تجمعوا ليمارسوا شعائرهم الدينية أو يشجعوا فريقهم المفضل أو ليستمتعوا بالمناظر السياحية البديعة، لكن المشاركين في مثل هذه التجمعات البشرية البريئة لم يكونوا يعلمون أنهم يشاركون في تفجير قنابل بيولوجية ستتسبب في تفشي مرض كورونا في العالم وبالأخص في مجتمعاتهم وبين أحبائهم.
فهناك دلائل على أن سلسلة من بضعة تجمعات البشرية، وعدد محدود من الأفراد قد يكونون وراء تفشي مرض كورونا وهم السبب في تحول بعض البلدان مثل إيطاليا وإسبانيا وكوريا الجنوبية لمناطق موبوءة.
ومنذ بداية المرض كانت التجمعات البشرية الدالة في الأحوال العادية على الكرم والتضامن سبباً لتوسع الفيروس الماكر.
إليك أبرز الأحداث والشخصيات التي تسببت في تفشي مرض كورونا عالمياً، ومظاهر الإهمال الحكومية وغير الحكومية التي ساعدت على نشر المرض.
18 يناير/كانون الثاني: وليمة الموت في ووهان
أقيمت في الموطن الأصلي للفيروس مأدبة جماعية بهدف دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية في بداية الأزمة.
عدد المشاركين
40 ألف أسرة، نعم 40 ألف أسرة، وليس فرداً، ولو افترضنا أن متوسط الأسرة 3 أفراد، وهو تقدير متحفظ فإن عدد المشاركين قد يكون في المتوسط 120 ألف شخص.
مظاهر الإهمال
المأدبة أقيمت في فترة كانت قبل أن ينتبه العالم لخطورة الفيروس، ولكن كانت
السلطات الصينية تعلم عنه وتحاول التقليل من أهميته، خوفاً على ما يبدو على سُمعة البلاد واحتمال تأثر اقتصادها.
النتائج
قبل فرض الإغلاق على ووهان وهي مدينة صناعية كبيرة، خرجت أعداد هائلة من المغتربين من المدينة ليقضوا العطلات مع عائلاتهم في مناطقهم الأصلية حاملين المرض معهم إلى بقية الصين ومن ثم العالم.
النصف الأول من فبراير/شباط: سفينة الرعب
كان أكبر عدد إصابات جماعية خارج الصين في بداية الأزمة على متن سفينة قيد الحجر الصحي قبالة ميناء يوكوهاما الياباني، حيث وصل عدد الحالات المكتشفة إلى 219 شخصاً بحلول 13 فبراير/شباط بين ركابها البالغ عددهم نحو 3700 شخص.
عدد المشاركين
3700 شخص.
مظاهر الإهمال
غلب على الأزمة مظاهر اللإنسانية أكثر منها القصور أو الإهمال.
فقد رست السفينة السياحية (إم.إس وستردام) في كمبوديا التي تعد من أفقر دول منطقة جنوب شرق آسيا بعدما رفضت تايلاند واليابان وتايوان وجوام والفلبين استقبالها خشية وجود مصابين بين الركاب وأفراد الطاقم رغم أن الفحوص لم تثبت ذلك.
النتائج
يعتقد أن العدوى التي انتقلت من هذه السفينة محدودة بالنظر إلى الحصار الذي تعرضت له.
21 فبراير/شباط: الانتخابات أهم وكورونا مؤامرة على إيران
فى نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2020، انتشرت شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية، بأن فيروس كورونا قد وصل إلى إيران، لكن وزارة الصحة الإيرانية نفت تلك الشائعات.
وبشكل مباغت، وقبيل الانتخابات البرلمانية الإيرانية المثيرة للجدل، بيومين، عادت وزارة الصحة الإيرانية لتعلن تلك المرة بشكل رسمي، تسجيل حالتي وفاة بفيروس كورونا الجديد الناشئ في الصين، وإصابة 5 أشخاص، انتشر الفيروس بشكل سريع في عدد من المدن الإيرانية.
ولن ينسى العالم مشهد نائب وزير الصحة الإيراني وينفي تفشي مرض كورونا بينما هو يتصبب عرقاً، ليخرج بعد ذلك معلناً أنه مصاب بالمرض.
مظاهر الإهمال
يرى البعض أن تعامل النظام الإيراني المتأخر مع خطر فيروس كورونا، أدى إلى انتشاره ليس في البلد فحسب، وإنما وصوله إلى دول الجوار. وكل هذا كان لأغراض سياسية، في سبيل الحصول على قدر أكبر من الأصوات خلال الانتخابات.
وبدلاً من اتخاذ إجراءات سريعة لتطويق مناطق انتشار الفيروس، وتحذير المواطنين، ألقى المرشد الإيراني علي خامنئي، باللوم على "أعداء إيران" الذين سعوا لإثناء الناس عن التصويت في الانتخابات "بالمبالغة في خطر فيروس كورونا".
النتائج
أصبحت إيران بؤرة رئيسية للمرض واحتلت المركز الثاني من حيث عدد الإصابات لفترة من الوقت، ومركزاً لنشره في الشرق الأوسط.
النصف الثاني من فبراير/شباط: كنيسة سرية تنشر المرض في كوريا الجنوبية
من خلال نظام تحديد المواقع العالمي، كُشف عن ارتباط شخص مصاب بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) بطائفة دينية شديدة السرية في كوريا الجنوبية.
وتبين أنها امرأة مصابة بالفيروس تبلغ من العمر 61 عاماً في كوريا الجنوبية وتنتمي إلى كنيسة شينتشونغي في دايغو، وهي مدينة يقطنها 2.4 مليون نسمة، وتبعد نحو 170 ميلاً جنوب شرقي العاصمة سول، وسرعان ما أصبح واضحاً أن أكثر من نصف الحالات المعروفة كانت مرتبطة بأعضاء هذه الكنيسة.
ويعتقد أن شخصاً واحداً نقل الفيروس لأعضاء الكنيسة، خاصة أن لها أتباعاً في مقاطعة هووبي الصينية موطن المرض.
وزعيم هذه الطائفة، لي مان يقول إنه يجسد النزول الثاني للمسيح على الأرض.
عدد المشاركين
عدد أتباع الكنيسة حوالي 230 ألفاً
مظاهر الإهمال
عضو سابق في الكنيسة صرح لوكالة يونهاب الكورية الجنوبية بأن ممارسات شينتشونغي أثناء العبادة يمكن أن تزيد خطر الإصابة بفيروس كورونا، حيث يركع المشاركون على مقربة من بعضهم البعض ويغنون الأغاني في وقت يضعون فيه أذرعهم على أكتاف بعضهم البعض.
علاوةً على ذلك، هناك مخاوف بشأن وجود هذه العبادة خارج كوريا الجنوبية، بما في ذلك مقاطعة هوبي في الصين، مركز الوباء.
واعتبر لي مان هي، مؤسس الكنيسة وزعيمها (88 عاماً)، المرض "عملاً من الشيطان" واختباراً للإيمان يهدف إلى إيقاف نمو شينتشونغي، وأصر على استمرار التجمعات.
بعض المصابين المؤكدين حضروا نفس القداس في يوم 8 مارس/آذار 2020 على الرغم من أن الحكومة طلبت الامتناع عن التجمعات الدينية لمنع العدوى الجماعية.
ويشتبه في كنيسة بروتستانتية أخرى في شرق سيول بأنها موقع لمجموعة عدوى أخرى في العاصمة، بعد إصابة 24 شخصاً، من بينهم أتباع لها.
ورغم كل ما سببته مثل هذه التجمعات الدينية ذكرت وسائل إعلام أن مناوشات وقعت بين شرطة كوريا الجنوبية ومرتادي كنيسة، الأحد 22 مارس/آذار، مع دخول قيود فرضتها الحكومة على أي قداس أو تجمّع حيز التنفيذ في إطار إجراءات لكبح انتشار فيروس كورونا.
النتائج
نصف مجموع الإصابات في كوريا مطلع مارس كانت لأعضاء من كنيسة شينتشونغي.
وأجرت السلطات مقابلات مع جميع أعضاء الكنيسة البالغ عددهم 230 ألفاً. وقال حوالي تسعة آلاف شخص منهم إن لديهم أعراض فيروس كورونا.
وقدّمت حكومة مدينة سول شكوى قانونية إلى النيابة العامة ضدّ 12 من قادة الطائفة. وهم متهمون بالقتل والتسبب في ضرر وانتهاك قانون مكافحة الأمراض المعدية ، خاصة أن قادة الكنيسة أخفوا في البداية أسماء المشاركين في القداس.
اعتذر رئيس الكنيسة عن دوره في نشر المرض، بعدما تحولت كوريا الجنوبية إلى واحدة من أبكر وأكبر بؤر كورونا وثاني أكبر بؤرة للمرض في شرق آسيا.
19 فبراير/شباط: مباراة كرة القدم التي حطمت إيطاليا وإسبانيا
"قنبلة بيولوجية بحضور أكثر من 40 ألف شخص"، هكذا وصف الطبيب فابيانو دي ماركو مدير أمراض الرئة بمستشفى بابا جيوفاني الشهير، مباراة فريق أتالانتا الإيطالي وفالنسيا الإسباني في ذهاب دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا.
جاء الناس للمباراة بالحافلات والسيارات والقطارات، وعادوا محمَّلين بالفيروس.
أقيمت المباراة على ملعب سان سيرو في ميلان في الـ19 من فبراير الماضي قبل أيام قليلة من اكتشاف إيطاليا الكارثة التي حلت بها بسبب انتشار الفيروس.
عدد المشاركين
من 40 إلى 45 ألف شخص.
مظاهر الإهمال
رغم وجود المرض في إيطاليا قبل المباراة فإن السلطات الحكومية وكذلك اتحاد الكرة هناك لم يوقفا مباريات كرة القدم، ولم تمنع إسبانيا كذلك فريق فالنسيا من السفر لإيطاليا.
النتائج
أعلن فريق فالنسيا الإسباني إصابة ما لا يقل عن نسبة 35% من الطاقم، بعدما تم التحقق من إيجابية التحاليل المخبرية التي أجريت على اللاعبين والإداريين وتقنيي الفريق، ليتم ربط نسبة الإصابة المرتفعة بالوباء العالمي بمباراة ميلانو.
وقالت تقارير إن هذه المباراة تسببت في وفاة حوالي 500 شخص إثر إصابتهم بفيروس كورونا.
الفيروس تفشّى بحدة بعد مضيّ أقل من شهر على هذه الموقعة الرياضية في إيطاليا وإسبانيا اللتين يمكن اعتبارهما الأكثر تضرراً على مستوى العالم بالنظر تحديداً لمعدل الوفيات المرتفع فيهما.
من يناير/كانون الثاني إلى مارس /آذار: امرأة واحدة على متن رحلة نيلية ساحرة تنقل المرض لدول عدة
في أواخر شهر يناير/كانون الثاني 2020، كانت هناك راكبة أمريكية تايوانية على متن الباخرة النيلية MS Asara حاملة لفيروس كورونا المستجد.
وحتى مطلع مارس/آذار، سجلت فحوصات أكثر من 110 حالات أجنبية نتائج إيجابية بعد رحلات سياحية في مصر، من بينها الرحلات السياحية النيلية، وشملت تلك القائمة مواطنين من اليونان وفرنسا وكندا والولايات المتحدة، حسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
عدد المشاركين
الرحلة تسع 132 سائحاً، ومنذ يوم ركوب السائحة التايوانية حتى وقف الرحلات، قامت الباخرة بأربع رحلات أخرى على الأقل.
مظاهر الإهمال
الباخرة ظلت تعمل حتى بعد إخطار السلطات الصحية المصرية يوم 1 مارس/آذار بأن المرأة الأمريكية التايوانية كانت تحمل الفيروس أثناء وجودها على متن الباخرة Asara، وأنها على الأرجح تسببت في عدوى آخرين على متن الباخرة.
ورغم هذا البلاغ أبحرت الباخرة في رحلة سياحية أخرى يوم 5 مارس/آذار أثناء انتظار السلطات الصحية نتائج فحوصات الطاقم.
وحتى بعد اكتشاف قصة المرأة التايوانية، استضافت الباخرة أربع رحلات أخرى على الأقل، وأصيب 12 فرداً على الأقل من طاقمها بالعدوى وعدد من السياح.
تركت السلطات المصرية عدداً من السياح يغادرون البلاد قبل ظهور نتائج التحليل.
وارتكبت السلطات الأمريكية أخطاء مشابهة.
فمواطنة أمريكية عادت إلى بلادها راسلت إدارة الصحة بولاية تكساس، لتطلب إجراء فحص آخر، على أمل أن تتأكد من أنها ليست مصابة بالفعل، ولكن الإدارة الصحية أخبرتها بأنها لا يمكنها إجراء فحص جديد إذا لم تظهر عليها أعراض الإصابة بفيروس كورونا، وقالت: "يبدو أن معظم الأشخاص والمسؤولين لا يأخذون الأمر على محمل الجد".
النتائج
كانت نتيجة فحوصات 33 ممن هم على متن السفينة إيجابية، من بينهم على الأقل ثلاثة أمريكيين و16 أجنبياً آخر، بالإضافة إلى طاقم الباخرة المكوّن من 12 فرداً.
من المحتمل أن يكون مئات الركاب المصريين والأجانب، ومن بينهم عشرات الأمريكيين، تعرّضوا للفيروس في الفترة من منتصف شهر فبراير/شباط إلى أوائل مارس/آذار، في مثال واضح على كيفية انتقال فيروس كورونا من حالة واحدة بسرعة كبيرة إلى جميع أنحاء العالم.
وسجلت الولايات المتحدة إصابة ستة أمريكيين على الأقل كانوا على متن الباخرة النيلية Asara بعد عودتهم إلى ولاية ماريلاند، وفقاً لحاكم الولاية من المحتمل أنهم نشروا الفيروس في مجتمعاتهم. وسُجلت 12 حالة إيجابية أخرى في منطقة هيوستن.
العديد من السياح الأمريكيين الذين عادوا إلى بلادهم شاركوا في تجمعات ضمّت عدداً كبيراً من الناس، وقد يكون سبباً في نشر الفيروس في مجتمعاتهم، حسب صحيفة "واشنطن بوست".