جيل كورونا بكردستان العراق يترك المدارس.. تفاصيل صادمة لمأساة العمالة القسرية التي دُفعوا إليها

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/08/23 الساعة 14:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/03 الساعة 14:27 بتوقيت غرينتش
أطفال كردستان العراق يواجهون وضعاً مأساوياً /رويترز

يبيع يوسف، الصبي العراقي (10 أعوام) من محافظة صلاح الدين، الحقائب البلاستيكية في قلب السليمانية، إنه مثال حي لتأثير وتداعيات فيروس كورونا على أطفال بكردستان العراق.

فيوسف هو واحد من مئات، إن لم يكُونوا آلافاً، يعملون في مختلف أنحاء المنطقة الكردية ذاتية الحكم شمالي العراق، لمساعدة عائلاتهم، أو لمجرد النجاة، بالتزامن مع خلو خزائن الحكومة العراقية نتيجة انهيار أسعار النفط، والأزمة الاقتصادية، والجائحة التي أحدثت الفوضى حول العالم.

وقال الصبي لموقع Middle East Eye البريطاني: "لم يسبق لي الذهاب إلى المدرسة من قبل، وأنا أعمل هنا منذ عامين. إذ قُتِل والداي على يد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".

تداعيات فيروس كورونا على أطفال بكردستان العراق تشمل اللاجئين السوريين

وتُجبر العديد من العائلات الكردية، والأشخاص النازحون داخلياً، واللاجئون السوريون على إخراج أطفالهم من المدرسة، وإرسالهم للعمل في ظروفٍ خطرة من أجل سد الرمق.

بينما عانت حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان من اقتصادٍ مختنق وأزمةٍ اقتصادية، نتيجة تراجع سعر النفط العالمي، نظراً لاعتماد الحكومتين على مبيعات النفط في أكثر من 90% من إيراداتهما.

كما عانت حكومة إقليم كردستان من أجل التوصّل إلى اتفاقٍ مع بغداد حول حصة الإقليم من الموازنة الفيدرالية، وهو ما فاقم الأوضاع في الإقليم الكردي.

البنك الدولي يدق ناقوس الخطر بشأن وضع أطفال العراق 

أصدر البنك الدولي دراسةً، الشهر الماضي، دقّت ناقوس الخطر حول مدى تأثُّر أطفال العراق بالأزمة التي تضرب البلاد.

ونصّ التقرير الذي أجرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في العراق، بالتعاون مع البنك الدولي، ومركز Oxford Poverty and Human Development Initiative، ووزارة التخطيط العراقية على التالي: "ارتفع معدل الفقر بنسبة 11.7% ليصل معدل البطالة إلى 31.7%، مقارنةً بنسبة 20% في السنة المالية 2017-2018. ويُواجه الأطفال الأقل من 18 عاماً ارتفاعاً أكبر في معدل الفقر بنسبة 15.8%، ليصل المعدل إلى 37.9% بموجب التصور الأساسي".

سوء المعاملة من كبار السن

تحدّث موقع Middle East Eye البريطاني إلى العديد من الأطفال الأقل من 15 سنة، الذين يبيعون المشروبات والسجائر داخل السوق في قلب السليمانية، وجميعهم لا يرتدون الأقنعة رغم مخاطر الإصابة بفيروس كورونا أو نشره.

وقال أغلب الأطفال إنّهم تركوا المدرسة، أو ينوون تركها، من أجل مواصلة العمل.

إذ قال صبي يبلغ من العمر 10 أعوام ويبيع المياه المُعبّأة: "أرغب في جمع المال من أجل شراء دراجةٍ جديدة".

أطفال كردستان العراق وشمال شرق سوريا خرجوا لتوهم من تداعيات أزمة داعش/رويترز

بينما قال صبيٌّ كردي آخر (13 عاماً)، يبيع المسابح المصنوعة محلياً، إنّه لا يرغب في البقاء عالقاً داخل المنزل دون فعل شيء.

وصرّح المتحدّث باسم شرطة السليمانية ساركوت أحمد للموقع البريطاني، بأنّ رجال الشرطة باللباس المدني يُفتّشون السوق كثيراً.

وأردف: "يتّخذ رجالنا الإجراءات القانونية ضد أيّ شخص يُوظّف الأطفال أو يُجبرهم على العمل. وإذا كان الأطفال يعملون بسبب الفقر، أو كانوا يتامى، فإنّ وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التابعة لحكومة إقليم كردستان سوف تُخصّص لهم المعونة النقدية والمأوى".

القانون العراقي يجرّم تشغيل الأطفال

يُعَدُّ العراق من الدول المُوقّعة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، التي تحظر على الأطفال "تأدية أيّ عمل يُحتمل أن يكون خطيراً أو يتعارض مع تعليم الطفل".

وبحسب قوانين العراق وحكومة إقليم كردستان، فإنّ الأطفال تحت 15 عاماً يُحظر عملهم تماماً.

ورغم ذلك فقد حذّرت المنظمات غير الحكومية من أنّ الفقر ومعدلات البطالة المرتفعة ستعني أنّ العديدين لن يكون لديهم خيارٌ آخر بكل بساطة.

إذ قالت ليلى علي، أخصائية الاتصالات في اليونيسيف بالعراق: "حتى قبل أن يضرب كوفيد-19 البلاد، انخرطت نسبة 7.3% من الأطفال بين عمر الخامسة والـ17 في مختلف أشكال عمالة الأطفال داخل العراق، ومن بينها الأعمال الخطيرة والاستغلالية. ومع استمرار الوباء في حرمان العائلات من العمل، وبالتالي من القدرة على كسب سُبل عيشهم؛ فسوف يستمر خطر لجوء العائلات المستضعفة إلى آليات التأقلم الضارة -التي تشمل عمالة وزواج الأطفال- من أجل سدّ الرمق".

وحثّت ليلى السلطات العراقية على زيادة دعمها للأطفال والعائلات عن طريق تأمين الوصول العادل إلى الخدمات الأساسية والحماية.

لكن حكومة كردستان تعتبر دورها استشارياً

وعقدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التابعة لحكومة إقليم كردستان ورشةً في أربيل، يوم 19 أغسطس/آب، من أجل التعامل مع قضايا أطفال الشوارع، وخلالها تم اعتماد "مسودة خطة عمل".

وقال بشدار عبدالخالق، المدير العام لمديرية التربية والتعليم في أربيل، إنّ إدارته عجزت عن إجراء أيّ بحث حول الأطفال الذين تركوا المدارس أو تنظيم حملات توعية لحث الآباء على إعادة أطفالهم للمدارس نتيجة تفشّي جائحة فيروس كورونا. إذ أُغلِقَت كافة المدارس في إقليم كردستان منذ فبراير/شباط، بهدف مكافحة تفشّي المرض.

وقال عبدالخالق للموقع البريطاني خلال مقابلةٍ عبر الهاتف: "رغم أنّ التعليم الأساسي حتى الصف التاسع يُعتبر إلزامياً من قبل وزارة التعليم بحكومة إقليم كردستان، لكن الوزارة تُفضّل تأدية دورٍ استشاري. ويتعيّن على السلطات الأمنية المحلية تطبيق الإجراءات القانونية ضد العائلات التي لا تُرسِل أطفالها إلى المدارس، ولكن الأوضاع الاقتصادية السيئة في كردستان قوّضت جدية القوات الأمنية في تنفيذ الإجراءات القانونية".

بينما قالت ناسك إسماعيل، نائب المشرف في منظمة Kurdistan Save the Children الكردية غير الحكومية، التي تأسّست عام 1991، للموقع البريطاني، إنّهم يعملون على قضايا عمالة الأطفال وأطفال الشوارع منذ عام 2007، وشكّلوا هذا العام "لجنة حماية الطفل" بالتعاون مع الشرطة.

وقالت إنّ إجراءات الإغلاق الخاصة بكوفيد-19 لم تُمكّنهم من إجراء استطلاعٍ حول الأطفال الغائبين عن المدارس وأطفال الشوارع، مُضيفةً أنّهم كانوا "يبحثون في الأسواق المحلية، واتّخذوا إجراءات قانونية ضد الآباء الذين يُجبرون أطفالهم على العمل أو التسوّل".

في حين صرّح لطيف حسين، عالم الاجتماع الكردي، لموقع Middle East Eye قائلاً: "خلقت حقبة فيروس كورونا العديد من المشكلات الكبيرة التي تُؤثّر على العائلات والأطفال مثل الفقر، وعمالة الأطفال، ومعدلات البطالة العالية التي وصلت إلى 21% داخل العراق الآن. وعمالة الأطفال لها تداعيات بعيدة المدى على الجوانب الاجتماعية، والنفسية، والتعليمية، والصحية للأطفال. نظراً لأنّ الأطفال العاملين يتعاملون بشكلٍ مباشر مع أنواعٍ مُختلفة من البالغين".

تحميل المزيد