موقع أمريكي: 3 أفعال صادمة ارتكبتها إدارة ترامب لمواصلة مبيعات الأسلحة للسعودية رغم أنف الكونغرس

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/08/16 الساعة 17:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/16 الساعة 19:10 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان/رويترز

في مايو/أيار الماضي، أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بناءً على طلب من وزير خارجيته مايك بومبيو، المفتش العام المخضرم  لوزارة الخارجية الأمريكية والمحامي الحكومي الخبير ستيف لينيك، في واقعة صادمة أظهرت تبجح ممارسات إدارة ترامب لمواصلة بيع الأسلحة للسعودية رغم أنف الكونغرس.

وكانت إحدى القضايا التي كان مكتب لينيك يحقق فيها في ذلك الوقت هي الاستغلال غير السليم لموظفي الإدارة لتنفيذ مهام شخصية لصالح بومبيو. 

ومن القضايا الأخرى التي كان يحقق فيها تتعلق بما إذا كان بومبيو قد تصرف بشكل غير سليم بتحايله على قيود الكونغرس المفروضة على مبيعات الأسلحة إلى السعودية من خلال الموافقة على مثل أن هذه المبيعات قائمة على أساس بند "الطوارئ"، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.

وكان القائم بأعمال المفتش العام الذي عُين بعد إقالة لينيك، ستيفن أكارد، حليفاً لمايك بنس، واستمر أيضاً، بشكل غريب، في شغل منصب إداري آخر في وزارة الخارجية. وترك أكارد وظيفة المفتش العام قبل أسبوع بعد استمراره فيها لمدة ثلاثة أشهر فقط. ومن الواضح أن بومبيو لا يعتزم الاحتفاظ بأي شخص في ذلك المنصب لفترة طويلة.

تقرير عن بيع الأسلحة السعودية للصحافة

وأصدر مكتب المفتش العام أخيراً هذا الأسبوع، تحت رعاية نائب المفتش العام، تقريراً عن بيع الأسلحة إلى السعودية. 

لكن أولاً، أُهديت الصحافة جلسة أعادت إلى الذهن على الفور الجلسة المضللة التي عقدها المدعي العام وليام بار عن تقرير روبرت مولر بخصوص التدخل الروسي في الانتخابات. 

ولم يقدم "المسؤول رفيع المستوى من وزارة الخارجية" في هذه الجلسة أي تلميح عن أي شيء مهم في التقرير. لكنه صرح أن التقرير خلص إلى "عدم وجود مخالفات في ممارسة الإدارة لسلطات الطوارئ التي يوفرها قانون مراقبة تصدير الأسلحة". وأعرب الصحفيون مراراً عن إحباطهم إزاء صعوبة صياغة أسئلة عن تقرير لم يطلعوا عليه بعد.

الشخص الذي يقدم التوضيحات عن التقرير هو نفسه، المسؤول الذي يجرى التحقيق معه

وكشف النائب إليوت إنجل، وهو نائب ديمقراطي من نيويورك، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، لاحقاً أن "المسؤول المجهول رفيع المستوى في وزارة الخارجية" كان كلارك كوبر، مساعد وزير للشؤون السياسية والعسكرية. وبالتالي فإن الشخص الذي يقدم توضيحاً استباقياً عن تقرير المفتش العام هو رئيس المكتب الذي خضعت عملياته للتحقيق.

وأظهرت نسخة منقحة من التقرير أصدرتها الوزارة لاحقاً، فضلاً عن نسخة غير منقحة قدمت إلى الكونغرس ونشرتها مجلة Politico، أن التقرير لم يكن شهادة حسن سلوك كما صورها كوبر في جلسة حديثه عن التقرير. 

فقد خلص هذا التقرير إلى أن "الإدارة لم تقيم المخاطر بشكل كامل ولم تنفذ إجراءات التخفيف للحد من الخسائر في صفوف المدنيين والمخاوف القانونية" المرتبطة بنقل الذخائر دقيقة التوجيه إلى السعوديين ودول الخليج العربية الأخرى.

100 ألف قتيل بينهم 17 ألفاً بسبب الهجمات السعودية بشكل مباشر

وكانت ساحة الصراع المعنية هي اليمن، التي شهدت هجوماً جوياً بقيادة السعودية منذ سنوات كان العامل الرئيسي في تحويل تلك الحرب إلى كارثة إنسانية. 

وتشمل التقديرات الخارجية لعدد القتلى في الحرب 100 ألف قتيل و4 ملايين نازح خلال السنوات الخمس الماضية من القتال. ويستشهد تقرير المفتش العام نفسه بتقديرات الأمم المتحدة أنه بين مارس/آذار عام  2015 ونوفمبر/تشرين الثاني عام 2018، سقط 17,640 ضحية مدنية مرتبطة بالقتال، و10,852 ضحية بسبب الهجمات الجوية التي تقودها السعودية.

كانت الحرب الجوية في اليمن إلى حد بعيد أكبر مسعى عسكري سعودي في السنوات القليلة الماضية، وهي تعتمد بشكل كبير على الذخائر الأمريكية والدعم المرتبط بها. إذ يستخدم السعوديون طائرات مقاتلة من طراز F-15 وغيرها من المعدات الأمريكية الصنع لإلقاء هذه الذخائر، وكانت قوتها الجوية لتتوقف مع توقف الدعم اللوجستي الأمريكي.

حرب مستمرة لسنوات.. طوارئ تخالف المفهوم البديهي للطوارئ

أما بالنسبة لبند "الطوارئ" المستخدم لمواصلة تدفق الأسلحة رغم معارضة الكونغرس، فلم يتناول تقرير المفتش العمومي هذا الموضوع إلا من خلال زاوية محدودة، مشيراً فقط إلى أن الوزير اتخذ الإجراء المطلوب واستشهد بالأحكام المتصلة بهذا الإجراء للخروج بإعلانه. وامتنع المفتش العام صراحة عن تقييم ما إذا كانت هناك حالة طوارئ حقيقية أم لا.

بيد أنه لا توجد مثل هذه الطوارئ. إذ إن شرط الطوارئ يتوفر إذا كان الوقت محدوداً وكان الحليف بحاجة إلى دعم فوري، على سبيل المثال، إذا غزت كوريا الشمالية كوريا الجنوبية مرة أخرى. أو لنأخذ مثالاً من الخليج، عندما احتل عراق صدام حسين الكويت عام 1990 وهدد بمواصلة تقدمه إلى السعودية، فربما كانت المساعدة العسكرية للسعوديين تعتبر حالة طوارئ شرعية.

حرب اليمن أدت إلى خسائر بشرية كبيرة/رويترز

ولكن لا يوجد اليوم ما يشبه هذا الوضع من بعيد. وتستمر الإدارة الأمريكية، بطبيعة الحال، في التعلل بإيران على أنها التهديد الأول كلما احتاج الأمر إلى التعلل بتهديد. لكن إيران اليوم ليست على وشك مهاجمة أو غزو أي دولة، ولم تكن كذلك لبعض الوقت. وكان أكثر الإجراءات التي اتخذتها إيران عدائية فيما يتعلق بالمصالح السعودية منذ ما يقرب من عام، وحتى في ذلك الوقت كان رداً على حملة "الضغط الأقصى" التي مارستها إدارة ترامب ومساعي تدمير تجارة النفط الإيرانية.

والجدول الزمني المذكور في تقرير المفتش العام  يكذّب فكرة أن نقل الأسلحة المعني كان مسألة طارئة. إذ اُقترح اللجوء للاستثناء الطارئ لأول مرة داخل الوزارة في 3 أبريل/نيسان. وصيغت شهادة الطوارئ في 23 أبريل/نيسان. وأُرسلت الشهادة إلى الكونغرس في 24 مايو/أيار. وقد اندلعت حروب كاملة خلال هذا الوقت الطويل.

ممارسات إدارة ترامب لمواصلة بيع الأسلحة للسعودية تتضمن 3 أنماط صادمة

إن سلوك الإدارة الأمريكية في هذا الموضوع يشير إلى ثلاثة أنماط. أولاً، تؤدي مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الشرق الأوسط، وتحديداً منطقة الخليج، إلى تفاقم انعدام الأمن وعدم الاستقرار، وليس إلى الحد منه، كما تُظهر مأساة حرب اليمن. وثانياً، تسيء الإدارة استغلال القوانين مثل الاستثناءات الطارئة للتحايل على إرادة الكونغرس، وليس للتعامل مع حالات الطوارئ الحقيقية. ثالثاً، ترفض الإدارة المساءلة عن أفعالها وتقوض آليات ذلك، مثل المفتش العام وزارة الخارجية، المعني بهذه المساءلة.

تحميل المزيد