هل ينهي بايدن محنة العرب الأمريكيين؟.. خطته تدعو لنهج جديد مع الفلسطينيين ومستبدي الشرق الأوسط ومقاطعة إسرائيل

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/08/31 الساعة 14:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/31 الساعة 17:52 بتوقيت غرينتش
المرشح الديمقراطي جو بايدن/رويترز

أطلق المرشح الرئاسي الأمريكي جو بايدن برنامجاً شاملاً يعرض فيه خططه الخاصة بمجتمع الأمريكيين من ذوي الأصول العربية، مؤكداً التزامه بالحقوق المدنية وازدهار الأوضاع في الداخل بالإضافة إلى سياسة خارجية أكثر توازناً في الشرق الأوسط.

الخطة، التي كُشف عنها يوم السبت 29 أغسطس/آب، تتعهد بإلغاء كثير من سياسات دونالد ترامب المناهضة للهجرة، والسياسات ذات النزعة القومية المغالية، مع الالتفات إلى معالجة مخاوف مجتمع الأمريكيين العرب التي كانت موجودة قبل تولي ترامب للرئاسة، حسبما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.

وأشار البرنامج إلى أن "مشاعر التعصب ضد العرب لطالما استخدمت في محاولات لاستبعاد وإسكات وتهميش مجتمع بأكمله، ويعتقد بايدن أن ذلك التعصب يجب نبذه أينما ظهر، حتى وإن كان صادراً عن مسؤولين منتخبين أو أولئك الذين يسعون إلى تولي مناصب عامة".

جو بايدن والعرب.. خطة تنال رضا النشطاء

البيان، الذي حمل عنوان "جو بايدن ومجتمع الأمريكيين العرب: خطة للشراكة" Joe Biden and the Arab American Community: A Plan for Partnership، يُفصح عن مواقف سياسية ملموسة، منها الالتزام بإلغاء برنامج الحكومة الأمريكية الإشكالي لمكافحة التطرف، إضافة إلى تعزيز القوانين الخاصة بجرائم الكراهية.

من جانبهم، أشاد النشطاء من الأمريكيين ذوي الأصول العربية بالخطة، وقالوا إنها يمكن أن تكون تأسيساً لمبادئ يجري العمل وفقها لمواصلة المشاركة في الحملة وربما إدارة بايدن، حال توليه الرئاسة.

ومن هذا المنطلق، أشارت مايا بيري، المديرة التنفيذية لمؤسسة المعهد العربي الأمريكي، إلى أن "صياغة الوثيقة بأكملها في سياقٍ يتضمن فهماً للإقصاء والتشهير التاريخي اللذين واجههما الأمريكيون العرب –ورفض ذلك بالكامل- كان أمراً مهماً".

وأضافت: "لا يمكنك الدفاع عن الحقوق المدنية للأمريكيين العرب وحرياتهم المدنية دون فهم ذلك التاريخ. وهذه الوثيقة تبدأ من هناك".

كانت حملة بايدن أطلقت، في وقت سابق من هذا العام، خطة مماثلة للمجتمعات الأمريكية المسلمة. ورحّب عابد أيوب، مدير الشؤون القانونية في "اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز" (ADC)، بإطلاق برنامج منفصل للأمريكيين العرب، واصفاً البرنامج بأنه "مثير للإعجاب على عدة مستويات".

وفيما يلي عرض لست نقاط رئيسية تناولتها الخطة بالعناية:

إنهاء برنامج "منع الإرهاب"

تعهدت حملة بايدن بإنهاء برنامج فيدرالي يهدف إلى المنع الاستباقي "للتطرف" في مجتمعات الأمريكيين المسلمين وذوي الأصول العربية، وهو برنامج يقول مدافعون عن الحقوق المدنية إنه يعمل بمثابة مخطط تجسس سري تحت ستار التعاون مع تلك المجتمعات.

وتقول الوثيقة إن "بايدن يعتزم إنهاء برنامج إدارة ترامب الخاص بـ (منع الإرهاب والعنف المستهدف للأقليات) TVTP، وقبل أن يشرع في وضع برامج وقائية جديدة، سيُجري مراجعة شاملة للبرامج السابقة ويتشاور بانتظام مع قادة المجتمعات المستهدفة تاريخياً، ومنهم الأمريكيون العرب، لضمان أن تكون الحقوق المدنية محمية".

يُذكر أن قانون "منع الإرهاب والعنف المستهدف" (TVTP) هو نسخة أعيد تسميتها من مبادرة جرى الحديث عنها خلال عهد باراك أوباما تحت اسم برنامج "مكافحة التطرف العنيف" (CVE)، والتي رفضها أيضاً كثير من المدافعين عن حقوق مجتمعات الأمريكيين العرب والأمريكيين المسلمين.

خطة بايدن تستهدف تبرئة إدارة أوباما التي سنت قانون مكافحة التطرف العنيف/رويترز

ومع ذلك، يبدو أن خطة الحملة تستهدف تبرئة إدارة أوباما، التي كان بايدن يشغل منصب نائب الرئيس فيها، من مسؤولية قانون مكافحة التطرف العنيف، من خلال تقديمها على أنها من وضع إدارة دونالد ترامب. علاوة على ذلك، تثير الدعوة إلى خطة وقائية جديدة تساؤلاتٍ حول حقيقة تعهد بايدن بالتعامل مع المجتمعات الأمريكية العربية خارج إطار عدسة "العلاقات التي يضفى عليها الطابع الأمني" (securitized relationships).

ومن جانبه، يقول أيوب: "إنه ليس الوضع المثالي، لكن أي فرصة لمواصلة الحوار والمحادثات من موقع جديد هي فرصة مرحب بها".

ولم يفت الوثيقة الحديث عن المظالم طويلة الأمد لتلك المجتمعات مع قوائم "حظر الطيران" وقوائم مراقبة الإرهاب، والتي يقول النقاد إنها تستهدف بدرجة غير متناسبة الأفراد العرب والمسلمين دون منحهم حقوقهم الخاصة بالمضي في إجراءات الطعن حيال وضعهم في تلك القوائم.

التشديد على حرية "حركة مقاطعة إسرائيل" BDS في التعبير عن مواقفها وإعلانها

ثمة قوانين تقيد حق الأمريكيين في مقاطعة إسرائيل في عديد من الولايات الأمريكية. ولطالما شجب نشطاء مدافعون عن حرية التعبير هذه الإجراءات لأنها تنطوي على تهديد للحقوق الخاصة بحرية التعبير، والتي يضمها التعديل الأول للدستور الأمريكي.

وحملة بايدن، وإن كانت عبرت مراراً عن معارضتها لحركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (BDS)، فإنها شددت في الوقت نفسه على أنها ستحترم حقوق الناس في حرية التعبير عن آرائهم. وعلى ما يبدو، فإن البيان يتعارض مباشرة مع قوانين مكافحة المقاطعة التي لطالما أيّدها كل من الديمقراطيين والجمهوريين في الماضي.

كما أشارت الخطة إلى رفض نائب الرئيس السابق للحظر الذي فرضته إسرائيل العام الماضي على عضوات الكونغرس إلهان عمر ورشيدة طليب، بسبب دعمهما لحركة المقاطعة.

وجاء في الوثيقة أن "جو بايدن سيحمي الحق الدستوري للمواطنين الأمريكيين في حرية التعبير".

وكان بايدن قد أعرب عن آراء مماثلة خلال الحملة، لكن الوثيقة توضح أنه، في حال فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإن إدارته لن تدعم مشروعات القوانين التي تهدف إلى الحد من أعمال الترويج لمقاطعة إسرائيل.

ومع ذلك، تأتي تلك التوضيحات بعد فترة وجيزة من إدانة الحملة الديمقراطية للناشطة الأمريكية من أصول فلسطينية، ليندا صرصور، بسبب دعمها لحركة مقاطعة إسرائيل.

تعهّد بضمان المساواة في التعامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين

لطالما انتهج بايدن سياسات مؤيدة بشدة لإسرائيل منذ أيامه حين كان عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي، والتي يعود تاريخها إلى أوائل السبعينيات.

وقد واجهت حملته دعوات متزايدة من مجموعات تقدمية لتبني نهج أكثر عدالة حيال النزاع، وهي وجهة نظر تشترك فيها قاعدة كبيرة ومتنامية في الحزب الديمقراطي.

وحتى الآن، استبعد بايدن مراراً وتكراراً وضع أي شروط مسبقة على المساعدات الأمريكية لإسرائيل، وأكد مندوبوه عدم تضمين كلمة احتلال للإشارة إلى أنشطة إسرائيل، في برنامج الحزب.

على الجانب الآخر، تكرر خطة المرشح الديمقراطي بشأن الأمريكيين العرب التزام البرنامج بخطة حل الدولتين، ومعارضة خطط الضم الإسرائيلية و"التوسع الاستيطاني"، كما تذهب إلى أبعد من ذلك في التأكيد على حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

وتنص الوثيقة على أن بايدن "يؤمن بقيمة وحقوق كل فلسطيني وإسرائيلي. وسيعمل على ضمان تمتع الفلسطينيين والإسرائيليين بتعامل متساو فيما يتعلق بالإجراءات التي تضمن الحرية والأمان والازدهار والديمقراطية".

من جانبها، قالت مايا بيري، من "المعهد العربي الأمريكي"، لموقع Middle East Eye: إن برنامج بايدن يعكس التحول الحادث داخل أروقة الحزب الديمقراطي فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية.

العمل على النهوض بحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط

سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على مدى العقود الماضية إلى الدخول في تحالفات مع ملكيات مستبدة وديكتاتوريات عسكرية في الشرق الأوسط، دون أن تبدي التفاتاً كبيراً لحقوق الإنسان في تلك الدول.

لكن تبني ترامب الزائد عن الحد لحكومات ديكتاتورية على نحو فج في جميع أنحاء المنطقة، وامتناعه عن التعامل مع حادثة مقتل الصحفي السعودي خاشقجي بما تستحقه من الإدانة والشجب، دفع الديمقراطيون إلى تركيز اهتمامهم على الدعوة إلى نهج أكثر تمسكاً بحقوق الإنسان كجزء من سياستهم الخارجية.

وفي خطته الخاصة بالأمريكيين العرب، تعهد بايدن "بالدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية الأخرى وتعزيزها" في بلدان المنطقة.

وجاء في الوثيقة أن بايدن "سيعطي الأولوية للجهود المبذولة لحل النزاعات من خلال المفاوضات، والاستخدام الكامل للأدوات الدبلوماسية والمساعدات الخارجية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان والتنمية، ومكافحة العنف والتمييز على نحو فعال".

وخصّت الوثيقة بالذكر السعودية، لانتهاكاتها في هذا المجال، وتعهدت الحملة بإنهاء دعم الولايات المتحدة للحرب التي تخوضها الرياض في اليمن، والتي بدأت في عهد أوباما.

ونصت الوثيقة على أن علاقة إدارة بايدن مع دول الشرق الأوسط ذات الزعماء السلطويين ستأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية بدرجة أكبر".

وأوضحت الوثيقة أنه "مما يقوض الموقف الأخلاقي الأمريكي على مستوى العالم ويعرض المعارضين للخطر، أن يبرر الرئيس الأمريكي ترامب الانتهاكات السعودية ويدعم الزعماء السلطويين، أو أن يصف رئيساً كالرئيس المصري بـ(الديكتاتور المفضل لدي)".

دعم القوانين التي تعمل على إنهاء التنميط وضمان الجزاء العادل حيال جرائم الكراهية

تعلن الخطة التزامها بإقرار بندين من بنود التشريع التي لطالما ضغط المدافعون عن حقوق الأمريكيين العرب من أجل إقرارها: قانون خالد جبارة وهيذر هاير "لا للكراهية" NO HATE Act، وقانون "إنهاء التنميط العنصري والديني".

ومن شأن قانون "جبارة وهاير" تحسين سبل الإبلاغ عن جرائم الكراهية، وتوفير التمويل اللازم للخطوط الساخنة التي تديرها الدولة للإبلاغ عن جرائم الكراهية، وزيادة الوعي العام بماهية جرائم الكراهية وتوفير الموارد لدعم الضحايا.

يُذكر أن القانون سُمي على اسم ضحيتين لجرائم كراهية، هما الأمريكي من أصول لبنانية، خالد جبارة، الذي أصيب برصاصة قاتلة في تولسا، بولاية أوكلاهوما، في عام 2016. وهيذر هاير، التي قُتلت في هجوم دهس استهدف متظاهرين معارضين في تجمع للنازيين الجدد في شارلوتسفيل، بولاية فرجينيا، بعد عامين بالضبط من مقتل جبارة.

ويفرض قانون إنهاء التنميط العنصري والديني حظراً فيدرالياً على استخدام التنميط العنصري والتمييز من قبل وكالات إنفاذ القانون.

كما نصت الخطة على دعم الحملة لإدراج فئة ذوي الأصول التي تعود إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) في الإحصاء السكاني المقبل، ما يضمن اعتبار الأمريكيين ذوي الأصول العربية مجموعة خاصة في المسح الوطني الأمريكي. إذ حالياً، تعتبر الحكومة الفيدرالية العرب من البيض، في تقاريرها الرسمية.

النظر باعتبار إلى آراء الأمريكيين العرب في القضايا التي تهم كل الأمريكيين

لطالما شدد النشطاء الأمريكيون من ذوي الأصول العربية على أن السياسة الخارجية ليست أولويتهم الانتخابية الوحيدة.

وتتناول خطة بايدن مجموعة من القضايا التي تؤثر على جميع الناخبين، في البرنامج الذي وضعته الحملة، ويتضمن ذلك مسائل مثل الرعاية الصحية والهجرة والتعليم والشرطة وإصلاح العدالة الجنائية.

وتتعهد الخطة بدعم وصول الأمريكيين من ذوي الأصول العربية إلى الرعاية الصحية وجعل التعليم في متناول الأشخاص الأقل حظاً، كما تعهدت زيادة الموارد الفيدرالية الممنوحة للشركات الصغيرة، وهي قضية ضغط النشطاء المدافعون عن حقوق الأمريكيين العرب من أجلها.

ويعلق أيوب على ذلك، بالقول إن الخطة هي إشارة إلى الحملة تستمع "لأصوات مجتمع الأمريكيين العرب".

وقال أيوب لموقع MEE: "أعلم أنهم عملوا مع عدد من الأمريكيين العرب على تلك الخطة، وهذا أمر مهم ومرحب به. عندما تنظر إلى المناخ العام وما يفعله الآخرون، فهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها أمر كهذا منذ فترة".

تحميل المزيد