أبلغ عدد من الساسة اليساريين والشخصيات العامة من الجالية المسلمة في ألمانيا السلطات عن تلقيهم رسائل بريد إلكتروني في الأيام القليلة الماضية تحمل تهديدات بالقتل موقعة من جماعة "NSO2" أو القائد "فوهرر"، في إشارة إلى أن مرسلها من أتباع خلية نازية، روعت المهاجرين في العقد الأول من الألفية.
وخرج رئيس المجلس المركزي للمسلمين أيمن مزيك في فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي الأربعاء الماضي عن تلقيه ثالث رسالة تهديد بالقتل خلال عام مضى، وأكد أن رسالة التهديد موقعة من "هايل هتلر إن إس أو ٢"، فيها دعوة صريحة لقتله بالغاز، وتمزيق أجساد عائلته.
ووصف مزيك التهديدات التي تصله بأنها جريمة جبانة، مشيراً إلى أنه سيقدم بلاغاً جنائياً عن ذلك، مشدداً على أن هذه التهديدات ستقويه في وقوفه ضد أي نوع من العنصرية، كالعنصرية المناهضة للمسلمين.
وأنه مستمر في الوقوف ضد هؤلاء المعادين للبشرية الذين يريدون تدمير بلادهم، على حد وصفه، متعهداً بألا تعيقه عن عمله.
وقال مزيك لوكالة الأنباء الإنجيلية إن المرسل بحث جيداً على الأقل عنه وراقبه لفترة طويلة.
وكان من بين من تلقى التهديدات في ليلة الثلاثاء الماضي أيضاً، سوسن شبلي، المتحدثة السابقة باسم وزيرة الخارجية الألمانية، التي تعمل مفوضة في حكومة ولاية برلين حالياً.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تتلقى فيه السياسية الألمانية من أصول فلسطينية تهديدات وإهانات، خاصة بالنظر لنشاطها اللافت على مواقع التواصل الاجتماعي ضد العنصرية.
كما أعلن رئيس بلدية هانوفر ذو الأصول التركية، بيليت أوناي، الذي بات أول رئيس بلدية مدينة كبرى من أصول مهاجرة نهاية العام الماضي، عن تلقيه التهديد ذاته، وأخذه إياه بجدية.
وتلقى رفاق أوناي في حزب الخضر، نائبة رئيس البوندستاغ كلاوديا روت، وكاترين غورينغ- ايكاردت رئيس كتلة الحزب في البوندستاغ، وكذلك العضو الأسود الوحيد في البرلمان الألماني كارامبا ديابي، ورئيسة حزب "لينكه" اليساري كاتيا كيبينغ، ذات التهديد.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن مرسل هذه الرسائل كتب للشخصيات المهددة بأنهم يعلمون تماماً أين يعيشون، وأنه سوف "يذبحهم جميعاً" ولم تذكر وسائل الإعلام والشخصيات المهددة إن كان مرسل الرسالة قد طالبهم بالقيام بأمور معينة أم لا.
شكوك في الشرطة
وما زاد من خطورة الموجة الجديدة من التهديدات وجعلها محرجة للسلطات، الكشف عن تلقي ٣ من الشخصيات على الأقل، بينهم الفنانة إديل بايدر، رسائل التهديد بعد البحث عن بياناتهم المسجلة في أجهزة حاسوب "كمبيوتر" الشرطة في ولاية هيسن، ما يوحي بوجود شخص أو شبكة يمينية متطرفة داخل الأجهزة الأمنية الألمانية وأنها من تقف وراء رسائل التهديد.
وقال وزير داخلية ولاية هيسن بيتر بويت أمام لجنة تحقيق برلمانية، أن ٦٩ رسالة تهديد أرسلت بتوقيع "NSO2" إلى ٢٧ شخصاً ومؤسسة في ٨ ولايات.
وكان رئيس شرطة الولاية قد استقال من منصبه منتصف شهر تموز/يوليو الحالي، بعد أن حمله وزير الداخلية بويت مسؤولية عدم اطلاعه على التحقيقات حول استخدام أجهزة حاسوب الشرطة للبحث عن بيانات الذين تم تهديدهم لاحقاً.
وقد أرسلت كل التهديدات من بريد إلكتروني، لا يمكن حتى الآن نسبه لجهة ما أو شخص معين، ومن المفترض أن يوضح محقق خاص إن كانت هناك شبكة يمينية في شرطة هيسن أو لا.
"NSO" الخلية الإرهابية
ويشير رمز "NSO" إلى خلية نازية إرهابية كانت متوارية عن الأنظار لأعوام، قتلت بين عامي 2000 إلى 2007، 8 أشخاص من أصول تركية وشخص من أصول يونانية وشرطية ألمانية.
ولم تكشف أبعاد هذه الجرائم التي وقعت في ولايات ألمانية مختلفة، بل كانت السلطات تحقق ضد بعض الضحايا معتقدة أن مقتلهم جزء من صراعات عالم الجريمة، بدلاً من البحث عن الجناة الحقيقين.
كما قامت الخلية أيضاً بتفجير قنبلة مسمارية في مدينة كولونيا، وتنفيذ تفجير ضد متجر عائلة إيرانية، وعدة هجمات سطو مسلح، وظل الجناة الثلاثة "بياته تشيبه" و"أوفه موندلوز" و"أوفه بونهارت" طلقاء حتى مات الأخيران بعد سطو مسلح فاشل، فيما بدا وكأنه انتحار في سيارة، وكُشف النقاب عن الجرائم التي ارتكبوها مع اعتقال صديقهم الأول.
وحُكم على عضوة الخلية "تشيبه" في العام ٢٠١٨ بالسجن مدى الحياة، في واحدة من أطول وأكثر القضايا تكلفة في التاريخ القضائي لألمانيا بعد الحرب العالمية.
وتلقت المحامية في فرانكفورت، سيدا باساي- يلديز رسالة تهديد أيضاً ضمن الموجة الجديدة من رسائل "NSO2″، علماً أنها تلقت مسبقاً رسائل تهديد في صيف العام ٢٠١٨. وكانت المحامية تمثل عوائل ضحايا خلية "إن إس أو" اليمينية المتطرفة في محاكمة ميونيخ ضد بياته تشيبه.
تتكرر الحوادث العنصرية في ألمانيا بين حين وآخر، بينما تمر ألمانيا بظروف اقتصادية تدفعها للانفتاح أكثر فأكثر على استقبال المهاجرين واستقطاب الكفاءات منهم، فهل تتصدى المستشار الألمانية أنجيلا ميركل لخطاب الكراهية أم تقف مكتوفة الأيدي؟.