يستعد عشرات ملايين الأمريكيين وغيرهم حول العالم لمتابعة أول مناظرة رئاسية بين الرئيس دونالد ترامب المرشح من قبَل الجمهوريين، وخصمه الديمقراطي جو بايدن، والتي ستعقد الثلاثاء 29 سبتمبر/أيلول 2020 وستبث مباشرة عبر عشرات القنوات.
وتعتبر المناظرات عادة منتظمة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهي "الشو" الأضخم في السياسة الأمريكية، فخلال فترة الحملات الانتخابية الرئاسية في البلاد يتواجه المرشحان المتنافسان في مناظرة منظمة يشاهدها الملايين من المتابعين، يناقشان فيها أكثر القضايا جدلاً في ذلك الوقت، ويمكن القول إن الانتخابات تحدد تقريباً عن طريق هذه المناظرات، وكما يقال دوماً في الولايات المتحدة: "لتحديد الفائز في الانتخابات الرئاسية يكفي مشاهدة المناظرة المتلفزة بين المرشحين دون سماع أصواتهما".
وليست مناظرات المرشحين شرطاً دستورياً، ولكنها الآن تعتبر جزءاً جوهرياً من عملية الانتخاب، حيث تستهدف المناظرات بشكل رئيسي الناخبين الذين لما يحددوا بعد من يريدون انتخابه؛ والذين يميلون إلى عدم الانتماء إلى أي أيديولوجية سياسية أو حزب محدد.
وإليكم في هذا التقرير كل ما تحتاجون لمعرفته حول المناظرات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 بين ترامب وبايدن، وخلفية معرفية وتاريخية عن هذه طبيعة هذه المناظرات.
كم عدد المناظرات الرئاسية هذا العام؟
ثلاث، إلى جانب مناظرة نائب الرئيس الأمريكي.
ما موعد المناظرات الرئاسية؟ ومتى وأين ستحدث؟
تبدأ المناظرات جميعها الساعة 9 مساءً بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، الثانية فجراً بتوقيت مكة المكرمة. وسيستمر كل منها حوالي 90 دقيقة، بحيث يتم عرضها على جميع القنوات الإخبارية الأمريكية بدون إعلانات تجارية.
وستكون المناظرة الرئاسية الأولى يوم الثلاثاء، 29 سبتمبر/أيلول، في كليفلاند، بولاية أوهايو. أما مناظرة نائب الرئيس، الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الأول، في سولت ليك سيتي، بولاية يوتا. وستكون المناظرة الرئاسية الثانية يوم الخميس 15 أكتوبر/تشرين الأول في ميامي بولاية فلوريدا. أما المناظرة الرئاسية الثالثة ستكون يوم الخميس 22 أكتوبر في جامعة بلمونت في ناشفيل بولاية تينيسي.
ما أهمية المناطق التي ستعقد فيها المناظرات؟
تعتبر فلوريدا وأوهايو ولايتين أساسيتين في ساحة المعركة هذا العام وكل عام انتخابي حديث. وتعتبر ولايتا يوتا وتينيسي محسومتين بشكل موثوق في عمود استطلاعات الرأي لصالح ترامب، وفقاً لتقييم شبكة CNN الأمريكية.
ماذا نعرف عن شكل المناظرات؟
بحسب موقع لجنة المناظرات الرئاسية الأمريكية debates.org فستكون المناظرة الرئاسية الأولى مقسمة لستة أجزاء مدة كل منها حوالي 15 دقيقة.
وسيفتح الوسيط كل مقطع بسؤال، وبعد ذلك سيكون لكل مرشح دقيقتان للرد. وستتاح للمرشحين بعد ذلك فرصة للرد على بعضهم البعض. وسيستخدم الوسيط باقي الوقت في مقطع لمناقشة أعمق للموضوع.
أما المناظرة الرئاسية الثانية، فستعقد في قاعة بلدية تضم أسئلة طرحها أعضاء من جمهور من المواطنين من منطقة جنوب فلوريدا، وسيكون أمام المرشحين دقيقتان للرد على كل سؤال وستكون هناك دقيقة إضافية لمدير المناظرة لتسهيل المزيد من المناقشة. سيكون المشاركون في اجتماع المدينة ناخبين يتم اختيارهم تحت إشراف الدكتور فرانك نيوبورت عالم كبير في مركز جالوب.
أما المناظرة الرئاسية الثالثة – ستة أجزاء مدة كل منها حوالي 15 دقيقة. وسيكون التنسيق مطابقاً للمناقشة الأولى، وفقاً لموقع debates.org.
ماذا نعرف عن الموضوعات التي ستتم مناقشتها؟
ستتمحور المناظرات حول ستة مجالات عامة، قابلة للتغير بحسب تطورات الأحداث، وهي:
- سجلات ترامب وبايدن
- المحكمة العليا
- أزمة كورونا
- الاقتصاد
- العرق والعنف في المدن الأمريكية
- نزاهة الانتخابات
هل كانت هناك دائماً مناظرات رئاسية في أمريكا؟
لا، وقد كان المعيار الذهبي للمناظرات هو جلسات عام 1858 بين أبراهام لنكولن وستيفن دوغلاس، على الرغم من أنهما كانا في ذلك الوقت يتنافسان على مقعد في مجلس الشيوخ وفاز دوغلاس. وبعدها تواجه الرجلان في السباق الرئاسي عام 1860 وفاز لينكولن.
ويصعب تخيل هذه المناظرات في وسائل الإعلام اليوم. حيث كان كل رجل يحصل على ساعة لبيان افتتاحي. ثم يحصل كل منهما على نصف ساعة لدحض ادعاءات الآخر. وجرت المناظرات المتلفزة الأولى في عام 1960 وكان أداء نيكسون سيئاً بشكل كبير، مما ساعد على الأرجح في عدم وجود مناظرات في سنوات الانتخابات 64 و68 و72. وسبقت مفاوضات اللحظة الأخيرة والمشحونة مناظرات خلال الأعوام 76 و80 و1984 ، وفقاً للجنة المناظرات الرئاسية الأمريكية.
من ينظِّم هذه المناظرات؟
تنظم ما يعرف بـ"لجنة المناظرات الرئاسية" كل مناظرة انتخابات رئاسية منذ انتخابات عام 1988. (المناظرات الأولية هي مسألة مختلفة وغالباً ما تنظمها شبكات الأخبار العاملة مع الأحزاب السياسية).
هل يشاهد الأمريكيون هذه المناظرات؟
نعم وبقوة، وقد ذكرت شركة Nielsen الأمريكية، التي تتابع تقييمات التلفزيون أن 84 مليون شخص شاهدوا المناظرة التي جرت في 27 سبتمبر 2016 بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب. لكن هذا الرقم يعكس فقط الأشخاص الذين شاهدوا المناظرة على واحدة من 13 شبكة تلفزيونية تبثها. قام العديد من الأشخاص ببث النقاش عبر الإنترنت أو مشاهدته في إعدادات جماعية (خيار أقل توفراً هذا العام أثناء الوباء).
وسجلت مناظرة كلينتون / ترامب رقماً قياسياً جديداً، متفوقاً على 80 مليون شخص شاهدوا رونالد ريغان وجيمي كارتر في مناظرتهم عام 1980. كما أنها كانت أعلى بكثير من المناقشات بين باراك أوباما وميت رومني. على الجانب الآخر، فإن بعض الأمريكيين الذين لا يشاهدون البث المباشر سيستمرون في سماع النقاش من التغطيات الإخبارية وفي وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم بعد وقوع الحدث.
هل تؤثر هذه المناظرات على نتيجة الانتخابات؟
لا يوجد دليل على أن المناظرات تؤدي إلى تقلبات واسعة في الرأي العام. لكن يتم تحديد الانتخابات الرئاسية بهوامش متقاربة نسبياً. ومن الممكن لمرشح أن ينجو من أداء سيئ في المناظرة، كما حصل مع باراك أوباما في مناظرته مع ميت رومني في عام 2012.
وبشكل منفصل، يمكن للأداء السيئ في المناظرة أن يؤدي إلى خسارة ضئيلة. حيث كان ريتشارد نيكسون ماكراً ويتصبب عرقاً على منصة المناظرة في عام 1960، لذا فإن هذا يتجلى في حقيقة أنه خسر. لكنه خسر بهامش ضئيل تاريخياً. وكان دونالد ترامب يلوح في الأفق بشكل غريب خلف كلينتون في عام 2016، لكن ذلك لم يكلفه خسارة الانتخابات. ومما يزيد الأمور تعقيداً هذا العام أن جزءاً كبيراً من البلاد يصوت مبكراً – إما شخصياً أو عن طريق البريد – وسوف يدلي بأصواته قبل انتهاء موسم المناظرات.
ما الذي سوف نتذكره من هذه المناقشات؟
غالباً ما تكون الزلات هي الأشياء التي تعلق في الوعي العام، كتلك الحادثة التي أنكر فيها الرئيس الأسبق جيرالد فورد وجود هيمنة سوفياتية في بولندا عام 1976 مما جعله يبدو بعيد المنال تماماً عن الفوز. فيما ظهر جورج بوش الأب أثناء تفحصه لساعته أثناء إحدى جلسات المناظرات بمجلس المدينة عام 1992، جعل الأمر يبدو وكأنه يريد الخروج من هناك، وغيرها الكثير من اللقطات والمواقف الغريبة.