“أخذوا أرضي”.. قصة الفارسة التي تتحدى مشروع نيوم

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/10/25 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/25 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش
أفراد من قبيلة الحويطات يتهمون الحكومة السعودية بنزع أراضيهم لتأسيس مشروع نيوم/رويترز

كانت علياء الحويطي أول سيدة سعودية تحترف الفروسية. وشاركت في منافسات احترافية لمدة سبع سنوات، واليوم تحولت إلى أشهر رموز التصدي لمشروع نيوم الذي تقول إنه يؤدي إلى تهجير الحويطات التي تعد إحدى أشهر قبائل الجزيرة العربية.

لكن التصميم الذي تعلمته من ركوب ظهور الخيل واستخدمته في التصدي لمشروع نيوم حوّلها إلى عدو لبعض الأشخاص الأقوياء في بلدها.

فهي تعيش الآن في لندن وتخاطر بحياتها عبر مجاهرتها بالحديث ضد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والحكومة السعودية، حسبما ورد في تقرير لشبكة ABC News الأمريكية.

تهديدات بالقتل بعدما أصبحت أشهر رموز التصدي لمشروع نيوم

وتقول إنها تتلقى تهديدات بالقتل بشكل شبه يومي ورسائل تخويف، تعتقد أنها من أفراد متحالفين مع الحكومة السعودية.

وتروي علياء كيف أن بعض التهديدات تحثها على ألا تثق بأصدقائها لأنهم قد يكونون هم الأعداء.

وهي تعرف أن الهدف من هذه الرسائل ليس إخافتها فحسب، بل إصابتها بجنون الارتياب،

غير أنها ترفض الاستسلام.

وقالت: "كنت أعلم أنني حين اخترت هذا الطريق، فلا بد من تقديم تضحيات".

وهي الآن تدافع عن قبيلتها السعودية، الحويطات، التي يعيش أفرادها على طول ساحل البحر الأحمر منذ مئات السنين. غير أنهم يقفون في طريق حلم الأمير الذي تبلغ تكلفته 700 مليار دولار.

سيارات أجرة طائرة

ويتمثل هذا الحلم في إنشاء أول مدينة تكنولوجية ضخمة في العالم، تُعرف باسم نيوم.

ويهدف المشروع لجذب استثمارات أجنبية ضخمة وتنشيط السياحة، ويأتي في إطار سعي محمد بن سلمان لبناء اقتصاد أقل اعتماداً على إمدادات النفط المتناقصة.

ويقع المشروع على مساحة 26 ألفاً و500 كيلومتر مربع، ويمتد من شمال غرب المملكة، وقيل إنه يتضمن أراضي مصرية وأردنية.

لكن مزارع ومنازل قبيلة الحويطات تعترض طريق المشروع.

وتقول الإعلانات التي تروج لهذه المدينة إنها ستضم سيارات أجرة طائرة بدون طيار، وجزيرة شبيهة بحديقة الديناصورات، وقمراً اصطناعياً يضيء الشواطئ المظلمة، فضلاً عن عدد كبير من المطاعم الحاصلة على نجمة ميشلان.

ويعتبر المشروع طموحاً لدرجة أنه يتضمن بعض التقنيات غير الموجودة حتى الآن، حسب وصف موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وتقول الدعاية التي تروج لها إنها مبنية على أرض "بكر جديدة".

لكن أهل الحويطات يرفضون ذلك ويقولون إنهم عاشوا في المنطقة منذ قرون.

وتقول علياء إن أفراد عشيرتها يتعرضون للتهديد والمضايقة والتهجير القسري من منازلهم.

قصة عبدالرحيم الحويطي والـ4 آلاف دولار

بدأت علياء في المجاهرة بانتقاداتها للمشروع بعد مقتل عبدالرحيم الحويطي المزعوم، أحد رموز القبيلة الذي رفض مغادرة منزله وانتقد المشروع.

وقالت "هذا واجبي تجاه الناس. إنهم يطلبون المساعدة، ولهذا أتحدث وسأبذل قصارى جهدي لإنصاف أهالي نيوم".

غير أن السعودية قالت لوسائل الإعلام إن قوات الأمن أطلقت النار على عبدالرحيم الحويطي رداً على مبادرته بإطلاق النار على قواتها.

لكن علياء أكدت أنه لم يكن مسلحاً، وبعدها اختفى ما لا يقل عن 15 من سكان المنطقة ولم يتمكن أحد من تحديد مكانهم.

ويُشار إلى أن الحكومة سبق أن وعدت الأهالي في الـ 13 قرية المطلة على البحر الأحمر التي سيبنى بها مشروع نيوم بأنهم سيفيدون كثيراً من هذا المشروع، الذي هو من بنات أفكار ولي العهد نفسه.

لكن ما حدث، وفق مزاعم، أنها عرضت عليهم 4000 دولار فقط مقابل مغادرة منازلهم، وواجه من رفضوا ذلك انقطاعات في التيار الكهربائي واشتعال الحرائق.

نيوم إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي.. ماذا يقول القانون الدولي عن تهجير الحويطات؟

تولى المحامي رودني ديكسون، المقيم في لندن، النظر في هذه القضية ورفعها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.

وهو يرغب في فتح تحقيق عاجل في تهجير أهالي الحويطات.

وقال ديكسون لشبكة ABC: "هذه الانتهاكات تؤثر على مئات الأشخاص، وربما الآلاف".

ويشير التقرير الذي قدمه للأمم المتحدة إلى أن قبيلة الحويطات قبيلة بدوية كبيرة من البدو الرحل تمتد أراضيها التقليدية على جزء من الشرق الأوسط يضم فلسطين والأردن والسعودية.

وجاء في التقرير: "الفيديو الترويجي لمشروع نيوم يؤكد بشكل خاطئ تماماً أن المنطقة التي ستُبنى عليها المدينة الضخمة أرض بكر".

موقع مشروع نيوم/ويكيبيديا

وأضاف: "وبشكل ملحوظ ومخيف، لم ترد إشارة واحدة إلى وجود الآلاف من أفراد قبيلة الحويطات في أي مادة ترويجية". 

وتكتسب الدعاوى لرفع الأمر إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالنظر إلى استناده إلى حقوق السكان الأصليين، وهو مبدأ بدأ يكتسب أهمية خاصة في القانون الدولي.

إذ إن حقوق السكان الأصليين في التمتع الحر بأراضيهم، حق لا جدال فيه، وراسخ في القانون الدولي.

ومنذ تبني المعايير التوجيهية، تنامى الدعم في القانون الدولي لحقوق الأرض الخاصة بالشعوب الأصلية. وربما كانت الخطوة الأكثر أهمية في عام 2007 من خلال الإعلان الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية الذي ينص على أن هذه الشعوب "لا يجب أن تُهجّر قسراً من أراضيها أو أقاليمها" دون"موافقتهم والمسبقة والمستنيرة" إلى جانب تعويضهم العادل وتزويدهم بخيار العودة، متى أمكن ذلك.

وينص الإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية، الذي صوتت لصالحه المملكة العربية السعودية في عام 2007، في المادة 10 على أنه "لا يجوز ترحيل الشعوب الأصلية قسراً من أراضيها أو أقاليمها. ولا يجوز أن يحدث النقل إلى مكان جديد دون إعراب الشعوب الأصلية المعنية عن موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة وبعد الاتفاق على تعويض منصف وعادل، والاتفاق، حيثما أمكن، على خيار العودة".

وفي حين أصبح من الواضح الآن أن حقوق الأرض للشعوب الأصلية محمية بموجب القانون الدولي، فماذا عن المجموعات الأخرى التي ينص المعيار التوجيهي رقم (9) على أن لها أيضاً "وضعاً خاصاً على أراضيها وارتباطها بها كالأقليات والمزارعين والرعاة؟ فلقد أكدت التوجهات العالمية الأخيرة على حكمة الأسلوب المُتبع في المعايير التوجيهية والذي يركز على التعرُّض لآثار فقدان الأرض (فيما يتعلق بكسب العيش والهوية) بدلاً من الوضع (كعضو في إحدى الجماعات الأصلية، على سبيل المثال)".

وقد يعني هذا أن قبيلة الحويطات سواء صنفت كشعوب أصليين أو شعوب لها وضع خاص مرتبطة بأراضيها، وبالتالي فإن علاقتها بأراضيها محمية بموجب القانون الدولي.

وحسب تقرير للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان "حاول أعضاء قبيلة الحويطات التفاوض مع الحكومة للتوصل إلى حل وسط يسمح لهم بالاستمرار في التمتع بأراضيهم دون التأثير سلباً على مشروع نيوم. 

وبعد وقت قصير من الإعلان عن المشروع، قام السكان المحليون بزيارة الحاكم الإداري لمنطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان، للضغط من أجل حق الإقامة. وذكر الأمير أنه لا يستطيع مساعدتهم في الدفاع عن أراضيهم من الحكومة. 

وفي حملة على وسائل التواصل الاجتماعي أكد نشطاء من المنطقة دعمهم للرؤية التنموية لولي العهد، لكنهم جادلوا بأن مشروع نيوم لا يجب أن يتحقق على حساب منازل أجدادهم. اتخذ بعض النشطاء لهجة أكثر حدة مع الحكومة، ورفضوا بشكل قاطع تعويضات الحكومة ورفضوا الترحيل".

إلى جانب الحكومة السعودية، توجد العديد من الشركات الدولية متورطة في عملية الإخلاء القسري هذه. 

فوفقاً للتسريبات التي حللتها صحيفة وول ستريت جورنال، تشارك مجموعة بوسطن الاستشارية في الولايات المتحدة، في حملة نقل السكان المحليين. كما أفادت الصحيفة أن المملكة تمول مشروع نيوم جزئياً من قرض بقيمة 45 مليار دولار أمريكي من مجموعة SoftBank اليابانية، حيث لم يكن لدى الحكومة المال الكافي لبدء مشروعها.

المشروع تأخر لأسباب أخرى

ويُشار إلى أن مدينة نيوم ما تزال في المراحل الأولى من البناء. ورغم رغبة ولي العهد في أن يبدأ السكان في الانتقال إليها عام 2025، جاء فيروس كورونا ليؤخر أعمال البناء.

ويُعتقد أن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أضر أيضاً بالاهتمام الدولي بالمشروع.

لكن البناء لم يتوقف رغم هذه العقبات.

تقول علياء لشبكة ABC إنها لن توقف حملتها على عمليات التهجير القسري لأفراد قبيلتها، بغض النظر عن الضغط الذي يسببه ذلك.

وقالت: "لن أستسلم أبداً حتى يصل صوتي للعالم".

تحميل المزيد