أمريكا تغري السودان للتطبيع مع إسرائيل، لكن بمقابل بخس!

عربي بوست
تم النشر: 2020/09/25 الساعة 08:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/25 الساعة 08:06 بتوقيت غرينتش
ما الذي جرى في اجتماعات أبوظبي وهل التطبيع قادم بترتيبات إماراتية ؟ .. (أرشيفية)/ وام

بخطى تبدو خجولة، تمضي الخرطوم نحو التطبيع مع إسرائيل، أملاً في رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والحصول على مليارات الدولارات، للخروج من أزمتها الاقتصادية المتصاعدة. 

هكذا بدا المشهد في عاصمة اللاءات الثلاث "لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف بإسرائيل"، بعد عودة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان من العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وفي 23 سبتمبر/أيلول الجاري، قال البرهان إن مباحثاته مع المسؤولين الأمريكيين في الإمارات، التي استمرت 3 أيام، تناولت قضايا عدة، بينها السلام العربي مع إسرائيل.

وأضاف مجلس السيادة الانتقالي، الأربعاء، في بيان، أن المباحثات ناقشت عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بينها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والقيود الأخرى التي تفرضها الولايات المتحدة على السودانيين.

يأتي ذلك، رغم نفي وزير الإعلام السوداني المتحدث باسم الحكومة الانتقالية فيصل محمد صالح، مناقشة الوفد الذي كان يزور الإمارات قضية التطبيع مع إسرائيل.

وأعلنت قوى سياسية في السودان رفضها القاطع للتطبيع، في خضم حديث عن تطبيع محتمل، بعد توقيع الإمارات والبحرين اتفاقيتي سلام في 15 سبتمبر/أيلول الجاري، لتنضما إلى الأردن (1994)، ومصر (1979).

سلة واحدة

ولعل وضع الإدارة الأمريكية التطبيع مع إسرائيل ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في سلة واحدة هو ما عجل بتوجه الحكومة الانتقالية لطيّ هذا الملف، رغم تعقيداته الشائكة، بحسب مراقبين.

ووسط صمت حكومة السودان خرجت تسريبات عن طلبها دفع 7 مليارات دولار، حتى تمضي في طريق التطبيع إلى نهايته، بحسب وسائل إعلام محلية، ما اعتبره مراقبون مناورة حتى لا تثير سخطاً شعبياً، وتدفع بموضوع الأموال لكسب مؤيدين للخطوة داخلياً.

والأربعاء، نقلت وسائل إعلام سودانية عن توصل الجانبين السوداني والأمريكي في اجتماعات مشتركة بأبوظبي إلى اتفاق يتحصل بموجبه السودان على مبلغ 7 مليارات دولار.

وقالت وسائل الإعلام إن السودان سيتسلم 3 مليارات دولار نقداً، و4 مليارات كمساعدات عينية ولوجستية، فضلاً عن تسهيل حصول السودان على قروض ومنح من صندوق النقد والمانحين.

عبدالفتاح البرهان/ رويترز
عبدالفتاح البرهان/ رويترز

إلا أن محللين يرون أن المبلغ المطلوب من السودان لن يساهم في حل أزمات البلاد، باعتبار أن هذا المبلغ لا يمكن أن يُحدث تغييراً ملموساً، كون البلاد منهارة اقتصادياً، وتفتقد للبنية التحتية والتنمية.

فالسودان يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، تتمثل في انعدام الوقود والقمح وقطع الكهرباء، والارتفاع الجنوني للأسعار، ووصول سعر الدولار إلى أكثر من 250 جنيهاً، مقابل 55 جنيهاً كسعر رسمي.

إضافة إلى ذلك، فعملية السلام بالسودان مكلفة للغاية، باعتبار أن البلاد بحاجة لدعم أكبر لتحمل عودة النازحين، وإعمار المناطق التي دمرها الصراع بجنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وتكلفة دمج قوات الحركات المسلحة في الجيش الحكومي.

ويشهد السودان حرباً في دارفور منذ 2003، وكذلك في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ 2011، ويسعى لتحقيق السلام في الولايات من خلال مفاوضات سلام السودان في عاصمة جنوب السودان جوبا، مع الحركات المسلحة.

جدوى التطبيع

ويظل السؤال المطروح بقوة: ماذا ستجني الخرطوم من التطبيع مع إسرائيل، في ظل الأزمات الطاحنة التي تعاني منها، وآمال الشعب المعلقة على الحكومة الانتقالية، إضافة إلى تحديات المرحلة؟

ويعتبر محللون أن الفائدة الوحيدة التي يمكن أن تحصل عليها الخرطوم من المفاوضات الجارية حالياً مع الجانب الأمريكي، وقبول السودان للتطبيع مع إسرائيل، هي الحصول على تمويل دولي في الفترة المقبلة.

إلا أن البعض يرى أنه حتى هذه الفائدة يمكن أن تتم بدون المضي في التطبيع إلى نهايته، باعتبار أن إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب كفيل بإخراج البلد من عزلته الدولية، وحصوله على التمويل الدولي أيضاً.

الجنرال البرهان خلال حواره مع المتظاهرين في بداية الاحتجاجات ضد البشير/ مواقع تواصل
الجنرال البرهان خلال حواره مع المتظاهرين في بداية الاحتجاجات ضد البشير/ مواقع تواصل

وبحسب اقتصاديين، فإن الأموال التي طلبها السودان قد تسهم في حل أزمته جزئياً، في حال تم استخدامها بشكل صحيح في تنمية القطاع الزراعي والصناعي، وهو ما تواجهه تحديات بسبب سوء الإدارة والفساد.

وإلى حين انعقاد المفاوضات التكميلية بين السودان وأمريكا، بحسب بيان مجلس السيادة، المقررة الأسبوع المقبل في إحدى الدول الإفريقية، يظل هذا الملف قابلاً لتغيرات.

فالتطبيع ومطالب السودان المالية، وحذف اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، رهن بقدرة المفاوضين السودانيين على تحقيق نقاط على حساب رغبات واشنطن، التي يربطها الكثيرون بانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة.

ورفعت إدارة الرئيس دونالد ترامب، في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017، عقوبات اقتصادية وحظراً تجارياً كان مفروضاً على السودان منذ 1997.

لكن واشنطن لم ترفع اسم السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب" المدرج منذ عام 1993، إثر استضافة الأخيرة الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

تحميل المزيد