عقبة في وجه الحل السياسي.. كيف يستغل حفتر أوراق الضغط التي يمتلكها في عرقلة التوصل لسلام بليبيا

عربي بوست
تم النشر: 2020/09/25 الساعة 10:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/04 الساعة 09:29 بتوقيت غرينتش
الجنرال خليفة حفتر/Reuters

انهار هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة الليبية، كما فشلت محاولاته لإقصاء الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً في طرابلس، إلا أنه لا يزال يبسط سيطرته على موانئ نفطية، ويملك ما يكفي من قوة النيران والنفوذ السياسي لإحباط أي خطط للسلام.

وبعدما أخفق حفتر (76 عاماً) في محاولته حكم سائر البلاد، تراجع الآن نفوذه بشدة. وقد تم طرد قواته من غرب ليبيا، بينما في معقله في الشرق تقوم القوى الأجنبية التي تدعمه بطرح مبادرات على خصومه.

أوراق حفتر في شرق ليبيا

لكن دوره في الرفع الجزئي لحظر نفطي خلال الأسبوع الماضي يُظهر أنه لا يزال يلعب ببعض الأوراق في شرق ليبيا، حيث بنى جهازاً أمنياً على مدى السنوات الست الماضية.

وتعمل الدول الأجنبية الآن على تعزيز المحادثات لدفع الفصائل المتناحرة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن دبلوماسيين يقولون إن دور حفتر يفسد المفاوضات كما فعل على مدى سنوات.

وقال دبلوماسي غربي: "هذه هي القطعة الكبرى المفقودة في اللغز… ما يجب فعله مع حفتر وكيفية التعامل معه".

حفتر وفيروس كورونا يهددان أمن سكان بنغازي /رويترز

وليبيا بلا حكم مركزي قوي منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، وشكل المعسكران الرئيسيان المتنافسان حكومتين موازيتين في الشرق والغرب منذ عام 2014. وكان حفتر قائداً عسكرياً في عهد القذافي وأمضى 20 عاماً في الولايات المتحدة. وقد استطاع تدريجياً بسط سيطرته على شرق ليبيا.

وبعد حصوله على دعم من الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا، شن هجوماً لانتزاع السيطرة على طرابلس العام الماضي.

لكن التقدم انهار في يونيو/حزيران هذا العام بعدما قدمت تركيا تعزيزات لحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها. وانسحبت قوات حفتر إلى جبهة تمتد جنوباً من مدينة سرت وسط الساحل الليبي على البحر المتوسط.

وتحصل الحكومتان المتنافستان في ليبيا على التمويل من صادرات النفط، لكنهما واجهتا مصاعب جمة منذ أن فرض حفتر وحلفاؤه حصاراً أغلق موانئ النفط الرئيسية في الشرق قبل ثمانية أشهر. ومنذ 19 سبتمبر/أيلول، بدأ استئناف تدفق النفط تدريجياً، مما يدل على أهمية حفتر الدائمة.

تهدئة هشة

لكن لا يزال استئناف إنتاج النفط ووقف القتال على أرضية هشة. وقال حفتر إن الحصار سيرفع في البداية لمدة شهر واحد فقط. وأثار اتفاقه مع نائب رئيس الوزراء في حكومة طرابلس رد فعل قوياً في غرب ليبيا، حيث يخشى كثيرون أن يمنح الاتفاق قوات حفتر سيطرة أكبر على الإيرادات.

قوات الجيش الليبي تستعد لمواجهة ميليشيا حفتر/رويترز

من ناحية أخرى، لم تتحول الهدنة العسكرية بعد إلى وقف رسمي لإطلاق النار. ويرجع صمود الهدنة جزئياً إلى مخاطر اندلاع صراع إقليمي، إذ تتطلع تركيا إلى تعزيز المكاسب، فيما يصر داعمو حفتر الأجانب على احتواء نفوذ أنقرة.

ويقول حفتر علناً إنه ملتزم بوقف إطلاق النار الذي أعلنه من جانب واحد في يونيو/حزيران، لكنه لن ينسحب من سرت.

واقترحت الدول الغربية منطقة منزوعة السلاح حول سرت. ويقول محللون إن استعداد حفتر لقبول ذلك قد يعتمد على قرارات الداعمين الأجانب والمتعاقدين العسكريين الروس المنتشرين في صفوفه.

توتر داخلي

منذ أن هدأت المعارك في يونيو/حزيران، ظهرت انقسامات داخلية على الجانبين، فخرج متظاهرون في كل من الشرق والغرب احتجاجاً على الفساد وانهيار الخدمات العامة.

ففي طرابلس قال السراج إنه يعتزم التنحي الشهر المقبل، لكن مناورات الفصائل التي اكتسبت نفوذاً كبيراً في عهده تجعل من الصعب العثور على خليفة.

وفي الشرق، عملت القوى الدولية التي تتطلع إلى ما هو أبعد من حفتر على إحياء دور عقيلة صالح، رئيس البرلمان الذي كان يخضع في السابق لعقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي سرت، أثار حفتر القتال على أسس قبلية، مما دفع قواته إلى تنفيذ اعتقالات بحق المعارضين له.

وقال محمد الجارح، الخبير في الشؤون السياسية في الشرق، إن حفتر يحتفظ بالسلطة العسكرية والمالية، وقد يستخدمها لمحاولة إعادة ترسيخ نفسه سياسياً.

وأردف قائلاً: "أعتقد أن حفتر ليس سعيداً ولهذا أعتقد أن هناك احتمالاً أن يحاول القيام بما يفعله على أكمل وجه… تخريب هذه المحاولات في المحادثات السياسية من خلال العمل العسكري".

محادثات للتوصل إلى حل

وتهدف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تجري بالتوازي على نحو غير ملائم مع المحادثات بين تركيا وروسيا، فضلاً عن محادثات جرت في المغرب هذا الشهر بين أعضاء البرلمانين الليبيين المتنافسين، إلى رسم خارطة طريق لإجراء الانتخابات.

وتريد بعض الدول الغربية أن يقتصر دور حفتر على المحادثات العسكرية. لكن فرنسا لا تزال تضغط من أجل أن يلعب دوراً سياسياً. وقال دبلوماسي فرنسي إن باريس تحاول أن تبدو أقل تأييداً لحفتر وتعمل مع شركاء أوروبيين لمواجهة تركيا. وقال آخر إن حفتر مهم للتوصل إلى حل سياسي.

السراج وصالح وحفتر، أرشيفية من مؤتمر برلين/ رويترز

وقال دبلوماسيان غربيان إنه لا توجد مؤشرات على أن الإمارات، الأكثر التزاماً بدعم حفتر، تسحب دعمها.

وأضاف أحدهما: "من المؤكد أنهم يتعاملون معه أكثر صرامة قليلاً… لكن الحقيقة هي أن أحداً لم يحدّ من دعمه للجيش الوطني الليبي ولا يمارس أحد حقاً ضغوطاً على حفتر".

تحميل المزيد