آلاف الفنادق تفتتح حول العالم رغم استمرار جائحة كورونا بضراوة، فلماذا يعرضون أنفسهم للخسارة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/08/18 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/18 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
عدد كبير من الفنادق تفتتح رغم استمرار جائحة كورونا/رويترز

يتمتع فندق White Water الجديد المطل على ساحل ولاية كاليفورنيا الرئيسي بالكثير من الأشياء الرائعة: موقع على شاطئ مرصع بأحجار القمر، وغرف كبيرة الحجم، وتصميمات داخلية مستوحاة من الطراز الاسكندنافي من تصميم مصممة لوس أنجلوس نينا فرودنبرغر.

وفندق White Water هو واحد من ضمن آلاف الفنادق التي افتتحت أو ستفتتح أثناء جائحة  كوفيد-19، حسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.

غير أنه وفقاً لشركة بيانات صناعة الضيافة STR، انخفضت معدلات استئجار الغرف إلى أقل من 30% في  أوروبا في مارس/آذار.

وتظهر أرقام شركة M3 التي تقدم خدمات محاسبية للفنادق في الولايات المتحدة أن أرقام إشغال الفنادق المحلية انخفضت بمقدار النصف، حتى بعد خفض الفنادق للأسعار. وكل هذا جزء من الركود الاقتصادي الذي توقع صندوق النقد الدولي في يونيو/حزيران أن يصل إلى 12.5 تريليون دولار من الخسائر العالمية، أي ما يقرب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

آلاف الفنادق تفتتح رغم كورونا، فلماذا؟

وهذه صورة قاتمة لأي شخص يبدأ نشاطاً تجارياً من أي نوع، ناهيك عن أنشطة مرتبطة بنفقات ثابتة مرتفعة ومبالغ كبيرة من الديون الأساسية. لكن هيلتون افتتحت 60 فندقاً جديداً حول العالم في الربع الثاني من هذا العام، في حين أطلقت ماريوت 163 فندق اً-منها أربعة فنادق ريتز كارلتون- منذ بداية العام.

وحتى أصحاب الفنادق الصغيرة المستقلة الذين يفتحون فندقاً لأول مرة لم تثنهم هذه الصورة القاتمة. إذ خاض أصحاب علامة التجميل التجارية Fresh أول مغامرة لهم في مجال الضيافة هذا الشهر بافتتاح فندق Maker Hotel المكون من 11 غرفة في وادي هدسون بنيويورك؛ وزادت مجموعة فنادق Nobu من استثماراتها في الأشهر الأخيرة بافتتاح فنادق جديدة في شيكاغو ولندن ووارسو، ومجموعة PRG Hospitality Group، التي تمتلك ثمانية فنادق صغيرة فخمة في كاليفورنيا، منها فندق White Water، على وشك افتتاح واحد آخر. 

ووفقاً لموقع صناعة الضيافة Tophotelnews، من المقرر افتتاح 775 فندقاً جديداً في الأمريكتين وحدهما بحلول نهاية عام 2020.

قد يبدو ذلك بعيداً عن المنطقية، في ظل توقف السفر شبه التام. لكن الخبراء يقولون إن له مبرراته.

لا يمكننا التوقف.. فندق يعمل بخسارة أفضل من المغلق

أما عن العديد من الفنادق الجديدة، كان قرار الافتتاح قيد التجهيز لسنوات، وتكلف ملايين الدولارات. وقرار قص الشريط يشبه المحطة الأخيرة في رحلة برية طويلة جداً وباهظة الثمن: أي خطوة يتحتم اتخاذها في حال أردت العودة إلى المنزل.

يقول شون هينيسي، مستشار الفنادق والأستاذ في مركز جوناثان إم تيش للضيافة بجامعة نيويورك: "قد يستغرق تطوير مشروع فندق عادي من سنتين إلى خمس سنوات لتطويره وفتحه". وبتضمين الأرض، يمكن أن تتراوح التكاليف بين عدة ملايين من الدولارات لبناء سلسلة فنادق اقتصادية إلى مليارات الدولارات لبناء فندق فخم. 

ولذا يعد تأخير التشغيل مكلفاً. ويضيف هينيسي: "وحتى لو لم ينجح في البداية، يمثل المشروع المكتمل قيمة أكبر بكثير من المشروع المكتمل بنسبة 80%. عليك أن تقفز في النار وتتمنى الأفضل".

وأما الفنادق الفاخرة، فإن الوصول إلى نقطة التعادل يعني أشياء كثيرة. فعندما تصل نسبة الإشغال إلى 50%، يصبح لدى الفندق عموماً تدفق نقدي كافٍ لدفع الرواتب، بافتراض استمرار استقرار المعدلات، بينما توفر نسبة 70% عائداً جيداً على الاستثمار. ووفقاً لشركة STR، كان معدل إشغال الفنادق في الولايات المتحدة أقل من 43% في يونيو/حزيران.

إجراءات خاصة تحتاجها الفنادق لمواجهة كورونا/رويترز

ورغم هذا الرقم، يمنح افتتاح الفنادق أصحابها فرصة لمحاولة تغطية النفقات الثابتة مثل الضرائب والتأمين وبعض رواتب الإدارة والأمن والصيانة وتكاليف الطاقة الأساسية، التي يجب دفعها في كل الأحوال، سواء كان الفندق مفتوحاً أم مغلقاً.

كما أنه يمنحهم فرصة للاستحواذ على النشاط المحلي. وهذا هو المنطق الذي يدفع شركة Rocco Forte Hotels، التي ستعيد بحلول سبتمبر/أيلول فتح سلسلة فنادقها الكاملة المكونة من 13 فندقاً من فئة الخمس نجوم حول العالم فيما تمضي قدماً في افتتاح ثلاثة فنادق أخرى جديدة.

يقول روكو فورتي، رئيس مجلس إدارة الشركة: "شركتي سيكون لديها تدفقات خارجة بقيمة 55 مليون دولار، فيما تبلغ تدفقاتها الداخلية في العادة 35 مليون دولار". ويضيف أن تشغيل المطاعم في الهواء الطلق أثناء الطقس اللطيف -مثل مطعم الحديقة في فندق Hotel de Russie في روما- يعوض إلى حد ما خسائر إشغال الغرف، ويمكن تنفيذه بأعداد محدودة من الموظفين. يقول: "الأمر يتعلق بالنجاة بالنسبة لكثير ممن يعملون في الصناعة".

الموقع الجغرافي مهم

ويؤدي الموقع والعرض والطلب وعبء الديون والروح المعنوية والمرونة ومجموعة من العوامل الأخرى دوراً أيضاً في تحديد موعد وإمكانية فتح الفنادق من عدمها.

فالفنادق في قلب المدن تعاني مقارنة بتلك الموجودة في الأماكن الطبيعية المفتوحة

فشركة PRG لديها نسبة إشغال 80% في فندق Cambria Beach Lodge الصديق لراكبي الأمواج، بينما فندق Prospect الذي تديره لا يزال مغلقاً في هوليوود. 

والجمهور المستهدف من العوامل الفارقة أيضاً. إذ يشرف فيل كورديل على فنادق Canopy الفخمة والمريحة التابعة لشركة هيلتون. وقد تم افتتاح تسعة منها حتى الآن هذا العام -وهو ما أدى إلى زيادة حجم استثماراتها بنسبة 75%- في أماكن مثل فيلادلفيا وواشنطن. 

ورغم وجودها في المدن، يرى كورديل أن فنادق Canopies يمكن أن تجتذب المسافرين ممن كان نشاطهم التجاري واعداً نسبياً: المسافرون على الطرق، والمسافرون من رجال الأعمال، ومن يفضلون قضاء عطلاتهم داخل الوطن.

افتتاح غرفة بغرفة

لا يجب أن يكون قرار فتح فندق عبارة عن اقتراح إما كل شيء أو لا شيء. 

فندق Maker Hotel في بلدة هيودسون الشهيرة بولاية نيويورك.

استغرق فريق عمل الفندق 3 سنوات ونصف لتحديث وترميم وربط ثلاثة مبانٍ تاريخية في مبنى واحد. 

قاموا بافتتاح الفندق على مراحل: أولاً ردهة، ثم مطعم في حديقة شتوية زجاجية، وأخيراً مقهى بطابع المقهى الأوروبي. 

كان من المقرر إطلاق الفندق الأنيق المزاجي لأول مرة في أبريل/نيسان وبدلاً من ذلك تم إطلاقه في أوائل أغسطس/آب، مع توفر الحجوزات فقط من الخميس إلى الإثنين، مما يخلق مساحة للتنظيف الشامل بين الضيوف. مع بيع عدد قليل من عطلات نهاية الأسبوع بالفعل، يقول جلازمان إنه يأمل في تحقيق التعادل في غضون بضعة أشهر فقط.

يوضح هينيسي من جامعة نيويورك: "على عكس مبنى المكاتب، حيث يأتي المستأجرون أثناء علمية البناء والإعداد، فإن الفنادق عادة يتم بناؤها وفقاً للمواصفات.. ليس لديك أي قاعدة عملاء نهائية حتى تفتح الأبواب".

ويضيف أن الافتتاح الآن يسمح للمشغلين بالتعامل مع مكامن الخلل والاستعداد للتعافي. لكنهم لا يستطيعون العمل بخسارة لفترة طويلة. 

ويقول "العديد من شركات الفنادق لديها نقود كافية لدفع التكاليف العامة لمدة 12 إلى 24 شهراً.. من المحتمل أن يكون لدى المالكين الأفراد موارد أقل".

تحميل المزيد