تخفيض جديد لموازنة الجزائر أدخلته الحكومة مؤخراً ليصبح التقليص المتوقع للنفقات في حدود النصف.
فقد أجبرت صدمة هبوط أسعار النفط الخام دون 30 دولاراً للبرميل منذ مارس/آذار الماضي، الحكومة الجزائرية، على رفع تقليص نفقات الدولة من 30 إلى 50%، وتجميد مشاريع في جل القطاعات باستثناء الصحة والتعليم.
وتوقعت الموازنة العامة الجزائرية للعام 2020، عجزاً بنسبة 12.7% (قرابة 12 مليار دولار)، ونسبة نمو عام بنسبة 1.8%، بإجمالي نفقات 7772 مليار دينار (65 مليار دولار)، وإيرادات 6239 مليار دينار (52 مليار دولار).
تخفيض جديد لموازنة الجزائر من 30% إلى 50%
والأسبوع الماضي، أعلنت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس عبدالمجيد تبون، وجه برفع تقليص نفقات تسيير الدولة من 30 إلى 50%، لمجابهة تداعيات انهيار أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيس للبلاد.
ففي 22 مارس/آذار الماضي، أعلنت الحكومة الجزائرية خطة تقشفية جديدة بسبب الأزمة النفطية، تضمنت خفضاً لنفقات الدولة بواقع 30%، تشمل خفضاً لنفقات الدولة والمؤسسات التابعة لها دون تحديدها.
كما خفضت شركة سوناطراك الحكومية للمحروقات، الأكبر في البلاد، نفقاتها بواقع 7 مليارات دولار للعام 2020، نزولاً من 14 ملياراً.
ومن قرارات الحكومة، خفض فاتورة الواردات بواقع 10 مليارات دولار، لتنخفض من 41 مليار دولار في 2019، إلى 31 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
وينتظر اعتماد قانون موازنة تكميلي من قبل الحكومة الجزائرية، في إطار تدابير مواجهة انهيار أسعار النفط، وجائحة فيروس كورونا المستجد.
وقانون "الموازنة التكميلي"، الذي عادة ما تلجأ إليه الجزائر حسب الحاجة، يهدف إلى إقرار مخصصات مالية جديدة، أو تغيير تقديرات الإيرادات أو لخلق أخرى والترخيص بنفقات جديدة.
وتتوقع الجزائر تراجع احتياطاتها من النقد الأجنبي إلى 44 مليار دولار بنهاية العام الجاري، نزولاً من 62 مليار دولار نهاية 2019.
أوقفوا المشاريع الحكومية فوراً
ووجهت برقية لوزارة الخزانة الجزائرية أرسلت لفروعها عبر الولايات، اطلعت الأناضول على نسخة منها، مؤرخة في 28 أبريل/نيسان الماضي، بتجميد عدة مشاريع حكومية.
وطلبت البرقية من فروع ووزارة الخزانة عبر الولايات، برفض تلقائي للتصديق على نفقات مشاريع الهيئات والمؤسسات الحكومية، التي لم تنطلق بها الأعمال بعد.
وحسب الوثيقة ذاتها، فإن هذا الرفض يشمل قرارات التجهيز الحكومية المركزية (مصدرها الحكومة) وغير المركزية (مصدرها الولاة).
ولكن هناك استثناءات
واستثنت العملية التقشفية مشاريع قطاعات التربية (التعليم) والصحة، إضافة لمستشفى متخصص في أمراض السرطان بولاية الجلفة (300) كيلومتر جنوبي العاصمة).
واستثنى تجميد المشاريع الحكومية، تلك الموجهة لمناطق الظل، وهي الأقاليم التي تعاني تخلفاً في التنمية في مختلف محافظات البلاد.
ويرى الخبير وأستاذ الاقتصاد بجامعة عبدالرحمن ابن خلدون بولاية تيارات (غرب)، عبدالرحمن عية، أن توسيع تقليص الإنفاق الحكومي، سببه الرغبة في تخفيض عجز الموازنة والوصول به إلى مستويات مقبولة.
البديل هو الاستدانة أو طبع نقود
الخطة التقشفية الحادة لها ثلاثة أسباب رئيسة، في ظل رفض الرئيس تبون الاستدانة من الخارج، أو العودة إلى الإصدار النقدي لسد العجز (طبع النقود)، حسب عبدالرحمن عية.
السبب الأول، يكمن في وجود عجز في الموازنة العامة للبلاد للعام الجاري، يصل إلى 15 مليار دولار، والثاني يتعلق بتراجع عائدات البلاد من النقد الأجنبي بسبب هبوط أسعار النفط، حيث تتوقع الحكومة مداخيل بـ22 مليار دولار مقارنة بدخل فاق الـ34 مليار دولار في 2019، وفق بيانات حكومية رسمية.
والسبب الثالث، فقد أملته التزامات الحكومة من خلال إلغاء بعض الضرائب على المرتبات، ورفع الحد الأدنى للأجر المضمون وتعويض المتضررين من فيروس كورونا المستجد.
وقبل أيام، أعلنت الحكومة الجزائرية إلغاء الضرائب على المرتبات، التي تساوي أو أقل من 30 ألف دينار (255 دولاراً)، ورفع الأجر الأدنى المضمون من 150 إلى 170 دولاراً.
وأعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قبل دخول شهر رمضان، تقديم مساعدات مالية للأسر المتضررة من فيروس كورونا المستجد، وأيضاً أصحاب النشاطات التي توقفت جراء تدابير الحد من انتشار الجائحة.
ما هي الجهات التي ستتأثر بتخفيض النفقات؟
تقليص النفقات سيمس على وجه الخصوص إدارة المؤسسات والهيئات الحكومية، حسب ما يرى الصحفي الجزائري، ومسؤول القسم الاقتصادي بجريدة الخبر (خاصة)، حفيظ صواليلي.
إذ يمكن أن يشمل تقليص نفقات التسيير والإدارة للهيئات الحكومية وتكاليف عمليات التضامن الاجتماعي، ونشاطات أخرى ثقافية مع استبعاد المساس بمرتبات الموظفين".
وشدد على أن تقليص الإنفاق العام للحكومة، لا يمكن أن يمس مرتبات الموظفين التي تعتبر خطاً أحمر.