لعب دور إقليمي، والانضمام لمحور “المقاومة”.. كيف استفاد الحوثيون من الحرب مع السعودية

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/16 الساعة 12:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/16 الساعة 12:32 بتوقيت غرينتش
مقاتلون حوثيون في العاصمة اليمنية صنعاء - رويترز

بينما تدخل الحرب في اليمن عامها الخامس يمكن الشعور ببصيص من الأمل لنهاية تضع حداً للمذبحة المستمرة، ويعزى جانب كبير من هذا إلى التهديد الذي تشكله جائحة فيروس كورونا، لكن يتمسك كل طرف من أطراف الصراع بموقفه.

فجماعة أنصار الله، الذراع المسلحة للحوثيين، تريد أن تخرج من هذه الحرب منتصرة وتقدم نفسها ضمن محور جماعات المقاومة التي تضم حركات المقاومة الفلسطينية وأيضاً حزب الله اللبناني، بحسب تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.

ففي 12 أبريل/نيسان، طالب مبعوثو الأمم المتحدة إلى سوريا والعراق واليمن، من بين آخرين، الأطراف المتحاربة في المنطقة، بوقف الأعمال العدائية والسماح بدخول المرافق الطبية عند الحاجة إليها.

استجابت السعودية والإمارات اللتان تقاتلان الحوثيين في اليمن استجابة إيجابية لهذا النداء، وأعلنت كلتاهما وقف إطلاق النار للمساعدة في منع انتشار فيروس كورونا، وذلك حسبما قال العقيد ركن تركي المالكي، المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، في حديثه إلى وكالة الأنباء السعودية. وذكرت الوكالة أن وقف إطلاق النار يمنح الحوثيين فرصة الانضمام إلى المحادثات ذات الرعاية الأممية الرامية إلى إنهاء الصراع.

إنهاء الحرب ولكن بشروط حوثية

من ناحية ثانية، يسعى الحوثيون -المعروفون رسمياً باسم جماعة أنصار الله والمدعومون من إيران- لإنهاء الحرب ولكن وفقاً لشروطهم، بما في ذلك الحصول على مكانة إقليمية ممتدة تضعهم على الخريطة الكبرى للشرق الأوسط، وعلى قدم المساواة مع نظرائهم في حزب الله، ضمن محور المقاومة الشيعي الذي تقوده إيران، إضافة إلى حركات المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي.

في الأشهر الماضية، كان أنصار الله يدفعون حدود أنشطتهم لتتجاوز هوامش دورهم التقليدي. بعد أسبوعين من إعلان مسؤوليتهم عن الهجوم الكبير ضد منشآت النفط التابعة لشركة أرامكو في السعودية، في 14 سبتمبر/أيلول 2019، هدد المتحدث العسكري للجماعة صراحة بشن هجوم ضد مواقع إسرائيلية في إريتريا.

متظاهرون يرفعون لافتات تندد بالدور الإماراتي في بلادهم، تعز، اليمن، 2019/ AFP

في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، توجه زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، بأول تهديد صريح ضد إسرائيل، وحذر قائلاً: "شعبنا لن يتردد في إعلان الجهاد ضد العدو الإسرائيلي، وتوجيه أقسى الضربات ضد الأهداف الحساسة في كيان العدو إذا تورط في أي حماقة ضد شعبنا"

وكرّر الحوثي موقفه في مناسبات عديدة منذ ذلك الحين، بينما حذر مسؤولون إسرائيليون قبل هذا التهديد وبعده من أن إيران كانت تسعى للوصول إلى وسائل تضرب بها بلادهم من اليمن. تتعامل إسرائيل مع الحوثيين على أنهم ضمن محور المقاومة، بالرغم من عدم وجود مواجهة مباشرة بين الحوثيين وإسرائيل، يستطيع الحوثيون إيقاف المرور عبر البحر الأحمر عن طريق مضيق باب المندب، أو يمكنهم إطلاق صواريخ، ما يضع اليمن وسط معادلة إقليمية.

البحث عن مكانة جديدة

قال حسين البخيتي، الصحفي المستقر في صنعاء، في حديثه إلى موقع Al-Monitor: "الدور الإقليمي لأنصار الله واضح؛ إذ إنهم أحد أعمدة محور المقاومة". ويعتقد البخيتي أن هجوم أرامكو كان إيذاناً بمكانة جديدة للحوثيين ومؤسستهم العسكرية اليمنية التابعة لهم.

ولما كانت الأزمات حول المنطقة تتشابك، عرض الحوثيون عملية تبادل سجناء فريدة يمكن أن تشهد تحرير طيار سعودي وبعض الجنود، وفي المقابل سوف تطلق الرياض سراح مجموعة من السجناء التابعين لحركة حماس المحتجزين لديها. تقدم الحوثي بهذا العرض في 26 مارس/آذار في حديث متلفز.

قال المحلل السياسي حمزة أبو شنب من غزة، خلال حديثه مع موقع Al-Monitor: "المبادرة لم تكن بالتنسيق مع حماس"، وإن كانت حماس أخفقت في محاولة إطلاق سراح السجناء.

يعاني اليمن صراعاً مستمراً منذ خمس سنوات تقريباً، إثر إطاحة الحوثيين بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، في أواخر عام 2014.
يعاني اليمن صراعاً مستمراً منذ خمس سنوات تقريباً، إثر إطاحة الحوثيين بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، في أواخر عام 2014.

وأكد البخيتي كذلك على أن الخطوة لم تكن بالتنسيق، غير أنه فصّل الذرائع الكامنة في قلب المبادرة. كان سجناء حماس محتجزين لدى السعودية منذ سنة، فلماذا تُطرح مسألة صفقة تبادل السجناء الآن وليس قبل ذلك؟

قال البخيتي: "أنصار الله يريدون منح البلاد العربية الأخرى بعض الوقت للتدخل"، مضيفاً أن العرض جاء أيضاً بعد أشهر قليلة من اكتساب الحوثيين نفوذاً عندما أسقطوا طائرة مقاتلة سعودية، ووصلوا إلى طيارَيْن سعوديين بدون تأكيد ما إذا كانا على قيد الحياة أم لا. وأوضح قائلاً: "يكشف هذا سراً كبيراً، كان الطياران صيداً ثميناً. وقالت الجماعة إنها سوف تطلق سراح أحدهما، ويعني ذلك أن طياراً سعودياً على الأقل ما زال على قيد الحياة". 

معتقلون في السعودية

بحسب تقرير صادر عن المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، يوجد حوالي 50 فلسطينياً محتجزاً لـ"أسباب أمنية" لدى السلطات السعودية. يقدم التقرير، الذي صدر في سبتمبر/أيلول، أسماء ومهن واعترافات أبناء عائلات المحتجزين الذين يرتبطون في الغالب بالأعمال الخيرية التي تستهدف جمع التبرعات من أجل عائلات الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل. كان أكبر السجناء يدعى محمد الخضري، 82 عاماً، الذي كان قناة الاتصال بين حماس والسعودية لعقدين من الزمان.

ستلزم الاتفاقية دول الخليج بعدم دعم أو التحالف مع حركات المقاومة أو أي طرف ثالث قد يهدد أمن إسرائيل، في الصورة وفد من قيادات حماس يزور السعودية عام 2007/ أرشيفية

أوضح أبو شنب: "كان الخضري ممثل حماس في السعودية. ويعد معروفاً للسلطات هناك، وكان لسنوات مركز الاتصال بين الجانبين".

وأضاف: "لن يكون تبادل السجناء الأول بين الرياض وأنصار الله. ومع ذلك، قد تدفع هذه المبادرة بعض الأطراف للتدخل من أجل رفع الحرج عن السعوديين (كي لا يظهروا مستسلمين للضغط)، غير أنه من الممكن أن يتجاهل السعوديون المبادرة، ويُبقون على هؤلاء الأشخاص في سجونهم".

وذكر البخيتي أن السعوديين لا يبحثون في الغالب عن أسرى الحرب، "ونادراً ما يتحركون من أجل استعادتهم".

تحميل المزيد