لماذا يتمنى المستبدون العرب إعادة انتخاب ترامب، وما الذي يخشونه من فوز بايدن؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/09/23 الساعة 11:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/23 الساعة 11:18 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

"أين ديكتاتوري المفضل؟".. هكذا تساءل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء انتظاره لنظيره المصري، الجنرال السابق عبدالفتاح السيسي، على هامش قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، العام الماضي، في تجسيد كوميدي يُظهر متانة العلاقة بين ترامب والمستبدين العرب.

ولا عجب في أنّ الملياردير الذي تحوّل إلى رئيس يتحدّث بإيجابية عن الحكام المستبدين حول العالم، إذ وصف كيم جونغ أون من كوريا الشمالية بأنّه "زعيمٌ رائع"، ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقول إنّه "شخصٌ ألطف مني".

لدرجة أنّ مسؤولين أمريكيين بارزين سابقين وصفوا الأمر بأنّه "حسد ديكتاتور"، حسبما ورد في تقرير لشبكة DW الألمانية.

سر العلاقة بين ترامب والمستبدين العرب.. لماذا يحبونه؟

في الشرق الأوسط، حيث أدّت السياسة الخارجية الأمريكية دوراً نشطاً في تنصيب والإطاحة بالزعماء، تُرجِمَ ولع ترامب بالزعماء الأقوياء إلى تساهلٍ متزايد مع انتهاكات حقوق الإنسان، خاصةً في مصر والمملكة العربية السعودية.

إذ قال عمرو مجدي من منظمة هيومن رايتس ووتش: "الزعماء العرب مثل السيسي تُسعدهم بشدة رؤية قوة عالمية مثل الولايات المتحدة يقودها رئيسٌ يُهاجم الصحافة علناً، ويتجاهل حقوق الإنسان، ويحكم بأجندةٍ شعبوية. ولا عجب في أنّ الكثير من الحكومات العربية دعمت ترامب عام 2016، وهم يدعمونه الآن".

بالنسبة لمصر، كان صعود ترامب إلى كرسي الرئاسة يعني أنّ القاهرة بات لديها داعمٌ قوي داخل البيت الأبيض من جديد.

الرئيس الأمريكية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان/رويترز

ففي عهد سلفه باراك أوباما، علّقت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية إلى مصر في أعقاب انقلاب عام 2013، وهذا شمل منع تسليم مروحيات أباتشي الهجومية، ومقاتلات الإف-16، وأكثر من 250 مليون دولار. ومثّلت تلك القرارات ضربةً كبيرة لواحدٍ من أكبر الحاصلين على المساعدات الاقتصادية والعسكرية من واشنطن.

لكن ترامب تحرَّك بدلاً من ذلك لتعزيز المساعدات المباشرة إلى مصر، بما في ذلك السعي للحصول على 1.4 مليار دولار لـ"المساعدة الثنائية" في عام 2021، وغالبيتها من أجل المساعدة العسكرية والأمنية، في وقتٍ تُواصل خلاله الأجهزة الأمنية المصرية استهداف النشطاء والمعارضين بشكلٍ روتيني.

وأردف مجدي: "باختصار، فوز ترامب بفترةٍ رئاسية أخرى سيعني انتصاراً للزعماء المستبدين مثل السيسي، ومساحةً أكبر لسحق حقوق الإنسان"، لكن السيسي ليس المستبد العربي الوحيد الذي يستمتع بدعم غير محدود تقريباً من الرئيس الأمريكي.

أمريكا أولاً، والسعودية ثانياً

أظهر ترامب تحوّلاً جذرياً عن العلاقات في عهد أوباما، حين جعل من السعودية وجهته الرسمية الأولى خارج البلاد، بعد تنصيبه رئيساً عام 2016. إذ حظي الحاكم الفعلي للسعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بدعمٍ واسع النطاق من البيت الأبيض، رغم أنّ العديد من الدول الغربية نأت بنفسها عن الملك المُنتظر.

كما حمت إدارة ترامب ولي العهد من مطالبات الكونغرس بالتحرّك ضده، على خلفية قتل المعارض السعودي المُقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي عام 2018. علاوةً على ذلك، دفعت إدارته بصفقة أسلحة للمملكة وحلفائها، بقيمة 8 مليارات دولار، رغم الاعتراضات المتزايدة على الحرب السعودية الوحشية في اليمن.

ماذا سيحدث إذا فاز بايدن

لكن ما مدى التغيير الذي سيحدث على أرض الواقع في حال خسارة ترامب لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وفوز منافسه نائب الرئيس السابق جو بايدن؟ إذ وصف بايدن السعودية في السابق بـ"المنبوذة"، ووعد بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن. كما تعهّد بمواجهة منتهكي حقوق الإنسان.

وقال بايدن العام الماضي: "يجب أن تأتي حقوق الإنسان في صميم علاقتنا بالعالم، وليس على هامش العلاقة، وفي حال انتخابي رئيساً فسوف يُحاسب جو بايدن المملكة العربية السعودية والصين، وكل دولة تنتهك حقوق مواطنيها".

بينما قالت ياسمين فاروق، الزميلة المختصة بشؤون المملكة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي بواشنطن: "أتوقّع من السعودية التأقلم مع سياسة بايدن الأقل صدامية مع إيران، كما ستحتاج إلى تخفيف قمعها للمعارضين، وخاصةً الناشطات النسائيات والمقيمين داخل المملكة المتحدة".

كلام منمّق موجّه لليسار بلا تغيير في الأفعال

رغم ذلك، يعتقد بعض الخبراء أنّ الموقف الأمريكي الأوسع تجاه المنطقة لن يتغيّر في عهد بايدن، إذ ستواصل واشنطن تغيير تروس سياستها الخارجية في اتجاه الشرق نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وقال غيدو شتاينبرغ، الباحث المشارك الكبير في الشؤون الخليجية بمعهد German Institute for International and Security Affairs البحثي: "أعتقد أن بايدن سيُخاطب اليسار في حزبه بالكلام الذي يُطرب آذانه، دون تحرُّك حقيقي على الأرض. ولكن سيتعيّن عليه قبول حقيقة أنّه بحاجةٍ إلى كافة حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خاصةً في حال أراد مواصلة اتجاهه نحو آسيا".

تعهَّد بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني تحت شروطٍ أكثر صرامة، ليُعيد بذلك سياسة إدارته بأن تكون متوافقةً مع حلفائها الأوروبيين، لكن الطريق إلى الأمام لم يتضح بعد. ورغم ذلك فإنّ الأوروبيين متفائلون بعودةٍ العلاقات الأكثر تعاونية التي ستُعزّز نهجهم في التعامل مع المنطقة.

إذ قالت كريستينا كوش، الزميلة البارزة في مؤسسة German Marshall Fund of the United States البحثية: "كانت إدارة ترامب تعتمد على سياسة الضغط القصوى، أي المواجهة، لذا أعتقد أنّنا سنشهد الكثير من الفرص في حال استطعنا العودة إلى فكرة الحوار الأساسية".

تحميل المزيد