تبدو إسرائيل قلقة من تفكير الإدارة الأمريكية بسحب قواتها من سيناء العاملة ضمن قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات موجودة هناك منذ عام 1981 كجزء من الترتيبات الضامنة لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.
وعجلت الأزمة الاقتصادية التي خلفها فيروس كورونا من توجه المؤسسة العسكرية الأمريكية، لخفض في الأنشطة التي لا تراها إدارة ترامب ضرورية، من ضمنها تفكير الإدارة الأمريكية بسحب قواتها من سيناء، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.
ما سبب تفكير الإدارة الأمريكية بسحب قواتها من سيناء
وقال رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مارك ميلي مؤخراً في الكونغرس إن كل مهمة سوف يجري التحقق منها لتحديد مدى ملاءمتها مع الاستراتيجية الأمريكية.
وتساءل ميلي عما إذا كانت قوات مهمة حفظ السلام الدولية في سيناء لا تزال صالحة للقوات الأمريكية، علماً بأنه ذكر بأنه من ضمن العاملين بها عام 1981.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد نقلت عن مسؤولين أمريكيين، قولهم إن وزير الدفاع مارك إسبر يسعى لسحب بعض القوات الأمريكية المشاركة في قوات حفظ السلام الدولية في شبه جزيرة سيناء.
وقال المسؤولون الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، إن تفكير الإدارة الأمريكية بسحب قواتها من سيناء يأتي في إطار تقليص النفقات العسكرية، وأن إسبر يعتقد أن انتشار القوات في سيناء "ليس جديراً" بتكلفته والخطر الذي يتعرض له العسكريون في تلك المنطقة.
ويشير التقرير إلى أن إسرائيل والخارجية الأمريكية تعارضان سحب القوات الأميركية من سيناء.
وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، إن بلاده ستناقش مع الولايات المتحدة تقريراً صحفياً ذكر أنه قد يتم خفض قوات حفظ السلام في شبه جزيرة سيناء المصرية، واصفاً وجودها هناك لنحو أربعة عقود بأنه مهم.
وكانت الولايات المتحدة قد قلصت مشاركتها في القوة الدولية في سيناء عام 2016.
لماذا قد يؤدي الانسحاب الأمريكي إلى انهيار المهمة الدولية برمتها؟
يتمركز في سيناء 450 جندياً أمريكياً فقط، وحوالي نصف هؤلاء يكونون من أفراد الجيش الأمريكي، بينما يأتي النصف الآخر من الحرس الوطني. لكن أي قرار من جانب الولايات المتحدة بسحب أفراد من هذه القوة، التي تأسست لمراقبة اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، يمكن أن يؤدي إلى انهيار القوة التي تشارك بها دول أخرى بأكملها ومغادرة بلاد أخرى.
تملك قوة حفظ السلام حالياً أفراداً من 13 دولة، بما فيها كولومبيا، وأوروغواي، وإيطاليا، وجمهورية التشيك، وفيجي.
ويفترض الأمريكيون أن البلدان الأخرى سوف تملأ الفراغ إذا قررت الولايات المتحدة المغادرة. ويعتقدون أيضاً أن العلاقات بين مصر وإسرائيل قوية بما يكفي، وأن التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل صار قريباً للغاية لدرجة أن مغادرة الولايات المتحدة لن تتسبب في أي ضرر.
القوة ساعدت في التنسيق بين مصر وإسرائيل في الأوقات الحرجة
كان العميد أول المتقاعد عساف أوريون، المرتبط بمركز دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، يراقب عن كثب أعمال القوة متعددة الجنسيات، من بين أمور أخرى عندما كان يشغل سابقاً مدير التخطيط الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي والتعاون الدولي.
قال أوريون لصحيفة Haaretz: "ساعدت آلية القوة أكثر من مرة في استعادة الهدوء بعد الهجمات على الحدود المصرية، مثل هجوم عين نتافيم في 2011. عندما أرادت مصر زيادة قواتها في سيناء لقتال الإرهابيين، وافقت إسرائيل على زيادة أعداد القوات في الملحق الأمني لاتفاقيات السلام لأن العملية كانت تتم بإشراف ووساطة أمريكية".
ولكن الجيش المصري سعيد بالانسحاب الأمريكي ويريد انتهاز الفرصة لتحقيق هدف قديم له
"التوفير الذي سوف يحققه الأمريكيون إذا ألغوا مشاركتهم في القوة سيكون بسيطاً، ويوجد التزام حقيقي في مصر تجاه السلام مع إسرائيل، حسبما يرى أوريون.
ولكنه استدرك قائلاً "ولكن الجيش المصري يرغب بفرض هيمنته في سيناء عن طريق التخلص من القيود المفروضة عليه بموجب الاتفاقيات".
واستمرار إشراف الولايات المتحدة ضروري حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة"، حسب قوله.
أعضاء بالكونغرس يطالبون ترامب بالإبقاء على القوة
وقد أرسل 12 من نواب الكونغرس خطاباً في الأسبوع الماضي إلى بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر، يطالبون باستمرار الشراكة الأمريكية في القوة متعددة الجنسيات، التي كتبوا إنها "في منطقة لا يمكن التنبؤ بها مثل الشرق الأوسط.. وتمثل دعامة للاستقرار".
وكتب هؤلاء إن القوات متعددة الجنسيات "كانت جوهرية في صمود المعاهدة. منذ تأسيسها، أشرفت القوة متعددة الجنسيات في سيناء على البنود الأمنية الواردة في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وحرصت على تطبيقها، وبذلت قصارى جهدها لمنع أي انتهاك بحق الشروط.
وبالرغم من أن الحكومتين المصرية والإسرائيلية تقران بأهمية اتفاقية السلام ومن مصلحتهما تماماً استمرارها، فإن إشراف ووساطة القوة متعددة الجنسيات في سيناء تضمن حل أوجه الخلاف بين الجانبين بدبلوماسية وروية.
تعتمد المصداقية التي يُنظر بها إلى القوة متعددة الجنسيات في سيناء من جانب الحكومتين المصرية والإسرائيلية، اعتماداً كبيراً على الدور القيادي الأمريكي المستمر في القوة متعددة الجنسيات في سيناء، بما في ذلك العسكريين الرجال والنساء المنتشرين حالياً في شبه جزيرة سيناء"، حسب أعضاء الكونغرس.
من أجل هذه الأسباب، كتب المشرعون إنه "سيكون خطأً كبيراً أن تسحب الولايات المتحدة قواتها من القوة متعددة الجنسيات في سيناء. ففي حين أن تخصيص الموارد اللازمة لاستراتيجية الدفاع الوطني تعني إعادة فحص جوانب وضع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، يجب على الولايات المتحدة الإبقاء على الدعم الكافي لمنظمة عززت الاستقرار الإقليمي عبر دورها في حفظ السلام. والفشل في هذا يمكن أن ينتج عنه شرق أوسط أقل استقراراً، ويزيد في نهاية المطاف من صعوبة تطبيق استراتيجية الدفاع الوطني".