النساء العاملات هن الأكثر تضرراً من جائحة كورونا، إذ يحذر الخبراء الآن من أن التقدم المحرز في المساواة بين الجنسين سيكون الضحية الأخيرة في قائمة طويلة من ضحايا الجائحة.
فقد أظهرت الأبحاث أن أغلب الفروقات المهنية بين الجنسين هي في الواقع فروقات في الأمومة، فالنساء اللاتي ليس لديهن أطفال أقرب إلى المساواة مع الرجال بكثير في الرواتب والترقيات، لكن الأمهات يدفعن ثمناً غالياً من مسيرتهن المهنية، وخاصة في ظل الجائحة، حسب تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.
النساء العاملات هن الأكثر تضرراً من جائحة كورونا.. الأزواج والحضانات هما السبب
تتحمل النساء العبء الأكبر عادة في الاعتناء بالأطفال والعائلة. ولكي يذهبن إلى العمل، عليهن إيجاد من يساعدهن في العناية بالأسرة. لكن الآباء لا يغيرون سلوكهم بسرعة كافية. ودون دعم مالي، يمكن أن يصبح تعيين مساعد خاص للعناية بالطفل باهظ التكلفة.
تميل أماكن العمل بالفعل إلى معاقبة النساء اللاتي يخترن العمل لساعات أقل أو يحتجن إلى مرونة أكبر، ويبدو أن هذا الميل زادت الجائحة من حدته.
تقول كلوديا أوليفيتي، عالم الاقتصاد بكلية دارتماوث الأمريكية: "الخلاصة استناداً إلى عقودٍ من الأبحاث هي أن المؤسسة الفعالة في الحد من التمييز بين الجنسين وفي تشجيع النساء على المشاركة في مكان العمل هي التعليم المبكر للأطفال".
الآن، تُغلق المدارس والحضانات بسبب الجائحة، ما يزيد من الضغط على الأمهات العاملات.
في أنحاء العالم، تواجه النساء خيارات بالغة الصعوبة بخصوص البقاء في المنزل، إن لم يكن العمل قد تخلى عنهن بالفعل. وربما يكون الأثر بالغاً بالأخص في دولٍ مثل الولايات المتحدة التي أدت فيها الجائحة إلى زيادة حدة التمييز الذي تواجهه النساء بالفعل في مكان العمل بسبب غياب ضمانات إجازات رعاية الطفل المدفوعة ونقص خدمات رعاية الأطفال معقولة الثمن.
وتضيف د. أوليفيتي التي تدرس التمييز بين الجنسين: "السؤال هو: كم عاماً سننتكس؟".
قبل الجائحة، أُجبرت العديد من الأمهات الأمريكيات على التوقف عن العمل لفترة من الزمن لأنهن لم يقدرن على مصاريف رعاية الأطفال. وأظهرت الأبحاث أن المرأة كلما طال وقت مغادرتها للقوة العاملة، زادت حدة التأثيرات طويلة المدى على عائداتها في المستقبل.
والسيدات الثريات الأكثر تضرراً
كما في أغلب الظواهر الاجتماعية، يختلف الأثر الواقع على النساء الثريات عنه في النساء الفقيرات.
تظهر الأبحاث أن الأزواج الأعلى دخلاً حين يُرزقون بطفل، يميلون إلى تقسيم المسؤوليات بينهما، ويتراجع أحد الأبوين عن مسيرته المهنية ليضطلع بمهام رعاية الطفل المتزايدة، ليركز الآخر على العمل ويعطيه الأولوية. وعادة ما تكون الأم هي التي تتراجع.
وما إن تدخل المرأة في "مسار الأمومة"، تجني مالاً أقل وتُتاح لها فرص أقل للترقي الوظيفي. وتُضيف د. أوليفيتي أنه "إذا كانت المرأة هي العائل الثانوي للعائلة، فالخيار الأقل تكلفة هو تقليل عدد ساعات العمل الخاصة بها".
أما في الأسر الفقيرة، يتساوى دخل الأبوين عادةً، لكن تعتمد العائلة على دخليهما معاً للبقاء، وأعمالهم عادة ما تحتاج إلى التواجد في مكان العمل ولا يمكن تأديتها عن بعد. وحين تُغلق المدارس والحضانات أبوابها، لا يوجد أحد ليعتني بالأطفال الصغار أو يشرف على التعليم عن بعد للكبار إن كان كلا الأبوين يعملان. لكن إن بقي أحدهما في المنزل، ستواجه العائلة كارثة مالية.
ونساء الأقليات معاناتهن لا تطاق
والنساء من خلفيات الأقليات أو المهاجرين أكثر عرضة لضغوط الإغلاق، وفقاً لزنثيا غانيشبانشان.
"إنهم يعشن غالباً في منازل مزدحمة، وكثيرٌ منهن لديها ثلاثة أو أربعة أطفال في شقة من غرفتين أو ثلاث غرف نوم مع أفراد العائلة. والكثير منهم يتعرضن للعنف المنزلي أيضاً".
وإغلاق المدارس والحضانات "سيعيد النساء العاملات عشرة أعوام إلى الخلف. لأن الطريقة الوحيدة للنساء لتحسين المشاركة العامة هي بتقليل عبء مسؤوليات الرعاية الملقاة عليهم".