“من الأسلحة لتقييد الرقبة”.. كيف تختلف تكتيكات الشرطة حول العالم، ولماذا أمريكا أقرب للدول المستبدة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/07 الساعة 15:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/07 الساعة 17:18 بتوقيت غرينتش
انتقادات لأساليب الشرطة في أمريكا/رويترز

فروق كبيرة بين الشرطة في أمريكا وأوروبا أظهرتها جريمة قتل جورج فلويد في مدينة مينيابوليس.

على سبيل المثال يُعتبر تكتيك تقييد الرقبة بالركبة، المُستخدم في قتل جورج فلويد بمينيابوليس، محظوراً في غالبية دول أوروبا -باستثناء فرنسا، حسبما ورد في تقرير  لصحيفة Washington Post الأمريكية.

أما الشرطة المسلحة -مثل تلك التي أردت بريونا تايلور داخل شقتها بلويفيل الشهر الماضي في ولاية كنتاكي الأمريكية-، فلا تُعتبر جزءاً من قوة إنفاذ القانون في دول مثل آيسلندا والنرويج. ولا شكّ أنّ ضابط شرطة مينيسوتا الذي أوقف سيارة فيلاندو كاستيل، وأطلق النار عليه عام 2016، كان سينتهك بروتوكولات فنلندا الصارمة لاستخدام القوة المُميتة.

ممارسات الشرطة الأمريكية محظورة داخل أوروبا

في مناطق مثل البرازيل ومصر وكينيا -وهونغ كونغ مؤخراً-، تشيع اتّهامات الشرطة بالعُنف.

وترى الكثير من الجماعات الحقوقية في هذه البلدان أنّ الشرطة تتعرّض لمساءلةٍ أقل مما يحدث في الولايات المتحدة.

ولكن في دول أخرى، كثيرٌ منها داخل أوروبا، نجد أنّ ممارسات الشرطة التي تُثير الغضب في الولايات المتحدة محظورةٌ بالكامل أو تخضع لضوابط أكثر صرامة بكثير.

5 فروق كبيرة بين الشرطة في أمريكا وأوروبا 

إليكم مقارنةً بين خمس ممارسات شرطية داخل الولايات المتحدة وبين نفس الممارسات في أوروبا والدول الأخرى:

أين نجد رجال شرطة غير مسموح لهم أن يحملوا السلاح بشكل روتيني؟

لن تجد رجال الشرطة العاديين يحملون أيّ أسلحة في النرويج، ونيوزيلندا، وآيسلندا، وبريطانيا، وأيرلندا، وغيرها من الدول. وتمتلك العديد من تلك الدول ملفاً حافلاً بوقائع وحشية الشرطة المزعومة. ولكن يبدو إجمالاً أنّ غياب الأسلحة النارية يُقلّل مستويات التوتّر بين الشرطة والمدنيين، بحسب ما يراه مُعارضو تسليح قوات الشرطة.

ونجحت تلك المقاربة في دولة واحدة على الأقل من الدول التي تتمتّع بمعدلات ملكية سلاح عالية نسبياً وفقاً للمعايير الأوروبية: آيسلندا. وبحسب قاعدة بيانات موقع GunPolicy، كان هناك أكثر من 30 سلاحاً نارياً لكل 100 مواطن داخل آيسلندا في عام 2017، مقارنةً بخمسة أسلحة نارية لكل 100 شخص في بريطانيا. في حين كان كل 100 شخص داخل الولايات المتحدة يمتلكون 120.5 سلاح ناري في عام 2017، وفقاً لموقع Small Arms Survey. ورغم ذلك، لا تحمل شرطة آيسلندا الأسلحة النارية بشكلٍ روتيني.

متى يُمكن للشرطة استخدام الأسلحة النارية أو إطلاق النار بغرض القتل؟

ربما نجد رجال شرطة مسلّحين داخل غالبية دول أوروبا، لكن معدلات قتل الشرطة هناك أقل بكثير من معدلات قتل الشرطة في أمريكا. إذ إنّ الأستاذ المساعد في علم الاجتماع بجامعة روتجرز بول هيرشفيلد، الذي درس أسباب قتل رجال الشرطة الأمريكيين لأشخاص أكثر من نظرائهم الأوروبيين، وجد أنّ إطلاق الشرطة الأمريكية للنار في عام 2014 كان أكثر فتكاً بـ18 مرة من الدنمارك وأكثر فتكاً بـ100 مرة من إطلاق النار في فنلندا.

ونجد أنّ الشرطة الأمريكية تكون أكثر تسليحاً عادةً من الأوروبيين. وهذا عاملٌ واحد يُمكن أن يدفع بالشرطة للتصعيد واستخدام القوة المُميتة بوتيرةٍ أسرع.

الشرطة الشرطة الأمريكية يُسمح لها باستخدام القوة المميتة عند الشعور "بقناعةٍ كافية" أنّ حياتهم في خطر/رويترز

لكن هيرشفيلد قال إنّ هناك عاملاً رئيسياً آخر هنا هو الإطار القانوني. تسمح الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان للشرطة باستخدام القوة المُميتة عند "الضرورة القصوى". وعلى النقيض، نجد أنّ الشرطة في الولايات المتحدة يُسمح لها باستخدام القوة المميتة عند الشعور "بقناعةٍ كافية" أنّ حياتهم في خطر.

وبموجب هذه المبادئ المختلفة، نجد أنّ إطلاق الشرطة للنار قد يكون قانونياً داخل الولايات المتحدة، ولكنّه ليس قانونياً بحسب المعايير الأوروبية.

وتضع دول الاتحاد الأوروبي لوائحها الخاصة ضمن إطار عمل المفوضية. في حين تتمتّع بعض الدول بقوانين أكثر صرامة من غيرها. ففي فنلندا مثلاً، يجب على الشرطي أنّ يحصل على موافقة رئيسه قبل استخدام القوة المُميتة. أما في إسبانيا، فيجب على الشرطي أن يُطلق رصاصة تحذيرية أولاً، ثم يُطلق النار على جزءٍ غير حيوي من الجسم، قبل أن يُطلق النار بغرض القتل وفقاً لأبحاث هيرشفيلد.

ما هي القواعد المتعلقة بتقييد الرقبة؟

وفقاً لقواعد إدارة شرطة مينيابوليس في يوم وفاة جورج فلويد، فإنّ تثبيت الرقبة أو تقييد الشريان السباتي -الذي ضغط خلاله الشرطي ديريك شوفين بركبته على رقبة فلويد لنحو تسع دقائق من أجل وقف تدفّق الدم- يجب أن يُستخدم فقط في حال شعر الشرطي بالخوف على حياته. لذا وُجّهت لشوفين تهمة القتل من الدرجة الثانية، في حين اتُّهِم الضباط الآخرون بالمساعدة والتحريض على القتل.

وفي غالبية أنحاء أوروبا يُحظر استخدام رجال الشرطة لهذا النوع من تقييد الرقبة، الذي يُشار إليه أحياناً بالتثبيت الخانق. وتسمح ألمانيا لرجال الشرطة باستخدام نسخةٍ مُعدّلة منه فقط، حيث يُطبّق الضغط مؤقتاً على الرأس (وليس الرقبة) بغرض إخضاع الشخص. بينما تحظر بلجيكا على الشرطة الضغط على المشتبه به بأي طريقة، حتى وإن كان ذلك لفترةٍ وجيزة بحسب وكالة Associated Press الأمريكية.

في فرنسا استخدم رجال الشرطة تكتيك تقييد الرقبة لتثبيت رجلٍ من ذوي البشرة السمراء خلال واقعةٍ التقط المارة صورها/رويترز

لكن فرنسا هي الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة، حيث استخدم رجال الشرطة هذا التكتيك في الـ28 من مايو/أيار لتثبيت رجلٍ من ذوي البشرة السمراء خلال واقعةٍ التقط المارة صورها.

وفي هونغ كونغ، تُحقّق الشرطة في قضية رجلٍ مات بعد أن قيّدته الشرطة وثبّتت وجهه على الأرض أثناء اعتقاله.

وبموجب القانون الدولي، "يجب على الشرطة استخدام القوة فقط بوصفها ملاذاً أخيراً، وبأقل حدٍ مُمكن"، كما يجري التعامل مع تقييد الرقبة بوصفه نوعاً من أنواع العنف الخطير بحسب باتريك ويلكين، الباحث في القضايا العسكرية والأمنية والشرطية لدى منظمة العفو الدولية.

كيف يُقارن تدريب الشرطة داخل الولايات المتحدة بأوروبا؟

يتدرّب رجل الشرطة في الولايات المتحدة لمدة 19 شهراً قبل بدء وظيفته. لكن تلك الفترة تصل إلى ثلاث سنوات في الكثير من الدول الأوروبية.

وقال هيرشفيلد: "تطول فترة عملية التدريب كثيراً داخل البلدان ذات الشرطة الوطنية. إذ يسهل فرض المعايير على المستوى الوطني، وتطبيقها بيسرٍ أكبر. وفي السياقات الأكثر تسييساً، نجد أنّ الهياكل المحلية تكون هي المسؤولة عن تحديد طريقة فرض النظام، إذ يضطلع حُكّام الولايات ومستشارو المدن بتنظيم الشرطة.. وربما تمارس الشرطة تأثيراً كبيراً على عملية وضع السياسة في بعض المناطق. وفي كل مرةٍ يُحاولون تطبيق الإصلاح.. تقع التكلفة مباشرةً على قوة الشرطة بسبب غياب الشرطة الوطنية التي تدفع الأجور. مما يزيد صعوبة الإصلاح".

كما سعى بعض قادة الشرطة الأمريكية إلى التعلُّم من الدول الأخرى. ففي أعقاب سلسلة من عمليات قتل الشرطة لرجال من ذوي البشرة السمراء واحتجاجات فيرغسون عام 2014، طلبت مجموعةٌ من قادة الشرطة المشورة من نظرائهم الأوروبيين حول كيفية تجنُّب استخدام القوة المُميتة. كما تعاونت الشرطة الإسرائيلية مع رجال الشرطة الأمريكيين لتدريبهم على تكتيكات مكافحة الإرهاب، وهي العلاقة التي انتقدتها جماعات حقوق الإنسان.

أين تحظى تهدئة التصعيد بأولويةٍ أكبر لدى الشرطة؟

في العديد من الدول الأوروبية، يُركز التدريب على كيفية استغلال المكان والوقت من أجل تخفيف التهديد، علاوةً على استخدام أسلحة أقل خطورة مثل مسدسات الصاعق الكهربائي. وفي اليابان، يُشجّع رجال الشرطة على عدم استخدام الأسلحة النارية، ويجري تدريبهم على نوعٍ من الفنون القتالية يُدعى التايهو-جوتسو لاستخدامه إذا لزم الأمر.

وعلى النقيض داخل الولايات المتحدة، نجد أنّ التدخل في الأزمات وتهدئة التصعيد "تميل لأن تكون مجرد أفكار ثانوية، ولا تتجاوز أحياناً أكثر من يومٍ واحد" في تدريبات الشرطة الأمريكية بحسب هيرشفيلد.

وصُدِمَ الكثير من المُحلّلين والمراسلين، خاصةً من غطوا الاحتجاجات والثورات في الدول الأخرى، بسبب استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وغيرها من التكتيكات في مواجهة المتظاهرين طيلة الأسبوع الماضي.

وقالت أستاذة جامعة أريزونا جينفر إيرل، التي تدرس الشرطة والاحتجاجات: "مقارنةً ببعض دول الشرق الأوسط والصين وروسيا آمل أنّ شرطتنا ليست بالقدر نفسه من العدوانية ضد المواطنين. لكن الشرطة الأمريكية أكثر عسكرةً من الدول الغربية الأخرى. لذا فإنّنا نحظى في المُتوسّط بمعدل عداءٍ شُرطي أكثر من أقراننا".

تحميل المزيد