الجميع يتابع عدّاد الأرقام الخاص بفيروس كورونا؛ عدد الإصابات، عدد الوفيات، عدد المتعافين، وفي زمن مواقع التواصل الاجتماعي فإن الوصول لتلك الأرقام أصبح متاحاً للجميع حول العالم وفي وقته الحقيقي، والجميع يلهث وراء الأرقام، سواء بصورة كلية أو في كل دولة على حدة، لكن قد يكون هناك خبر جيد يتعلق بطريقة حساب الأرقام بشكل عام، والمتعافين بشكل خاص، فما القصة ولماذا هي مهمة؟
كيف يتم حساب الأرقام؟
بدأت مؤسسات طبية وإعلامية في تعقب تفشي فيروس كوفيد-19 أو جائحة كورونا منذ مطلع العام الجاري، وكان وقتها متركزاً في الصين، واعتمد تعقُّب وتحديث أعداد المصابين والوفيات والمتعافين على البيانات الرسمية -على الرغم من التشكيك في دقة ما يصدر عن الصين بشأن الفيروس لكن لا توجد وسيلة أخرى لتسجيل الإحصائيات، لعدد من الأسباب.
أول تلك الأسباب يتعلق بكون الفيروس مستجداً ولا توجد معلومات كاملة عنه سواء من ناحية كيفية نقل العدوى أو متى تظهر الأعراض أو كم يستغرق الشخص المصاب زمنياً كي يتعافى من الفيروس أو يفقد حياته بسبب الفيروس، وكل ما يصدر حتى الآن عبارة عن معلومات خاصة بكل حالة أو بكل منطقة أو بلد، وهو ما يفسر سيل المعلومات المتعلقة بالفيروس بشكل عام والتي تبدو مرتبكة ومتناقضة في كثير من الأحيان، سواء فيما يتعلق بكون كبار السن هم الأكثر عرضة للخطر وهي الفرضية التي ظلت لأسابيع، ثابتةً كحقيقة حتى تغيرت في الأسابيع الأخيرة.
"حالياً يوجد سيل من الأرقام يصدر من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا ومن دول أخرى، لكنها أرقام غير مُرضية (من ناحية الدقة)، بحسب المتحدث باسم مركز الدراسات الديموغرافية في فرنسا، مضيفاً: "يتم رصد الأعداد الكلية للحالات الموجودة في المستشفيات والوفيات، لكن تلك الأرقام مرتبطة بقدرة كل دولة على إجراء الاختبارات فقط".
هل أعداد المتعافين دقيقة؟
وبالطبع يبحث الجميع عن بارقة أمل وسط إعصار الرعب والفزع الناجم عن الارتفاع الكبير في أعداد حالات الإصابة بصورة لحظية وكذلك ارتفاع أعداد الوفيات، وتتمثل تلك البارقة في أعداد المتعافين من الفيروس، فكلما ارتفعت الأعداد في تلك الخانة هدأت عاصفة الفزع ولو قليلاً، ففي نهاية الأمر تواجه البشرية فيروساً مستجداً يستغرق التوصل إلى لقاح له بين عام وعام ونصف العام، لكن حتى ذلك الوقت ما نسبة التعافي من ذلك الفيروس؟
وتعتبر لوحة الأرقام التابعة لجامعة جونز هوبكينز الأمريكية المرجعَ الأساسي الذي يتابعه غالبية الناس حول العالم لمتابعة الإحصائيات، وقال دوغلاس دونوفان المتحدث باسم الجامعة في بالتيمور، لشبكة "سي إن إن"، إن لوحة الإحصائيات تم وضعها أونلاين للجميع منذ يناير/كانون الثاني.
"بدأت خانة المتعافين من الفيروس عندما كان التفشي متمركزاً في الصين، التي كانت تصدر بيانات رسمية بعدد المتعافين"، حسب ما كتبه دونوفان في بريد إلكتروني للشبكة، لكن بعد أن تفشى الوباء حول العالم، قررت جونز هوبكينز حساب أعداد المتعافين بحسب كل دولة على حدةٍ.
وأضاف دونوفان: "أعداد المتعافين هي تقديرات من كل دولة على حدة، تعمَّم على وسائل الإعلام المحلية في كل دولة، وعلى الأرجح هي أقل كثيراً من الأرقام الحقيقية".
الباحثون لاحظوا أن طريقة الإبلاغ عن حالات التعافي غير كافية، وهذا هو السبب في قصر الأرقام على تقديرات كل دولة بصورة رسمية، وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، قد تتغير أرقام المتعافين بصورة كبيرة عندما تتوافر وسائل إبلاغ وتتبُّع محلية في كل مقاطعة ومدينة وولاية بصورة أكثر دقة.
وحتى الأحد 5 أبريل/نيسان، بحسب موقع وورلد ميترز، بلغ إجمالي عدد الإصابات بالوباء حول العالم نحو 1204000 حالة، وعدد الوفيات نحو 64800، وبلغ عدد المتعافين أكثر من 247000 حالة.
وتعتمد تلك الأرقام على البيانات الرسمية التي تصدرها الهيئات الصحية في كل دولة على حدة، وهناك إجماع بين الخبراء والباحثين في مجال الفيروسات والصحة بشكل عام، على أن تلك الأرقام لا تعكس كل الحالات بالتأكيد، لكنها تعكس الحالات التي تقوم الدولة بإجراء اختبار الفيروس لها، وهذا يتوقف على إمكانات كل دولة على حدة.
وبما أنه يمكن أن يتعرض الشخص للإصابة بالفيروس وتظهر عليه أعراض خفيفة إلى متوسطة ولا يحتاج للذهاب إلى المستشفى أو العزل الصحي ويكتفي بالعزل المنزلي ويتعافى- فإن تلك الحالات لا تظهر ضمن أعداد المتعافين بالضرورة، رغم أنه قد يتم حسابها ضمن أرقام الحالات المصابة.
لماذا حساب أعداد المتعافين مهم؟
يرى بالا هوتا، أستاذ الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة راش في شيكاغو، أن معرفة العدد الحقيقي للمصابين سيكون مفيداً جداً لوضع أنماط أكثر دقة بشأن توقيت ذروة التفشي وتراجع تلك الذروة؛ ومن ثم متى يمكننا البدء في اتخاذ إجراءات تدريجية لعودة الناس إلى أعمالهم.
كما أن البيانات الأكثر دقة بشأن المتعافين يمكن أن تشير إلى مدى سهولة تطوير الناس للحصانة من الفيروس؛ "من يتعافون من الفيروس يمكن استبعادهم كأفراد عرضة للإصابة في أنماط التحليل، وهذا سيكون له تأثير على عدد الحالات المحتمل تعرُّضها للإصابة في المستقبل"، بحسب هوتا، مضيفاً أنه "على مستوى الأفراد، لو عرف الفرد أنه تعرَّض للإصابة بالفيروس بأعراض خفيفة أو متوسطة وتعافى، يمكنه أن يعرف أنه أصبح محصناً ويمكنه العودة لحياته الطبيعية بشكل آمن، بعد أن يتم رفع الحظر".