قدَّمت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع قرار مختصراً لمجلس الأمن، يهدف إلى تمديد حظر توريد السلاح إلى إيران، في محاولة أخيرة لإقناع غالبية الأعضاء بالموافقة على تمرير المشروع الأمريكي، وسط دعم سعودي، فهل تنجح واشنطن أم أن الفيتو الروسي-الصيني ستكون له الكلمة الأخيرة؟
ما قصة المحاولات الأمريكية؟
والحديث هنا عن قرار مجلس الأمن الدولي بفرض حظر الأسلحة على إيران منذ عام 2007، وبموجب الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين عام 2015، من المفترض أن ينتهي حظر الأسلحة على طهران، يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وعلى الرغم من انسحاب الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب بشكل أحادي من الاتفاق النووي العام قبل الماضي 2018، تسعى واشنطن الآن إلى استخدام بنود نفس الاتفاق بغرض تمديد حظر الأسلحة إلى إيران من جانب مجلس الأمن الدولي، وقدمت من قبل مشروع قرار مكوناً من عشر صفحات، شمل تفاصيل بعقوبات إضافية تشمل كيانات وأفراداً.
لكن المقترح الأمريكي أثار حفيظة أعضاء مجلس الأمن الدولي، بما فيهم حلفاء واشنطن الأوروبيون أنفسهم، ما جعل الخارجية الأمريكية تسحب مشروعها الأول، وتتقدم بمشروع قرار مختصر ومكون فقط من 4 فقرات، تدعو لتمديد حظر الأسلحة الساري حالياً كما هو.
ومن المتوقع إجراء التصويت في مجلس الأمن الدولي، ربما غداً الجمعة 14 أغسطس/آب، وإن كان تمرير المقترح الأمريكي لتمديد حظر الأسلحة على إيران مازال يواجه رفضاً روسياً وصينياً أيضاً، ويرى بعض الدبلوماسيين أن مصير المحاولة الأمريكية المنتظر هو الفشل.
لماذا تريد الولايات المتحدة تمديد حظر الأسلحة؟
تتخذ إدارة ترامب موقفاً متشدداً بشكل خاص تجاه إيران، وتتهم الجمهورية الإسلامية بأنها ترعى الإرهاب، وتتدخل في الصراعات بجميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن وسوريا وما هو أبعد من ذلك.
قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في يونيو/حزيران، إنه إذا تم رفع الحظر فإن "إيران ستكون حرة في أن تتحول إلى تاجر سلاح مارق، وتضخ الأسلحة لتأجيج الصراعات من فنزويلا إلى سوريا إلى المناطق النائية في أفغانستان".
لماذا تعارض روسيا والصين تمديد حظر الأسلحة؟
تقول روسيا والصين، حليفتا إيران، إن واشنطن لا تستند إلى أساس قانوني لدفع مجلس الأمن لتمديد الحظر. وتقولان أيضاً إنه يتعيّن تنفيذ قرار مجلس الأمن الذي صدر عام 2015، ويتضمن الاتفاق النووي، وكذلك حظر الأسلحة وانتهاء أجله.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في مايو/أيار "على الولايات المتحدة إدراك أنه لا توجد أسس قانونية أو غيرها لسياستها في استخدام قرارات مجلس الأمن لتحقيق مصالحها الأنانية"، بينما تقول واشنطن إن روسيا والصين تريدان بيع أسلحة لإيران عند انقضاء الحظر.
ما الذي يعنيه هذا للاتفاق النووي لعام 2015؟
على الرغم من انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق، تُهدّد واشنطن باستخدام بند فيه يسمح بالعودة إلى جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران إذا لم يمدد مجلس الأمن حظر السلاح.
وفي حين يتوقع الدبلوماسيون أن تتسم عملية إعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن الدولي بالفوضوية، في ضوء معارضة الأطراف الباقية في الاتفاق لمثل هذه الخطوة، فقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى وأد الاتفاق النووي، لأن إيران ستفقد حافزاً كبيراً للحدّ من أنشطتها النووية.
ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فرضت واشنطن عقوبات قوية من جانب واحد، ورداً على ذلك خرقت إيران أجزاء من الاتفاق، ووصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأسابيع والأشهر القلائل المقبلة بأنها "حرجة".
وقال "لدي ثقة في أن… أعضاء مجلس الأمن سيدحرون المسعى الانتخابي لإدارة أمريكية محاصرة لتحويل الإنجاز الدبلوماسي للقرن الحادي والعشرين إلى تدريب في العبث"، في إشارة إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني.
ما العقوبات التي ستعود؟
ومن شأن عودة عقوبات الأمم المتحدة أن تُلزم إيران بتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير، وحظر استيراد أي شيء يمكن أن يُسهم في تلك الأنشطة، أو في تطوير أنظمة إطلاق الأسلحة النووية.
وستشمل كذلك معاودة فرض حظر الأسلحة على إيران ومنعها من تطوير صواريخ باليستية قادرة على إطلاق أسلحة نووية، واستئناف فرض عقوبات محددة على عشرات الأفراد والكيانات، كما سيتم حثّ الدول على فحص الشحنات من إيران وإليها، والسماح لها بمصادرة أي شحنة محظورة.
ما موقف السعودية وإسرائيل؟
تعتبر السعودية وإسرائيل الداعمين الأكبر للمساعي الأمريكية، لتمرير تمديد حظر الأسلحة من خلال مجلس الأمن الدولي، في ضوء موقفهما المعارض من الأساس للاتفاق النووي مع إيران، كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي عهد السعودية محمد بن سلمان ومعهما ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد (تشير إليهم إيران بتحالف الباء) كانوا من أبرز المؤثرين في قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، بحسب التصريحات الرسمية والمواقف المعلنة.
والثلاثاء 11 أغسطس/ آب، أعاد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو التأكيد على أن مجلس الأمن الدولي لا بد أن يمدد حظر الأسلحة على إيران إلى أجل غير مسمى، واستشهد بومبيو في اجتماع افتراضي للمجلس بما تريده دول المنطقة قائلاً: "لا تأخذوا هذا من الولايات المتحدة، استمعوا إلى الدول في المنطقة. من إسرائيل إلى الخليج، دول الشرق الأوسط -الأكثر تعرضاً لهجمات إيرانية- تتحدث بصوت واحد (وهو): مدّدوا حظر السلاح".
ما فرص نجاح واشنطن في مسعاها؟
لكن روسيا واصلت التمسك بموقفها الرافض لتمديد حظر الأسلحة، واصفة سياسة واشنطن في هذه المسألة بأنها أشبه بوضع "ركبتها" على رقبتة إيران، وهو ما يشير إلى أن فرص تمرير مشروع القرار الأمريكي لا تبدو جيدة.
والجمعة الماضية، غرَّد ريتشارد غوان مدير مجموعة الأزمات الدولية الخاصة بمنع الصراعات المسلحة والتابعة للأمم المتحدة على حسابه على تويتر، قائلاً: "لا تدعوا النسخة الأمريكية من مشروع القرار تخدعكم، فالنقطة الأساسية هنا التصريح بتمديد حظر الأسلحة على إيران لأجل غير مسمى، ولن تقبل الصين وروسيا بذلك. لذلك ففرصة الفشل للمشروع الأمريكي هي الأقرب، الجمعة 14 أغسطس/آب (موعد مقترح للتصويت)"، بحسب رويترز.