العشق الممنوع بين نتنياهو ومواطنيه “العرب”.. هل يغير موسم التطبيع من تحريضه ضدهم؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/09/20 الساعة 07:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/21 الساعة 08:37 بتوقيت غرينتش
نتنياهو وأحمد الطيبي النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي

"العرب يريدون إبادتنا جميعاً.. رجالاً ونساء وأطفالاً"، هذا ما كتبه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على صفحته الرسمية في فيسبوك العام الماضي! وعند التوقيع على اتفاقي التطبيع مع الإمارات والبحرين تحدث نتنياهو باللغة العربية متودداً إلى العرب، فهل هذا ميلاد جديد للرجل، وهل يمكن أن يعقد سلاماً مع عرب إسرائيل؟

موقع Al-Monitor الأمريكي تناول قصة نتنياهو والعرب في تقرير بعنوان: "بعد السلام مع الإمارات والبحرين.. هل يعقد نتنياهو سلاماً مع عرب إسرائيل؟"، ألقى الضوء على تناقضات الرجل الأكثر عداء للعرب بين رؤساء وزراء الدولة العبرية.

"السلام عليكم"

"السلام عليكم"، هكذا بدأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسالته في الخامس عشر من سبتمبر/أيلول. أكمل نتنياهو قائلاً: "إلى كل أصدقاء إسرائيل في الشرق الأوسط، الذين معنا اليوم، والذين سينضمون إلينا غداً".

ألقى نتنياهو هذا الخطاب في حفل توقيع اتفاقية إبراهام مع الإمارات والبحرين في البيت الأبيض. وغرّد نتنياهو لاحقاً هذا الجزء من المقطع باللغة العربية لكل متابعيه في أنحاء العالم. نعم، إنها العربية، اللغة نفسها التي حط نتنياهو من شأنها قبل عامين، من اللغة الرسمية الثانية لدولة إسرائيل إلى لغة "ذات وضع خاص"، وفقاً للقانون الجديد.

والحقيقة أن أي متابع لتصريحات نتنياهو منذ إعلان اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات سيرى رجلاً يتحدث بإيجابية عن العرب، والحاجة إلى بدء صفحة جديدة في العلاقات العربية الإسرائيلية، واستعمل نتنياهو مراراً كلمة "سلام" بالعربية، وهذا لا يتسق مع المعتاد منه، فقد بنى مسيرته السياسية بالكامل على التحريض ضد عرب إسرائيل.

تعليقات عنصرية 

تزخر السيرة الذاتية لنتنياهو بكافة أشكال التعليقات العنصرية ضد عرب إسرائيل، ففي الجولة الثانية من الانتخابات، العام الماضي، كتب نتنياهو في رسالة آلية على فيسبوك لمتابعيه: "العرب يريدون إبادتنا جميعاً: رجالاً ونساءً وأطفالاً"، والواقعة التي عُرفت فيما بعد بواقعة "بوت الكراهية" أدت بفيسبوك إلى إعلان إيقاف حساب نتنياهو 24 ساعة.

ثم جاء تعليقه البائس في مارس/آذار الماضي، رداً على نتائج الانتخابات، بأن التكتل اليساري حصل على 47 مقعداً فقط، وأن العرب ليسوا جزءاً من المعادلة، وحدث كل هذا بعد تصريحٍ شهير آخر في 2015، قال فيه: "إن حكومة اليمين في خطر، فالناخبون العرب يتجهون إلى مقارّ الاقتراع أفواجاً، وهناك المزيد من الهجمات والمحاولات لنزع الشرعية عن المواطنين العرب في إسرائيل".

نتنياهو وازدواجية التصريحات

ومن بين الذين لاحظوا ازدواج المعايير عند نتنياهو عضو الكنيست وتحالف القائمة المشتركة أحمد طيبي. غرّد طيبي هذا الأسبوع قائلاً: "أقترح أن يُبرم نتنياهو سلاماً مع 20% من سكان بلده أولاً: المواطنين العرب". وفي حوارٍ مع Al-Monitor، قال رئيس أعضاء القائمة المشتركة بالكنيست: "بدلاً مما يسميه نتنياهو سلاماً مع دول الخليج والسودان وموريتانيا، من الأفضل أن ينظر داخل بلاده ويبرم سلاماً وعقداً اجتماياً حقيقياً بين الدولة و20% من سكانها. والأهم أنه من الأفضل له أن يتوقف عن التحريض ضد السكان العرب. وهناك طريقة واحدة لفعل هذا، وهي تبني قانون أساسي للمساواة، ينص على أن كل المواطنين سواء، لكن نتنياهو عليه اتخاذ الخطوة الأولى، وهي أن يتوقف عن التحريض والتمييز ضد عرب إسرائيل".

بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل/ رويترز

يتركنا هذا أمام سؤالٍ لا مفر منه: كيف تتسق تصريحات نتنياهو الشهر الماضي، التي تفيض باحتضان العالم العربي، مع تصريحاته السابقة المعادية للعرب؟ هل نشهد ميلاد نتنياهو جديد؟ أم أن نتنياهو الناطق باللغة الإنجليزية عن الديمقراطية والسلام يغير نبرته حين يتحدث بالعبرية ويصف مواطنيه العرب بالمجذومين والمنبوذين؟

فتّش عن "المصلحة الذاتية" للرجل

في الأسابيع الماضية، بدا وكأن نتنياهو يلعب لعبة مصالح، وقد اتضح هذا بالأخص في قصة يعقوب أبو القيعان، من أم الحيران. قالت إسرائيل عن أبو القيعان إنه الإرهابي منفذ هجوم السيارة، في يناير/كانون الثاني 2017، لكنها برأته الأسبوع الماضي، بعد ثلاثة أعوام من وفاته، والآن فقط يرى نتنياهو أنه الوقت الصحيح للاعتذار لعائلة أبو القيعان، بعد أن أدرك أن هذا سيقوي من هجومه على مكتب النائب العام.

تظاهر آلاف الإسرائيليين في مدينة القدس، السبت، مطالبين باستقالة الحكومة برئاسة نتنياهو

وفي حوارٍ مع Al-Monitor، قالت المذيعة الشهيرة لوسي أهريش: "لا شك أنه يوم تاريخي حين تطبع إسرائيل العلاقات مع دول عربية في المنطقة. إنه حدث مرحب به، ويستحق نتنياهو أن ننسب له الفضل. لكن يستحيل أن نتجاهل في الوقت نفسه النفاق المستشري. فهذا هو رئيس الوزراء نفسه الذي لم يتوانَ عن التحريض ضد المواطنين العرب في الأعوام الأخيرة، فيما بدا حملة منظمة بعناية. لقد أشعل نيران الكراهية واستعمل تعليقاته في زيادة حدة الانقسام بين المواطنين العرب واليهود في إسرائيل".

هل هناك بوادر على أي تغيير إيجابي؟

وأكملت أهريش: "وأن يصدر ذلك عن نتنياهو فهذا أمر مهم، لكنه محاطٌ بجوقة كاملة تدعمه وتنقل رسالته. لقد انضم اليمين المتطرف إلى الحفل العنصري في الأعوام الماضية بتصريحات عنصرية تأتي من أزمانٍ غابرة، لكن هذه التصريحات لم ينتقدها رئيس الوزراء مطلقاً، إنه اليمين نفسه الذي يحتفل بالسلام مع العرب من خارج إسرائيل، بينما يهتف بالموت للعرب في الوطن. أنتظر الحملة الانتخابية القادمة التي سيستعمل فيها نتنياهو عرب إسرائيل مرة أخرى بكل تأكيد كسلاحٍ انتخابي. بالنسبة له، مهاجمة عرب إسرائيل وسيلة مشروعة للفوز بالانتخابات، وأود أن أراه حينها يبرر تعليقاته للإماراتيين".

ويسلط الضوء على الوضع تشكيل الوفد الإسرائيلي الذي سافر إلى أبوظبي الشهر الماضي، فرغم كل الحديث عن التطبيع والسلام يصعب أن تفوتنا حقيقة أن الوفد لم يشارك فيه أي عرب، لا صحفيين ولا ممثلين رسميين. ويظهر هذا الموقف العام في إسرائيل. فقد تكون إسرائيل موطناً لمليوني عربي تقريباً، لكنهم ليسوا جزءاً من اللعبة حقاً. بعبارة أخرى، يبدو أن نتنياهو ومؤيديه يفضلون العرب البعيدين عن العرب القريبين في البلد نفسه.

إذن، هل ينبغي أن تبدأ إسرائيل في تطبيع العلاقات مع مواطنيها العرب؟ تخيل وضعاً يشارك فيه ممثل عربي في الوفد، أو يلتقي وزير عربي بنظيره الإماراتي في اجتماع يجري باللغة العربية.

إيال حديد، مذيع برنامج شهير على راديو الشمس الإسرائيلي، قال لموقع Al-Monitor: "إن الاتفاقية الجديدة تعطي نتنياهو الفرصة ليركز على "العرب الجيدين"، هؤلاء الذين لا مطالب لهم، على عكس الفلسطينيين. وسيعود عرب إسرائيل قريباً إلى دورهم التاريخي حيث يذهبون للتصويت أفواجاً، وذلك ما إن يحتاج نتنياهو إلى دعم تكتله، وتجاوز أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت في اليمين".

تحميل المزيد