خفض الرواتب وقانون الضرائب وأزمة المعلمين.. تداعيات كورونا تهدد برحيل الحكومة الأردنية، ومرشحان لتسيير الأعمال

عربي بوست
تم النشر: 2020/07/03 الساعة 16:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/03 الساعة 16:21 بتوقيت غرينتش
معلمون يحتجون في الأردن "أرشيفية"- مواقع التواصل

سلسلة من الأزمات المتلاحقة تهدد رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، بالإطاحة من منصبه بالفترة المقبلة، في ظل تزايد اتهام الحكومة بعدم القدرة على التعامل مع عديد من الأزمات في الظروف الحالية، على رأسها أزمة "كورونا" التي ألقت بظلالها على الواقع السياسي والاقتصادي في البلاد.

فقد قالت مصادر سياسية رفيعة في وقت سابق، إن الحياة السياسية بالأردن مُقبلة على تغييرات كبيرة خلال الأسابيع القليلة القادمة، وذلك تزامناً مع انتهاء المدة الدستورية لمجلس الأمة الذي سيُكمل 4 سنوات ميلادية في شهر سبتمبر/أيلول المقبل.

وبحسب تلك المصادر القريبة من الديوان الملكي، فإن تغيير حكومة الرزاز أمر مُقبل على مرحلة التنفيذ، وسوف يأتي بعد حل مجلس النواب قبل 4 أشهر من انتهاء مدته الدستورية، والذي يتم حله تلقائياً عند انتهاء المدة.

وما يؤكد التكهنات برحيل مجلس النواب وحكومة الدكتور الرزاز، أن صانع القرار لم يحسم أمر التمديد لمجلس النواب بسبب أزمة كورونا أم لا.

نجاح مع فشل أمام كورونا

فعلى الرغم من نجاح حكومة الرزاز نجاحاً منقطع النظير في تطويق وباء "كورونا" من الناحية الطبية، فإنها فشلت في التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي سببتها الجائحة، وهو الأمر الذي لقِي سخطاً كبيراً في الشارع الأردني وزاد من حدة احتقان الأردنيين وعدم الرضا عن عملها و تراجع شعبيتها.

فبعد أن حققت حكومة الرزاز شعبية كبيرة بعد استقالة حكومة هاني الملقي، إلا أن فترة العسل لم تدُم، لتلقى أزمات متلاحقة على حكومة الرزاز ولتقترب من خط النهاية.  

سلسلة من الأزمات المتلاحقة عصفت بحكومة الرزاز، على رأسها إقرارها لصيغة معدلة لمشروع القانون المعدّل لضريبة الدخل بعد عاصفة من الجدل حوله، مروراً بأزمة المعلمين التي أحدثت موجة كبيرة من الجدل في الشارع الأردني وكادت تطيح بحكومته.

لكن حكومة الرزاز ونقابة المعلمين اتفقتا في نهاية الأمر، على إنهاء الأزمة ومنح علاوات وامتيازات للمعلمين مقابل إنهاء إضرابهم، وبمقتضى الاتفاق أقرت الحكومة علاوات على رواتب المعلمين تراوحت  بين 35% و75%.

وما إن خرجت حكومة الرزاز من عاصفة أزمة المعلمين، حتى جاء التحدي الأكبر لها ممثلاً بأزمة "كورونا"، التي أثبتت حكومته نجاحاً منقطع النظير في تجاوز الأزمة على المستوى الصحي والطبي، إلا أن الأزمة الاقتصادية التي ترتبت عن جائحة "كورونا"، لم تستطع الحكومة تجاوزها، فسمحت بتخفيض رواتب القطاع الخاص بنسبة تصل إلى 60%.

أصدرت الحكومة نهاية مايو/أيار الماضي، قراراً يسمح للمنشآت المتضرّرة من كورونا باقتطاع 50% من رواتب العاملين غير المكلفين بعمل، كما سمح للمنشآت الأكثر تضرراً باقتطاع 60% من رواتب العاملين غير المكلّفين بعمل، دون العودة إلى الحكومة للحصول على موافقات مسبقة، كما أتاح للمنشآت فصل العاملين.

وفيما يتعلق بموظفي القطاع العام والرسمي، فقد أصدرت الحكومة قراراً بخفض الرواتب اعتباراً من بداية أبريل/نيسان من العام الحالي، وشمل القرار موظفي القطاع العام والعسكريين، إذ اتّخذ مجلس الوزراء قرارات بوقف العمل بالزيادة المقررة لموظفي الجهاز الحكومي والتي كانت قد أُقرّت 6 يناير/كانون الثاني الماضي.

وكذلك الزيادة المقررة على رواتب ضباط وأفراد القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، والزيادة التي كانت أُقرّت للمعلمين، وذلك اعتباراً من راتب شهر أبريل/نيسان وحتى نهاية العام الحالي.

كما شملت القرارات الحكومية وقف المكافآت وعلاوة العمل الإضافي وعدم صرف مكافآت وبدل تنقلات، ووقف العمل بعلاوة النقل وبدلات التنقل الشهرية واقتطاع 50 % من المستحقات المالية للمستخدمين على حساب شراء الخدمات أو على حساب المكافأة، وإيقاف التعيينات في الوزارات والدوائر الحكومية كافة والمؤسسات الرسمية العامة.

ويقدَّر العجز المالي للموازنة العامة للأردن، لعام 2020، بمليار دولار، وسط توقعات بأن يتجاوز 2.5 مليار دولار، بسبب الأعباء الناتجة من أزمة كورونا. وبحسب بيانات أولية تقدَّر خسائر الأردن، بسبب جائحة كورونا، حتى الآن، بنحو 1.4 مليار دولار.

عمر الرزاز رئيس الحكومة الأردنية

سيناريو مغادرة الحكومة 

كل هذه التبعات والمتغيرات والظروف التي تعانيها الحكومة ستلقي بظلالها على مستقبل الحكومة الأردنية، حيث يشرح الخبير في الأمن الاستراتيجي عمر الرداد والمقرب من الدوائر الرسمية، لـ"عربي بوست"، أن ما يتردد من أنباء ومؤشرات عن احتمالات رحيل الحكومة الأردنية بالتزامن مع حل مجلس النواب يستند إلى مرجعيتين، حسب تقديره.

الأولى دستورية مرتبطة بالمجلس النيابي ومدته الدستورية، وهو ما يعني أن قرار حل المجلس تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة هو أحد الخيارات المطروحة أمام صانع القرار، في ظل إشارات متعددة حول التوجه لإجراء انتخابات نيابيةٍ هذا العام، وهو الخيار المرجح في إطار التزام ملكي بإجراء الانتخابات منذ تسلُّم الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية.

والمرجعية الثانية هي- حسب تأكيدات الرداد- أحاديث يجري تداولها في صالونات عمّان السياسية، خاصةً تلك التي يقودها رؤساء حكومات طامحون إلى إعادة تكليفهم تشكيل الحكومة الجديدة، وفقاً لفرضية أن الأخذ بالمرجعية الدستورية أصبح أمراً مؤكداً.

ولفت إلى أن هذه الصالونات تخوض معارك إعلامية عبر بورصة أسماء يُفترض أنها مرشحة، ويتم خلالها "تلميع" صور وتحطيم وتهميش صور أخرى.

ويرى الرداد أن المرجعية الملكية من الواضح أنها لم تحسم الأمر، ولم ترسل أية إشارات واضحة باستثناء تأكيد النهج الملكي بإجراء الانتخابات في موعدها، وربما تدرس سلة خيارات، من بينها تشكيل حكومة جديدة بقيادة شخصيىة جديدة وفقاً لحسابات خاصة.

وأضاف أن الأمر مرتبط بهدفين: مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تؤكد مؤشرات عديدة أنها ستتعمق في المستقبل بفعل تداعيات كورونا، والتطورات في المحيط الإقليمي، بما فيها من تحديات، من زاوية قدرة أية حكومة على فتح أفق جديدة مع هذا المحيط تسهم في "حلحلة " الأوضاع الاقتصادية.

ويعتبر الرداد أن الأزمات المتلاحقة أثرت على حكومة الرزاز، وهناك إجماعٌ اليوم على أنها وإن كانت قد حققت نجاحات على مستوى مكافحة الوباء، فإن تلك النجاحات لم تكن بالصورة نفسها في معالجة التداعيات الاقتصادية لكورونا.

 وما زالت موضع انتقادات من قطاعات واسعة طبقاً لنتائج الاستطلاع الأخير الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، حيث تراجعت شعبية الحكومة، رغم أنها حافظت على تقدُّم نسبي مقارنة بحكومات سابقة للفترة نفسها.

فقد كان واضحاً أن تداعيات أزمة كورونا في جانبها الاقتصادي، أظهرت أن الفريق الوزاري أمام أزمة حقيقية ظهرت بغياب حالة التجانس بين أعضائه، ويبدو أن ذلك ليس مرتبطاً فقط بأزمة كورونا؛ بل بطبيعة التشكيل الوزاري نفسه، وربما أسهمت كورونا في إظهار عدم التجانس.

التغيير ليس مؤكداً

ورغم أنّ سيناريو التغيير أو التعديل الوزاري ما زال في إطار التكهنات التي تغذيها جهات لها مصلحة في التغيير، فإنه وبحسب الرداد، حسابات صاحب القرار في التغيير مختلفة، ويتردد في إطار صالونات عمّان أنه سيتم تشكيل حكومة جديدة تنحصر مهمتها بالإشراف على الانتخابات.

ويُفترض أن تعقبها حكومة جديدة مع ممارسة مهامها مع المجلس النيابي الجديد، وهو سيناريو غير مؤكد، باعتبار الحكومة لا تشرف على الإانتخابات التي أُسندت مهمة إدارتها إلى الهيئة المستقلة للانتخابات.

ومن هنا فإنه لا أحد يستطيع الجزم بأن الدكتور الرزاز سيغادر مكتبه، رغم أن مؤشرات كثيرة تدل على أن تلك المغادرة باتت قاب قوسين أو أدنى، ومع ذلك فإن أية حكومة جديدة ستكون أمام مهمات أكثر صعوبة من تلك التي واجهها الرزاز في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية ترتقي احتمالات وقوعها إلى درجة التأكيد، ليس في الأردن فقط؛ بل في غالبية الاقتصاديات التي كانت تعاني قبل كورونا.

وحاولنا في "عربي بوست" التواصل أكثر من مرة، مع وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام أمجد العضايلة، وأرسلنا إليه تساؤلاتنا حول التغييرات الوزارية المرتقبة وسلسلة الأزمات التي تواجهها الحكومة، مثل الضريبة وتوابع جائحة كورونا وغيرها، إلا أنه لم يجب على أية منها، حتى وقت نشر التقرير.

أما نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني الأسبق جواد العناني، فقد أكد في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، عدم وجود أية معلومات واضحة حول مستقبل الحكومة الأردنية، مشيراً إلى عدم دقة وصحة الأنباء التي تتحدث عن رحيل حكومة الرزاز في المرحلة المقبلة.

الفايز والكركي

من جهة أخرى أكدت مصادر خاصة، رفضت الكشف عن اسمها، لـ"عربي بوست"، صحة ما يتم تداوله في الكواليس بأنَّ رحيل حكومة الرزاز بات وشيكاً، مشيرة إلى أن هناك مرشحَين بارزين يتم تداول اسمَيهما في أروقة القصر الملكي، وهما فيصل الفايز وخالد الكركي، سيتم اختيار أحدهما كرئيس حكومة مؤقتة أو لتسيير الأعمال لحين انتخاب برلمان جديد بعد أو خلال الأشهر الأربعة التي تعقب الإقالة، ثم تسلّم مهامها للحكومة الجديدة الدائمة.

وتشير تلك المصادر أيضاً إلى أنّ حل المجلس قد يكون في شهر أغسطس/آب أو في بداية سبتمبر/أيلول، بحسب المشاورات التي تتم في القصر، والتي سيترتب عليها حتماً تغيير وحلُّ حكومة الرزاز بحسب الدستور الأردني، وتعيين وتشكيل حكومة جديدة مؤقتة عبر منح الثقة لها من القصر.

وتؤكد المصادر أن الأكثر حظاً في ذلك سيكون فيصل الفايز؛ لكونه من الشخصيات الداعمة لتحسين العلاقة مع الإمارات والسعودية، معتبراً في تصريحات سابقة، أن الخلافات معهما ليست جوهرية. 

علامات:
تحميل المزيد