الجميع يحاربون “تيك توك”، فهل ينجح التطبيق الصيني في الإفلات من منافسيه المتربصين؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/07/20 الساعة 13:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/20 الساعة 13:53 بتوقيت غرينتش
تطبيق تيك توك/istock

يمثل الصعود الصاروخي لتطبيق تيك توك لمقاطع الفيديو القصيرة أبرز قصة نجاح مبهرة بالنسبة للصين، بعد أن أصبح التطبيق الأول على جوجل بلاي والثاني على متجر تطبيقات آبل، لكن المشاكل تحاصره من كل اتجاه، فهل ينجح في الاستمرار أم يبتلعه الكبار؟

موقع CNN International الأمريكي نشر تقريراً بعنوان: "معارك عديدة يخوضها TikTok على مختلف الجبهات"، تناول الصعود الصاروخي للتطبيق الصيني والمشاكل العديدة التي تواجهه وتهدد وجوده.

نمو صاروخي لأول تطبيق صيني

في غضون ثلاث سنوات فقط من إطلاقه خارج الصين، ارتفعت شعبية تطبيق "تيك توك" TikTok ارتفاعاً مذهلاً، إذ أصبحت المنصة المخصصة لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة التطبيقَ رقم 1 على متجر "جوجل بلاي" Google Play، ورقم 2 على "متجر تطبيقات آبل" Apple App Store، وقد تم تنزيل التطبيق أكثر من 165 مليون مرة في الولايات المتحدة وحدها، وغدا التطبيق الآن مصدراً لكل شيء، من تحديات الرقص المبتذلة إلى مقالب السخرية من ترامب، وداعماً لأنماط الحياة المترفة للمؤثرين المراهقين الذين يعيشون في "بيوت تشاركية" collab houses في لوس أنجلوس ينشرون منها مقاطع الفيديو ويروجون منها لعلامات تجارية متعاقدة معهم.

ومع ذلك، فإن نجاح "تيك توك"، ومكانته كأول منصة وسائط اجتماعية مملوكة للصينيين تحقق شعبيةً واسعة النطاق خارج سوقها المحلية، يبدو أكثر هشاشة يوماً بعد يوم، إذ يقول مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة تفكر في حظر التطبيق بسبب مخاوف أمنية تتعلق بشركة "تيك توك" والشركة الأم المالكة له، شركة "بايت دانس" ByteDance لتكنولوجيا الإنترنت ومقرّها بكين، بعد قرارٍ مماثل من الهند، وفي هذه الأثناء، بدأت شركة أمريكية واحدة على الأقل في اتخاذ إجراءات فعلية لتقييد استخدام التطبيق على هواتف الشركة. وقد أخذت الأوضاع الحالية تدفع تطبيق "تيك توك" لمحاولة إثبات موثوقيته.

تطبيق "تيك توك"/رويترز

في الوقت نفسه، أعلنت الشركة أنها ستغادر هونغ كونغ بعد قانون الأمن القومي المثير للجدل الذي فرضته الصين، لتصبح الشركة بذلك واحدة ضمن العديد من شركات التكنولوجيا التي تعرب عن مخاوفها بشأن التشريع الجديد، ومن جهة أخرى، أبدى منافسو "تيك توك" عزماً واضحاً على استغلال التحديات التي تواجهها الشركة والاستعداد للانقضاض محاولين سحب جمهور التطبيق إليهم بعروض مماثلة.

ومع ذلك، فبخصوص حظر التطبيق في الولايات المتحدة، يقول مارك ليملي، أستاذ القانون في جامعة ستانفورد الذي يدرس حالياً قوانين الإنترنت: "أحد الأشياء التي تزعجني بشدة في هذا الأمر، هو أنه ينطوي على شيء يتعارض مع روح الإنترنت بصورة عامة".

"أعتقد أن هناك شيئاً مهماً سنفقده إذا باتت التطبيقات الوحيدة التي نحصل عليها هي تطبيقات أمريكية أو تطبيقات من دول نحن على وفاق معها، فنحن بذلك نخسر كمستهلكين تطبيقاتٍ تكنولوجية يحبها الناس… وعلى المدى الطويل تخسر الولايات المتحدة اقتصادياً أيضاً، لأنها عادةً ما كانت المحرك العظيم وراء شبكة الإنترنت".

مشكلة محتملة في المستقبل

خسرَ تطبيق "تيك توك" بالفعل إمكانية الوصول إلى إحدى أكبر الأسواق الرقمية في العالم، إذ حظرت الهند تطبيق "تيك توك" و58 تطبيقاً صينياً آخر الشهر الماضي بعد اشتباك حدودي بين الهند والصين، مستندةً إلى أنها تمثل "تهديداً للسيادة ومبادئ النزاهة والشفافية". كان تطبيق "تيك توك" تم تنزيله أكثر من 660 مليون مرة في الهند منذ عام 2017، ويعيش بعض أبرز مستخدميه المشهورين في البلاد.

والآن، يفكر مسؤولو إدارة ترامب في إجراء مماثل، وقال وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، في تصريحات لقناة Fox News في وقت سابق من هذا الشهر، إن البيت الأبيض "ينظر في" حظر التطبيقات الصينية، ومنها تطبيق "تيك توك".

وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو/رويترز

كما قال بومبيو في لقاء بث مباشرة على موقع The Hill: "نحن نعمل في إطار عملية تضم كل الوكالات ذات الصلة، وسنستمع لآراء القطاع الخاص أيضاً، سواءً أكان تطبيق (تيك توك) أو أي منصات التواصل والتطبيقات الصينية الأخرى، فقد أخذت هذه الإدارة على محمل الجد السعي لحماية الشعب الأمريكي من وقوع معلوماته الخاصة في نهاية المطاف في أيدي الحزب الشيوعي الصيني".

تهديد للأمن القومي الأمريكي

إضافة إلى ذلك، دأب السياسيون الأمريكيون مراراً وتكراراً على انتقاد "تيك توك"، متهمين التطبيق بأنه يمثل تهديداً للأمن القومي الأمريكي لأن شركته الأم مقرها في الصين، وقد تُجبر على مشاركة البيانات المتوفرة لديها مع الحكومة الصينية. غير أن شركة "تيك توك" وصفت المخاوف بأنها "لا أساس لها"، ويقول خبراء أمن المعلومات إنه ليس من الواضح ما إذا كان التطبيق يمثل مصدرَ قلق حقاً للأمن القومي.

كما يأتي الحديث عن الحظر المحتمل وسط توترات أوسع نطاقاً بين الولايات المتحدة والصين فيما يتعلق بالقطاع التكنولوجي.

ومع ذلك، فإن الأمر لا يقتصر على إدارة ترامب، فقد تقدم مشرّعون، ومنهم السيناتور الجمهوري جوش هارلي، بمشروع قانون يحظر استخدام "تيك توك" في الأجهزة الحكومية الأمريكية. وحذّرت لجان كل من الحزب الديمقراطي والجمهوري من استخدام التطبيق.

ويوم الإثنين الماضي 13 يوليو/تموز، أصدرت شركة الخدمات المالية الأمريكية العملاقة، "ولز فارجو" Wells Fargo، أوامر لموظفيها بحظر استخدام التطبيق على أجهزة الشركة بسبب مخاوف أمنية.

ترامب وشي – أرشيفية

وجاء قرار "ولز فارجو" بعد أن طلبت شركة "أمازون" Amazon أيضاً من موظفيها إزالة تطبيق "تيك توك" من هواتف العمل، وإن تراجعت أمازون سريعاً بعد ذلك عن طلبها، قائلة إنها أرسلته "عن طريق الخطأ".

الشركة مجبرة على معالجة المخاوف الأمنية

من جانبها، تقول شركة "تيك توك" إنها تعمل على نحو منفصل عن شركتها الأم "بايت دانس"، وقال مايكل بيكرمان، رئيس السياسات العامة للشركة في الولايات المتحدة، في تصريحات لشبكة CNN، إن هناك الكثير من "المعلومات الخاطئة حول (تيك توك) في الوقت الحالي".

وأضاف بيكرمان أن الشركة تخزن بيانات المستخدمين الأمريكيين في فرجينيا، مع نسخة احتياطية في سنغافورة، وأنها "تعمل على تقليل إمكانية الوصول إلى البيانات عبر المناطق".

ومع ذلك، فإن تلك الخطوات على ما يبدو قد لا تكون كافية لكسر حدة المخاوف الأمنية التي تهدد بتقويض نمو الشركة، ومن ثم فهي تدرس الآن إعادة الهيكلة بهدف إبعاد نفسها أكثر عن الصين.

ووفقاً لصحيفة The Wall Street Journal ، فإن التغييرات قد تشمل إنشاء مقر آخر لإدارة تطبيق الفيديو خارج الصين، أو اختيار مجلس إدارة جديد للشركة لإبعادها عن البلد الأم، كما عملت شركة "تيك توك" على توسيع وجودها بسرعة في العاصمة الأمريكية واشنطن. وقال بيكرمان إن الشركة اتجهت إلى إنشاء ما يسمى "مراكز شفافية" في واشنطن وفي لوس أنجلوس "حتى يتمكن المشرعون والخبراء المدعوون من متابعة كيفية إدارة المحتوى في الشركة وكيفية تأمين بيانات المستخدمين".

وفي ضوء ذلك، قال متحدث باسم شركة "تيك توك" في بيان عرضته شبكة CNN الأسبوع الماضي: "حرصت الشركة على أن تلتزم التزاماً تاماً بحماية خصوصية وأمان مستخدميها في الوقت نفسه الذي عملت فيه على بناء منصة تشجع على الإبداع وتجلب الفرح لمئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم".

ويقول ليملي، من جامعة ستانفورد، إن قاعدة المعجبين المولعة بالتطبيق قد تساعد الشركة إلى حد ما، "إذا ذهب مجموعة من أعضاء الكونغرس إلى أبنائهم المراهقين وقالوا إنهم حظروا تطبيقهم المفضل، فقد يكون لذلك العديد من ردود الفعل وقد يكون لها تأثير".

المنافسون مستعدون للانقضاض

ولم تفلح جهود فيسبوك لتجاوز تيك توك بأي تطبيق يحاكيه حتى الآن، ومع ذلك فإن إجراءات حظر الاستخدام الجديدة يمكن أن تغير ذلك.

إذ بعد أيام من حظر الهند لتطبيق تيك توك، بدأ تطبيق إنستغرام المملوك لشركة فيسبوك في اختبار خدمته الخاصة المحاكية لتطبيق تيك توك، Reels، في البلاد، ويوم الجمعة 17 يوليو/تموز، أعلن موقع إنستغرام أنه يستعد لإطلاق الخدمة الجديدة في الولايات المتحدة و50 دولة أخرى، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من بدء اختباره في الهند.

كما تتطلع شركات هندية إلى الاستفادة من حظر التطبيق في البلاد، وقال أحد تطبيقات مشاركة الفيديو المحلية، Roposo، إنه قبل الإعلان عن حظر تيك توك، كان قد سجل 50 مليون عملية تنزيل للتطبيق منذ إطلاقه في عام 2014، وبعد الإعلان، قالت الشركة إنها تلقت 22 مليون عملية تنزيل أخرى في خلال يومين فقط.

الفيسبوك / رويترز

وفي حين أن تطبيق تيك توك لا يزال يعمل بكامل طاقته في الولايات المتحدة، فإن بعض منشئي المحتوى في التطبيق بدأوا بالفعل في نقل المتابعين إلى منصات أخرى، مثل إنستغرام ويوتيوب، تحسباً لأي طارئ، كما أورد موقع The Information أن موقع يوتيوب يخطط لإطلاق منافس لتطبيق تيك توك، يسمى Shorts، بحلول نهاية العام.

تحميل المزيد