لم تخلُ حياة ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الإعاقات من المتاعب في الأوقات الطبيعية، والمعاناة من التهميش وعدم الاهتمام، فهؤلاء يواجهون صعوبات دائمة متواترة في توفير حاجياتهم الأساسية وتنفيذ برامجهم وبلوغ مقاصدهم، لتلقي أزمة كورونا بمخاوف كبيرة في نفوس هذه الفئة الكبيرة، في كل المنطقة العربية، لاسيما في مصر التي تتزايد فيها حالات الإعاقة.
بسيوني محمد بسيوني الشهير في حيّه بـ"الشيخ بسيوني" لم يكن يعرف فيروس كورونا إلا مع بداية شهر أبريل/نيسان الماضي عندما أخبرته ابنة شقيقته عند زيارتها له، بوجود فيروس قاتل ووجوب عدم خروجه المنزل.
لم يفهم في البداية ماذا يحدث، فاستمر أياماً في مداومة الخروج من منزله الصغير الذي يسكنه وحده، يقول: "كنت أذهب إلى المسجد القريب، وما إن أنتهي من الصلاة حتى أجلس مع جاري صاحب محل البقالة، أساعده في البيع، ولم يخبرني أحد بأن هناك فيروس ولم أكن أعلم شيئاً عن المرض".
لم يعرف الشيخ بسيوني بمَن يستعين، ومَن يقضي له حاجياته ويشتري له أغراضه في ظل انتشار الوباء الذي ينتقل بلمس الأسطح إن كانت حاملة للفيروس، ما زاد من معاناته التي يعيشها بالأساس لكونه من ذوي الاحتياجات الخاصة في بلد لا توفر كافة سبل الراحة لأصحاب الهمم.
الخروج ليس رفاهية
تابع بسيوني الذي يعيش العقد الخامس من عمره: "لم أخرج من البيت خلال شهر إلا 3 أو 4 مرات؛ لأنني مصاب بمرض السكري ورياضة المشي ليست رفاهية بالنسبة لي، لكنني أحاول قدر الإمكان الأخذ بكافة الاحتياطات".
وعن الاحتياطات التي يتبعها الشيخ بسيوني الكفيف منذ صغره بعدما أصيب بضمور في عصب العين تسبب في فقدانه لبصره منذ الصغر، فقد اتخذ الحيطة والحذر خلال سيره، وحرص على رش الكحول على يديه والوقوف بعيداً عن الأشخاص، اشترت له ابنة أخته الكحول والمطهرات اللازمة التي يستخدمها بشكل يومي قبل الخروج وبعد الرجوع إلى المنزل.
يقول بسيوني لـ"عربي بوست": "زوجتي ماتت منذ ١٠ أعوام، ولم يرزقني الله بأولاد، ومن يومها وأنا أعيش في وحدة، جيراني يأتون لزيارتي من وقت لآخر وأحياناً يجهزون لي أطعمة، والآن يساعدونني في شراء أغراض المنزل".
مخاطر كورونا على ذوي الاحتياجات الخاصة
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، قد قالت في تقرير سابق لها إن فيروس كورونا الجديد، المسبب لمرض "كوفيد 19″، يشكل مخاطر لكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم، وإن على الحكومات أن تبذل جهوداً إضافية لحماية حقوقهم في الاستجابة للجائحة.
وقالت جين بوكانان، نائبة مدير قسم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المنظمة الدولية، إن "الأشخاص ذوي الإعاقة هم من الفئات الأكثر تهميشاً، وتعرضاً للوصم في العالم، حتى في الظروف العادية، وما لم تتحرك الحكومات سريعاً لاحتوائهم، ضمن استجابتها لتفشي الفيروس، فإنهم سيتعرضون بشدة، لخطر العدوى والموت مع انتشار الجائحة".
ووفقاً لـ"هيومن رايتس ووتش"، فإن هناك أكثر من مليار شخص تقريباً يمثلون ما نسبته 15% من سكان العالم يعيشون مع أحد أشكال الإعاقة، وتشير المنظمة إلى أن هؤلاء قد يشملون الأشخاص الأكبر سناً، أو مَن لديهم حالات صحية مزمنة، أو ذوي الإعاقة التي تؤثر على قدرتهم التنفسية وكلهم وفقاً لها معرضون بشكل خاص للإصابة الخطيرة بكوفيد-19 أو الموت بسببه.