“أصبح الآن لدي طفلة لم تلتقِ بوالدها قط”.. زوجة أحد ضحايا هجوم مسجدي نيوزيلندا تواجه القاتل في المحكمة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/08/25 الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/25 الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش
على اليمين، زوجة محمد فاروق عمر وطفلتها نور، وإلى اليسار صورة الإرهابي الذي نفذ الهجوم على المسجدين في كرايستشيرش عام 2019

تشبه الصغيرة نور عمر والدها، حتى عندما تبكي، لكنه رجل لن تقابله أبداً، أما والدتها فتواجه مستقبلاً حزيناً مذبذباً، إذ تربي ابنتها وحدها بعدما فقدت رفيق دربها في هجوم 15 مارس/آذار 2019 الإرهابي على مسجدي كرايستشيرش، في نيوزيلندا.

تقول صحيفة The New Zealand Herald النيوزيلندية، غالباً ما تبكي سانجيدا نيها عندما تنظر إلى طفلتها الرضيعة، التي ستكمل عاماً كاملاً يوم الجمعة، تبكي من أجل طفلة لن تعرف والدها أبداً، من أجل زوج لن يعود إليها أبداً، تبكي على شاب فقد حياته، وهجوم إرهابي سلبهما أحلامهما.

"لا تُصدمي.. فاروق ليس حياً، فاروق مات"

قُتل محمد عمر فاروق أثناء صلاته في مسجد النور قبل أشهر من ولادة طفلته الأولى. وواجهت زوجته اليوم 25 أغسطس/آب الرجل المسؤول عن إطلاق النار على زوجها، بينما قرأت البيان المروع الذي يتناول الآثار التي تعرضت لها إثر مقتله في المحكمة. بكت نيها فيما تردد صدى كلماتها في جميع أرجاء المحكمة، كانت دموعها تقطع حبل الصمت، بينما استمع الحاضرون إلى قصة خسارتها.

قالت: "ينتابني شعوران عندما أنظر إلى طفلتنا الصغيرة؛ رغبة في البكاء، وحيرة، لماذا أخذه الله بعيداً؟ ما الخطيئة التي ارتكبتها لنعاقب عليها جميعاً؟". وتابعت: "في بعض الأحيان أتمنى الموت…"

كان فاروق، 36 عاماً، واحداً من 51 مسلماً قتلوا على يد برينتون تارانت، في هجوم كرايستشيرش الإرهابي عام 2019. كانت زوجته البالغة من العمر 20 عاماً، التي كانت تعيش في موطنها الأصلي ببنغلاديش، حاملاً في شهرها الرابع بطفلته.

أنجبت نيها ابنتهما وهي أول مولود يولد لأحد ضحايا إطلاق النار منذ هجوم كرايستشيرش الإرهابي في شهر أغسطس/آب. وسميت الطفلة نور عمر تخليداً لذكرى والدها الذي لن تلتقيه أبداً، ومسجد النور حيث قُتل بالرصاص.

قالت نيها: "عندما أكون بمفردي، أحياناً ما أفكر في فاروق… أبكي عندما أكون وحدي، لكن يجب أن أكون قوية من أجل ابنتي. عندما تتنفس وتبكي تذكرني بفاروق".

تزوج فاروق ونيها ببنغلاديش، في 29 ديسمبر/كانون الأول 2017. وكان يعمل في كرايستشيرش بصفته عامل لحام منذ عام 2015، ويخطط لإحضار زوجته وطفلته إلى نيوزيلندا ليقيما منزلهما معاً. لم تكن نيها تعرف أن زوجها كان في مسجد النور بشارع دينز عندما وردت أنباء عن إطلاق نار جماعي. فقد تحدثت إليه ذلك الصباح بينما كان في العمل.

نادراً ما تسنى لفاروق أداء صلاة الجمعة في المسجد ذي القبة الذهبية أمام حديقة هاغلي، وعادة ما كان يصلي وقتما يُتاح له ذلك، لكن في ذلك اليوم سمح له رئيسه بإنهاء عمله مبكراً، ووصل إلى المسجد في نحو الساعة 1. وعندما بدأ إطلاق النار بعد فترة وجيزة، حاول فاروق وأصدقاؤه الفرار، لكن بينما كانوا يركضون للنجاة بحياتهم، أصيب فاروق برصاصة في ظهره.

عندما رأت نيها خبر مقتل ثلاثة أشخاص من بنغلاديش، شكت أن زوجها من بينهم. تقول: "اسم فاروق كان على قائمة المصابين، تساءلت أي فاروق هذا؟ فاروق زوجي في عمله، لم أستوعب أنه ذهب إلى المسجد".

اتصلت نيها بزوجها بشكل متكرر لمدة يومين دون رد. في البداية، أخبرها أفراد الأسرة أن فاروق أصيب، وأنه ببساطة لم يستطع الاتصال بها بسبب جرح في يده، ثم قالوا لها: "لا تُصدمي.. فاروق ليس حياً، فاروق مات".

ثم بدأوا يعرضون صورة فاروق في الأخبار.. هل يعقل؟

تقول: "كنت أفكر في أنني لن أصدق أنه مات إلا إذا رأيت جثته بأم عيني… ثم أرسلوا لي صورة له من نيوزيلندا، قالوا لي "هل تصدقين الآن؟". في 27 مارس/آذار تسلمت نيها جثة فاروق. دفنته في منزله في بنغلاديش بجانب والده، وبحسب ما قالته للمحكمة: "لا أستطيع أن أشرح ما شعرت به حينها… كنت حاملاً… لقد صدمت".

وفي 31 مارس/آذار وصلت نيها إلى نيوزيلندا لتجمع مقتنيات زوجها الثمينة من منزله في كرايستشيرش، مكان كان من المفترض أن يكون بيتهما في يوم من الأيام.

تمكنت نيها من البقاء في نيوزيلندا، وأنجبت طفلتها الصغيرة في 28 أغسطس/آب، لكنها لا تزال حائرة بشأن مستقبلها، إذ كانت تأمل في البقاء هنا وتربية نور.

هناك الكثير من الضغوط عليها لمواصلة تقديم الدعم المالي لأسرة فاروق في بنغلاديش، إذ كان فاروق هو مصدر دخلهم الوحيد. وفعلاً أرسلت لهم حتى الآن 40 ألف دولار، لكنها الآن محتارة لأنها بحاجة إلى التركيز على مستقبل طفلتها.

"أريد أن أكمل حلمه"

قالت: "بدأ عام 2019 وكلي أمل، لكن عندما قُتل فاروق انقلبت حياتي رأساً على عقب، كنت سعيدة جداً لأنني سألد طفلة من فاروق، كانت أحلامي كثيرة، لكنني الآن أفكر كيف سأعيش؟".

وتابعت: "تزعزعت حياتي تماماً… لكن يمكنني أن أحظى بحياة أفضل في نيوزيلندا، وأريد أن أعيش هنا لأنني وفاروق كنا نخطط لحياتنا هنا معاً… لم يعد هنا ولكني أريد أن أكمل حلمه".

عبرت نيها عن أنها قلقة بشأن ما ستقوله لنور عندما تكبر، تقول: "يتبادر إلى ذهني دائماً كيف سأجيب نور عندما تكبر، ستسألني حتماً: "أين والدي". لا أعرف كيف يمكنني الإجابة عن هذا السؤال. كنت قد بدأت حياتي للتو مع فاروق… الآن لدي طفلة فقدت والدها".

تحميل المزيد