كشفت التحقيقات الأولية للحكومة العراقية عن الجهات المتورطة في اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، بعد اعتقال عشرة أشخاص بعضهم إيرانيو الجنسية، إلا أن التحقيقات أشارت إلى تورط إحدى شركات الهاتف النقال بالعراق بقضية الاغتيال.
وكان الجيش الأمريكي قد استهدف، في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020، سيارة تقل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، وشن عليها غارة جوية بطائرات مسيرة استهدفتهما على طريق مطار بغداد الدولي.
ويقول قيادي بالحشد الشعبي لـ"عربي بوست": "إن المخابرات الأمريكية استعانت بجواسيس يعملون في مطار بغداد الدولي، لتنفيذ غارتها على سيارة سليماني والمهندس، ولم يكتشف أمر هؤلاء الجواسيس وقتها".
وأضاف القيادي، الذي رفض الكشف عن هويته، أنه بعد أيام من حادثة الاغتيال قامت قوات الأمن العراقية باعتقال عدد من الأشخاص والمسؤولين والموظفين بالمطار، بالإضافة إلى الأشخاص الذين شهدوا هبوط الطائرة التي كان على متنها سليماني، وأخضعتهم للتحقيق.
وأكد أنه بعد التحقيقات، اعتقلت قوات الأمن العراقية عدداً من الموظفين المشتبه بهم ثم بعد ذلك أطلقت سراح بعضهم، ولم تُبقِ منهم سوى خمسة أشخاص، بينهم موظفون مدنيون بالمطار وضابط أمن وموظف آخر برئاسة الوزراء العراقية، وجهت لهم جميعاً تهمة التجسس لصالح عملية الاغتيال.
تعاون استخباراتي
وكشف القيادي عن وجود تعاون استخباراتي بين حكومات بغداد وطهران ودمشق، على ضوئه قامت قوات الأمن السورية باعتقال اثنين من الموظفين بمطار دمشق سوريي الجنسية، كما قامت قوات الأمن الإيرانية باعتقال ثلاثة أشخاص إيرانيي الجنسية، تربطهم جميعاً صلة بالمتهمين العراقيين وأن أحدهم كان على اتصال مع أحد الإيرانيين المقيمين في محافظة خراسان الإيرانية.
كما أكد القيادي بالحشد أن التحقيقات كشفت تواصلاً بين المتهمين وبين أشخاص يعملون بمبنى السفارة الأمريكية ببغداد، فضلاً عن تواصلهم مع مسؤول أمريكي يعمل بقاعدة فيكتوريا الأمريكية في مطار بغداد الدولي.
من جهة أخرى، كشف مسؤول بالحكومة العراقية عن بعض نتائج التحقيقات الأولية التي تشير إلى تورط شركة اتصالات بعملية اغتيال المهندس وسليماني.
وقال المسؤول لـ"عربي بوست": "لجان التحقيق حصلت على معلومات وأدلة من المسؤولين تشير إلى تورط واحدة من شركات خدمة اتصالات الهاتف النقال، والشبهة تحوم حول إحدى الشركتين "زين العراق وآسيا سيل" بتسهيل عملية اغتيال أبومهدي المهندس وقاسم سليماني".
وأكد أن "المعلومات التي حصلت عليها لجان التحقيق تشير إلى أن قيادة بالجيش الأمريكي في قاعدة فيكتوريا حصل على قاعدة بيانات خط الهاتف النقال لأحد مرافقي أبومهدي المهندس الذي اغتيل خلال الضربة الجوية التي نفذتها القوات الأمريكية في مطلع العام الجاري".
ويضيف المسؤول: "الاتهامات حالياً موجهة إلى شركة الاتصالات، إلا أن التحقيقات لم تنته بعد، وفي حال انتهاء التحقيقات من قبل مجلس القضاء الأعلى، فإنه سيتم إصدار مذكرات لإلقاء القبض على المسؤولين في الشركة بتهمة الخيانة والتعاون مع جهات أجنبية وتسهيل اغتيال قائد عسكري عراقي ومرافقين".
ويقول القيادي بالحشد محمود الربيعي لـ"عربي بوست": "إن مجلس القضاء الأعلى أولى اهتماماً كبيراً بقضية الاغتيال كونها مرتبطة بالسيادة العراقية واغتيال مسؤول عراقي وهو نائب رئيس الحشد الشعبي باعتباره جهازاً عسكرياً يرتبط ارتباطاً مباشراً بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية".
وأضاف أن "اللجان المحققة دائماً تحتفظ بسرية المعلومات لحين اكتمال التحقيق وصدور الأحكام"، مشيراً إلى أنه بعدما ينتهي مجلس القضاء الأعلى من التحقيقات سوف ترفع الحكومة التحقيق والتقرير القضائي إلى مجلس الأمن الدولي والمحاكم الدولية.
وتابع الربيعي: "نحن نعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على بعض المنظمات والمحاكم الدولية، إلا أن هذا لا يمنع العراق من رفع قضية الاغتيال والتقرير القضائي بهذا الاتجاه لتثبيت الحقوق العراقية بالمحافل الدولية.