أثارت التعديلات التي أجراها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على "قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين" الكثير من الانتقادات الدولية للسلطات المصرية، بسبب زيادة تضييق الخناق على المجال العام، خاصة بعد وضع ناشطين سياسيين في قوائم الإرهابيين.
يندرج في "قوائم الإرهاب" المصرية أكثر من 6,300 اسم، من بينهم عدد من أكثر المقاتلين شراسة وخطورة اليوم.
غير أن هؤلاء الرجال يمثلون جزءاً صغيراً من القائمة، التي تضم إلى جانبهم مئات النشطاء والسياسيين ومحامي حقوق الإنسان السلميين، أو حتى أشخاص على علاقة بهم، بحسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني
سحق المعارضة أم محاربة الإرهاب؟
ويرى منتقدو قوائم الإرهاب أنها بدلاً من مكافحة الإرهاب، تستخدم الحكومة المصرية قوائم الإرهاب المتضخمة للغاية من أجل سحق أي معارضة أو أفكار مستقلة، وترهيب المنتقدين وإجبارهم على التزام الصمت.
ويعتمد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يبرر حكمه الاستبدادي بالتهديد الواضح للجماعات المسلحة الإرهابية، على قوانين مكافحة الإرهاب ويستخدمها بمثابة ذريعة وأساس قانوني لاستهداف المعارضين.
وصدر "قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين"، المثير للجدل في فبراير/شباط 2015، الذي أضاف إليه السيسي تعديلات جديدة خلال الشهر الماضي.
تعد عملية إدراج الأسماء في قوائم الإرهاب سريعة وغير شفافة. تقدم النيابة العامة الأسماء المقترح إضافتها للقوائم، وتبت المحكمة في تلك المقترحات خلال سبعة أيام، ثم يُمهل الشخص المتضرر 60 يوماً للاستئناف بمجرد نشر القرار.
وخلال تلك الفترة، يُمنع ذلك الشخص، الذي يمثّل تهديداً محتملاً، من السفر، ويُصادر جواز سفره أو يُلغى، مع تجميد أصوله المالية.
تعديلات وسعت دائرة المتضررين
وسّعت التعديلات التي أُقرت في شهر مارس/آذار الماضي من معايير الإدراج والعقوبات، إذ تسمح للسلطات بتجميد أصول المشتبه بهم دون الحاجة إلى ربطها بنشاط إرهابي.
وتحرم الأفراد المُدرجين على تلك القوائم من عضوية أي هيئة حكومية أو نقابة مهنية، وتحرمهم من حق ممارسة العمل السياسي.
وقد أزالت التعديلات أي ثغرات استخدمتها محكمة النقض في السابق، أعلى محكمة استئناف في مصر، لرفض ترشيحات الإدراج في قوائم الإرهاب.
وتضمنت الأسماء المضافة إلى القوائم منذ 2015 كلاً من الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، ولاعب كرة القدم محمد أبوتريكة، ورجل الأعمال صفوان ثابت، والمرشح الرئاسي السابق عبدالمنعم أبوالفتوح، والصحفي هشام جعفر، ومؤخراً، العضو البرلماني السابق زياد العليمي، والناشط السياسي المصري-الفلسطيني رامي شعث.
واتهمت أحدث الإضافات المدرجة إلى قوائم الاتهامات، والمُعلن عنها يوم 18 أبريل/نيسان، كلاً من رامي شعث وزياد العليمي و 11 معارضاً سياسياً آخر بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين لتنفيذها أنشطة ضد الدولة، بحسب الرواية الرسمية المصرية.
وقال المحامي خالد علي إن القرار اتُّخذ في غيابه، وإنه سوف يستأنف ضد القرار.
كان رامي شعث، 49 عاماً، من الأعضاء المؤسسين لحزب الدستور الليبرالي في أعقاب ثورة 2011. ومنذ صيف 2014، تركزت أنشطته السياسية على تنسيق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات المؤيدة للفلسطينيين في مصر، حسبما قالت زوجته.
بينما يعد زياد العلمي محامياً حقوقياً وأحد الرموز القيادية الشابة لثورة 2011.
وأُلقي القبض على كليهما الصيف الماضي في حملة قمعية استهدفت العديد من السياسيين المعارضين العلمانيين الآخرين إثر محاولة تأسيس تحالف سياسي يسمى "تحالف الأمل" من أجل خوض الانتخابات البرلمانية القادمة في نوفمبر/تشرين الثاني.
قانون "بدوافع سياسية"
قال حسين بيومي، الباحث المصري في منظمة العفو الدولية، إن صفة الإرهاب تستخدم على نحو غير عادل، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى أن من تُدرج أسماؤهم في تلك القوائم ليس لديهم فرصة للدفاع عن أنفسهم حتى مرحلة الاستئناف.
وأضاف: "بالرغم من رفض محكمة النقض إدراج بعض الأسماء في قوائم الإرهاب بسبب غياب التحقيقات، تسمح التعديلات الجديدة الآن بإدراج أي شخص إلى قوائم الإرهاب دون أي دليل على أي نشاط إرهابي".
وقال علاء عبدالمنصف، المحامي الحقوقي، إن تمرير قانون قوائم الإرهاب كانت له "دوافع سياسية" بشكل رئيسي.
وقال: "إنه قانون سياسي لا علاقة له بالدستور. الهدف من هذا القانون هو السيطرة على المعارضين السياسيين من خلال تقييد تحركاتهم وتجميد أصولهم المالية".
وأضاف: "خضع عدد كبير من الأفراد المدرجين على قوائم الإرهاب لمحاكمات سابقة في قضايا سياسية، من بينهم الـ13 شخصاً المضافون إلى قوائم الإرهاب يوم السبت، 18 أبريل/نيسان".
وأكّد عبدالمنصف: "إنه أداة للانتقام السياسي. القانون والعملية القضائية ينتابهما عوار شديد".
تفريق العائلات
هناك العديد من الأفراد المدرجين على قوائم الإرهاب ليس لهم أي نشاط سياسي سابق، أو أُضيفوا إلى القائمة بسبب ارتباط أحد أفراد العائلة بقوائم الإرهاب.
قالت سيدة أعمال مصرية، رفضت الكشف عن هويتها، إنها شعرت بالصدمة عندما وجدت اسمها مُدرجاً على قوائم الإرهاب في 2017، وإن حياتها تغيرت تماماً منذ ذلك اليوم.
وتعتقد أن اسمها أُدرج بسبب والدها، رجل الأعمال الذي اعتبرته الدولة من داعمي الرئيس السابق محمد مرسي، بالرغم من أنه عضو سابق في حزب ليبرالي غير تابع للرئيس المعزول.
وقالت: "دائماً كانت حياتي ترتكز على عملي، ولم أشارك قط في أي نشاط سياسي".
وقالت سيدة الأعمال الشابة إن الجيش استولى على شركتها منذ ذلك الوقت، وإنها تعمل حالياً موظفة لدى القوات المسلحة.
وقالت: "صُودر جواز سفري في مطار القاهرة عندما كنت في طريقي لإحدى سفريات العمل".
وأضافت: "أشعر أنني في سجن. أصبحت حياتي أكثر تعقيداً بسبب عدم قدرتي على السفر لرؤية زوجي الذي يعمل بالخارج".
وقالت امرأة أخرى، أكاديمية وناشطة سابقة، إنها لم تتمكن من تسلّم راتبها الجامعي منذ إدراج اسمها في قوائم الإرهاب عام 2017.
وقالت: "جمدوا كل حساباتي البنكية دون أي أساس قانوني".
وأضافت: "منذ منعي من السفر، لم أتمكن من رؤية أطفالي أو أحفادي الذين يعيشون بالخارج. إنهم خائفون أيضاً من زيارة مصر بسبب أجواء القمع والتضييق".