يعد جيش كوريا الشمالية رابع أكبر جيش في العالم، وتحتل ميزانية الدفاع لديها نسبةً مذهلة تصل إلى 23% من ناتجها المحلي الإجمالي، وهي أعلى نسبة في أيِّ دولةٍ في القرن الحادي والعشرين.
وتذهب النفقات العسكرية الهائلة لكوريا الشمالية، في جزءٍ كبيرٍ منها، إلى الحفاظ على هذا الجيش الذي يقدر بـ1.21 مليون جندي والذي يعد ضخماًَ بالنسبة لعدد سكان البلاد البالغ 25.5 مليون نسمة، حيث يمثل عدد أفراده 4.7% من إجمالي السكان.
وليس هناك من شكٍّ في أن القوات البرية لكوريا الشمالية هي العمود الفقري لقدرتها على شنِّ حربٍ تقليدية في شبه الجزيرة الكورية، وستظلُّ كذلك، حسبما ورد في تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
في السنوات التي أعقبت الحرب الكورية، كان الجيش الشعبي الكوري الشمالي أصغر بشكلٍ ملحوظ، ولكنه كان أفضل تجهيزاً وأكثر حداثةً من نظيره الجنوبي.
انقلب هذا الوضع على مدار عقودٍ من الركود العسكري الكوري الشمالي والتدهور الاقتصادي، الذي صاحَبَ انهيار الداعم السوفييتي لكوريا الشمالية، حسبما تقرير المجلة الأمريكية.
جيش كوريا الشمالية رابع أكبر جيش في العالم، ولكن كيف حاله من الداخل؟
ترسم النظرة الفاحصة على القوات البرية الحالية لكوريا الشمالية صورةً عن جيشٍ مُتضخِّم ومشلول بسبب التخلُّف التقني والعجز اللوجيستي الحاد.
ورغم الطبيعة المعزولة للنظام، فإن الجهود المشتركة للاستخبارات الكورية الجنوبية والأمريكية أسفرت عن الحصول على بياناتٍ موثوقة ومُتسِقة إلى حدٍّ ما فيما يتعلَّق بتركيب الجيش الشعبي الكوري الشمالي.
يتكوَّن هذا الجيش من 1.2 إلى 1.3 مليون جندي احتياطي إضافي، و6 آلاف دبابة، وما يصل إلى 15 ألف مدفعية، ومن 6500 إلى 10 آلاف عربة مُدرَّعة، وأقل من 300 طائرة مروحية عسكرية، و2100 قاذفة صواريخ.
معدات عفى عليها الزمن وبعضها يعود للحرب العالمية الثانية
للوهلة الأولى، يبدو أن هذه الأرقام تضع الجيش الكوري الشمالي في السباق على مرتبة واحدة مع أقوى جيوش العالم. وفي معظم الفئات تفتخر كوريا الشمالية بما يقرب من ضعف وحدات القوات المسلحة لكوريا الجنوبية.
لكن الأرقام المُطلَقة للجيش الشعبي الكوري الشمالي تتناقض مع حقيقةٍ مختلفةٍ تماماً، وهي أن الجزء الأكبر من معدات هذا الجيش قد عفى عليه الزمن بشكلٍ فادح، مع وجود معداتٍ كثيرة غير قابلة للتشغيل.
على سبيل المثال، تتكوَّن قوة دبابات الجيش الكوري الشمالي إلى حدٍّ كبيرٍ من طرازات T-54/55 وT-62 السوفييتية، والتطويرات المحلية من طراز T-62 التي تلائم وضعها في متحفٍ عسكري لا في ساحة معركة معاصرة. ولا يزال من غير الواضح عدد هذه النماذج العتيقة، التي يزيد عمر بعضها عن سبعة عقود، في الخدمة الفعلية.
وحتى بافتراض أن العديد منها، أو حتى معظمها، في حالةٍ قابلةٍ للتشغيل، فإن دبابات الجيش الكوري الشمالي لها قيمة مشكوك فيها في ساحة المعركة عند مقارنتها بدبابات K-1 وK-2 الأحدث بكثير التي تمتلكها جمهورية كوريا الجنوبية.
وتتجلَّى نفس الدينامية في قائمة المدفعية التابعة لجيش كوريا الشمالية. إن مدافع M-30 وD-20 هي مدافع هاوتزر السوفييتية منذ منتصف القرن العشرين، وكان السوفييت قد نحوها جانباً بسبب مداها المنخفض ودقتها الرديئة. وتعاني المدافع من طراز Koksan، التي يبلغ قطرها 170 ملم، وهي أكبر مدفعية تابعة للجيش الكوري الشمالي، من معدل تفجيرٍ عالٍ بشكلٍ غير عادي، ومن غير المُرجَّح أن تُلحِق أضراراً كبيرة بالبنية التحتية أو المعدات العسكرية في كوريا الجنوبية.
كوريا الجنوبية تتمتع بتفوق نوعي في المروحيات والمركبات القتالية
على صعيدٍ آخر، وكما هو الحال مع المركبات القتالية المُدرَّعة والمروحيات الهجومية، تتمتَّع كوريا الجنوبية بتفوُّقٍ كمي ونوعي.
ويُعَدُّ عجز الجيش الكوري الشمالي في المروحيات الهجومية صارخاً بشكلٍ مُذهِل، في حين يتفاخر الجيش الكوري الجنوبي بامتلاكه 700 مروحية قتالية في الخدمة العسكرية الفعلية.
وهناك تقارير ومصادر موثوقة تفيد بأن قطاعاتٍ كبيرة من الجيش الكوري الشمالي تعاني من نقصٍ في المعدات الأساسية، علاوة على سوء التغذية، وتفشي فيروس كوفيد-19 المميت في الآونة الأخيرة.