لا تزال حصيلة وفيات وإصابات وباء كورونا المستجد كوفيد-19 تزداد يوماً بعد يوم في ولاية نيويورك الأمريكية التي تحولت إلى بؤرة للوباء. وصرح العديد من المسؤولين بنيويورك، على رأسهم حاكم الولاية أندرو كومو وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو، بأن الأيام الأسوأ لم تمر بعد. ونيويورك هي الأولى في عدد الإصابات والوفيات بفارق كبير عن باقي الولايات.
كيف نيويورك لأكبر بؤرة للوباء؟
حتى صباح السبت، بلغ عدد الوفيات بوباء كورونا في الولاية، منذ بداية مارس/آذار الماضي، 7 آلاف و844، كما وصل عدد الإصابات إلى 172 ألفاً و358، أي ما يمثل نحو ثلث إجمالي الحالات المسجلة في الولايات المتحدة والبالغ عددها 502 ألف و876.
كما تقترب حالات الوفاة بنيويورك من نحو 50٪ من إجمالي حالات الوفاة في البلاد بسبب الوباء، والبالغ عددها 18 ألفاً و747، وفق موقع "worldometer" الدولي.
وتعد نيوجيرسي المجاورة لنيويورك الولاية الثانية من حيث عدد الإصابات والوفيات بعد نيويورك. ورغم ذلك فإن عدد الوفيات في نيويورك يساوي ثلاثة أضعاف، وعدد الإصابات يبلغ 5 أضعاف العدد في نيوجيرسي.
التسلسل الزمني.. البداية كانت من إيران
- تم تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في نيويورك في 1 مارس/آذار الماضي. وكانت الحالة الأولى لسيدة تبلغ من العمر 39 عاماً تعيش بمنطقة مانهاتن، وتم تشخيص إصابتها بكورونا بعد خمسة أيام من عودتها من زيارة لإيران وتم وضعها بالحجر الصحي المنزلي.
- الحالة الثانية كانت لمحامٍ يبلغ من العمر 50 عاماً ويعيش بمنطقة نيو راشيل، إحدى أغنى المناطق في نيويورك ويعمل في منطقة مانهاتن، واتضح أن المصاب زار ميامي في شهر فبراير/شباط وقبل ذلك كان يزور إسرائيل بصورة متكررة.
- في الرابع من مارس/آذار تم تسجيل بعض الحالات من عائلة المحامي وجيرانه ليرتفع عدد الإصابات إلى 11. وتم إغلاق المدارس التي يدرس بها أبناء المحامي وفُرض الحجر الصحي على سكان المنطقة المحيطة به.
- مع انتشار الذعر من تفشي الوباء في نيويورك، ركب عمدة المدينة دي بلاسيو مترو الأنفاق في 5 مارس/آذار، وأوصى سكان نيويورك بمواصلة حياتهم اليومية العادية وعدم الخوف من ركوب وسائل المواصلات العامة خشية الوباء. إلا أنه مع وصول عدد حالات الإصابة في الولاية إلى 89، منها 70 في منطقة نيوراشيل أعلن حاكم الولاية حالة الطوارئ في 7 مارس/آذار.
الذعر ينتشر أكثر من الوباء
- في اليوم التالي ومع ارتفاع عدد الإصابات إلى 106، اضطرت البلدية لإصدار تحذيرات للمصابين بالابتعاد عن وسائل المواصلات العامة وللمواطنين عموماً بالابتعاد عن الأماكن المزدحمة.
- ومع انتشار الذعر بسبب الوباء تدفق الناس على المراكز التجارية التي شهدت ازدحاماً ومشاجرات بين المواطنين من أجل شراء وتخزين الأغذية والماء وورق المرحاض على وجه الخصوص. وفرغت أرفف المحال التجارية، وبدأ بيع الكمامات والمطهرات في السوق السوداء.
- في 10 مارس/آذار فرض حاكم الولاية العزل على منطقة نيوراشيل وتم استدعاء قوات الحرس الوطني وأقيم مركز للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا. وفي 11 مارس/آذار أعلن عن إغلاق جامعتي الولاية والمدينة لمدة أسبوع ومواصلة المحاضرات عبر الإنترنت، ثم تقرر مد فترة إغلاق الجامعتين.
- ومع تفشي الوباء يوماً بعد يوم أعلن حاكم الولاية حظر جميع الفعاليات التي يشارك بها أكثر من 500 شخص، وأغلقت المتاحف وتم إلغاء أو تأجيل العروض الموسيقية والمسابقات الرياضية.
وقوع الوفيات.. بعد أسبوعين على تسجيل أول إصابة
- شهدت الولاية أول حالة وفاة بسبب فيروس كورونا في 14 مارس/آذار لشخصين بسبب إصابتهما بوباء كوفيد-19. في 17 مارس/آذار أعلن عمدة المدينة أن كل المدارس والبارات وكل المطاعم بالمدينة سيتم إغلاقها.
- في 18 مارس/آذار أعلن حاكم الولاية أن عدد حالات الإصابة بالفيروس بلغ 14 ألفاً و597، وفي اليوم نفسه أعلن البيت الأبيض أنه سيرسل المستشفى العائم USNS التابع للأسطول الأمريكي إلى ولاية نيويورك من أجل تقديم المساعدة.
- في 20 مارس/آذار 2020 أصدر حاكم الولاية تعليمات بالتزام المنازل في عموم الولاية، وصدرت تعليمات لكل العاملين بالعمل من المنزل باستثناء العاملين في مجالات الاحتياجات الأساسية.
- في 23 مارس/آذار أي عقب 10 أيام من تسجيل أول حالة وفاة وصل عدد الوفيات بسبب كورونا في الولاية إلى 157، فيما بلغ عدد الإصابات 21 ألفاً منهم 12 ألفاً و300 في مركز مدينة نيويورك.
- وفي 27 مارس/آذار 2020 تجاوز عدد الإصابات في البلاد أعداد الإصابات في الصين وإيطاليا، وأصبحت الولايات المتحدة في المركز الأول عالمياً من حيث عدد حالات الإصابة.
مستشفيات طارئة وعجز في النظام الصحي
- خلال تلك الفترة تم تحويل أكبر وأفخم منطقة معارض في نيويورك إلى مستشفى في إطار مكافحة وباء كوفيد-19، كما تم تحويل منتزه سنترال بارك إلى مستشفى ميداني.
- وبحلول 31 مارس/آذار كان فيروس كورونا قد أصاب أكثر من ألف من أفراد الشرطة بالولاية، وطلب أكثر من 7 آلاف شرطي إجازات مرضية فيما أعلن عن وفاة شرطيين اثنين بسبب إصابتهما بوباء كوفيد-19.
- ومع ازدياد أعداد الإصابات والوفيات بسبب وباء كورونا يومياً بعد انصرام شهر مارس/آذار اتضح أيضاً عدم كفاية المعدات والمستلزمات الصحية في مكافحة الفيروس.
- وطلب عمدة المدينة دي بلاسيو من الحكومة الفيدرالية تزويد الولاية بثلاثة ملايين كمامة من نوع N95، و50 مليون كمامة عمليات جراحية، و15 ألف جهاز تنفس صناعي، و45 مليون زي عمليات وقفازات. وحذر من أن مخزون المستلزمات الطبية بنيويورك سينفد في شهر أبريل/نيسان.
- بدأت القدرة الاستيعابية للمستشفيات في النفاد ونشرت وسائل الإعلام مشاهد مرعبة من داخل المستشفيات بمنطقتي كوينز وبروكلين اللتين شهدتا أكبر تفشٍّ للوباء، وصدرت تحذيرات بأن النظام الصحي بالمدينة على وشك الانهيار.
- ودعا حاكم الولاية الأطباء والممرضات في المناطق الأقل تأثراً من الوباء للقدوم إلى نيويورك للمساعدة في مكافحة تفشي الوباء، وبالفعل قدم إلى الولاية 21 ألفاً من الكوادر الصحية من أجل تقديم المساعدة.
مقابر جماعية للموتى
- بحلول 1 من أبريل/نيسان وصل عدد حالات الإصابة بكورونا في نيويورك إلى 83 ألفاً و712، فيما بلغ عدد الوفيات 1941. وبعد يومين تجاوز عدد حالات الإصابة 100 ألف واقترب عدد الوفيات من ثلاثة آلاف.
- ومع الارتفاع الجنوني في عدد الوفيات أصبحت المشارح عاجزة عن استيعاب هذه الأعداد وأرسلت البلدية مشارح متنقلة إلى المستشفيات.
- وبدأ الحديث ينتشر عن أنه في حال استمرار أعداد الوفيات في الازدياد ستصبح المشارح المتنقلة أيضاً غير كافية وسيتم الدفن في مقابر جماعية مؤقتة تضم عشرة أفراد في حدائق ومنتزهات نيويورك.
- حيث نشرت رويترز مساء الجمعة نقلاً عن مسؤولين، أن الأشخاص المتوفين جراء الإصابة بفيروس كورونا الذين لم يطالب بهم أحد يتم دفنهم في مقابر جماعية لا تحمل علامات في جزيرة هارت بنيويورك، على يد عمال تم التعاقد معهم خصيصاً لهذا المهمة.
- واستخدمت سلطات نيويورك، الموقع منذ 150 عاماً لدفن الجثث المتروكة وتلك التي لم يطالب بها أحد، أو جثث سكان الولاية الذين لم يتمكن أقاربهم من تأمين تكلفة الجنازة والدفن لهم.
- وقال متحدث باسم حكومة المدينة "سنواصل استخدام الجزيرة على هذا النحو خلال الأزمة، ومن المرجح أن الأشخاص الذين توفوا بسبب كوفيد-19 وتنطبق عليهم الشروط سيدفنون في الجزيرة خلال الأيام المقبلة".
- وجزيرة هارت، التي يبلغ طولها ميلاً واحداً والواقعة في منطقة البرونكس، اشترتها المدينة من أحد مالكي الأراضي عام 1869 وحولتها إلى مقبرة لدفن المجهولين والفقراء، وتعد واحدة من أكبر المقابر العامة في نيويورك، حيث دفن نحو مليون جثة فيها.