات F 35 للإمارات إلى قانون أمريكي، يشتمل على أنه يجب السماح لإسرائيل بشراء معدات تضمن "تفوقاً عسكرياً نوعياً" على دول أخرى في الشرق الأوسط، علماً أنه حتى لو حصلت الإمارات على طائرات F 35 فإن نوعية الطائرات الإسرائيلية ستكون أعلى.
كما طلبت إسرائيل بالفعل ما يصل إلى 8 مليارات دولار من مبيعات الأسلحة في أعقاب اتفاقات السلام.
إسرائيل تحاول شراء طائرات F 22.. لماذا؟
قال مسؤول كبير في اجتماع مغلق "ميزتنا النوعية تتضاءل فيما يتعلق بالطائرات، والطائرات بدون طيار، والأسلحة، وأنظمة الدفاع الجوي". وتيرة التغيير في الشرق الأوسط عالية، إنه شرق أوسط مختلف عما كان عليه في العقد الماضي، والعديد من الدول التي ليست في صراع مباشر مع إسرائيل تستثمر مبالغ ضخمة لبناء بعض من أكثر القوات الجوية وأنظمة الدفاع الجوي تطوراً في العالم".
واشترت مصر والعديد من دول الخليج العربية طائرات متقدمة مثل رافال وتايفون وسوخوي 35، ونسخاً متقدمة من طائرات إف 35، إضافة إلى طلب قطر والإمارات شراء طائرات إف 35.
إنها طائرة قديمة
دخلت F-22 الخدمة في عام 2005، وتفتقر إلى أنظمة الكمبيوتر الحديثة والمواد الماصة للرادار (RAM) الأكثر فاعلية من حيث التكلفة الموجودة في F-35.
ومع ذلك، فإن رابتور لديها مقطع عرضي أصغر للرادار، وهي مصممة لتحقيق سرعة أكبر وقدرة أكبر على المناورة، بفضل محركاتها المروحية F119 ذات الدفع المزدوج. تعطي هذه الطائرات F-22 خصائص طيران فائقة المناورة والقدرة على الإبحار بسرعات تفوق سرعة الصوت بدون حواجز لاحقة.
هذا يعني أنه في حين أن F-35 قد تكون أقل تكلفة في الشراء والطيران، وأكثر مرونة كطائرة حربية للأغراض العامة، فإن F-22 هي خصم مخيف في القتال الجوي.
إن المزيج النهائي من الأداء الديناميكي الهوائي الخفي هو ما يمنح هذه المقاتلة قدرات قتالية لا مثيل لها عند مقارنتها بالطائرات الأخرى.
وفقاً للكاتب الدفاعي كاليب لارسون، إنها "أكثر الطائرات المقاتلة المأهولة تقدماً في العالم، إنها أكثر سرية من F-35 Lightning II، التي تم تصديرها إلى عدد من حلفاء الولايات المتحدة في كل من أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، وعلى الأخص اليابان وإسرائيل".
هذا يعني أنه في حين أن F-35 قد تكون أقل تكلفة في الشراء والطيران، وأكثر مرونة كطائرة حربية للأغراض العامة، فإن F-22 هي خصم مخيف في القتال الجوي.
ولكن في النهاية أثبت برنامج F-22 أنه مكلف للغاية، ومع الحاجة إلى مقاتلة جو-جو لمواجهة المقاتلات السوفييتية لم تعد أولوية قصوى للولايات المتحدة، وتم إنهاء البرنامج في عام 2019.
لماذا تتشدد أمريكا في حظر تصدير F 22 ؟ إسرائيل هي السبب
تم حظر طلبات إسرائيل السابقة لطائرات F-22 بسبب تعديل قانوني عام 1998، الذي حظر على وجه التحديد تصدير طائرات F-22.
فقد قام عضو الكونغرس ديف أوبي بحظر أي صفقات محتملة للمقاتلين، بعد أن أشار إلى مخاوف من تسريب تقنياتها إلى دول مثل روسيا والصين، خاصة أن مقطعها الراداري أقل من إف 35.
وقال بليك ستيلويل، المصور القتالي السابق بالقوات الجوية الأمريكية "شعر عضو الكونغرس بالقلق من أن تقنية التخفي في الطائرة F-22 (والتي لا تزال توفر مقطعاً عرضياً للرادار أصغر من f 35 يمكن أن تنتقل إلى أيدي الصين وروسيا.
وهذا يعني أنه لو حصلت بكين وموسكو على التكنولوجيا الخاصة بها فسوف تتمكن من صنع طائرات أكثر تخفياً من الإف 35، التي تمثل القوام الرئيسي للقوات الجوية الأمريكية والغربية.
التعديل كان مدفوعاً بتقارير عن عمليات نقل إسرائيلية لتكنولوجيا الفضاء الأمريكية إلى الصين.
إذ يبدو أن الكونغرس كان قلِقاً من أن الإسرائيليين سوف يسربون التكنولوجيا الأمريكية إلى الصين بالطريقة التي تعتقد بها المخابرات الأمريكية أن إسرائيل ساعدت الصين في تطوير مقاتلة J-10.
وسبق أن سربت إسرائيل تكنولوجيا حصلت عليها من الولايات المتحدة إلى الصين من وراء واشنطن، حيث يعتقد على سبيل المثال أن الطائرة الصينية J 10 مأخوذة من مشروع طائرة لافي الإسرائيلية المأخوذة بدورها من الإف 16 الأمريكية.
ومع سعي الصين لتطوير مقاتلات الشبح المتقدمة الخاصة بها، فإن مثل هذه التكنولوجيا في التسعينيات كانت ستضر بمصالح الولايات المتحدة بشكل كبير.
هل يتم استثناء تل أبيب من الحظر رغم احتمالات تسريب أسرار الطائرة للصين
الطلبات الجديدة من قبل إسرائيل لشراء الطائرة، لم يقابلها أي تعليق من أي مصادر رسمية أمريكية، ما يترك الشكوك حول احتمال نقل المقاتلات الأمريكية الحصرية إلى إسرائيل.
ومع ذلك، تشير تقارير إلى أن مثل هذا البيع "غير مطروح حالياً على الطاولة".
ليس بسبب العامل الأمني والسياسي بالأساس، ولكن لأسباب فنية، لأن F-22 لم تعد قيد الإنتاج، فآخر طائرة من هذا الطراز خرجت من خط الإنتاج، في ديسمبر/كانون الأول 2011. ولا يمكن إعادة تشغيل الإنتاج إلا بتكلفة كبيرة.
ومن غير المرجح أن ترغب القوات الجوية الأمريكية -المشغل الوحيد من نوعه- في التخلي عن طائرات من أسطولها الخاص من هذه الطائرات الفريدة.
إذ الأسطول الأمريكي من طائرات F-22، والذي يبلغ قوامه حوالي 180 رابتور، بات لا يمكن الاستغناء عن وتزداد أهميته مع مواجهة الولايات المتحدة بشكل متزايد الطيران العسكري الصيني، الذي يتحسن بسرعة.
F-22 تولد من جديد
مجموعة من الدول في مقدمتها إسرائيل واليابان مهتمة بأن تكون جزءاً من برنامج F-22، في محاولة للحصول على المقاتلات، مع تكهنات بأن كوريا الجنوبية جنباً إلى جنب مع سنغافورة وأستراليا أرادت هذه الطائرات لتعزيز قواتها الجوية.
ومع ذلك، فإن أي إنتاج جديد لطائرات F-22 سيتطلب بالتأكيد دمجاً لبعض التطورات المتقدمة في F-35، لتصبح ما يسمى بـF-22 / F-35 الهجين.
تمت دراسة هذا الاحتمال من قبل اليابان في عام 2018. لطالما طلبت طوكيو طائرات F-22، خاصة أن القوات الجوية الصينية تتحسن نوعياً وتستكشف المجال الجوي الياباني بشكل متزايد.
ورغم أن الجيش الياباني كان يتلقى بالفعل طائرات F-35، فإن مقاتلة التفوق الجوي F 22 كانت أقرب إلى ما كان يدور في ذهنه.
وأوضح تصور للشركة المصنعة للطائرة "لوكهيد" أن إعادة إنتاج وتطوير وتقديم نسخة حديثة من F-22، ستصل بتكلفة لـ215 مليون دولار لكل طائرة. (بلغ متوسط تكاليف الوحدة الأمريكية F-22 150 مليون دولار قبل إغلاق خط الإنتاج).
وبدلاً من ذلك اختارت اليابان تطوير مقاتلاتها الشبح من الجيل السادس، وهو مشروع طويل الأجل من المحتمل أن يكلف 45 مليار دولار على الأقل.
هل إسرائيل بحاجة إلى طائرة تفوق جوي؟
لدى إسرائيل أسباب أقل إقناعاً من اليابان للبحث عن مقاتلة تفوق جوي.
فسلاح الجو الإسرائيلي هو بالفعل الأكثر قدرة في المنطقة، ولم يواجه تحدياً جوياً خطيراً منذ آخر معركة جوية كبيرة، والتي خاضها فوق لبنان، في يونيو/حزيران 1982، عندما أسقطت طائرات F-15 وF-16 الإسرائيلية 76 مقاتلة سورية من طراز MiG، وتم القضاء على نظام دفاع جوي أرضي في يوم واحد دون خسارة طائرة واحدة.
صحيح، منذ ذلك الحين، اشترت مصر والعديد من دول الخليج العربية طائرات متقدمة، لكن القوات الجوية الإسرائيلية تحتفظ بميزة نوعية هائلة، تتعلق بالتدريب المتفوق والتكتيكات والخبرة التشغيلية، حسب مجلة Forbes الأمريكية.
وتمتلك إسرائيل أيضاً صناعة طيران عسكرية محلية قامت باستمرار بتزويد سلاح الجو الإسرائيلي بطائرات بدون طيار وصواريخ وأنظمة إلكترونيات طيران متطورة جديدة.
الأهم من ذلك أن الجهات الفاعلة الإقليمية التي من المرجح أن تصطدم بها إسرائيل -سوريا وإيران- لا تشكل تهديداً كبيراً في القتال الجوي، في حين أن العديد من الدول التي لديها طائرات متقدمة من المرجح أن تكون حليفة لإسرائيل.
وتتطلب أنواع القدرات التي تنضج في المنطقة، والتي تشكل تحديات أمنية لإسرائيل -وخاصة الطائرات المقاتلة بدون طيار ذات الأسعار المعقولة والصواريخ الباليستية الدقيقة طويلة المدى- حلولاً مختلفة تماماً عن المقاتلات النفاثة المأهولة باهظة الثمن والمُحسّنة، لإسقاط المقاتلات النفاثة الأخرى المكلفة للغاية.
وقد يكون لإسرائيل هدف آخر وراء طلبها شراء F-22، وهو رفع سقف المطالب لتحقيق أهداف أكثر قابلية للتحقيق.
على سبيل المثال، تشير صحيفة "هآرتس" إلى أن إسرائيل ترغب في الحصول على إذن لشراء طائرات أمريكية متطورة بدون طيار، أو أن يكون من السهل إنفاق دولارات المساعدة العسكرية الأمريكية على الشركات الإسرائيلية، بدلاً من تلك الموجودة في الولايات المتحدة.