حفتر يضغط على المجتمع الدولي بتنصيب نفسه حاكماً لشرق ليبيا، فهل ينقلبون عليه؟

تم النشر: 2020/04/28 الساعة 11:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/28 الساعة 12:56 بتوقيت غرينتش
اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر/ أرشيفية، رويترز

دون الاستناد إلى أي شرعية معترف بها داخلياً أو دولياً، أعلن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بإسقاط اتفاق الصخيرات السياسي الإثنين وتنصيب نفسه حاكماً للبلاد بـ"تفويض من الشعب"، لكن هذا الإعلان، سارعت موسكو بالتعليق عليه واعتباره مفاجئاً لها، كما أثار رفضاً أمريكياً واضحاً، وتحفظاً أوروبياً حتى اللحظة. فهل سيتغير موقف المجتمع الدولي من حفتر بعد هذا الإعلان؟

ماذا يعني إسقاط اتفاق "الصخيرات" الذي رعاه المجتمع الدولي؟

في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، وقعت الأطراف الليبية اتفاقاً سياسياً في مدينة الصخيرات المغربية، أنتج تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس أعلى للدولة، حيث تم توقيعه تحت رعاية الأمم المتحدة، وتبنيه من مجلس الأمن والمجتمع الدولي، وقد بدأ العمل به من معظم القوى الموافقة عليه في 6 أبريل/نيسان 2016. 

كلمة #القائد_العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير أركان حرب / خليفة أبوالقاسم حفتر إلى الشعب الليبي .

#القيادة_العامة ..كلمة #القائد_العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير أركان حرب / خليفة أبوالقاسم حفتر إلى الشعب الليبي .الإثنين – الرابع من شهر رمضان 1441 هجري، الموافق 27 أبريل 2020 ميلادي…#مكتب_اعلام_القيادة_العامة_للقوات_المسلحة_العربية_الليبية

Gepostet von ‎القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية – الرسمية‎ am Montag, 27. April 2020

لكن يبدو أن حفتر نجح أخيراً في سعيه الذي استمر فيه لسنوات، لتعطيل هذا الاتفاق وإسقاطه، إذ اعتبر حفتر "الصخيرات" في خطابه الذي بُث الإثنين، "جزءاً من الماضي  بقرار من الشعب الليبي مصدر السلطات"، وبالتالي، انقلب الجنرال على داعميه ببرلمان طبرق، وفقد هالة الشرعية التي كانت يستند عليها في المحادثات الدولية. وحول ذلك، ذكرت مصادر مطلعة في البرلمان لـ"عربي بوست"، أن هناك خلافاً دبَّ بين رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح وخليفة حفتر، حول قرار الأخير تفويضه، وهو ما اعتبره صالح انقلاباً على البرلمان في طبرق وإنهاء وجوده؛ ما دفع صالح إلى رفض مبادرة حفتر نهائياً.

فيما طلب حفتر من أعضاء مجلس النواب في طبرق، عقب سقوط قاعدة الوطية، الخروج في بيان يفوضون فيه القيادة العامة بقيادته لتولي المرحلة الحالية للبلاد. إذ سبق هذا الإعلان بيومين، سقوط قاعدة الوطية، القاعدة الأكبر لحفتر في غرب ليبيا، بعد اتفاق تم بين حكومة الوفاق والعسكريين في القاعدة الذين ينتمي غالبيتهم إلى مدينة الزنتان، على خروجهم من القاعدة مقابل عدم دعم حفتر.

ورقة ضغط على المجتمع الدولي

حول ذلك، يرى د. نزار كريكش، الأكاديمي والباحث الليبي، أن إعلان خليفة حفتر الأخير، يعني فشله في المعركة بالمنطقة الغربية، لذا فإنه يريد أن تصبح المنطقة الشرقية تحت حكمه، ليستخدمها كورقة ضغط على المجتمع الدولي والقوى الليبية، للدخول معه بمفاوضات كرئيس وحاكم للبلاد.

يردف كريكش: حفتر الآن يقول، "حسناً أنا لا أستطيع الدخول لطرابلس لكن عندي الشرق الليبي تحت حكمي". وبالطبع هذا سيدخل المنطقة الشرقية في مشاكل خدمية ومالية لا حصر لها، وهو لا يستطيع حلها وحده، وهذا يؤكد أنه انتقال من المجال العسكري في المنطقة الغربية إلى محاولة استخدام السياسة لتثبيت نفسه كحاكم.

والخميس الماضي، طرح عقيلة صالح في كلمة متلفزة، مقترحاً لحل سلمي للخروج من الأزمة الليبية، وهو ما يناقض ما طالب به جنرال الشرق. فعقيلة، الذي لم يعُد يحضر اجتماعاته سوى نحو خُمس النواب من إجمالي 200، اقترح إعادة تشكيل مجلس رئاسي من 3 أعضاء بدل 9، بحيث يختار كل إقليم ممثله في المجلس بالتوافق أو الانتخاب، وتحت إشراف أممي. وهذا ما يتناقض مع خطاب حفتر الإثنين، الداعي إلى إسقاط الاتفاق السياسي برمته، وعلى رأسه المجلس الرئاسي المنبثق عنه.

رفض أمريكي وتحفّظ أوروبي، وتفاجؤ روسي

بعد ساعات من إعلان حفتر، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية، برفضها له، إذ جاء في بيان للسفارة الأمريكية لدى طرابلس، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعرب عن أسفها، لما وصفته بـ"اقتراح حفتر".

وشددت على أنّ "التغييرات في الهيكل السياسي الليبي، لا يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب". لكن السفارة، رحبت بأي فرصة لإشراك حفتر، وجميع الأطراف، في "حوار جاد" حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدّم في البلاد.

وحثت السفارة ميليشيات حفتر، على الانضمام إلى حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً في إعلان وقف فوري للأعمال العدائية لدواعي إنسانية، في ظلّ استمرار معاناة المدنيين خلال رمضان، وجائحة فيروس كورونا التي تهددّ بحصد المزيد من الأرواح.

وفي أول ردود فعل أوروبية، قال المتحدث الرسمي باسم المفوضية للشؤون الخارجية الأوروبية، بيتر ستانو صباح الثلاثاء: "حول الإعلان الأخير لحفتر، أقول إن أي حل من خلال طرق أخرى، ومن ضمنها طريق القوة، لن يجلب الاستقرار للبلاد، وهذا غير مقبول".

وأضاف ستانو: "نحن نشجع جميع الأطراف للعودة للحوار بأسرع طريقة بناء على نتائج مؤتمر برلين، وندعو باستمرار جميع اللاعبين المؤثرين للانخراط في العملية السياسية لأن هذا ما تحتاج إليه البلاد".

أما روسيا، حليفة حفتر، فقد أعلن مسؤول في خارجيتها صباح الثلاثاء، أن بلاده "متفاجئة" من تنصيب الجنرال حفتر نفسه حاكما لليبيا. وقال مسؤول روسي، فضل عدم الكشف عن هويته لوكالة أنباء "ريا نوفوستي" الحكومية، تعليقاً على ذلك: هذا أمر مفاجئ. فهناك قرارات قمة برلين، والأهم من ذلك، قرار مجلس الأمن الدولي 2510، والتي ينبغي أولاً الالتزام بها من قبل الليبيين أنفسهم بمساعدة المجتمع الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وأضاف المسؤول أن موسكو حثت أطراف الصراع في ليبيا على استئناف المفاوضات. وقال: "ندعو إلى استمرار الحوار الشامل بين الليبيين في إطار العملية السياسية ولا يوجد حل عسكري للصراع.

انقلاب المجتمع الدولي على حفتر؟

حول احتمالات تغير الموقف الدولي من حفتر بعد إعلانه الأخير، يقول نزار كريكش لعربي بوست: لا أظن أن سلوك المجتمع الدولي سيتغير كثيراً من الأزمة الليبية، لأنه يتعامل مع الأزمة كحرب أهلية تتساوى فيها الأطراف. 

لكن كريكش، أشار في الوقت نفسه، أن المجتمع الدولي لن يعطي حفتر وداعميه القدرة على فرض ما يريدون بعد الآن، خاصة في القضايا المتعلقة بعقود الشركات الأجنبية، ولذا، فإن حفتر لديه الآن نقطة ضعف بنزع الشرعية عنه ستستخدم لتعديل سلوكه أو تغييره أو رفضه تماماً.

من جانبه علّق مندوب ليبيا في الأمم المتحدة الطاهر السني، على الموقف الدولي من إعلان حفتر بقوله: من المفيد متابعة موقف المجتمع الدولي من الانقلاب الخامس في تاريخ حفتر، داعياً الدول الكبرى للإجابة على الأسئلة الآتية: هل هناك لبس في كون حفتر معرقلاً للعملية السياسية وقرارات مجلس الأمن؟ هل لديه وقواته أي شرعية وغطاء سياسي بشكل مباشر أو غير مباشر من مجلس النواب كما كانت تتحجج به الدول الداعمة له؟ 

وأضاف السني: "كما قلنا، مسلسل بمُخرج فاشل، لأن الأحداث يسهل توقعها، المعتدي يعلن الانقلاب للموسم الخامس! إن كان متأكداً من شعبيته بطلبه تفويض، لماذا يخشى الانتخابات؟".

تحميل المزيد