أثينا ستخلي الآلاف منهم.. لاجئون يكافحون للبقاء في اليونان والاندماج بعد العيش في المخيمات

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/27 الساعة 10:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/27 الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش
طفل في خيمة بالقرب من مخيم موريا للاجئين في ليسبوس ، 21 يونيو 2020/ أ ف ب

لم يطرأ ببال سارة حسيني من قبل قط أنها قد تفكِّر في مخيَّم موريا بأيِّ قدرٍ يُذكَر من المودَّة. قضت السيدة الأفغانية، البالغة 22 عاماً، عامين من منشأة الاحتجاز سيئة الصيت على جزيرة ليسبوس اليونانية، وعلى مدار هذين العامين كانت بنتاها الصغيرتان "مريضتين" طوال الوقت. 

وُجِّهَت سارة، مع زوجها عليّ وابنتيهما الصغيرتين، باستقلال عبَّارةٍ إلى بيرايوس لتغيير حياته. قالت لصحيفة The Guardian البريطانية: "أخبرتنا الأمم المتحدة بأن الحكومة تريد منكم الرحيل، لديهم أوراق الآن، ولا يمكنكم المكوث أكثر من ذلك"، موضحةً لماذا انتهى بها الحال شبه مُعدَمة في وسط أثينا. 

إجلاء آلاف اللاجئين

تُعَدُّ سارة من بين عددٍ متزايدٍ من اللاجئين المُعتَرَف بهم، الذين وجدوا أنفسهم دون منزلٍ أو مأوى يبحثون عن عزاءٍ وظلٍّ تحت أشجار التوت في ساحة فيكتوريا، وهم ضحايا خطط تخفيف الاكتظاظ في مخيَّمات الجزر وغيرها من مراكز الاستقبال عبر اليونان. 

في الأشهر المقبلة، سيجري "إخلاء" 11 ألفاً من الرجال والنساء والأطفال الذين مُنِحوا صفة اللاجئ المُعتَرَف به بواسطة سلطات اللجوء اليونانية، من الإقامة المُنظَّمة إلى مرافق معيشة غير مدعومة. وتصف الإدارة اليمينية الوسطية هذا "الخروج" باعتباره خطوةً أولى ضرورية من أجل الاكتفاء الذاتي وفي نهاية المطاف دمج اللاجئين. 

وأخبر الأمين العام لوزارة الهجرة اليونانية، مانوس لوغوثيتيس، صحيفة The Guardian البريطانية، قائلاً: "هؤلاء أناسٌ مُنِحوا صفة اللاجئ وعليهم التصرُّف بأنفسهم". وأضاف: "إذا دُلِّلوا، كيف سيجدون وظيفةً ويصبحون جزءاً من المجتمع؟ لابد أن يكون هناك حدٌّ لذلك". 

الاعتماد على الذات في ظروف معدمة

لعلَّ سارة، التي فرَّت عائلتها من إيران، هي بالفعل من نواحٍ عدة حالة للدراسة في الاعتماد على الذات. تدرَّبَت في موريا كمُصفِّفة شعر، وفي النهاية عملت في صالون تجميل أُقيمَ في حاويةٍ في المخيَّم. وحين وصلت إلى أثينا، بحثت عن نساءٍ أخريات بإمكانهن المساعدة، وقد حالفها الحظ حين وفَّرَ لها مواطنٌ أفغاني، كان قد مُنِحَ مسكناً في العاصمة لأن أطفاله مُصابون بالسكري، مكاناً لتبيت فيه مع ابنتيها. 

لكن الأيام تمضي عليها في ساحة فيكتوريا قائظة الحرارة، وهي تحمل معظم ممتلكاتها في كيسٍ بلاستيكي تنتظر أخباراً من زوجها علي، الذي يبحث جاهداً عن منزلٍ لتنتقل فيه عائلته إلى العيش المستقل. 

تقول سارة وهي تعدِّل الحجاب المُلوَّن على رأسها: "في موريا، تحدَّث الجميع عن فيكتوريا باعتبارها الساحة التي يجب أن نذهب إليها". وأضافت: "لذا فأنا هنا أنتظر، تحت الشمس الحارقة، بينما يبحث علي عن شققٍ للسكن، وهو أمرٌ صعبٌ للغاية لأن ما مِن أحدٍ يريد تأجير مسكنٍ للاجئين. على الأقل كان لديّ عملٌ في موريا. أما اليوم فلا يمكن أن أفكِّر في عملٍ حتى يكون لدينا مكانٌ نقيم فيه، على الأقل نبيت فيه ليلاً. يمكنني الذهاب إلى صديقٍ من أجل مبيت طفلتيّ". 

أثار مشهد الرجال والنساء والأطفال المُخيِّمين في فيكتوريا الأحداث الفوضوية في عام 2015، في ذروة أزمة اللاجئين، حين مرَّ الآلاف من اللاجئين السوريين عبر الساحة، وكان معظمهم في طريقهم إلى مناطق أخرى من أوروبا، قبل إغلاق الحدود الذي جَعَلَ الخروج من اليونان أمراً مستحيلاً. 

الأسوأ قادم

يقول لازاروس بيتروميليديس، العضو المؤسِّس في المنتدى اليوناني للاجئين: "ما مِن دولةٍ مُتحضِّرةٍ يمكن أن تفخر بهذا". وأضاف: "وهذه فقط هي البداية. قريباً سنرى هذه المشاهد المؤسِفة في كلِّ ساحةٍ في أرجاء البلاد". 

في مايو/أيَّار، بدأت السلطات في نشر "إعلاناتٍ مهمة" في مخيَّمات جزر إيجه، إذ استحثَّت طالبي اللجوء الذين حصلوا على صفة لاجئ على "احترام هذه القاعدة حتى نتمكَّن من توفير مساحاتٍ مُتنقِّلة لأولئك الذين يقيمون في الخيام". 

ولا يُعَدُّ اللاجئون، الذين يُقدَّر عددهم بـ1500 لاجئ، والذين أُمِروا بمغادرة المخيَّمات، سوى غيضٍ من فيض. أما الآخرون الذين أُخبروا بأن يقوموا بالانتقال، فسوف يُستضافون في منشآتٍ، تشمل فنادق في مناطق البرِّ الرئيسي، وليس على الجزر، بينما يجري استيعاب ما لا يقل عن 4 آلاف شخص في شققٍ يدعمها الاتحاد الأوروبي بموجب مُخطَّط إستيا، الذي تديره الأمم المتحدة بالاشتراك مع السلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية. 

ويُعتَبَر برنامج الإسكان، الذي يقدِّم أيضاً مساعدةً نقدية، حيوياً بشكلٍ كبير لكبار السن والمُستضعَفين وذوي الحالات الطبية.  وقال نوتيس ميتاراتشيس، وزير الهجرة واللجوء، إن 60 من 93 فندقاً يستضيف طالبي اللجوء سوف يُغلَق. 

وهناك مخاوف من أن يُطلَب من اللاجئين مغادرة أماكن الإقامة المُنظَّمة قبل أن يُمنَحوا القدرة على الوصول إلى برامج التوظيف والرعاية الاجتماعية المُستحقَّة لهم بموجب القانون اليوناني. 

قالت ستيلا نانو، من المفوَّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في أثينا: "كلُّ هذا يسلِّط الضوء على الافتقار إلى التركيز على الاندماج". وأضافت: "بالقليل من المساعدة، ومع دفعة بسيطة فقط، يمكن للاجئين أن يردوا ما فعله المجتمع لهم. إنها عمليةٌ ذات اتجاهين. يجب بذل الجهود التي من المُفتَرَض أن تدعم اللاجئين، والتي لم تجرِ حين اضطرت السلطات للتركيز على تعزيز منشآت الاستقبال وعملية طلبات اللجوء". 

الإخلاءات جريمة ضد الإنسانية

ووصفت منظمة Keerfa، وهي المنظمة الأولى لمناهضة العنصرية في اليونان، الإخلاءات بأنها "جريمةٌ ضد الإنسانية". وقال بيتروس كونستانتينو، المُنسِّق الوطني للمجموعة قبيل المسيرات التي نُظِّمَت على مستوى البلاد لدعم اللاجئين ولدعم حركة "حياة السود مهمة – Black Lives Matter movement": "نحن نتحدَّث عن النساء الحوامل والأشخاص المُستضعَفين الذين أُجبِروا على إنفاق كل ما لديهم من أجل البقاء في هذه الظروف المُروِّعة لأماكن من موريا". وأضاف: "لم يحظوا بفرصةٍ قط لتعلُّم اليونانية في فصول اللغة، ناهيك عن إدماجهم بصورةٍ صحيحة". 

وقال كونستانتينو، الذي هو أيضاً عضوٌ بمجلس محلي في وسط أثينا، إن منظمة Keerfa اقترحت نقل اللاجئين إلى مبانٍ مهجورة في العاصمة وفي مدينة سالونيك في الشمال، كجزءٍ من "برنامج إسكان اجتماعي كبير". 

وحتى هذا العام، كانت اليونان بوابة أوروبا الرئيسية لطالبي اللجوء الذين يعبرون تركيا. وفي عام 2019، سجَّلَت السلطات أكثر من 70 ألف وصول، بزيادة نسبتها 50% عن العام السابق. 

وفي التعداد الأخير، سُجِّلَ 36 ألف رجل وامرأة وطفل في جزر ليسبوس وساموس وشيوس وليروس وكوس، التي تواجه الساحل التركي، في مراكز احتجاز مُصمَّمة لاستضافة سُدس هذا العدد. ووفقاً لمفوَّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، جاء أغلب هؤلاء من أفغانستان وسوريا والصومال. 

وتتوقَّع حكومة أثينا تصاعداً في تدفُّقات الهجرة بمجرد إرخاء القيود المفروضة بسبب جائحة فيروس كورونا المُستجَد على الحركة العامة في تركيا. 

علامات:
تحميل المزيد