لم يكَد حبر اتفاقيات السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين يجف، حتى قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكي دونالد ترامب "قائمة رغبات" بأسلحة قيمتها 8 مليارات دولار يرغب في شرائها، بما في ذلك مقاتلات شبح وقنابل تخترق التحصينات وطائرات تايلتروتور.
وكانت صحيفة Israel Hayom اليمينية الإسرائيلية هي من كشف وجود "قائمة التسوق" هذه، ثم سردها الصحفي آري إيغوزي تفصيلياً في مقال على موقع Breaking Defense.
ويأمل نتنياهو في الحصول على موافقة واشنطن على شراء الأسلحة هذه قبل موعد الانتخابات الأمريكية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما لا يزال المناخ السياسي مواتياً. وسيُموَّل جزءٌ من قيمة تلك الصفقة من خلال المساعدات العسكرية التي من المقرر أن تتلقاها إسرائيل من الولايات المتحدة بين عامي 2019 و2028، بإجمالي قيمة 38 مليار دولار، بينما الجزء الآخر ستدفعه إسرائيل، بحسب تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
وتمتلك إسرائيل حتى الآن أقوى جيش في الشرق الأوسط، وتأمل في الحفاظ على تفوقها العسكري بلا منازع، لكن في الوقت نفسه تُكثِّف تعاونها غير الرسمي مع العديد من دول الخليج ضد عدوها المشترك إيران.
وعلى الرغم من التطبيع الإماراتي الإسرائيلي فإن تل أبيب كانت ترفض امتلاك أبوظبي لطائرات إف 35 قبل أن يكشف الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله عن وعد أمريكا بالموافقة على الصفقة في مقابل امتلاك إسرائيل لهذه الأسلحة الجديدة.
لكن، أي الأسلحة تحديداً يرغب الجيش الإسرائيلي في شرائها؟ ولماذا؟
ثالث سرب من مقاتلات "إف-35" الشبحية
وقَّعت إسرائيل في البداية على شراء 50 مقاتلة شبحية من طراز "لوكهيد مارتن إف-35 لايتنيغ" لتسليح سربين، وكانت أول دولة تستخدم طائرات "إف-35" في القتال في عام 2018. ويمتلك الجيش الإسرائيلي بالفعل 20 مقاتلة من طراز "إف-35″، إلى جانب حصولها على نموذج "ادير" الفريد المُصمَّم خصيصاً للتوافق مع أنظمة إلكترونيات الطيران والأسلحة الإسرائيلية المختلفة.
بيد أنَّ الحكومة الإسرائيلية تتمتع بحق طلب سرب ثالث من 25 طائرة "إف-35" أو أكثر، ويبدو أنها تسعى لممارسة هذا الحق حالياً.
ولا يوجد شك أنَّ سلاح الجو الإسرائيلي منجذب إلى قدرات "إف-35" على اختراق المجالات الجوي التي تحميها أنظمة دفاع جوي متكاملة، إلى جانب أجهزة استشعارها القوية المُصمَّمة للتواصل مع شبكات القوات الصديقة.
وبالرغم من أنَّ سلاح الجو الإسرائيلي أظهر منذ فترة طويلة أنه لا يحتاج بشدة إلى مقاتلات شبحية لتدمير أو تجاوز الدفاعات الجوية في البلدان المجاورة، لكن من المرجح أن يكون لهذه الطائرات دورٌ مهم إذا حاولت إسرائيل شن ضربات على منشآت نووية في العمق الإيراني. إذ لن تفرض هذه الضربات تحديات تكتيكية ولوجستية أكبر فحسب، بل من المرجح أن تتطلب انتهاك المجال الجوي لعدة بلدان.
وكانت هناك تكهنات منذ فترة طويلة بأنَّ إسرائيل تسعى لشراء طائرات القفز من طراز "إف-35 بي جامب جيت" لسربها الثالث. ويمكن أن تسمح قدرة الطائرات النفاثة "جامب جيت" نظرياً بإجراء طلعات جوية مستمرة حتى في حالة تحطم المدارج الإسرائيلية بالقنابل أو الصواريخ. ومع ذلك، نظراً لتكلفتها الأعلى وأدائها الأضعف، من المرجح أن إسرائيل تريد شراء المزيد من مقاتلات الإقلاع التقليدي "إف-35 إيه" و"إف- 35I".
مقاتلات "إف-15 إي إكس" متعددة المهام
كانت إسرائيل أول دولة تُحلِّق بمقاتلة أمريكية من طراز "إف-15 إيغل" في ساحة معركة، وسجلت رقماً قياسياً مبهراً لهذا الطراز؛ إذ أسقطت عشرات المقاتلات السورية في الثمانينيات دون أن تتكبد أية خسارة.
وبدأت شركة بوينغ الأمريكية مؤخراً في إنتاج مقاتلة أكثر تقدماً من طراز "إف-15 إي إكس" متعددة المهام للقوات الجوية الأمريكية. وتتميز هذه المقاتلات بمحركات أكفأ في استهلاك الوقود، وأجنحة أقوى، وأجهزة استشعار أكثر تفوقاً، وأسلحة أعلى قدرة. وأشارت شركة بوينغ صراحةً إلى أنها تخطط لتركيز جهود تسويق طائرة "إف-15 إي إكس" الجديدة على الهند وإسرائيل، وستحصل الأخيرة تحديداً على بديلٍ مُعدَّل بمقعدين والمعروف باسم "إف-15 آي إيه".
وعلى الرغم من أنَّ هذه الطائرات ليست شبحية، يمكن للطائرة "إف-15" أن تحلق أسرع وأبعد وبحمولة قنابل أثقل من "إف-35″، وبالتالي يمكن أن تُكمِّلها في سيناريوهات مختلفة. وبحسب ما أفيد، طلبت إسرائيل معلومات عن تكلفة شراء 25 طائرة من طراز "إف-15 آي إيه" مُصنَّعة حديثاً، بالإضافة إلى تحديث طائراتها من طراز "إف-15 آي إيه" التقليدية -المسماة F-15 Israeli Advanced.
التسليم السريع لاثنتين من طائرات "بوينغ كيه سي-46 بيغاسوس"
في مارس/آذار 2020، أَذِنَت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية لإسرائيل بطلب شراء ما يصل إلى 8 طائرات ناقلة من طراز "كيه سي-46 إيه" في صفقة قيمتها 2.4 مليار دولار، على أن تُسلَّم في عام 2023. وتود إسرائيل الآن من شركة بوينغ إعادة توجيه طائرتين من طراز "كيه سي-46" مخصصتين لسلاح الجو الأمريكي إليها؛ حتى تتمكن من الحصول على أول طائرة بيغاسوس بحلول عام 2021 بدلاً من ذلك.
ويُعَد تصميم "كيه سي-46" المستوحى من طائرات "بوينغ- 767" تصميماً أكثر حداثة يمكنه إعادة تزويد طائرات متعددة بالوقود في وقت واحد، ويتميز بقدرات دفاع عن النفس أكثر تقدماً. وقد تكون هذه الميزات مهمة إذا اشتبكت إسرائيل مع إيران، إذ ستعتمد مقاتلاتها في الغالب على التزود بالوقود من الناقلات لعبور مئات الأميال بين إسرائيل وإيران.
ومع ذلك، فإنَّ مدخل خدمات بيغاسوس تشوبه العديد من العيوب الفاحشة، أبرزها عيوب في نظام المشاهدة عن بُعد الذي يستخدمه المُشغِّل لتوجيه ذراع التزود بالوقود لإيصاله بالمُستقبِل في الطائرة الصديقة. واستحدثت بوينغ والقوات الجوية إصلاحاً لنظام المُشاهَدة المعيب، لكن الأمر سيستغرق عدة سنوات قبل أن يصبح جاهزاً.
12 طائرة "تايلتروتور في-22 أوسبري"
طائرة "في-22 أوسبري" من إنتاج شركتي بوينغ وبيل هي ضمن مجموعة طائرات تايلتروتور التي يمكنها الانتقال بين تشكيلات المروحيات والطائرات. وهذا يعني أنَّ بإمكانها تقديم أفضل ما في كلا النوعين من الطائرات، لكن بسعر باهظ ومتطلبات صيانة ومعدلات حوادث أعلى.
وطوال العقد الماضي، تأرجحت إسرائيل بين تأييد ومعارضة الحصول على طائرات "إف-22". وفي عام 2014، أجازت الولايات المتحدة بيع 6 طائرات طراز "في-22" مقابل 1.13 مليار دولار، لكن في فبراير/شباط 2020، ترددت أنباء عن تجميد شراء "أوسبري" حتى توفر التمويل.
وعلى ما يبدو، توفرت هذه الموارد أخيراً. فقد أبلغت إسرائيل بالفعل شركتي بوينغ وبيل المُنتجتيّن بالتحسينات المرغوب إدخالها إلى خزانات الوقود وحزمة إلكترونيات الطيران في "أوسبري". وباستخدام "في-22″، يمكن للجيش الإسرائيلي نشر وحدات قواته الخاصة بمرونة أكبر على مسافات أبعد.
إحلال طائرات أباتشي جديدة محل القديمة
تُسيّر القوات الجوية الإسرائيلية حالياً 48 طائرة أباتشي من طراز "إيه إتش- 64″، وهي مروحية هجومية مُدجَّجة بالسلاح ومُصفَّحة. وعلى الرغم من أنَّ أباتشي صُمِّمَت لتدمير كتائب الدبابات السوفييتية، كانت إسرائيل رائدة في تطوير تكتيكات لتوظيف صواريخها المضادة للدبابات المُوجَّهة بدقة لاغتيال سلسلة من قادة حماس.
وتمتلك إسرائيل 26 مروحية "إيه إتش-64 أباتشي" بدائية نسبياً حصلت عليها في عام 1990، التي تخدم في سرب "ماجيك تاتش" رقم 190 في قاعدة رامون الجوية.
وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ سرب "هورنت" رقم 113 يُحلِّق بمروحيات "إيه أتش-64 دي لونغ باو" التي تتضمن إلكترونيات طيران رقمية والقدرة على تركيب أنظمة رادار قوية ماسحة للأسطح فوق الجزء الدوار في المحرك. وهذا يسمح للطاقم "بالارتفاع" فوق الأشجار والتلال وشن هجمات مع الحفاظ على جسم المروحية مخفياً.
ويخطط الجيش الإسرائيلي لإخراج مروحيات "إيه إتش-64 إيه" من الخدمة بحلول عام 2025 وفقاً لمقال آري إيغوزي. ومن المفترض أن يأتي البديل في شكل طراز "إيه إتش-64 دي لونغ باو" التي خرجت من الخدمة العسكرية الأمريكية، أو مروحيات "إيه إتش-64 إي أباتشي غارديان" المُصنَّعة حديثاً، والتي تتميز بأداء محركات وتحليق متطور، بالإضافة إلى تقنيات متقدمة للتحكم في الطائرات بدون طيار وتعطيل أنظمة رصد المواقع والأصوات (تكنولوجيا موقع التردد والصوت الهجين).
وكانت إدارة أوباما قد رفضت الطلبات الإسرائيلية للحصول على مروحيات "إيه إتش-64 دي" إضافية؛ بسبب المخاوف من أنَّ طائرات أباتشي الإسرائيلية تسببت بسقوط ضحايا مدنيين في قطاع غزة. لكن من المستبعد أن تثير إدارة ترامب مثل هذه الاعتراضات؛ لذا قد تضغط إسرائيل من أجل صدور موافقة الكونغرس بالشراء الآن.
قنابل مخترقة التحصينات وقمر صناعي
كتب آري إيغوزي أنَّ قائمة رغبات إسرائيل تضم أيضاً "قمراً صناعياً متطوراً لأغراض الاتصالات"، من دون التطرق لتفاصيل إضافية.
وعلى نحو أكثر سرية، يسعى نتنياهو للحصول على عدد أكبر بكثير من القنابل مخترقة التحصينات حتى يتسنى للجيش الإسرائيلي تهديد المنشآت النووية وأنظمة الصواريخ المحصنة تحت الأرض.
ولتحقيق هذه الغاية، بدأت إسرائيل في عام 2005 بشراء قنابل "جي بي يو-28" المُوجَّهة بالليزر، وتزن الواحدة منها 5000 رطل (2268 كيلوغراماً) من الولايات المتحدة، ويمكنها اختراق ما يصل إلى 50 متراً من الأرض و5 أمتار من الخرسانة. وحصلت إسرائيل أيضاً على العديد من قنابل "جي بي يو-39" صغيرة القطر بوزن 206 أرطال (93.5 كيلوغرام)، ذات القدرة على اختراق حتى مسافة متر من الخرسانة ومتر من الأرض) وقنابل "بي إل يو- 109" بوزن 1927 رطل (874 كيلوغراماً)، التي تستطيع اختراق الخرسانة لمسافة ما بين 1.2 و1.8 متر) مع مجموعة ذخائر الهجوم المباشر المشترك.
إلى جانب ذلك، طوَّرت إسرائيل محلياً مجموعة خاصة بها من القنابل مخترقة التحصينات، مثل صاروخ رامبيدج وقنبلة سبايس. ومع ذلك، قد تكون هذه الذخائر الصغيرة غير فعّالة في مواجهة المنشآت الإيرانية شديدة التحصين.
ولا يلقى تزويد إسرائيل بمزيد من القنابل مخترقة التحصينات دعماً واسعاً من المسؤولين الأمريكيين خشية أن يشجع ذلك إسرائيل على مهاجمة إيران من جانب واحد. وبالمثل، ينقسم مسؤولو الدفاع الإسرائيليون في الرأي حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستزود إسرائيل بالذخيرة اللازمة في حالة شنَّ الجيش الإسرائيلي هجوماً استباقياً من جانب واحد.
ومن ثم، يتضح أنَّ نتنياهو يسعى لحيازة المزيد من القنابل في وقت يُستبعَد فيه أن يواجه معضلات من الذراع التنفيذية للولايات المتحدة.