حالة من الجدل والخوف يعيشها السوريون في مصر، بعدما نشر أحد المواقع المصرية خبراً يقول إن وزارة التنمية المحلية قررت إلزام السوريين في مصر بالحصول على موافقات أمنية قبل الشروع في استصدار أية تراخيص لأنشطتهم التجارية، ويعيش السوريون حالة من الحزن والخوف في آن واحد.
المقلق في الأمر أن القرار يتضمن اتهام السوريين بالحصول على تمويلات "إخوانية" وأموال من دولة "قطر" بهدف الإضرار بالاقتصاد المصري، فكثير من هؤلاء يعملون ويتاجرون ويقيمون في مصر بموجب تراخيص حكومية وإقامات لم تصدر إلا بعد الموافقات الأمنية، فما الذي جدّ بينهم وبين الدولة كي تضيق عليهم دائرة الحياة؟
موسم الهجوم على السوريين
لم يستطع الشاب السوري الشهير بأبو مصطفى، أن يتغلب على مشاعر الانزعاج والقلق التي تغلبت عليه بسبب قرار وزير التنمية المحلية في مصر، اللواء محمد شعراوي، الذي خاطب به كل المحافظين، وألزمهم بضرورة تنفيذ توجيهات رئاسة الجمهورية.
تمثلت هذه التوجيهات الرئاسية في عدم إصدار تراخيص جديدة لأية محال تجارية يملكها السوريون، أو يشاركون في شركات تملكها، إلا بعد الحصول على موافقة الأجهزة الأمنية، وتضمن القرار موافاة الوزارة ببيانات السوريين الحاصلين على تراخيص حالية، من بينها الاسم ورقم الجواز ورقم الترخيص ونوع النشاط والموقع المقام به النشاط، وحددت فترة موافاة الوزارة بالبيانات المطلوبة بأسبوع واحد.
يبدي الشاب السوري يوسف ـ من ريف دمشق ـ استياءه الشديد من الاتهامات التى توجه لعموم السوريين في مصر بين فترة وأخرى، مما يسمونه بينهم "موسم الهجوم على السوريين".
ويندهش يوسف من رواج هذه الاتهامات، إلى مرحلة تبنيها في كتاب رسمي صادر في مصر، يتهمهم بالحصول على تمويلات إخوانية وقطرية في مصر لشراء المحلات ذات المواقع الهامة بهدف تكوين كيان اقتصادي جديد للجماعة، وأن هذا التمويل يُمكنها من المشاركة في تمويل أنشطتها المحظورة داخل وخارج حدود الدولة المصرية.
ويشير يوسف إلى أن غالبية الجالية السورية في مصر يعيشون فيها منذ عدة سنوات وأغلبهم يحملون إقامات قانونية، ومن يعمل منهم أو لديه عمل تجاري فعمله مرخص قانونياً ويحمل الموافقات المطلوبة ومنها الموافقات الأمنية أيضاً!
ويؤكد يوسف أن هؤلاء السوريين لو كان للدولة عليهم أية ملاحظات لما حصلوا على موافقة الأجهزة الأمنية وما استطاعوا استخراج بطاقة الإقامة التي ترتبط بالموافقة الأمنية.
إلى مصر بحثاً عن الأمان
فر يوسف مع زوجته وبناته الأربع إلى مصر قبل نحو ٨ سنوات ولم يطلب معونات من مفوضية شؤون اللاجئين، وإنما بدأ مشروعاً صغيراً لينفق منه على بناته.
فقد أسس يوسف ورشة لتصنيع الأقمشة لا تزيد مساحتها عن خمسين متراً في أحد الأحياء المتوسطة بمدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة.
ولم يواجه وقتها أية عقبات في استخراج رخصته التجارية، حيث قام بعمل توكيل لمحام قام هو بترخيص الورشة وعلامته التجارية الخاصة لتسهيل عملية التصدير في المستقبل، كما حصل على بطاقة ضريبية، وسجل تجاري.
بعد ذلك حصل يوسف على إقامة استثمارية له ولعائلته بموجب الترخيص وقد كلفه ذلك 2000 دولار، لكنه الآن يعيش في قلق بالغ لأن رخصته التجارية ستنتهي بعد ستة أشهر، ولا يعلم ما إذا كانت السلطات ستوافق على تجديدها أم لا في ظل التعليمات الجديدة.
حماية الوطن من المال المشبوه
تواصل "عربي بوست" مع الجهات المعنية في الدولة بحثاً عن نفي أو تأكيد للقرار، إلا أنه حتى وقت كتابة التقرير لم يصدر أي تأكيد أو نفي رسمي لمضمونه، ولم يرد المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري على رسالتنا حول حقيقة صدور هذا القرار.
لكن ما يجعل صدوره أمراً مؤكداً أن القرار نشره موقع إخباري محسوب على الأجهزة الأمنية، هو البوابة نيوز الذي يرأس تحريره عبدالرحيم علي المعروف بعلاقته الوطيدة بالأجهزة المصرية.
فيما يرى مصدر أمني أن قرار وزير التنمية المحلية بحظر منح السوريين تراخيص محال دون موافقة أمنية، يأتي ضمن القرارات الداعمة للأمن القومي المصري؛ وهو حل لتدارك وقوع خلل أمني أو جرائم تهدد السلم والأمن العام.
ويشير المصدر إلى أن الدولة لها الحق في تنظيم عمل الأجانب على أراضيها بالكيفية التي تراها لحماية الوطن من أي أموال مشبوهة أو مغرضة وأي اقتصاد مواز قد يسهم في التلاعب بالاقتصاد الرسمي للدولة.
وتعجب المصدر الأمني من امتعاض البعض من قرار الوزير، واعتبره يهدف لتنظيم أعمال السوريين في مصر وحصرها وإلزام غير الحاصلين على ترخيص، بالحصول عليه وتسوية أوضاعهم، مردفاً: "ماذا يضير أي شخص يعمل في النور وأن يحصل على موافقة أمنية؟!"
ثروتنا من إقبال المصريين على منتجاتنا
توجه فريق "عربي بوست" إلى مدينة 6 أكتوبر ومنطقة الحصري تحديداً، لرصد تأثير القرار على السوريين، حيث تنتشر متاجرهم التي تتخصص في أنواع مختلفة من البضائع بداية من محلات بيع الفول والفلافل إلى المخابز ومتاجر الملابس وصناعة الحلويات ومحالّ بيع الشاورما السورية والمطاعم الشامية الشهيرة.
بدا الانزعاج على وجوه الكثير من أصحاب المحلات والعاملين بها، بسبب الاتهامات التي نشرت بالمخاطبة الرسمية الصادرة من وزارة التنمية المحلية، ومن بينها أن سبب افتتاح عدة أفرع للمحلات التي يملكها السوريون خلال فترة قصيرة من بدء النشاط، له سبب غير ملعن.
خاصة أن أغلبهم كانوا يعانون من قلة رأس المال وضعف مواردهم المالية وقت انتقالهم للعيش في مصر والعمل بها، ورأى كتاب الوزير أن الإثراء المفاجئ على عدد كبير منهم، والتوسع التجاري الملحوظ سببه أموال غير نظيفة أو تمويلات إخوانية، على حد وصف كتاب الوزير.
لا ينكر هؤلاء حالة الثراء التي بدت على الكثيرين منهم، لكنهم أكدوا أنها بسبب النجاحات التي حققوها، فآلاف السوريين المقيمين في مصر حرصوا على تقديم المنتجات والخدمات على مدى السنوات القليلة الماضية بأسعار منافسة، ما أدى لإقبال كثيف على ما يقدمونه، فحققوا أرباحاً عالية، وليس لأن أموالهم مشبوهة.
على بعد خطوات قليلة من جامع الحصري يقع محل صغير متخصص في بيع منتجات الألبان والمخللات، بدا كأنه خلية نحل بسبب الزحام الشديد عليه.
في البداية رحب صاحب المحل بالحديث ظناً منه أنه سيتحدث عن نشاطه لكن عندما علم بالقضية طلب عدم ذِكْر اسمه قائلاً: "الموضوع شائك والكلام فيه يضر".
أثار انتباهنا في البائع أنه يتحدث بلغة المثقفين، ثم علمنا منه أنه طبيب ويحمل شهادة البكالوريوس في الطب لكن صعوبة العمل بمهنته في مصر دفعته للتوجه إلى التجارة.
ويشير الطيب التاجر، إلى أنه بدأ نشاطه منذ ستة أعوام عندما جاء من حمص واشترك مع بعض السوريين وافتتحوا محلاً صغيراً لبيع المواد الغذائية كاللبنة والمكدوس والزبادي والجدايل وغيرها.
شاركهم في العمل بعض السوريات وشيئاً فشيء ذاع صيتهم وافتتحوا سلسلة من المحلات توسعوا في بيع أجبان "المشللة" و"الحلوم" و"النابلسية" و"القشقوان" و"المكدوس" و"المخللات" لمحلات مصرية شهيرة.
القرار كان متوقعاً قبل فترة
يوضح الطبيب صاحب محل الألبان، أنه منذ بداية عمله كان حريصاً على أن يسلك الطُرق الرسمية، حيث قام بعمل توكيل لأحد المحامين ليتولى المهمة القانونية في تأسيس المشروع.
وقال تبدأ الإجراءات من التوجه إلى الهيئة العامة للاستثمار، وتقديم طلب عدم التباس (التحقق من عدم وجود شركة تحمل نفس اسم الشركة المطلوب تأسيسها)، ومن ثم التوجه لإدارة التأسيس من أجل كتابة عقد تأسيس الشركة، ولان شركته كانت مساهمة توجب إحضار شهادة من البنك بإيداع قيمة 10% من رأس المال، ثم دفع رسوم التأسيس.
وبعد الانتهاء من كل الإجراءات السابقة حصل على السجل التجاري لشركته وتقدم للحصول على البطاقة الضريبية، واستغرقت تلك الإجراءات ما يقرب من شهرين.
لم يفاجأ الطبيب التاجر بقرار منع التراخيص فقد كان ذلك حديث السوريين الذين يعرفهم طوال الأيام الماضية، مضيفاً بانفعال: "ثرواتنا من كدنا وجهدنا، فبالرغم من شهاداتنا العليا رضينا بالقليل وربنا بارك وزادنا لكن هذا أثار حفيظة بعض رجال الأعمال المصريين الذين تضرروا من انصراف عملائهم عنهم".
ويشير إلى أنه بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 هاجرت رؤوس الأموال إلى مصر، في محاولة للاستفادة من التسهيلات الحكومية المصرية لهذه الاستثمارات وتشجيعها.
واستطاعوا تحقيق نجاحات كبيرة في مجال المطاعم والمأكولات، لأمانتهم وخدماتهم وأسعارهم المتميزة، لا سيما في المدن الجديدة مثل القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر والشيخ زايد والشروق والعبور.
يذكر أن عدد السوريين في مصر بلغ حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2018، نحو 242 ألف سوري، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في حين أكّد مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، المندوب الدائم بجامعة الدول العربية محمد البدري، في تصريحات صحفية سابقة، أن العدد الحقيقي يقدر بـ550 ألف سوري، بنسبة 10% من اللاجئين السوريين في باقي الدول.
هذا الفارق العددي يفسره الطبيب التاجر بأن مفوضية اللاجئين تحصي من تقدموا إليها باعتبارهم لاجئين طمعاً في الحصول على مساعدات، مؤكداً أنه ليس كل السوريين الذين جاؤوا إلى مصر لاجئين.
ويرى أن القرار إن صح مضمونه، فإنه قد يشكل علامة فارقة في تعامل مصر مع الملف السوري ومع السوريين عموماً، وربما سيكون تمهيداً لاعتبار كل مستثمر أو رجل أعمال سوري في مصر إخوانياً أو مُمولاً من الخارج.
وتساءل الطبيب التاجر: "كيف يتسق ذلك مع تصريحات سابقة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رحب فيها بالسوريين في مصر وأشاد بالمستثمرين لدرجة انه قام بنفسه بزيارة لمصنع غزل لرجل الأعمال السُوري محمد صباغ شرباتي، فضلاً عن أن الإعلام المصري دائماً ما يحتفي بنجاحات رجال الأعمال السوريين؟".
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد صرح أن عدد السوريين في مصر يصل الى 5 ملايين سوري، معلناً عن ترحيبه بهم و بإقامتهم وعملهم في مصر، خلال رده على سؤال في البرنامج الرئاسي "اسأل الرئيس" يوم الثامن عشر من يناير/كانون الثاني عام 2018 حول إقامة السوريين في مصر ومزاحمتهم المصريين في أكل عيشهم، كما قال السائل.
ثم عاد التاجر يسألنا: "هل انتم متأكدون من صدور قرار كهذا؟ فما ورد فيه من اتهامات وعبارات لم نعتد يوماً عليها من الحكومة المصرية، ربما يكون ضمن حملة إلكترونية تستهدفنا لتشويه صورتنا أو لتشويه علاقتنا بالدولة المصرية التي رحبت بنا منذ اليوم الأول".
رجال أعمال مصريون يخشون منافستنا
أثار ازدهار تجارة السوريين في مصر حفيظة رجال الأعمال المصريين الذين رأوا في النجاح المتتالي للتجار والصناع السوريين تهديداً لأعمالهم ولو على المدى البعيد، أو حتى ظهور منافس غير مرغوب فيه، فقد تدفعهم لتخفيض أسعارهم أو تحسين الجودة وهما أمران كانا غائبين قبل أن يبدأ السوريون تجارتهم في مصر، كما يقول رجل أعمال سوري قادم من مدينة درعا.
ويرى الرجل أن تجمعات السوريين في أحياء بعينها ليست جريمة ولا وصمة، فكل جالية في العالم حين تلتقي بالغربة تتجمع في أحياء متقاربة وقال: "حرصنا على التقارب والتجاور فاشترينا العقارات بأسعار عالية كي لا نشعر بالغربة أو الشتات وفي نفس الوقت استطعنا أن ننتج معاً أسواقاً سورية متنوعة".
ويواصل قائلاً: "لقد سلكنا طرقاً مشروعة ولدينا تجمعات مرخصة دائمة التواصل مع الحكومة المصرية، وهناك من يمثل مصالحنا مثل (جمعية المستثمرين السوريين) وهناك أيضاً (جمعية رجال الأعمال السوريين)، ولا أعتقد أن الحكومة ستضحي بمستثمرين ورجال أعمال أو تعرقل مشاريعهم لمجرد شكوك أو شائعات أطلقها البعض".
ثروة اقتصادية لمصر
جدير بالذكر أن تصريحات صادرة عن رئيس رابطة تجمّع رجال الأعمال السوريين في مصر خلدون الموقع، تشير إلى أن رجال الأعمال السوريين المقيمين في مصر يبلغ عددهم 30 ألفاً، يملكون رؤوس أموال تقدر بـ23 مليار دولار.
ووفقاً لـ"خلدون" أيضاً فإن مصر من أقل الدول العربية من حيث نصيب المال السوري العامل خارج البلاد، حيث يصل رأس المال السوري في لبنان إلى 26 مليار دولار و25 مليار دولار في الأردن، حسب تقديرات الأمم المتحدة.
وتتركز استثماراتهم في صناعات الغزل والنسيج والصناعات التكاملية، مثل الإسفنج والورق والصناعات البلاستيكية، إضافة إلى الصناعات الدوائية البسيطة، وصناعة الأثاث والمفروشات، والمنتجات الغذائية والنشاط التجاري والخدمي.
نفس الرقم تؤكده إحصائيات وزارة الاستثمار المصرية التي قدرت عدد رجال الأعمال السوريين في مصر بحوالي 30 ألف شخص، ساهموا مع أول عام لهم في مصر 2012 في تأسيس 565 شركة برأس مال قدره 164 مليون دولار، ثم ارتفع هذا العدد في العام التالي إلى 1254 شركة، برأس مال قدره 201 مليون دولار.
موافقة الجهات الأمنية شرط "قديم"
كل هذه المخاوف السورية حملناها الى مصدر بالهيئة العامة للاستثمار فأبدى اندهاشه من الضجة التي وصفها بـ"المفتعلة" للوقيعة بين السوريين والمصريين.
وقال: "القرار ليس جديداً أو فيه ما يسيء للسوريين ولن يؤثر على أعمالهم" واستطرد شارحاً لـ"عربي بوست"أن الهيئة تمنح التراخيص لأي شركة غير مصرية بعد موافقة وزارة الداخلية والجهات الأمنية وبالمثل وزارة القوى العاملة في تعاملها عند منح تراخيص المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة.
سألناه عن كيفية التعامل مع أصحاب الأعمال التجارية والمحلات التجارية الصغيرة غير الحاصلة على ترخيص قبل صدور هذا الخطاب الرسمي ؟ فأكد أنه لن يتلقى أية تعليمات جديدة بهذا الشأن ولا يعلم عنه شيئاً.
مشيراً إلى أن المستثمر الأجنبي ومنهم السوري، يعامل معاملة المستثمر المصري عند تأسيس شركته في هيئة الاستثمار من كافة النواحي، ويزيد على ذلك فقط الاستعلام الأمني المطلوب للأجانب المؤسسين للشركات والمحلات التجارية في مصر، ويكون تحت مظلة قانون رقم 159 لسنة 1981 أو قانون رقم 72 لسنة 2017″.
وعن الأنشطة التي يستطيع السوريون العمل بها قال المسؤول بالهيئة العامة للاستثمار ـ الذي رفض ذكر اسمه ـ: "جميع الأنشطة يمكن تأسيسها فعلى سبيل المثال لا الحصر (المطاعم، المدارس، المراكز التعليمية، العيادات الصحية، المصانع، وجميع أعمال التنمية البشرية، وغيرها)".
وعن الرسوم المقررة، قال: "تختلف الرسوم الواجب دفعها لهيئة الاستثمار على حسب نوع الشركة والحد الأدنى 1000 دولار ولا يمكن تحديد الحد الأقصى لأنه يختلف وفقاً لنشاط الشركة، ويحصل صاحب الشركة أو المحل التجاري على امتيازات منها الحصول على إقامة مستثمر من خلال شركته.
يدفع كما يدفع المواطن المصري
من جهته علق أستاذ للعلوم السياسية ـ طلب عدم الكشف عن هويته ـ على القرار وما تضمنه من اتهامات، معتبراً أنه رسالة إلى رجال الأعمال والمستثمرين المصريين بأن الحكومة ليس لديها عزيز وأن المقصلة لن تترك أحداً.
ولا يوافق المصدر على أن الهدف من القرار هو إرضاء المتضررين اقتصادياً ومالياً من ازدهار ونجاح المحلات التجارية السورية، فالحكومة لا تهتم بإرضاء أحد والدليل هو القبض على رجل الأعمال المعروف صلاح دياب بالرغم من علاقته الجيدة بأمريكا وإسرائيل.
ويرى أن القرار يستهدف تضييق الخناق على السوريين الذين فرضوا أنفسهم بقوة في السوق المصري، ولن تتوقف الحملات ضدهم، وبعضها يمولها رجال أعمال يرون أن المستثمر السوري جذب عملاءهم وحجّم استثماراتهم.
ويتوقع المصدر أن يزيد تضييق الخناق خلال الفترة المقبلة في ظل الحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتوجه الحالي للحكومة بتحصيل ما يمكن تحصيله من الأموال، قائلاً بسخرية إذا كان المواطن المصري بيدفع فما الغرابة في معاملة السوري بالمثل؟!
تسبب نجاح السوريين في السوق المصري في إثارة حملات سابقة لتشويههم، وتزعم تورطهم في تمويل أنشطة مشبوهة لصالح جماعة الإخوان المسلمين المصنفة كجماعة "إرهابية" بحكم القانون في مصر، إرضاء لرجال أعمال مصريين تضرروا من دخولهم للسوق المصري.
كان أبرز ما جاء في هذا السياق تصريحات نبيل نعيم القيادي السابق بالجماعة الإسلامية في مصر في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" عن أن السوريين الذين يقيمون في مصر يديرون مشاريع واستثمارات بأموال التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وعبر وسطاء من بعض الدول في الإقليم.
وفي الثامن من يونيو/حزيران عام 2019، تقدم المحامي المصري سمير صبري، بمذكرة للنيابة العامة، طالب فيها بالرقابة على ثروات السوريين واستثماراتهم في البلاد.
كما طالب بإخضاع أموال السوريين لقوانين الضرائب والرقابة وكيفية إعادة الأرباح وتصديرها مرة أخرى، وأن يعامل المستثمر السوري أياً كان نشاطه وأياً كانت استثماراته معاملة المصري أمام الجهات الرقابية المالية؟ ولم تعلق النيابة وقتها على المذكرة بالقبول أو الحفظ.
وكانت الصحفية السورية المقيمة في مصر ميساء حسين ومنسقة شبكة (لاجئات) قد صرحت بأن السوريين المقيمين في مصر يشعرون بالقلق المغلف بالامتنان، من الدعوات التي تنظر إلى تزايد وتطور أوضاعهم الاقتصادية خلال إقامتهم في مصر، خوفاً من أن تكون هذه الدعوات بالون اختبار.
لإعلان قرارات حكومية تزيد من قيود الحكومة على رجال الأعمال والصناعيين السوريين مؤكدة أن كل النشاطات التجارية والصناعية للسوريين تمت تحت نظر الحكومة المصرية.