طبقاً لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من المفترض بدء تنفيذ خطة ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة خلال أسبوع، فما الأسباب الأربعة التي تجعل التنفيذ شبه مستحيل؟
الإجابة تأتي على لسان المحلل والصحفي الإسرائيلي آفي يسخاروف، الذي تحدث لوكالة الأناضول، وتتمثل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ويضيف الصحفي في جريدة "معاريف" العبرية: "كثيراً ما كنت أتساءل عن سبب إصرار نتنياهو على الضم الآن، فالوضع الأمني في الضفة الغربية نسبياً جيد، وهناك نحو نصف مليون مستوطن إسرائيلي يعيشون في الضفة الغربية، دون القدس الشرقية، فلماذا الآن؟".
الانتخابات الأمريكية
"الجواب هو: انتخابات الرئاسة الأمريكية، فنتنياهو يريد البدء بعملية الضم قبل الانتخابات التي يتنافس فيها الرئيس دونالد ترامب لولاية ثانية، ويعتقد أن بإمكانه الحصول على اعتراف من ترامب بالضم، تماماً كما حدث في مرتفعات الجولان والقدس".
ويعتقد يسخاروف أن نتنياهو "يخشى من أن الانتخابات قد لا تُسفر بالضرورة عن فوز ترامب، وإنما المرشح الديمقراطي جو بايدن، الذي تحدث صراحة عن رفضه للضم، ولذاك فإنه يريد أن يضمن شيئاً ما من الضم قبل الانتخابات، خوفاً من قادم غير مضمون"، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "يعتقد جازماً أن الفرصة مواتية للضم قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأنها فرصة تاريخية لن تتكرر مرة أخرى".
وكان نتنياهو قد أعلن مراراً أنه ينوي ضم 30% من الضفة الغربية، بدءاً من الأول من يوليو/تموز المقبل، ولكن، ببقاء نحو أسبوع على هذا الموعد، فإن الأمور تمضي في غير ما تمناه نتنياهو، ما يضع علامات سؤال، عمّا إذا كان بمقدوره الشروع بعملية الضم فعلاً.
المستوطنون أنفسهم
ويعتبر يسخاروف أنه "حتى الآن المؤشرات هي أن لا شيء سيحدث مطلع يوليو، فنتنياهو يواجه 4 صعوبات: مع المستوطنين، وفي داخل الحكومة الإسرائيلية، ومع الأمريكيين، والمجتمع الدولي بما فيه الفلسطينيون والدول العربية"، ويشير المحلل الإسرائيلي إلى أن المستوطنين لا يقبلون خطة ترامب المعروفة بـ"صفقة القرن" كما هي.
"هم يريدون ما تضمنته الخطة بشأن ضم مساحات واسعة بالضفة الغربية، ولكنهم لا يقبلون كل ما يتعلق بدولة فلسطينية على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية، وهذا يسبب إشكالية لنتنياهو، لأنه تعهد للإدارة الأمريكية بقبول كل الخطة بما فيها تفاوضه على قيام دولة فلسطينية".
وكانت القيادة الفلسطينية قد أعلنت رفضها الخطة الأمريكية التي تنص على ضم إسرائيل للقدس الشرقية وعدم السماح بعودة أي لاجئ، إضافة إلى السماح لإسرائيل بضم نحو 30% من مساحة الضفة الغربية وإعطائها سيطرة أمنية مطلقة على المنطقة بين البحر المتوسط ونهر الأردن.
وتعطي "صفقة القرن" الفلسطينيين فترة 4 سنوات للقبول بالخطة الأمريكية، وحتى ذلك الحين فإن إسرائيل ستمتنع عن البناء الاستيطاني أو مصادرة أراضٍ خارج المناطق التي وافقت الإدارة الأمريكية على ضم إسرائيل لها بالضفة الغربية.
خلافات داخل الحكومة
ولكن إشكاليات نتنياهو مع الإدارة الأمريكية، لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما تتعداها إلى مطالبة واشنطن للحكومة الإسرائيلية بالاتفاق في داخلها، على عملية الضم.
ويبيّن "يسخاروف" أن الإدارة الأمريكية تطلب من حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو، وحزب "أزرق-أبيض" برئاسة وزيري الدفاع بيني غانتس والخارجية غابي أشكنازي، بالاتفاق على عملية الضم قبل المضي قدماً فيها، ويتابع: "لقد جرت عدة اجتماعات بين نتنياهو وغانتس وأشكنازي دون التوصل إلى اتفاق، كان آخرها اللقاء الذي عقد مساء الأربعاء الماضي".
ويذكر أن نتنياهو عرض خلال الاجتماع عدة سيناريوهات للضم مرفقة بخرائط تتفاوت ما بين ضم واسع يصل إلى 30% من مساحة الضفة وضم نصف المساحة ضماً رمزياً، ويكشف الصحفي الإسرائيلي، عن أن نتنياهو ورغم ذلك، لم يفصح عن أي ضم يفضل، مشيراً أن الخلافات ظلت عالقة بينه وبين زعماء "أزرق- أبيض".
وفي هذا الصدد، لم يستبعد يسخاروف أن يكون نتنياهو يدفع باتجاه انتخابات جديدة أواسط العام المقبل: "الآن يعمل نتنياهو من أجل إقرار ميزانية الدولة لعام واحد وليس عامين، بحجة أن هناك أزمة في العام الجاري بسبب جائحة كورونا"، مستدركاً: "ولكن هناك الكثيرين يعتقدون أنه يحضّر لأزمة حول الميزانية مطلع العام المقبل بما يؤدي إلى انتخابات منتصف العام، ربما في يونيو/حزيران، لأنه في حال غياب ميزانية فإن القانون يوجب حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات".
"نتنياهو قد يقدم على إجراء ضم رمزي، ويحمل غانتس وأشكنازي مسؤولية عدم تنفيذ الضم الكامل، وفي ظل مؤشرات استطلاعات الرأي العام بارتفاع شعبية نتنياهو وحزبه الليكود، فإنه يعتقد أن الانتخابات القادمة ستكون في صالحه".
وكان نتنياهو قد اتفق مع غانتس في مايو/أيار الماضي، على التناوب على رئاسة الحكومة بحيث يرأس نتنياهو الحكومة لمدة 18 شهراً، تنتهي نهاية العام المقبل على أن يرأسها آنذاك غانتس لمدة 18 شهراً، وفي الآونة الأخيرة، قال قادة في حزب "أزرق أبيض" إن نتنياهو، قد لا يفسح الطريق لرئيس الحزب غانتس برئاسة الحكومة، وسيفتعل أزمة للتوجه إلى انتخابات.
معارضة دولية
كما يواجه مخطط الضم الإسرائيلي إشكاليات بسبب المعارضة الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية، وتحديداً من الاتحاد الأوروبي.
وكانت القيادة الفلسطينية قد أعلنت الشهر الماضي أنها في حلّ من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، والالتزامات المترتبة عليها بما فيها الأمنية، فأوقفت التنسيق الأمني، وذلك رداً على مخطط الضم.
كما أعلنت الدول العربية وعلى رأسها الأردن، والإسلامية وفي مقدمتها تركيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى، معارضتها لخطة الضم واعتبرتها انتهاكاً للقانون الدولي.
ويلخص يسخاروف حديثه قائلاً: "نتنياهو يواجه صعوبات داخل الحكومة، ومع المستوطنين وإشكاليات مع الإدارة الأمريكية، ومشاكل مع الدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي"، وختم بالقول: "بات من الواضح أن الضم يستخدم لتحقيق مصلحة سياسية لشخص واحد وهو السيد بنيامين نتنياهو ولا علاقة له بمصلحة إسرائيل".