أوروبا تواجه خطراً كبيراً.. هل تسبَّب كورونا بازدهار أم انهيار معدلات المواليد حول العالم؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/07/16 الساعة 12:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/16 الساعة 12:32 بتوقيت غرينتش
هناك علاقة محدودة بين مؤشر كتلة الجسم للأم ووزن الطفل عند الولادة/ Istock

لقد مرت خمسة أشهر -وهو أكثر بقليل من نصف المدة التي تستغرقها فترة الحمل في المتوسط- منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا المستجد جائحةً عالمية.

ومع انقطاع ملايين الأشخاص عن خدمات رعاية الصحة الإنجابية وبقائهم محتجزين في منازلهم، توقع بعض الخبراء أن تخلق الأزمة مناخاً مناسباً للازدهار في أعداد المواليد، على الأقل في بعض البلدان. ومع ذلك، فقد توقع خبراء آخرون انهياراً في أعداد المواليد، مدفوعاً بأوضاع عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، كما تقول صحيفة Washington post الأمريكية.

ومع أنه لا يزال من السابق لأوانه القول على وجه اليقين، فإن الاتجاهات الأولية تشير إلى ارتفاع في أعداد المواليد في بعض أجزاء العالم، وتراجعٍ في أجزاء أخرى. وبوجه عام، فالمتوقع أن تستمر معدلات الولادة في الانخفاض في عديد من البلدان ذات الدخل المرتفع، والارتفاع في الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل، حيث يتوقع صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) أن الاضطرابات الناجمة عن الوباء وما يتبعها من تحجيم الوصول إلى وسائل منع الحمل يمكن أن يؤدي إلى ملايين من حالات الحمل غير المخطط لها.

الهند

في مارس/آذار، فرضت الهند إحدى أشد عمليات الإغلاق صرامة في العالم، ما يعني الحيلولة دون وصول ملايين النساء إلى وسائل منع الحمل والإجهاض وخدمات تنظيم الأسرة الأخرى. وفقاً لتقديرات مؤسسة Ipas Development Foundation، المعنية بشؤون الإجهاض الآمن وسبل منع الحمل في الهند، فإن الفترة ما بين مارس/آذار ومايو/أيار، ربما شهدت الهند عجز نحو 1.85 مليون امرأة عن القيام بعمليات منع الحمل المختلفة التي ربما كن سيسعَين إليها لولا الجائحة.

ومع ذلك، فقد قال المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للسكان، إيدي رايت، عن البيانات العالمية الواردة للوكالة: "للأسف، من السابق لأوانه الحصول على أدلة ميدانية عن أي زيادة كبيرة في أعداد حالات الحمل. ولن نرى أي ولادة لحالات حمل تسببت فيها إجراءات الإغلاق المرتبطة بكورونا قبل عدة أشهر من الآن".

إندونيسيا

في إندونيسيا أيضاً، يتوقع مقدمو الرعاية الصحية ارتفاعاً في أعداد الولادات خلال الأشهر المقبلة. وذكرت صحيفة  New York Times الأمريكية أن نحو 10 ملايين من الأزواج المتزوجين في رابع أكبر دولة في العالم توقفوا عن استخدام وسائل منع الحمل في أبريل/نيسان، لفشلهم في الحصول عليها بسبب إجراءات الإغلاق.

كما مثّل الوباء ضربة لجهود إندونيسيا لتوفير وسائل منع الحمل مجاناً، في إطار المساعي الحكومية للحد من حالات سوء التغذية المنتشرة بين أطفال البلاد، من خلال الحث على الاكتفاء بأسر صغيرة وعدد أقل من الأطفال. وعلى الرغم من توفر الواقيات الذكرية، فإنها لا تحظى بالشعبية نسبياً مقارنة بحقن الهرمونات المانعة للحمل، والتي تعطى شهرياً أو كل ثلاثة أشهر في السنة. وحبوب منع الحمل هي الخيار الثاني.

ونتيجة لتفشي الوباء، فقد بدأت وكالة تنظيم الأسرة في القيام بزيارات من الباب إلى الباب وتوزيع إمدادات أكبر من حبوب منع الحمل، إلا أن هذه الجهود تظل استثناءً على الصعيد العالمي، إذ مقابل كل ثلاثة أشهر يستمر فيها الإغلاق، قد تفقد 2 مليون امرأة الوصول إلى وسائل منع الحمل، وفقاً لتقدير صندوق الأمم المتحدة للسكان.

وذكرت مجلة The Atlantic الأمريكية، في تقرير لها، أن الوباء، إضافةً إلى تعطيل خدمات الرعاية الصحية المحلية، قد عرقل سلاسل الإمداد العالمية للواقيات الذكرية وغيرها من وسائل منع الحمل. وتسبب انشغال المصانع في آسيا بتوفير معدات مكافحة كورونا، في تباطؤ الإنتاج عالمياً وخلق صعوبات في الشراء في مراكز الاستيراد الكبيرة في العالم، مثل مدينة لاغوس في نيجيريا.

الولايات المتحدة

في الولايات المتحدة، يراقب المحللون صعوداً لاتجاه مختلف: إذ تقول عديد من النساء إنه من المرجح أن يوقفن الإقبال على إنجاب الأطفال أثناء الوباء. وشهدت بعض الشركات نمواً في مبيعات موانع الحمل.

وفي يونيو/حزيران، توقعت "مؤسسة بروكينغز" أن تشهد أعداد المواليد في الولايات المتحدة انخفاضاً بمقدار 300 ألف إلى 500 ألف خلال العام المقبل، بناءً على اتجاهات الخصوبة خلال فترات الركود والأزمات السابقة في البلاد. وقد أخبرت عيادة الصحة الرقمية، Nurx، صحيفةَ USA Today أن لديها زيادة بنسبة 50% في طلبات تحديد النسل، وزيادة بنسبة 40% في طلبات الحصول على وسائل منع الحمل الطارئة.

كما وجدت دراسة أجراها "معهد غوتماتشر" Guttmacher في نيويورك، أن أكثر من 40% من عينة تزيد على 2000 امرأة استُطلعت آراؤهن في الربيع، أفدن بأنهن يغيرن خططهن بخصوص مواعيد إنجاب الأطفال (أو كم عدد الأطفال) بسبب الوباء. وقال 34% من النساء المستطلعة آراؤهن إنهن يردن إنجاب عدد أقل من الأطفال والحمل في وقت لاحق.

ووجدت دراسة "معهد غوتماتشر" أيضاً أن النساء من أصول ملونة والفقيرات أكثر عرضة لفقدان وظائفهن والعجز عن الحصول على خدمات الرعاية الصحية، ما يزيد من فرص الحمل غير المرغوب فيه أو عالي المخاطر. وأفاد الاستطلاع بأن نحو 44% من النساء من أصول إفريقية و48% من النساء من أصول لاتينية أعربن عن رغبتهن في تأخير الحمل أو الحد منه، مقارنة بنحو 28% من النساء البيض.

أوروبا

قبل الوباء، كانت أوروبا تتصارع بالفعل مع معدلات ارتفاع الشيخوخة بين السكان وانخفاض معدلات المواليد وأعداد أفراد الأسرة. ويبدو من المرجح أن يتفاقم اتجاه الانخفاض في أعداد المواليد خلال تلك الأزمة، وفقاً لدراسة أجرتها "كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية" في شهر يونيو/حزيران.

إذ وجد الاستطلاع الذي أجري على أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والمملكة المتحدة، أن هذا الوباء كان له تأثير "قوي وسلبي" فيما يتعلق بالإقبال على الإنجاب.

وفي بيان أصدره الباحثون فرانشيسكا لوبي وبرونو أربينو وأليساندرو روزينا، المشاركون في إعداد الدراسة، قالوا: "تسببت هذه الأوضاع الصحية الطارئة على نحو خاص في إحدى أشد الأزمات الاقتصادية في هذا القرن، وعادة ما يتبع هذه الأحداث انخفاض حاد في معدلات الخصوبة".

وقال 50% أو أكثر من المشاركين في فرنسا وألمانيا وإسبانيا إنهم سيؤجلون قرار إنجاب الأطفال. وفي المملكة المتحدة، قال 58% إنهم سيؤجلون، في حين ذهب 19% إلى التخلي تماماً عن قرار الإنجاب. وكذا الحال في إيطاليا، حيث معدل المواليد منخفض بالفعل، قال قطاع كبير من المشاركين في الاستطلاع إنهم سيتخلون عن خطط إنجاب الأطفال.

ومن ثم، أشار الباحثون في ختام دراستهم إلى أن "دعم الشباب، وخاصة من النساء، عن طريق التوظيف، لا غنى عنه لتعزيز التعافي الاقتصادي للبلدان الأكثر تأثراً بحالة الطوارئ الصحية، والحد من انخفاض مستويات المعيشة بين الأسر الشابة، لدعم خيارات الإقبال على الإنجاب".