إعلان الولايات المتحدة عن مكافاة بقيمة 10 مليون دولار مقابل معلومات عن أنشطة الشيخ محمد الكوثراني أحد قادة حزب الله اللبناني وأحد مساعدي قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي اغتالته واشنطن في هذا التوقيت يطرح تساؤلات عديدة أبرزها لماذا الآن؟ ومن هو الكوثراني؟ وما علاقة القصة بالعراق والسعودية؟
مكافأة لمن يدلّ على مكانه، أو بأي معلومات عن نشاطه
عرضت الولايات المتحدة الجمعة 10 أبريل/نيسان الجاري، مكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار مقابل معلومات عن الشيخ محمد الكوثراني، أحد كبار القادة العسكريين بجماعة حزب الله في العراق، والذي كان مساعداً للجنرال قاسم سليماني، القائد في الحرس الثوري الإيراني الذي قتل في هجوم بطائرة أمريكية مسيرة في بغداد، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في إعلان هذه الجائزة إن الكوثراني "تولى مسؤولية بعض التنسيق السياسي للجماعات شبه العسكرية المتحالفة مع إيران"، والتي كان ينظمها سابقاً سليماني.
وأضافت في بيان "بهذه الصفة كان يسهل تحركات الجماعات التي تعمل خارج نطاق سيطرة الحكومة العراقية، والتي قمعت بشكل عنيف الاحتجاجات، وهاجمت بعثات دبلوماسية أجنبية، وشاركت في نشاط إجرامي منظم على نطاق واسع". وقالت الوزارة إنها تعرض هذا المبلغ مقابل الحصول على معلومات بشأن أنشطة وشبكات ومساعدي الكوثراني، في إطار جهود لتعطيل "الآليات المالية" لحزب الله الذي مقره لبنان.
من هو الكوثراني؟
كوثراني واحد من القيادات البارزة التي كانت تعمل عن قرب مع سليماني، ويحمل الجنسيتين اللبنانية والعراقية، ومسجل لدى السلطات الرسمية تحت اسمي "محمد كوثراني وجعفر الكوثراني"، ولديه قيود رسمية بتواريخ ميلاد في أعوام: 1945 و1959 و1961، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، والتي أفادت بأنه مولود في مدينة النجف بالعراق.
واللافت هنا أن الولايات المتحدة تعتبر كوثراني أحد أذرع حزب الله اللبناني السياسية والعسكرية في آن معاً، وهو ما دفعها إلى فرض عقوبات عليه من قبل وزارة الخزانة الأمريكية في أغسطس/آب 2013، واعتباره "إرهابياً دولياً"، وذلك قبل تأسيس الحشد الشعبي في العراق، ومنه فصيل "حزب الله العراقي".
وعن الجانب العسكري من حياته، تقول التقارير الأمريكية إنه يتركز في دعم متمردين في العراق، وتقديم دعم مالي لـ"فصائل" مختلفة في اليمن، ولـ"قادة عسكريين مسؤولين عن أعمال إرهابية" في دول من بينها مصر والأردن والعراق وقبرص وإسرائيل، وفق وزارة الخزانة الأمريكية.
وكان كوثراني مسؤولاً مباشراً عن العديد من الهجمات ضد قوات التحالف في العراق، بما في ذلك التخطيط لهجوم يناير/كانون الثاني 2007، على مركز تنسيق محافظة كربلاء المشترك، والذي أسفر عن مقتل خمسة جنود أمريكيين، إضافة إلى دوره في إرسال مقاتلين إلى سوريا لدعم نظام الأسد وفق الوزارة.
وكوثراني متورط أيضاً في عمليات الاستثمار بأموال حزب الله لتهريب الأسلحة بين العراق وإيران، وكان من بين أربع شخصيات (عراقيَّيْن ولبناني وسوري) مسؤولون عن عمليات تهريب السلاح للميليشيات العراقية عبر الحدود الإيرانية- العراقية.
السعودية أيضاً تصنفه إرهابياً
وفي عام 2015، كانت السعودية قد فرضت على كوثراني وآخرين من حزب الله عقوبات استناداً لنظام جرائم الإرهاب وتمويله، إذ تم تجميد أية أصول لهم أو من يعمل معهم أو يمثلهم، ويحظر على المواطنين السعوديين التعامل معهم، وفق وكالة الأنباء السعودية.
وضمت القائمة السعودية بالإضافة إلى كوثراني كلاً من علي موسى دقدوق، ومحمد يوسف أحمد منصور، وأدهم طباجة، وكان كوثراني قد أسهم في دفع الحكومة العراقية للإفراج عن علي موسى دقدوق من السجون العراقية، وهو أحد قادة حزب الله، ومستشار لزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ومن الذين وضعتهم وزارة الخزانة ضمن قائمة الإرهاب منذ 2012، وفق تقارير إعلامية.
دوره في العراق يفسر توقيت المكافأة
كان اسم كوثراني قد عاد إلى الأضواء من جديد ليرتبط بجهود إيران وميليشياتها في قمع وإخماد الانتفاضة الشعبية التي يشهدها العراق، وكانت البداية في مايو/أيار 2018، من خلال تقارير إعلامية ذكرت تدخله لرأب الصدع ما بين فصائل وقادة في الحشد الشعبي في العراق، إذ احتدمت في وقتها الخلافات ما بين "الحشد الولائي" التابع لإيران، وآخرين يتبعون المرجع علي السيستاني والتيار الصدري.
ثم أشارت تقارير إلى أن مستشارين يعملون بتوجيهات من كوثراني بالتنسيق مع قادة الحشد الشعبي، للتصدي لتظاهرات العراق وإحباط مطالب العراقيين الغاضبين من الطبقة السياسية، ناهيك عن "تنسيق دور حزب الله لتوفير التدريب والتمويل والدعم السياسي واللوجستي للجماعات المتمردة الشيعية العراقية".
والآن مع بروز قضية الوجود العسكري الأمريكي في العراق كأكبر قضية جدلية، يكمن التفسير الأقرب للواقع وراء رصد المكافأة الأمريكية لمن يدلي بمعلومات عن أنشطة الكوثراني في العراق، وهو ما نص عليه البيان الأمريكي، حيث قال إن وزارة الخارجية تعرض هذا المبلغ مقابل الحصول على معلومات بشأن أنشطة وشبكات ومساعدي الكوثراني، في إطار جهود لتعطيل "الآليات المالية" لحزب الله، الذي مقره لبنان.