في معظم فترات الحرب الباردة كان هناك خوف أصيل من أن تندلع الحرب بين الغرب والمعسكر السوفييتي في أية لحظة. دفعت هذه المخاوف التطور السريع للأسلحة لمنح كل جانب ميزة إذا اشتعلت الحرب الباردة فجأة. لم تكن النتيجة واحدة بل العديد من سباقات التسلح التي جرت في وقت واحد، من أسلحة المشاة الصغيرة إلى الأسلحة النووية.
تقول مجلة National Interest الأمريكية، إنه تم تطوير وإدخال معدات وقدرات عسكرية جديدة بسرعة من كلا الجانبين، بحلول الخمسينيات من القرن الماضي، كانت معظم القوات الجوية تستبدل الطائرات التي تعمل بالمراوح مقابل الطائرات النفاثة. فيما شهدت المركبات المدرعة والغواصات والصواريخ ميزات هائلة في الفاعلية. أما الأسلحة النووية على وجه الخصوص فأصبحت أصغر وأقوى أضعافاً مضاعفة. وفوق كل شيء، أصبحت الأسلحة أكثر فتكاً لمنح كل طرف ميزة فيما كان من الممكن أن يكون آخر حرب خاضتها البشرية على الإطلاق، وإليكم بعضها.
الغواصة النووية USS جورج واشنطن (SSBN-598)
كانت وتيرة تطوير الأسلحة النووية خلال الحرب الباردة مذهلة. بدأ بناء أول غواصة صاروخية نووية حقيقية، يو إس إس جورج واشنطن، بعد 12 عاماً فقط من القصفين الذريين لهيروشيما وناغازاكي.
تم تصميم هيكل "جورج واشنطن" في الأصل كغواصة هجومية، وتم إطالة هيكلها ليتسع لستة عشر صاروخاً من طراز Polaris ذي الرؤوس النووية. كان لكل صاروخ مدى يصل إلى 1500 ميل، مما يجعل غواصة الصواريخ الباليستية قفزة لا تصدق على عدد قليل من قاذفات B-29 ذات القدرة النووية التي كانت تعمل في نهاية الحرب العالمية الثانية.
كان التقدم في تكنولوجيا تصغير الأسلحة النووية يعني أن رؤوس W-47 المحمولة على صواريخ بولاريس بلغ وزنها 326.5 كيلوغرام فقط، وأنها كانت متينةً كفايةً لكي تُحمل على صاروخٍ. وكانت رؤوس W-47 تتمتع بقوة تفجيرية تبلغ 600 كيلوطن. وبالمقارنة فإن قنبلة "الفتى الصغير" التي ألقيت على هيروشيما قبل 15 عاماً فقط كان وزنها 4400 كيلوغرام، ولا يمكن إلقاؤها إلا من قاذفة قنابل استراتيجية. أضف لذلك أنها برغم حجمها كانت قوتها التفجيرية تبلغ 15 طناً فقط.
البندقية AK-47
كانت البندقية الهجومية الأوتوماتيكية كلاشينكوف من طراز 1947 أو AK-47 واحدة من أشهر الأسلحة في التاريخ. شكلها الأخاذ وخزنتها ذات الثلاثين طلقة يبرزانها من نيكاراغوا إلى فيتنام، ومن شوارع لوس أنجلوس إلى شوارع مقديشيو. البندقية خفيفة الوزن ومتينة ويسهل تعلم إطلاق النار بها واستخدامها. حتى إن الأطفال للأسف يستخدمونها في نزاعاتٍ شتى حول العالم.
تقول الأسطورة السوفييتية إن البندقية من بنات أفكار ميخائيل كلاشينكوف، وهو ميكانيكي بسيط أصبح قائد دبابة في الحرب العالمية الثانية، صممها أثناء فترة تعافيه من إصابة لحقت به في إحدى المعارك. وتلك أسطورة وطنية عظيمة، لكن الحقيقة على الأرجح أشد تعقيداً؛ فالتصميم يبدي تأثراً واضحاً ببندقية M-1 Garand الأمريكية وبندقية StG-44 الألمانية التي تعد أول بندقية هجومية حقيقية في العالم.
وقد صُنع من بندقية كلاشينكوف نحو 75 مليون قطعة تقريباً، ما يجعلها على الأرجح أكثر الأسلحة النارية إنتاجاً في التاريخ. وحتى هذا اليوم لا تزال ملايين بنادق كلاشينكوف تُستخدم حول العالم من قبل القوات المسلحة وحركات الكفاح المسلح وحتى المنظمات الإرهابية.
القاذفة F-4 Phantom
تعد هذه القاذفة المقاتلة مثالاً نموذجياً على تطور الطيران بعد الحرب. طارت هذه الطائرة لأول مرة بعد ثلاثين عاماً فقط من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتستطيع حمل حمولة تصل إلى 9 أطنان، وهي نفس حمولة القاذفة B-29 تقريباً، مع كونها مقاتلة.
طورت الطائرة شركة McDonnell Aircraft، التي باتت اليوم جزءاً من شركة بوينغ. والطائرة التي تطير ضمن القوات الجوية والبحرية والقوات البحرية الخاصة الأمريكية بالإضافة لقوات الحلفاء، ومن بينهم ألمانيا واليابان وإسرائيل وتركيا، كانت مقاتلة كبيرة بمحركين تتمتع بطلاقة حركة تمكنها من فرض الهيمنة الجوية، وحماية الأساطيل، وإسقاط الدفاعات الجوية، والقيام بمهمات الاستطلاع، والاعتراض، ومهمات الدعم الجوي القريب.
وشهدت الطائرة عمليات مع القوات الأمريكية في فيتنام، والعراق والكويت، ومع القوات الإسرائيلية في حرب 73 ومع القوات الإيرانية في حرب إيران والعراق 1980 إلى 1988 ومع القوات التركية ضد المتمردين الأكراد. خرجت أغلب طائرات F-4 من الخدمة، لكن بعضها لا يزال في الخدمة في كوريا الجنوبية وتركيا وإيران وبعض الجيوش الأخرى.
بندقية المعارك FN-FAL
تسلح بهذه البندقية، وشهرتها: "الذراع اليمنى للعالم الحر"، عديدٌ من جيوش حلف شمال الأطلسي خلال الحرب الباردة. وهي تصميم من حقبة ما بعد الحرب من مصنع الأسلحة البلجيكي الصغير Fabrique Nationale، وقد تبنتها العديد من الجيوش لتحل محل أسلحة المشاة من وقت الحرب العالمية الثانية.
كانت الـ FN-FAL بندقية آلية بالكامل بها غرفة انفجار وخزنة تحمل عشرين طلقة، مما يوفر قوة نارية جبارة في حجم بندقية. وكانت عملياً بندقية معارك وليست بندقية هجومية؛ بسبب رصاصاتها الثقيلة كبيرة الحجم.
شهدت البندقية معارك كثيفة في الغرب، بالإضافة لما شهدته في العديد من دول العالم الثالث في أمريكا الوسطى والجنوبية وإفريقيا. وتسلح بها كلا طرفي النزاع في فولكلاند، وكذلك القوات البرية البريطانية والجيش وقوات البحرية الأرجنتينية. واليوم يعد التصميم قديماً، وقد خرجت معظم تلك البنادق من الخدمة.
دبابة القتال الرئيسية Chieftain
كانت دبابة Chieftain البريطانية واحدة من أقوى الدبابات في حقبة الحرب الباردة. وفي وقت تقديمها عام 1996 كانت أكبر وأثقل دبابة قتال رئيسية مسلحة سواء في صف حلف شمال الأطلسي أو حلف وارسو.
كانت تلك الدبابة هي تطور دبابة Centurion التي ظهرت في نهاية الحرب العالمية الثانية. لكنها كانت تملك درعاً أقوى من سابقتها بفارق ملحوظ، ومحركاً أكثر تطوراً. لكن ما ميز الدبابة حقاً عن نظيراتها، كان مدفعها الرئيسي الذي يبلغ قطره 120 مم. كان المدفع من طراز L11A5 أكبر بكثير من مدفع 105 مم الذي تتسلح به دبابات M60 الأمريكية، ومن مدفع 115 مم الذي تتسلح به دبابات T-62 السوفييتية.
خدمت الدبابة مع القوات البريطانية من بينها الفرقة المدرعة الأولى. ولكونها جزءاً من الجيش البريطاني لنهر الراين، فقد كانت الفرقة المدرعة الأولى مكلفة بحماية السهل الشمالي الألماني من الاحتلال السوفييتي. كذلك خدمت الدبابة مع الجيش الإيراني خلال حرب العراق وإيران.