أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن كلاً من إسرائيل ودولة الإمارات العربية توصلتا إلى "اتفاق سلام تاريخي"، الخميس 13 أغسطس/آب 2020، سيؤدي إلى تطبيع كامل للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في اتفاق لعبت واشنطن دور الوساطة فيه. فماذا سيترتب على هذا الاتفاق لكلا الطرفين؟ وماذا عن خطة ضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية؟
الثمن المقابل.. تأجيل الضم وليس إلغاءه
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد بعيد الإعلان عن الاتفاقية، أنه لن يتم إيقاف العمل بخطة ضم الضفة، وإنما تم تعليقها بناء على طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهذا ما أكده مسؤولون بارزون بالبيت الأبيض لـ"رويترز" أن إسرائيل وافقت على "تعليق" بسط سيادتها على مناطق من الضفة الغربية كانت تدرس ضمها، وأن هذا كان شرط أبوظبي لتوقيع الاتفاق. في حين ذهبت وسائل إعلام مقربة من الإمارات للقول إن مقابل الاتفاق هو "إلغاء" خطة الضم.
وتقول صحيفة معاريف العبرية نقلاً عن مصادر دبلوماسية، إن "تل أبيب لا تزال ملتزمة تماماً بخطة السيادة الإسرائيلية على مناطق بالضفة". وأكد مصدر سياسي رفيع للصحيفة، أن الضم ما زال على جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية"، مضيفاً: "إدارة ترامب طلبت منا تأجيل إعلان السيادة على أجزاء من الضفة الغربية، مؤقتاً؛ من أجل تحقيق بداية جيدة لاتفاق السلام التاريخي مع الإمارات".
وقال مسؤول كبير في حزب الليكود للصحيفة: "لطالما قال اليسار الإسرائيلي والعالمي، إنه من المستحيل إحلال السلام مع الدول العربية من دون سلام مع الفلسطينيين، ولا سبيل آخر لذلك سوى العودة لحدود 1967 وإخلاء المستوطنات وتقسيم القدس وإقامة دولة فلسطينية، لكن ذلك لم يحدث اليوم"، مضيفاً: "هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يكسر فيها رئيس الوزراء نتنياهو نموذج (الأرض مقابل السلام) وجلب (السلام مقابل السلام)".
ماذا سيترتب على هذا الاتفاق؟
بحسب بيان صدر عن البيت الأبيض بُعيد إعلان ترامب عن هذا "الاتفاق التاريخي"، فإن "ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ومحمد بن زيد اتفقوا اليوم، في مكالمة هاتفية، عن التطبيع الكامل للعلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة".
وأضاف البيان أن "وفوداً من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ستجتمع في الأسابيع المقبلة؛ لتوقيع سلسلة من الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والصحة والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات مشتركة، بالإضافة لإنشاء قنوات اتصال مباشرة بين البلدين؛ لتحقيق النمو الاقتصادي والتكنولوجي".
تل أبيب وأبوظبي مهَّدتا طويلاً لهذا اليوم
بحسب مسؤولين في البيت الأبيض، فإن الإعلان الرسمي عن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي جاء بعد عدد من اللقاءات العلنية بين مسؤولين من أبوظبي وتل أبيب، وعقد "اتفاقيات لتعزيز التعاون بين البلدين في عدد من المجالات".
وفي 16 يونيو/حزيران 2020، كان أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، قد أعلن عن استعداد الإمارات للعمل مع إسرائيل في بعض المجالات، وضمن ذلك مكافحة فيروس كورونا المستجد، ومجال التكنولوجيا.
وقال قراقش حينها في كلمة أمام مؤتمر اللجنة الأمريكية اليهودية بواشنطن، إن "التواصل مع إسرائيل مهم، وسيؤدي إلى نتائج أفضل من مسارات أخرى اتُّبعت في الماضي"، معتبراً أنه "يجب فتح قنوات اتصال مع إسرائيل، والاختلاف السياسي مسموح به، ففتح قنوات اتصال مع إسرائيل قد يؤدي إلى حل القضايا العالقة، وما كان ممكناً عام 1948 أصبح صعباً عام 1967، والأمور تزداد صعوبة".
ووصف مسؤولون أمريكيون الاتفاقية، التي باتت تُعرف باسم "اتفاقية إبراهام"، بأنها الأولى من نوعها منذ توقيع إسرائيل والأردن على "معاهدة السلام" في عام 1994. كما أنها تمنح ترامب نجاحاً في السياسة الخارجية، حيث يسعى لإعادة انتخابه في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
الإمارات مجرد بداية
من جهته، أكد مسؤول أمريكي لـ"رويترز"، أن "إسرائيل ستركز في المستقبل المنظور، على بناء هذه العلاقة، والسعي وراء جميع المزايا التي يمكن أن تأتي من وجود هذه العلاقة الجديدة مع هذا البلد؛ لكسر الجليد أمام القيام بمزيد من التطبيع واتفاقات السلام مع اللاعبين الإقليميين الآخرين أيضاً بالمنطقة"، في إشارة- على ما يبدو- إلى الدول الخليجية الأخرى التي تصاعدت مؤخراً العلاقات التطبيعية بينها وبين إسرائيل، بالإضافة إلى السودان الذي التقى رئيس مجلس السيادة فيه عبدالفتاح البرهان، مع نتنياهو في فبراير/شباط الماضي.
وعلَّق ترامب على إنجاز هذه الاتفاقية، في تغريدة على تويتر بالقول: "إن هذا الإنجاز الدبلوماسي التاريخي سيعزز السلام في منطقة الشرق الأوسط، وهو دليل على الدبلوماسية الجريئة والرؤية للقادة الثلاثة، وشجاعة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، لرسم مسار جديد من شأنه أن يطلق العنان للإمكانات العظيمة في الشرق الأوسط".
وبحسب بيان البيت الأبيض فإن "الولايات المتحدة تأمل أن تكون هذه (الخطوة الشجاعة) هي الأولى في سلسلة من الاتفاقيات مع دول أخرى، والتي ستنهي 72 عاماً من (الأعمال العدائية) في المنطقة. على الرغم من أن معاهدات السلام بين إسرائيل ومصر والأردن لم تحقق كامل إمكاناتها بعد، فمنذ اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 واتفاقية وادي عربة عام 1994 ، شهدنا تطوراً اقتصادياً مُهماً في مصر والأردن، وهو عائد لا لبس فيه للسلام".