بينما يكاد يتوقف العالم عن ممارسة أنشطته الطبيعية فإن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر يستغل كورونا لمواصلة حربه ضد طرابلس، مهدداً ليبيا بخطر "الهلاك"، حسب تعبير عدد من الخبراء.
وأكملت ميليشيات حفتر، السبت، عاماً من هجوم متواصل للسيطرة على العاصمة، مقر الحكومة، لكنها فشلت حتى الآن في تحقيق هدفها.
ومع الانتشار السريع لمرض "كوفيد-19" الذي يسببه فيروس كورونا، يجعل الصراع الليبيين أكثر عرضة لهذه الجائحة العالمية، وخاصة النازحين والمهاجرين الذين يعبرون البلاد، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
ومع استمرار الصراع المعقد في ليبيا، فإن "هلاك الأمة" هو الأمر المستمر على حد الوصف الذي صاغه الخبير الليبي جلال حرشاوي في الآونة الأخيرة.
سيناريو مخيف.. حفتر يستغل كورونا في حربه على طرابلس
لم يكتف ما يعرف باسم الجيش الوطني الليبي برفض إلقاء أسلحته فقط وسط هذه الأزمة العالمية، لكن حاولت قوات حفتر الاستفادة من انشغال العالم مع الجائحة المنتشرة لتكثيف هجماتها على طرابلس.
وأعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، مساء السبت، أن ميليشيات خليفة حفتر، والدول الداعمة لها، ارتكبت أكثر من 180 خرقاً لوقف إطلاق النار، منذ 21 مارس/آذار الماضي.
ونزل نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوقف إطلاق النار في جميع الحروب الدائرة في جميع أنحاء العالم من أجل مساعدة الحكومات والمجتمعات على التصدي لمرض "كوفيد-19" قد نزل على آذان صماء في ليبيا.
وحذرت الأمم المتحدة من أن ليبيا "في خطر كبير لانتشار "كوفيد-19″ بالنظر إلى مستويات انعدام الأمن، وضعف النظام الصحي وارتفاع أعداد المهاجرين واللاجئين والمشردين داخلياً".
ومع استمرار انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، من المخيف التفكير في ما يمكن أن تفعله هذه الجائحة بليبيا، وبالنظر إلى حدودها التي يسهل اختراقها، والعديد من البلدان المجاورة لها أيضاً، حسب الموقع الأمريكي.
والنفط يؤدي إلى أزمة مالية
بالإضافة إلى أزمة "كوفيد-19" التي تلوح في الأفق، تواجه ليبيا مشكلات اقتصادية كبرى تفاقمت مؤخراً بسبب حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا.
وبحسب المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، فإن توقف النفط الليبي منذ يناير/كانون الثاني، كلف البلد الواقع في شمال إفريقيا ما يقدر بنحو 4 مليارات دولار. ومن شأن الهبوط الأخير في أسعار النفط تقويض قدرة ليبيا بشدة على توليد العائدات كلما استأنفت الإنتاج.
وبعد أن استهجن المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة غسان سلامة التدخل المستمر من جانب قوى خارجية في الصراع الليبي، استقال من منصبه في الشهر الماضي. وقال في استقالته، التي أعلنها على تويتر: "صحتي لم تعد تسمح بهذا المعدل من الضغوط" .
وقد عبرت خليفته ستيفاني ويليامز مؤخراً عن مخاوف الأمم المتحدة بشأن "التصعيد الكبير للأعمال العدائية على الأرض في ليبيا". ومع ذلك، كما يرى معظم الليبيين، فقدت الأمم المتحدة أي مصداقية من حيث القدرة على فرض إرادتها على أرض الواقع.
وفي ذكرى هجوم حفتر من أجل "تحرير" طرابلس، يعاني الليبيون من المزيد من الفوضى والعنف. ويهدد مرض "كوفيد-19" الآن بتفاقم كل الأزمات الاقتصادية والإنسانية والسياسية والأمنية في ليبيا إلى درجة غير مسبوقة.
قلق حول الأموال المخصصة لكورونا
وهناك مخاوف من استحواذ على الأموال التي قد تُخصص لمكافحة الوباء، حسب تقرير لموقع العربي الجديد.
إذ حذّر مراقبون ليبيون من إمكانية استيلاء حفتر على مخصصات البلديات من ميزانية الطوارئ التي أعلنت عنها حكومة الوفاق، أمس الأربعاء.
وتقدر تلك الميزانية، بحسب الإعلان الحكومي، بــ75 مليون دينار للبلديات بمختلف مناطق ليبيا، وخصوصاً أن حفتر استبق الإعلان بإنشاء "اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا"، منذ منتصف مارس/آذار، برئاسة رئيس الأركان في قواته، اللواء عبدالرزاق الناطوري، ليكون مشرفاً على جهود البلديات والمجالس المحلية.
ولم يستثن قرار حكومة الوفاق بتفويض البلديات حصصها من ميزانية الطوارئ لمواجهة الوباء، رغم أن أغلب بلديات الغرب الليبي، بالإضافة لكامل الجنوب والشرق الليبي، تخضع لسلطة حفتر، ولا سيما بعدما عزل عمداء البلديات السابقين وعيّن موالين خلفاً لهم، بعضهم عسكريون.
وكشفت تصريحات محافظ البنك المركزي الموازي، التابع لمجلس النواب بطبرق، علي الحبري، في مقابلة مع تلفزيون موالٍ لحفتر في 24 مارس/آذار الماضي، عن أسباب عدم صرف رواتب المواطنين، بقوله إن "الأولوية الآن للجيش (قوات حفتر)"، وهو ما يشي بإمكانية استحواذ حفتر على بند مرتبات المواطنين، وخصوصاً أن الحبري أكد أن "المسافة التي تقطعها قوات الجيش إلى المواقع الحربية تحتاج إلى كثير من اللوجستيات والدعم"، مضيفاً أن "النفقات أصبحت عندنا باهظة، وهناك توجيه من مجلس النواب وما إلى ذلك في هذا الاتجاه"، أي اتجاه دعم حروب حفتر.