في نفس اليوم 15 سبتمبر/أيلول 2020، الذي وقعت فيه كل من البحرين والإمارات العربية المتحدة اتفاقيات لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل في واشنطن، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن خمس دول أخرى في الشرق الأوسط على وشك تطبيع العلاقات مع تل أبيب. وقال ترامب دون أن يسمي هذه الدول: "لقد قطعنا شوطاً طويلاً مع خمس دول أخرى".
يقول موقع Middle East Eye البريطاني: كانت التكهنات منتشرة منذ أن أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل في 13 أغسطس/آب بشأن ما قد تحذو حذوه الدول العربية الأخرى، حيث أعلنت البحرين يوم الجمعة الماضي، أنها ستقيم أيضاً علاقات رسمية.
قبل الشهر الماضي، كانت الدول العربية الوحيدة التي أبرمت معاهدات سلام مع إسرائيل هي مصر والأردن، وكلتاهما خاضت حروباً مع إسرائيل، وكان لهما أراض احتلتها إسرائيل في أعقاب حرب عام 1967.
في حين، يرفض عدد من الدول العربية -مثل قطر أو الكويت أو الجزائر- رفضًا قاطعًا إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل طالما لم يتم التوصل إلى قرار بشأن احتلالها للأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، ويبدو أنه من المرجح أن تحافظ هذه الدول على هذا الموقف.
في غضون ذلك، تنشغل بعض الدول الأخرى مثل ليبيا أو سوريا أو العراق في التعامل مع نزاعاتها وتوتراتها الداخلية، مما يجعل مثل هذه الخطوة الدبلوماسية المثيرة للجدل غير مرجحة في المستقبل القريب.
وهذا يترك عددًا قليلاً من البلدان التي تم تسليط الضوء عليها بانتظام كمرشحين محتملين، على الرغم من أن الظروف بعيدة عن البساطة بالنسبة للعديد من هذه الحكومات. وعلى الرغم من أن هناك دائمًا احتمال ظهور صفقة غير محتملة، إلا أن موقع Middle East Eye قد كسر احتمالات الدول التي يُشار إليها غالبًا على أنها من المرجح أن تحذو حذو الإمارات والبحرين.
عُمان: التالية في طابور التطبيع؟
من المرجح جدًا أن تتبع عُمان خُطى البحرين والإمارات وتوقع صفقة تطبيع مع إسرائيل. وسبق أن توقع وزير المخابرات الإسرائيلي أن تكون عُمان، إلى جانب البحرين أن تحذو حذو الإمارات في إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل.
ومثل البحرين، سارعت مسقط في تأييد الدعم للإمارات بعد اتفاق أغسطس/آب. وتحدث وزير خارجيتها، يوسف بن علوي، مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي بعد أيام من إعلان الصفقة الإماراتية – الإسرائيلية في أغسطس /آب، وناقش الاثنان "الحاجة إلى تعزيز العلاقات".
لكن في الوقت نفسه، تحدث بن علوي مع مسؤول من حركة فتح، الحزب الحاكم في السلطة الفلسطينية، وأعرب عن دعم السلطنة لـ "سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط"، وقال إن استئناف المفاوضات بشأن عملية سلام إسرائيلية فلسطينية أمر ضروري. وعلى الرغم من التصريحات الإماراتية والبحرينية، إلا أن الفلسطينيين اعتبروا هذه المزاعم كلمات جوفاء.
وتجري عمان بالفعل حوارًا مع إسرائيل منذ سنوات، حيث قام نتنياهو بزيارة نادرة إلى عمان في عام 2018 فيما اعتبر أنه يعكس رغبة الدولة الخليجية في لعب دور مؤثر في المنطقة، وكان نتنياهو هو أول زعيم إسرائيلي يزور السلطنة منذ أن زارها شيمون بيريز عام 1996.
المملكة العربية السعودية: المحتمل القادم، لكنه معقد
اقترح ترامب أن المملكة العربية السعودية قد تكون من بين الدول الخمس التي يُتوقع أن توقع اتفاقية تطبيع مع إسرائيل – لكن القيادة السعودية أرسلت إشارات متضاربة حول هذا الموضوع.
وقال ترامب للصحفيين في واشنطن يوم الثلاثاء: "تحدثت مع ملك السعودية وأجرينا محادثة رائعة، وأعتقد أن أشياء إيجابية ستحدث هناك أيضاً"، وكان مسؤولون سعوديون قد أكدوا في وقت سابق أن المملكة لن تطبّع العلاقات مع إسرائيل خارج إطار مبادرة السلام العربية التي تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية.
وقال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود إن موقف حكومته الداعم لدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية لم يتغير.
وكتب على تويتر: "مواقف المملكة الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لن تتغير بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات العربية المتحدة والمغادرة منها إلى كافة الدول، كما أن المملكة تقدر جميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم وفق مبادرة السلام العربية".
ومع ذلك، قررت المملكة العربية السعودية مؤخرًا السماح لأول رحلة جوية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة بعبور مجالها الجوي، وهي خطوة وصفها نتنياهو بأنها "اختراق هائل". كما فسر البعض خطبة إمام المسجد الحرام في مكة على أنها مقدمة للتطبيع السعودي.
وكشفت ميدل إيست آي الشهر الماضي أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان انسحب من زيارة مقررة لواشنطن العاصمة للقاء نتنياهو، بعد أن كان يخشى تسريب الأخبار وأن يصبح وجوده في العاصمة الأمريكية "كابوساً". وقالت مصادر للموقع البريطاني إن ترامب وكوشنر كانا يضغطان من أجل عقد الاجتماع لإعادة إحياء صورة بن سلمان كـ"صانع سلام عربي شاب"، وتعزيز الدعم الإقليمي للاتفاق بين إسرائيل والإمارات.
وتفيد وسائل إعلام إسرائيلية بأن هناك حاليًا خلافًا في الرياض بين بن سلمان ووالده الملك سلمان حول التطبيع. في حين أن الملك يعارض اتفاقات السلام مع إسرائيل، ورد أن ولي العهد "أظهر انفتاحًا أكبر، لكنه لم يوافق بعد على هذه الخطوة". وبحسب ما ورد، أبلغ الملك ترامب في مكالمة هاتفية حديثة بأن المملكة العربية السعودية حريصة على تحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وأنه يقدر جهود واشنطن لدعم السلام. وبحسب وكالة الأنباء السعودية، أكد الملك سلمان لترامب "حرص المملكة على التوصل إلى حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية لإحلال السلام".
السودان: انقسام في القيادة
هناك مؤشرات قوية على أن السودان قد يسير على خُطى الإمارات والبحرين. ومع ذلك، فإن الانقسامات بين المكونين المدني والعسكري للحكومة الانتقالية سلطت الضوء على الخلافات الداخلية حول هذه القضية.
برزت الخلافات إلى الواجهة عندما أقالت الحكومة المتحدث باسم وزارة الخارجية بعد إشادته بالاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي، وتعليقاته بأن الخرطوم وتل أبيب كانت لهما بالفعل علاقات دبلوماسية سرية.
لكن رئيس المخابرات الإسرائيلية يوسي كوهين أكد أن حكومته على اتصال بالسودان وأن التطبيع هو "جزء من أجندة" علاقاتهما الدبلوماسية.
في وقت سابق من هذا العام، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بعبدالفتاح البرهان، القائد العسكري للمجلس الحاكم في السودان، وناقش التطبيع بحسب ما ورد. وينظر بعض المحللين إلى مبادرات سودانية على أنها محاولة من الخرطوم للوصول إلى "نعمة واشنطن ورضاها" ورفع العقوبات الأمريكية المعوقة.
موريتانيا: خيار مرجح
كانت موريتانيا من أوائل الدول العربية التي أعربت عن دعمها للإمارات بعد اتفاقها مع إسرائيل في أغسطس/آب. وكانت الدولة الواقعة في شمال غرب إفريقيا والعضو في جامعة الدول العربية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل في الماضي، لكنها جمدت العلاقات في عام 2009 في أعقاب حرب غزة.
وفي بيان صدر الشهر الماضي، قالت وزارة خارجيتها إنها تثق في "حكمة" القيادة الإماراتية في تحديد طبيعة علاقتها مع إسرائيل.
وجاء في البيان أن "دولة الإمارات تتمتع بالسيادة المطلقة والاستقلال التام في تسيير علاقاتها وتقييم المواقف التي تتخذها بما يتفق مع مصالحها الوطنية ومصالح العرب والمسلمين".
المغرب: الأمر معقد أيضاً
في حين أن المغرب لم يصدر رد فعل فورياً على اتفاق بين الإمارات وإسرائيل، أعلن رئيس وزرائه سعد الدين العثماني رفض حكومته للتطبيع مع إسرائيل بعد أكثر من أسبوع.
وفي أول رد فعل رسمي مغربي على الصفقة التي توسطت فيها الولايات المتحدة، قال العثماني: "إن موقف المغرب سواء من الحكومة والملك والشعب هو الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك".
وأضاف: "هذه خطوط حمراء بالنسبة للمغرب، وبالتالي رفضنا لأي تنازلات في هذا الصدد وأي عملية تطبيع مع الكيان الصهيوني".
يشغل الملك محمد السادس منصب رئيس لجنة القدس في منظمة التعاون الإسلامي، وهو المنصب الذي كان يشغله والده الراحل الملك الحسن الثاني. وبدأ المغرب وإسرائيل علاقات منخفضة المستوى في عام 1993 بعد التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي – فلسطيني. لكن الرباط علقت العلاقات مع تل أبيب بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000.
وبينما لا توجد علاقات رسمية بين البلدين، كشف نشطاء مغاربة عن خطوات متكررة نحو تطبيع العلاقات في السنوات الأخيرة، وهو ما نفته الحكومة أو التزمت الصمت حيالها.
في فبراير/شباط، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغط على الولايات المتحدة للاعتراف بالسيادة المغربية على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها مقابل اتخاذ الرباط خطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبعد بضعة أشهر، كشفت منظمة العفو الدولية عن استخدام برامج تجسس إسرائيلية لاستهداف نشطاء مغاربة.