يعيش اللاجئون في مصر حياةً تتنوع فيها أشكال المعاناة، بداية من مماطلات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في تقديم الدعم المادي لهم لمساعدتهم على تدبير سبل الحياة الضرورية، مروراً بمضايقات الشرطة وبعض المصريين لهم، خصوصاً من كان منهم من أصحاب البشرة السمراء.
لكن كل ما سبق يهون بحسب ما قال كثيرون منهم لـ"عربي بوست" مقابل حالة الهوان التي يعيشونها منذ تفشي فيروس كورونا المستجد، وتراجع اهتمام العالم ومنظماته بمشاكل اللاجئين بشكل عام، ولم يجد أغلبهم أمامه سوى التسول وسيلة للبقاء على قيد الحياة.
"حالتنا بقت صعبة أوي وما حد سائل فينا، من ساعة ما قالوا على موضوع كورونا واحنا حالنا واقف، من مارس (آذار) مدخلش بيتي جنيه، وحتى الفلوس اللي كانت بتديها لنا المفوضية وقفت من آخر السنة اللي فاتت وقالوا هيكلمونا، ومحدش سأل فينا وكل شوية أبص في موبايلي، يمكن تجيلي رسالة أروح أستلم بها الغذاء، لكن بقينا داخلين على آخر الشهر ومحدش بعت"، كلمات حملت من الأسى والهم غيضاً من فيض ما تحمله السيدة السودانية منال، التي تقطن في شارع سليم الأول بحي الزيتون، وتنتظر أن يمن عليها "أولاد الحلال" بوجبة تسد رمق أطفالها الأربعة.
جاءت من السودان في أوضاع صعبة
جاءت منال إلى مصر من جنوب السودان منذ 7 سنوات، وتحمل البطاقة الصفراء الخاصة بطالبي اللجوء المسجلين من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتوفي زوجها بعد مجيئهم بثلاث سنوات.
وتشير منال إلى أنَّ لاجئين كُثر من السودان وجنوب السودان اعتادوا أن يعملوا في تنظيف المنازل وسلالم العمارات وتنظيف العيادات والمحال التجارية، خصوصاً أن المفوضية والهيئات الخيرية التي تتعاون معها لا تُساعدهم بانتظام، حتى إن كثيرين منهم لم يحصلوا على كوبون الغذاء منذ ديسمبر/كانون الأول 2019 حتى الآن، رغم أن آخرين ليسوا في حاجة لمعونة الغذاء حصلوا عليها بِسَبَب أن لديهم واسطة كما تقول.
تستكمل السيدة التي تعمل خادمة في المنازل "كنت باجيب قرش كويس "قبل الحظر" ويوميتي 150 جنيه غير اللي بياخده أستاذ ماجد صاحب المكتب اللي بيشغلني، النهاردة الحالة صعبة وما في مساعدات. وكل ما اتصل اسأل عن شغل حتى لو بنص السعر اللي باخده يقوللي مفيش شغل، استحملي الناس خايفة من الشغّالات ينقلوا لهم العدوى".
تشير السيدة إلى أن لديها ابنةً من ذوات الإعاقة الحركية ولديها مرض مناعي، وفور بدء انتشار كورونا أصبحت لا تستطيع شراء المستلزمات الأساسية بعد توقف الإعانة الشهرية من منظمة كاريتاس، وهي إحدى الهيئات الخيرية الدولية التي تتعاون مع مفوضية اللاجئين، فضلاً عن أن "المنظمة" أغلقت أبواب الاستبالة (المستشفى)، ومبقتش عارفة أعمل إيه وبنتي الآن ميرودة (محمومة)!
المشكلة التي تؤرِّق السيدة أن إيجار الغرفة والمستراح (الحمام) التي تقطنها كانت تتحمل تكاليفها منظمة تُسمَّى "باستيك"، وتعد من إحدى شركاء المفوضية لمساعدة اللاجئين، لكنها توقَّفت عن مساعدتها هي وغيرها بسبب تأثر ميزانيتهم، ولا تعرف كيف ستدفع الإيجار، ورقم المفوضية لا يرد عليهم منذ أكثر من شهر".
كثير من اللاجئين يجدون أنفسهم عالقين في براثن الفقر
بحسب التصريحات الرسمية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال السنوات الماضية، وتحديداً منذ عام 2011، استقبلت مصر نحو 5 ملايين شخص بين مهاجر ولاجئ.
لكن وفقاً لإحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لشهر فبراير/شباط 2020، يقيم في مصر لاجئون من أكثر من 50 دولة، مسجل منهم 258 ألفاً و433 لاجئاً وطالب لجوء، ينتمون بالأساس لبلدان إريتريا وإثيوبيا والعراق وجنوب السودان والسودان وسوريا واليمن.
وصل اللاجئ السوداني، باين أحمد وعمره 39 عاماً إلى مصر في العام 2008 (كانت الفترة الأكثر لجوءاً للسودانيين إلى البلاد بين الأعوام 2003- 2012)، يسكن باين ورفاقه في حي عين شمس ويعملون في مجال البناء.
يشرح الرجل أن طلبه اللجوء جاء أولاً للبحث عن الحماية، ومن ثم لتحسين معيشته التي بلغت الحضيض بسبب الحالة الاقتصادية المتدنية في السودان،
وشبّه اللاجئ السوداني طريق نزوحه حتى وصوله إلى مصر بـ"الجحيم"، "كنا ننام في العراء، وسط الصحراء والجبال، دون مأوى ولا حماية، في خوف شديد، وعندما أتينا إلى هنا واجهنا عنصرية لا تصدق، فالناس تعتقد أنَّنا أغبياء وبدائيين، لكن هذا ليس صحيحاً كل ما في الأمر أنَّ مواردنا فقيرة".
ما أشبه الليلة بالبارحة، يقول باين، الذي يضيف "فالآن نعيش أيضاً جحيماً بسبب كورونا، وغالباً ما نصبح كبش فداء في خضم الأزمات. فالفقر يطاردنا والجوع ينتظرنا، ونجلس بدون عمِل ما يقارب الشهرين".
أما فيما يتعلق بالحكومة فلا يوجد أي مساعدة لنا، والمساعدات التي نتلقاها من الجمعيات الحقوقية وبعض أهل الخير توقفت في ظل جائحة كورونا التي عصفت بكل العالم، اقتصادياً واجتماعياً، وشكّلت أزمة أخرى لمن تركوا أوطانهم وتغربوا، ليكونوا مغتربين مرتين، الأولى بحثاً عن العمل من أجل توفير حياة كريمة، والأخرى في ظل الجائحة، بحثاً عن لقمة تسد جوعهم وسط غياب المساعدات الإنسانية.
مذكرة تفاهم بين مصر ومفوضية اللاجئين
في المقابل توضح أسماء عادل موظفة سابقة بالمفوضية التي كان مقرها بمنطقة المهندسين الراقية بوسط العاصمة المصرية، قبل نقلها لمدينة السادس من أكتوبر على أطراف محافظة الجيزة، أن هناك مذكرة تفاهم بين الحكومة المصرية والمفوضية تم توقيعها عام 1954، مفادها أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر هي المسؤولة عن تسجيل وتوثيق وتحديد وضع اللاجئين.
وتشير إلى وجود شركاء متنوعين يتعاونون مع المفوضية ما بين جهات حكومية وغير حكومية، محلية أو دولية، فإلى جانب الوزارات المصرية المختلفة، هناك "الهلال الأحمر"، "هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية"، "جمعية رسالة"، منظمة "كير" الدولية، مؤسسة "كاريتاس"، "خدمات الإغاثة الكاثوليكية" مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، متطوعو الأمم المتحدة، برنامج الأغذية العالمي، منظمة الصحة العالمية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وتؤكد أسماء أنها أثناء عملها تلقّت شكاوى كثيرة بأن المفوضية لا تُعر الأسر المحتاجة الاهتمام الكافي، وقد شاهدت ذلك بعينها من خلال مئات الحالات "منهم كتير هيموتوا من الجوع والمرض ومهددين بالطرد من سكنهم حتى وإن كان هذا السكن غرفة أو مخزن تحت بير السلم".
تتفاقم المشكلة بسبب الظروف الحالية التي ساهمت في تقليص التبرعات التي تأتي إليها عبر المنظمات الأم بالعالم، كما أن المنحة التي أقرَّتها الحكومة للعمالة المصرية غير المنتظمة وقدرها 500 جنيه لن يستفيد منها غير المصريين.
بعض المصريين يضطهدون اللاجئين السودانيين بسبب لون بشرتهم
في أحد الشوارع الرئيسية بالسادس من أكتوبر جلس الشاب السوداني بركة عبدالرحمن سانداً رأسه على ذراعيه بعدما أنهكه الجوع، في انتظار أن يمن عليه أحد المارّة بوجبة تسد رمقه، يقول الشاب لـ"عربي بوست"، إنه كان يعمل بائعاً متجولاً بميدان الحصري بالسادس من أكتوبر، وكان يحصل على حوالي خمسين جنيهاً يومياً، يعطي منهم خمسة عشر جنيهاً لشخص "فتوة" يمر يومياً على الباعة الجائلين، ليأخذ بشكل قسري ما يُعرف بـ"الأرضية".
يعيش عبدالرحمن في مصر منذ 8 سنوات، بعدما جاء من جنوب السودان، وكان قد سجل اسمه في مفوضية اللاجئين، ليسافر إلى دولة أجنبية، لكن إلى الآن لم يردوا عليه.
يقول الشاب "تحمَّلت الكثير من المضايقات لأجمع قوت يومي، إذ يخاف بعض المصريين من لون بشرتنا، وبعضهم يرى أن السودانيين ينافسونهم في العمل، وأننا ملينا البلد وخدنا رزقهم، لكن ما في أيدينا شيء، فمصر لا توفر فرص عمل في القطاع الحكومي لغير المصريين، لذا فإن السبيل الوحيد أمام الكثيرين هو العمل كباعة متجولين".
لا يحصل الشاب على أية مساعدات مالية أو طبية من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أو شركائها، مشيراً إلى أن المفوضية لديها كل بيانات اللاجئين، ومع ذلك طلب برنامج الغذاء العالمي من اللاجئين أن يسجلوا في رابط خاص بالمنظمة للحصول على الطعام، ورغم أنه قام بالتسجيل كما هو مطلوب للحصول على كوبون المعونة الغذائية لكنه لم يحصل عليها.
من اليمن.. نفس المأساة
أما مقرن فجاء منذ بضع سنوات إلى مصر هارباً بأسرته من صراعات محلية وأوضاع معيشية قاسية، في ظل الحرب المشتعلة باليمن حصل وزوجته على مساعدات من مفوضية اللاجئين لمدة أربعة أشهر فقط، ثم توقفت هذه المساعدات، ويحمل مقرن البطاقة البيضاء من المفوضية، لكن المشكلة أن بطاقته انتهت صلاحيتها منذ شهرين، ولم يتم تجديدها بسبب إيقاف المفوضية لجميع الخدمات التي تقدمها.
الرجل لديه ستة أبناء، أحدهم مريض بالسرطان لم يحصل على دعم إلا مرة واحدة كما يقول من منظمة كاريتاس، وكل ما يريده الآن هو معونات غذائية لأطفاله "اللي هيموتوا من الجوع"، وحاول الاتصال برقم الطوارئ التي وضعتها المفوضية منذ أيام على صفحتها على الفيسبوك، إلا أنه دائماً "مرفوع من الخدمة أو غير متاح".
المفوضية استبدلت المساعدات المادية لهم بالدعم النفسي "الافتراضي"
أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فى بيان لها مؤخراً، مدّ فترة تقليص أنشطتها وتأجيل المقابلات على أن تستمر المساعدات المالية خلال مدة تقليص الأنشطة، لكن كما تقول منال السودانية إنهم اكتفوا فقط بتقديم الدعم النفسي للاجئين من خلال صفحتهم على الفيسبوك.
أما أحمد عبدالقادر، محاسب بالمفوضية، فيشير إلى أن المشكلة أن كل من كان لديهم دخول، حتى لو متقطعة، لم يكونوا مدرجين في برامج المساعدات الخاصة بالمفوضية، فضلاً عن أنها الآن قللت من سعاتها ولم تعد تستقبل الشكاوى ولا الزيارات وقلصت النفقات، وجميع الجمعيات والمنظمات المعنية باللاجئين تحولت إلى العمل بالمنزل، بعدما توقفت كثير من المعونات، وكذلك تسجيل اللاجئين وطالبي اللجوء وتجديد البطاقات.
تزامن ذلك مع فقدان أغلب هؤلاء دخولهم بسبب الحظر وتخفيض ساعات العمل وإجراءات الوقاية التي اتخذتها الحكومة المصرية وتأثرت بها العمالة غير المنتظمة بشكل عام واللاجئون بشكل خاص، الذين يعملون باليومية في مطاعم أو مصانع لأنها أغلقت أبوابها وسرحت العمالة وأولهم اللاجئون، وبالمثل المدارس تم إغلاقها وكانت النتيجة تشريد المدرسين الذين يعتمدون على ما يدفعه الأهالي من اللاجئين أيضاً لإدارات المدارس، وتم تشريد السائقين الذين يسترزقون بتوصيل الطلبة من والى منازلهم.
قرار إيجابي من الحكومة المصرية بفتح المستشفيات لعلاج اللاجئين من كورونا
عثمان ايم، مدرس وطالب لجوء إريتري يقيم في مصر منذ 6 سنوات مع زوجته وأبنائه الأربعة، ويعمل بمدرسة للاجئين بشارع أحمد سعيد في العباسية، لكنه خسر دخله حين أغلقت المدرسة أبوابها بعد إلغاء الفصل الدراسي الثاني بسبب تفشي فيروس كورونا. أما زوجته التي تعمل في محل لبيع الأدوات المنزلية، فقد أخبرها صاحب المحل بأن الحال واقف، وأنه لن يستطيع إعطاءها أكثر من نصف الراتب.
يكاد الرجل الخمسيني يفقد عقله كلما فكر في مصروفات التعليم لأبنائه، حيث إنه لا يحصل على منحة التعليم؛ بعد خروجهم من المدارس الحكومية، ولا تغطي المنظمة مصاريف المدارس الخاصة التي يتعلمون بها، وكان يدبر المصروفات من عمله.
أما معتصم أجول، عشريني من جنوب السودان، وطالب بالسنة النهائية بكلية التجارة جامعة القاهرة، ولديه بطاقة لجوء تابعة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فيعمل سكرتيراً بعيادة طبية في الفترة المسائية لإعالة نفسه وتوفير الاحتياجات الأساسية ومصروفات الجامعة، إلا أنه خلال شهر مارس/آذار فقدَ عمله بسبب انتشار فيروس كورونا وإغلاق العيادة، وتعثر من ثم في دفع إيجار الغرفة التي يسكنها، وعجز عن شراء أدوات الحماية والوقاية، لكن المصيبة الأكبر أنه لا يستطيع تسديد القسط الثاني من مصروفات الجامعة، وهو ما قد يحرمه من دخول امتحانات آخر العام أو حجب النتيجة.
يقول أجول: "الناس خايفة مننا، والمنظمات وقفت عملها واكتفت بالتوعية بمخاطر الفيروس والدعم النفسي"، مشيراً إلى خسارة كثير من الأسر مصدر رزقها، وهو ما تزامن مع توقف المفوضية والمنظمات عن دفع المعونة الشهرية لكثير من أبناء جنوب السودان والسودان قبل تفشى المرض بأشهر.
المشكلة الأكبر.. غير المسجلين لدى المفوضية
من ناحيته يشير محمد فرحات، الباحث في دراسات الهجرة واللاجئين، إلى أن مشكلة اللاجئين في مصر موجودة ببلدان أخرى في ظل وباء عالمي يجتاح العالم بأَسره، مشيراً إلى أن اللاجئين وطالبي اللجوء يعملون في القطاعات غير الرسمية، وأغلبهم خسروا أعمالهم.
فالمشكلة الأكبر في المهاجرين، من رفضت المفوضية أوراقهم كلاجئين، وهؤلاء لا يتلقّون أي مساعدات، وليس لديهم وضع قانوني ولا يستطيعون الحصول على الحدود الدنيا من الخدمات الصحية.
يشدد الباحث على ضرورة ألا يكون هناك أي تمييز بين مصري ولاجئ ومهاجر في الصحة العامة، فلو أصيب لاجئ بكورونا فسيكون مصدراً للعدوى للجميع، مشيراً إلى أن قرار فتح المستشفيات أمام اللاجئين للعلاج في حال الإصابة بكورونا كان قراراً إيجابياً.
آلاف من أسر اللاجئين والمهاجرين يعانون مصاعب في توفير احتياجاتهم الغذائية والعلاجية
نهاد سامر، ناشطة قضايا حقوقية سودانية مقيمة بمنطقة بولاق بوسط القاهرة، تقول لـ"عربي بوست"، إن جميع المعونات الموجهة للاجئين توقفت سواء من منظمات شؤون اللاجئين أو المفوضية، أو المساجد والكنائس بعد غلقها، وتوقفت جميع الأنشطة التي كان يعمل بها اللاجئون؛ ما أدى إلى عجزهم عن تسديد الإيجارات الشهرية.
يُذكر أن مكتب حق للمحاماة والدعم القانوني والنفسي للاجئين الأفارقة، قد وجَّه نداءً للكيانات الاجتماعية والسياسية داخل السودان وخارجه، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وعديد من المنظمات لتقديم المساعدات للاجئين والمهاجرين الأفارقة في مصر عموماً، والسودانيين والجنوب سودانيين بشكل خاص، لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا، باعتبارهم الأكثر عدداً واحتياجاً بين جنسيات اللاجئين الأخرى، وسرعة العمل على ابتكار المخططات العاجلة والحلول من أجل توفير الغذاء والمأوى لهؤلاء اللاجئين والمهاجرين.
وأشار البيان إلى أن آلافاً من أسر اللاجئين والمهاجرين يعانون مصاعب في توفير احتياجاتهم الغذائية والعلاجية، ويُتوقع مع بداية الشهر انعدام قدرتهم على دفع الإيجار الشهري لمساكنهم.
كورونا ضاعف معاناة اللاجئين المقيمين في مصر
وكانت هيئة اللاجئين السودانيين في مصر قد كشفت عن أوضاع مأساوية يعيشها آلاف اللاجئين السودانيين، بعد أن أقرت مصر إجراءات للحد من انتشار جائحة كورونا، أبرزها فقدان نحو "90%" من اللاجئين أعمالهم،
وعجزهم عن سداد إيجارات مساكنهم، وتم طرد نحو "150" أسرة من مساكنهم، كما نوهت إلى وجود عشرات الأسر تتضور جوعاََ ويعتمد منسوبوها في غذائهم على "القمامة".
ولفت البيان إلى أنَّ نقص الإعانات خلق كارثة إنسانية لا تقل فظاعتها عن "كورونا" بعد طرد اللاجئين السودانيين من الأعمال الهامشية غير الآدمية، كالعمل في نظافة المنازل وباعة جائلين، خاصةً النساء .
التمويل الذي يصل للمفوضية أقل من احتياجات اللاجئين وأحياناً لا يغطي رواتب العاملين
يرى بعض اللاجئين في مصر أن الحكومة تراعي مواطنيها وهذا حقها، بينما لا تمثل لهم المفوضية السامية سوى "حبر على ورق"، ومن المفترض أن يكون اللاجئون مسؤوليتها، لكنها لا تتدخل لحل مشاكلهم سواء في الإقامة أو غيرها.
على الجانب المقابل هناك من يرى أنَّ وضع المفوضية طوعيٌّ لا يعطيها القوة اللازمة للضغط على الحكومات.
وتواجه الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الآن مهمة حماية 70 مليون نازح في جميع أنحاء العالم من فيروس كورونا، الذي رزحت تحت عبئه أفضل أنظمة الرعاية الصحية في العالم.
ويشير مسؤول بالمفوضية إلى أنهم لا يملكون أموالاً يكنزونها كما يعتقد البعض، فالمشكلة أنها تعمل بتمويل ضعيف، لا يغطي رواتب كل العاملين بها، وما يصل لها من تمويل أقل كثيراً من الاحتياجات، وبالتالي لديهم أزمة في تلبية احتياجات اللاجئين من صحة وسكن وعلاج، وتفاقم الأمر بعد تفشي كورونا في البلاد، فالضغوط كبيرة والموارد قليلة.
ويضيف المسؤول أنه خلال العامين الماضيين، حدث انخفاض في الموارد المالية لكل مؤسسات الأمم المتحدة دولياً، ومن ضمنها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مما أدى إلى خفض ورديات العمل، وانخفاض عدد الموظفين بالمفوضية، لتتفاقم الأزمة في ظل الاحتياج الذي يواجهه اللاجئون.
وسبق أن حذَّرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، من أن الدعم اللازم للاجئين في مصر يتعرض لضغوط شديدة، بسبب ارتفاع أعداد الوافدين وعدم كفاية الموارد.
وقال فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، في كلمة له: "أشعر بقلق عميق إزاء حقيقة أن ثمانية من أصل 10 لاجئين في مصر يعيشون في أوضاع إنسانية بائسة، ولا يمكنهم تلبية حتى أبسط احتياجاتهم. ويعتبر الحصول على لقمة العيش تحدياً يومياً لهم".
وأعربت المفوضية عن بالغ قلقها إزاء قدرتها على مواصلة برامج الحماية للأطفال اللاجئين، خاصةً الأطفال المنفصلين عن أُسرهم، حيث إن 40% من اللاجئين في مصر من الأطفال، ووصل عديد منهم غير مرافقين ولا يزالون منفصلين عن عائلاتهم.