في شهر مايو/أيار 2020، عقد ممثلو المنظمات الأمريكية الآسيوية اجتماعاً افتراضياً مع ممثلين من حملة جو بايدن للتعبير عن قلقهم بشأن سياسة مرشح الحزب الديمقراطي تجاه الصين، وخاصة جهوده لإثبات أنه أكثر صرامة تجاه بكين من الرئيس الحالي دونالد ترامب، مما قد يهدد بتعريض الأمريكيين من أصول صينية لردود فعل عنيفة.
وجاء الاجتماع عقب بث حملة بايدن إعلاناً سياسياً في شهر أبريل/نيسان 2020 بعنوان "غير مستعد"، يصف تصرفات ترامب تجاه الصين بـ "الضعيفة". وأثار الإعلان، الذي انتقد ترامب "بمهادنة الصينيين" والسماح بدخول 40,000 مسافر صيني إلى البلاد بعد فرض حظر الطيران بسبب انتشار فيروس كورونا، حالة من الغضب والفزع بين الديمقراطيين التقدميين والمنظمات الأمريكية الآسيوية، بسبب مخاوف إثارة ونشر المشاعر العدائية تجاه الصينيين، بحسب تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
البحث عن التوازن
ولم تقدم حملة بايدن أي ضمانات. ولكنها استجابت بتخفيف نهجها في الإعلانات اللاحقة. بدلاً من تسليط الضوء على مهادنة ترامب الواضحة للصين، انتقد الإعلان الجديد ضعفه في مواجهة الحزب الشيوعي الصيني والرئيس الصيني شي جين بينغ. كما توقفت الحملة عن الترويج لمزاعم سماح ترامب بدخول عشرات الآلاف من المسافرين الصينيين المحتمل إصابتهم بفيروس كورونا من الصين إلى الولايات المتحدة.
إلا أن بعض المدافعين عن الأمريكيين الآسيويين يرون أن حملة بايدن لم تخفف حدة إعلاناتها بالشكل المناسب.
وقال مستشار غير رسمي في حملة بايدن الانتخابية لمجلة Foreign Policy الأمريكية إن نائب الرئيس السابق يتفهم تماماً ضرورة التعايش مع الصين والعمل معاً من أجل مواجهة التحديات العالمية الملحة، بدءاً من الجهود المبذولة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى الاحترار العالمي إلى احتواء انتشار فيروس كورونا وإقناع كوريا الشمالية لتفكيك ترسانتها النووية. وقال المستشار إن بايدن سوف يستمر مع ذلك في انتقاد الصين بسبب عدد من القضايا، مثل الاضطهاد والسجن الجماعي للإيغور المسلمين، وإخفاء المعلومات بشأن فيروس كورونا، واستخدام ممارسات تجارية غير عادلة.
وتحاول حملة بايدن الانتخابية تحقيق التوازن في تصريحاتها بين اجتذاب قاعدة كبيرة ومهمة ومتزايدة من الناخبين، وشن حملة قوية ضد ترامب الذي صوّر نائب الرئيس السابق على أنه ضعيف وغير فعال في مواجهة الصين الصاعدة التي تمثّل تهديداً للأمن القومي الأمريكي.
ولا تزال حملة بايدن حساسة تجاه الانتقادات التي أشارت إلى أن بعض تصريحات الحملة السابقة قد تتسبب في مشكلات للأمريكيين الآسيويين. في 27 مايو/أيار 2020، كتب بايدن وعضو مجلس الشيوخ تامي دوكوورث مقال رأي لشبكة NBC News يؤكدان فيه على التهديد الذي يعيش فيه الأمريكيين الآسيويين في عهد ترامب، وقالا إن "الرئيس ترامب، الرجل الأقوى على سطح الكوكب، جعل من هذه المجموعة كبش فداء بلا داع، وإنه يثير العنصرية والخوف من الأجانب في كل مرة يلفظ فيها مصطلح 'الفيروس الصيني'".
تاريخ بايدن مع الصين
وفي كتاباته العامة، يركز بايدن على خبرته الطويلة في التفاوض مع القيادة الصينية ويصوّر الصين على أنها قوة غير جديرة بالثقة تحتاج إلى أن يحتويها تحالف من الحكومات الديمقراطية. وزعم أن بكين دعمت بشكل غير عادل المؤسسات المملوكة للدولة، مما يمنحهم "أفضلية في الهيمنة على التقنيات والصناعات المستقبلية".
وكتب بايدن في مجلة Foreign Affairs في وقت سابق من هذا العام: "تحتاج الولايات المتحدة إلى اتباع نهج صارم تجاه الصين. إذا استمرت الصين في طريقها، سوف تستمر في سرقة تقنيات الولايات المتحدة والملكية الفكرية لشركاتها".
ولكنه أوضح أيضاً أن الولايات المتحدة سوف تستمر بالعمل مع الصين والدول الأخرى على عدد من القضايا، مثل الجهود الدولية لنزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية والتفاوض مع "الجهات الفاعلة" لمواجهة مخاطر الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.
ويتزامن هذا الجدل مع موجة من الهجمات المعادية للمجتمع الآسيوي في الولايات المتحدة. خلال الشهرين التاليين ليوم 19 مارس/آذار 2020، سجل مركز Stop AAPI Hate، مركز التقارير الذي أنشأته جامعة ولاية سان فرانسيسكو ومنظمتان حقوقيتان، 1,843 بلاغ عن واقعة تمييز ضد آسيويين، تتضمن التحرش اللفظي والتمييز في بيئة العمل والاعتداء الجسدي.
الفريق يعاني بسبب تصريحاته
وتمثّل تلك الانتقادات معضلة لبايدن، الذي يبدو أن حملته الانتخابية تعاني من أجل إيجاد التوازن المناسب للخطاب المستخدم في الدعاية الانتخابية. هل يستمر في انتقاد ترامب، الذي وصفه بالضعيف أمام الصين، واتهامه بالنفاق، ولفت الانتباه إلى التصريحات العلنية الخاطئة المتكررة لترامب في شهر يناير/كانون الثاني الماضي بشأن شفافية الصين في الإعلان عن خطر انتشار الفيروس خارج حدودها أمام العالم؟ أم يجب أن تسلط حملته الضوء على أهمية التعاون بين الصين والولايات المتحدة في عدد من التحديات العالمية، من مكافحة الوباء إلى إبطاء وتيرة التغييرات المناخية؟
وقال المستشار غير الرسمي لحملة بايدن الانتخابية إن الحملة تركز بشكل أوسع على تعزيز حقوق الإنسان، ومقاومة ظاهرة الاستبداد، والتأكيد على أهمية إعادة بناء العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة، الذين تعرض الكثيرون منهم إلى مضايقات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية من قبل الصين.
وأضاف: "يجب إبراز تلك القضايا وأهميتها؛ هذه الحملة ليست عن الحرب ضد الصين، بل عن استعادة الأفضلية التي فقدناها، وكيفية إعادة بناء العلاقات مع حلفائنا وفعل ما يجب فعله من أجل جعل الولايات المتحدة أقوى، وأكثر مصداقية وتأثيراً".