تسعى روسيا من خلال اتخاذ تدابير اقتصادية توصف بـ"غير الكافية" إلى إعادة الحياة لاقتصاد أنهكه التدهور المستمر في أسعار النفط، قبل توقف عجلة الأنشطة الاقتصادية على خلفية تفشي فيروس كورونا.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لفت، في وقت سابق، إلى أن البلاد تنتظر أزمة اقتصادية أكبر من تلك التي شهدها العالم خلال الأزمة المالية العالمية 2008.
على نفس المسار، توقع صندوق النقد الدولي في تقرير صدر منتصف أبريل/نيسان الماضي، أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 5.5% هذا العام.
وفي الوقت الذي حذر فيه ديوان المحاسبة الروسي ووزير المالية السابق، أليكسي كودرين، من أن عدد العاطلين عن العمل قد يرتفع من 2.5 مليون إلى 8 ملايين، تتردد السلطات الروسية في استخدام احتياطيات تبلغ حوالي 165 مليار دولار من عائدات النفط والغاز.
تدهور اقتصادي
أستاذ الاقتصاد في أكاديمية باريس للعلوم السياسية، سيرغي جورييف، وصف التدابير الاقتصادية المتخذة من السلطات الروسية، بعد التدهور جراء الانخفاض الحاد في أسعار النفط والآثار السلبية المترتبة جراء كورونا، بـ"غير الكافية".
"جورييف" أضاف خلال تقييم أجراه لمراسل الأناضول حول تأثير تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتفشي كورونا على الاقتصاد الروسي، أن نسبة حزمة الدعم الأولى المعلنة للناتج المحلي الإجمالي ظلت عند مستوى 0.3٪.
وتابع: "هذه النسبة وإن بدأت بالارتفاع بعد ذلك، إلا أن نسبة الناتج المحلي الإجمالي باتت قاب قوسين أو أدنى من عتبة الـ2٪ وهذا يشمل القروض المقدمة".
وشدد جورييف على أن "الاقتصاد الروسي قد يشهد انكماشاً بواقع 6 إلى 10 ٪، على خلفية التدابير المتخذة لمنع انتشار الفيروس المستجد، وحالة الإغلاق التي شهدتها القطاعات الاقتصادية في البلاد".
وقال: "التدابير الاقتصادية التي تتخذها الحكومة ليست كافية.. 70٪ من الروس ليس لديهم مدخرات ويواجهون عملياً حالة اقتصادية صعبة للغاية تتعلق بمعيشتهم".
ضبابية اقتصادية
وقالت تاتيانا إساتشينكو، أستاذة إدارة التجارة الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية، إنها تتفق مع الرأي القائل بأن "الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة لإنعاش الاقتصاد غير كافية".
وأضافت "إساتشينكو"، للأناضول، أنه من الصعب توقع حجم الخسائر التي سيمنى بها الاقتصاد الروسي خلال المرحلة المقبلة، رغم امتلاك موسكو لاحتياطيات نقدية تصل إلى 7 تريليونات روبل.
وتابعت: "مع ذلك، لا نعرف الطريقة التي سيتم من خلالها التصرف بهذه الاحتياطيات.. نأمل أن يتم التصرف بتلك الاحتياطيات في مشاريع تعنى بالدعم الاجتماعي، وتعزيز إمكانات النظام الصحي، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم".
وقالت إساتشينكو: "من الصعب تقدير حجم الأضرار التي سيمنى بها الاقتصاد الوطني، لاسيما أن تلك الأضرار ستلحق بأكثر القطاعات إنتاجية في البلاد، مثل القطاع السياحي والمطاعم وخدمات الأغذية والمشروبات والمشاريع".
بدوره، قال قنسطنطين كوريشتشينكو، رئيس الأكاديمية الرئاسية الاقتصادية الروسية (RANEPA)، إن الخطة الاقتصادية الوطنية تهدف لإحراز نمو اقتصادي بنسبة 2٪ هذا العام، ولكن من المتوقع الآن أن ينكمش الاقتصاد من 5 إلى 7٪.
وأضاف كوريشتشينكو، وهو نائب رئيس البنك المركزي السابق، أن "عجز الموازنة الروسية قد يصل هذا العام إلى 5٪ تبعاً للتقلبات الاقتصادية، في ظل عدم وجود خطط بديلة واضحة للبنك المركزي".
وأكد كوريشتشينكو، للأناضول، أن قطاعات مثل التجارة الخارجية والنقل والسياحة والخدمات في روسيا، هي الأكثر تأثراً بالأزمة الاقتصادية.
واستطرد: "بينما تبدو شركات التجارة الإلكترونية المحلية والشركات، التي توفر الترفيه عبر الإنترنت وقطاع الصحة وإنتاج المواد الغذائية، أكثر المستفيدين من الوضع الحالي".
وأشار كوريشتشينكو إلى أن قطاع النفط تعرض لضربة، بسبب انخفاض الأسعار بنسبة 55٪ حالياً، عن مستويات 2019 إلى متوسط 26 دولاراً لبرميل برنت.