نواب الأردن يقاتلون للحفاظ على مقاعدهم رغم “ضآلة” إنجازاتهم.. فهل يعيد الشعب انتخابهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/08/12 الساعة 09:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/12 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
مجلس النواب الأردني، أرشيفية/ بترا

أثار القرار الملكي الأردني، بالدعوة إلى إجراء انتخابات مجلس النواب، رغبة "جامحة" لأعضائه في الحفاظ على مقاعدهم، رغم كثرة الانتقادات الشعبية لهم؛ لإخفاقهم في أبرز القضايا خلال مدة عملهم، طيلة الأعوام الأربعة الماضية.

وفي يوليو/تموز الماضي، حدَّدت هيئة الانتخابات المستقلة في الأردن، يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، موعداً لانتخاب مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) الـ19، بموجب مرسوم ملكي.

مركز "راصد" المعني بمتابعة أداء النواب (مستقل تأسَّس عام 2006)، أعلن السبت الماضي، نية 97 نائباً (من أصل 130)، الترشح للانتخابات المزمعة، وفق دراسة أجراها عبر اتصالات هاتفية مع النواب.

وأوضحت الدراسة التي ركّزت على معرفة إنجازات المستطلعة آراؤهم، أن 19 نائباً لن يترشحوا مرة أخرى، فيما 12 آخرون لم يحسموا أمرهم بعد.

مجلس دون إنجازات

مراقبون أردنيون رأوا أن المجلس الحالي "لم يسجل أية إنجازات"، خاصة على مستوى أبرز القضايا المحلية والإقليمية التي مرت على المملكة، خلال فترة عملهم.

وتمثلت تلك القضايا في جدلية اتفاقية الغاز الموقّعة مع إسرائيل، وقانون ضريبة الدخل، وما ترتب عليه من احتجاجات عارمة، فضلاً عن ملف القضية الفلسطينية، وغيره من الملفات الأخرى.

وشدَّد المراقبون على أنّ نيتهم الترشح مجدداً، في ظل عدم القيام بدورهم الحقيقي، تُفسر نيّاتهم بتحقيق مصالح شخصية، دون الالتفات لأي مصلحة وطنية، على حد قولهم.

القرار للناخب

الخبير في الشؤون البرلمانية، هايل ودعان الدعجة، قال إن ترشحهم "حق لهم"، لكن "الناخب هو من يُقرر بقاءهم تحت قبة البرلمان من عدمه، فالكرة في ملعبه". وأضاف الدعجة للأناضول، أن نظرة الناخب لأداء النائب هي الأساس، "إذا كانت سلبية، فعليه أن يحاسبه ويعاقبه بعدم التصويت له، واختيار بديل عنه".

واعتبر الدعجة، وهو برلماني سابق، الانتخابات بمثابة محطة لمحاسبة النائب إن لم يقدم أداءً مقبولاً، مشيراً إلى أنها فرصة لإعادة حساباته.

ودعا من سمّاه الناخب المثقف إلى التوجه للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، واختيار مَن يمثله بنفسه، متسائلاً: "ماذا لو تركت العملية لأصحاب المال السياسي والمصالح الشخصية؟".

وفي تقييمه للمجلس الحالي، أشار الدعجة إلى "الأداء كان دون المستوى المطلوب، وقد يتكرر في المجلس القادم؛ لأننا نفتقد للعمل البرلماني الحزبي البرامجي المؤسسي، الذي تطغى عليه الاعتبارات الشخصية"، على حد قوله.

واعتبر أن قوة النظام السياسي في المملكة مستمدة من المجلس، إذ إنه "يُبقي الحكومة تحت ضغط أدواته الرقابية، ويفرض عليها تقديم الأفضل، لتلافي الدخول في مواجهة (دستورية) معه، أو تعرض نفسها لمساءلته ومحاسبته".

أداء ضعيف

مدير المركز المسؤول عن الدراسة، عامر بني عامر، قال للأناضول: "لا أجد فرقاً كبيراً للمجلس الحالي مقارنة مع سابقيه، ولا أرى أي تطور نوعي في أداء نوابه". وأضاف: "رصدنا أداء المجالس الثلاثة الأخيرة، أداؤها متشابه، لكن البرلمان الأخير (الحالي) الأقل إنجازاً إلى حد ما، بالنسبة للأرقام التشريعية والرقابية".

واستدرك عامر: "لكنه مرّ بمحطات صعبة وغاية في التعقيد، ما أثر على دوره وشعبيته"، مثنياً في الوقت ذاته على دوره في القضايا الخارجية، خاصة في رفض ما يسمى "صفقة القرن".

أما عن دوره الرقابي، فوصَفَه بـ"الضعيف"، مستنداً إلى غياب المجلس عن أي دور يُذكر في أزمة وباء "كورونا" المستجد. وقال بني عامر: "اختفى (المجلس) في وقت كان يجب عليه تكثيف دوره الرقابي على أداء الحكومة خلال الأزمة".

واتّفق عضو مجلس النواب الأردني صداح الحباشنة، مع رأي بني عامر. وقال للأناضول، إنه "هزيل ولم يأت بشيء يُذكر، سوى تحقيق مصالح شخصية، بعيداً عن الدور التشريعي والرقابي".

وأشار البرلماني المعروف بمعارضته لسياسات الحكومة إلى أن "الوصول إلى البرلمان مصلحة عليا للكثيرين (من النواب)، خاصة في ظل التنفيعات (المزايا) التي يحصلون عليها".

ولفت الحباشنة إلى أن "الحكومة أصدرت العديد من القرارات والتشريعات الجائرة بحق الشعب في عهد المجلس الحالي، لتمرير الصفقات المتبادلة، دون أدنى نظر لمصلحة المواطنين"، على حد قوله.

وشدّد على أن القرار بيد المواطنين، وعليهم أن يختاروا الأفضل، آخذين في الاعتبار مصلحة الوطن؛ انطلاقاً من أهمية الدور الذي يؤديه مجلس النواب، خاصةً في مراقبة الحكومة وقراراتها.

فشل مفصلي

"الفشل في حلّ القضايا المفصلية كان العنوان الأبرز لأداء المجلس"، وفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك (حكومية)، وصفي الشرعة. وقال الشرعة للأناضول، إن ثقة أعضاء المجلس الراغبين في الترشح للانتخابات المقبلة مردّها إلى "عدم وجود إرادة سياسية للتغيير".

وأرجع السبب في إحجام المواطنين عن المشاركة في الانتخابات إلى "الإحباط" من أداء المجالس، متوقعاً عدم تجاوز نسبة المشاركين 25%. والانتخابات المقبلة عادية، بعدما أنهى مجلس النواب الحالي، الذي انتخب في 20 سبتمبر/أيلول 2016، دورته العادية الأخيرة، في 10 مايو/أيار 2020.

واستناداً إلى الدستور، تُجرى الانتخابات البرلمانية في الأردن خلال الأشهر الأربعة التي تسبق انتهاء عمر مجلس النواب الحالي (في سبتمبر/أيلول المقبل)، لكن إجراءات مكافحة كورونا أدت إلى تغيير في المواعيد الدستورية.

تحميل المزيد