قصة رجل الظل الذي كان صديقاً لعلاء وجمال مبارك وأصبح وصياً على سعد الحريري وعراباً لعلاقته الخفية مع باسيل

عربي بوست
تم النشر: 2020/03/08 الساعة 21:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/09 الساعة 07:28 بتوقيت غرينتش
الحريري وباسيل/رويترز

في المسافة الفاصلة بين السياسة والاقتصاد بين إيران والسعودية ومصر، بين جبران باسيل وسعد الحريري، وجمال مبارك، تجد رجل الأعمال المصري الأردني علاء الخواجة يعقد الصفقات ويجمع المتخاصمين ويحقق الأرباح بينما الجميع يخسرون.

كان الرجل يلعب أدواراً سياسية دون أن يُشعر اللبنانيين لولا الصراع داخل البيت السياسي الواحد أي فريق 8 آذار.

أول من أعلن عن رجل الظل هو رئيس تيار التوحيد العربي الدرزي الوزير السابق وئام وهاب المحسوب على حزب الله ونظام بشار الأسد.

بات شغل وهاب الشاغل إطلاق النار السياسي على الخواجة واتهامه في صفقات مالية.

ويرى كثيرون أن الخواجة وبعيداً عن اللعب في السياسة وتجاذباتها بات الرقم الصعب في عالم تمرير المصالح وتوزيع المكاسب.

سيرة علاء الخواجة الغريبة

يعتبر علاء الخواجة من أبرز رجال الأعمال الأردنيين ذوي العلاقات الغامضة في عوالم السياسة وصناعة القرار. 

من يبحث عن تاريخ الرجل قلما يجد معلومات كافية سوى زيجاته من فنانات مصريات كشريهان وإسعاد يونس، وجده من أمه الذي تولى رئاسة وزراء الأردن لفترة. 

لكن ما هو معلوم أن للرجل صفات كالحزم وعدم التأثر بالكلام المتكرر عنه وعن أعماله.

أولى محطات الرجل الاجتماعية في لبنان هي إقناعه لإمرأة لبنانية بالطلاق من زوجها رجل الأعمال والزواج منه، ما جعل منه صاحب الزيجات الثلاث.

صديق علاء وجمال مبارك

دور الخواجة في المسافة الفاصلة أو الرابطة بين السياسة والاقتصاد ظهر من قبل في القاهرة، فقد وصف بأنه الصديق الصدوق لنجلي الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك علاء وجمال وشريك الصفقات الكبيرة التي أتاحت لهما اللعب في الميدان الاقتصادي المصري.

وامتدت دائرة أعمال علاء الخواجة إلى فلسطين وسلطتها.

فحسب مؤسس "موسوعة المعرفة" الدكتور نائل الشافعي، قررت منظمة التحرير الفلسطينية استبدال محمد رشيد تركماني حامل محفظة واستثمارات ياسر عرفات من عضوية مجلس إدارة "أوراسكوم للاتصالات" بعلاء الخواجة، قبل أن يؤول أمر هذه الشركة المصرية كلها إلى المليونير اليهودي الروسي ميخائيل فريدمان. 

اختفى اسم الخواجة، كما تركماني، وكأنهما لم يمرا على مجلس إدارة "أوراسكوم" التي ارتبط اسمها باسم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، الذي تدير شركته حالياً شركة الاتصالات "ألفا" اللبنانية.

ولكن امتدادات أعمال الخواجة في العراق تؤكد عقلية الرجل في إدارة المشاريع، فقد كان بحسب المصادر المطلعة شريكاً لأحد رجال الأعمال العراقيين الكبار، وهذا الشريك هو الذي سيقدم بحقه اتهامات داخل العراق، منذ أيام صدام حسين. وبعدها بفترة، عمل الخواجة على فضّ الشراكة، تجنّباً للمزيد من الجلبة والضوضاء.

علاء الخواجه مع زوجته السابقة الفنانة المصرية شريهان/موقع المعرفة

وفي لبنان، ارتبط اسم علاء الخواجة بسريان التسوية الرئاسية التي أتت بميشيل عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للوزراء برضا ومباركة حزب الله، فيما بقي ثلاثي الاتفاق على مضامين التسوية وصفقاتها حبيس الغرف المغلقة بين ثلاث شخصيات ظن اللبنانيون حينها أنهم اثنان فقط وهما نادر الحريري مدير مكتب رئيس الحكومة وابن عمته وجبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر ووزير خارجية لبنان.

ولكن تبين أن الشخصية الثالثة هو الجوكر "علاء الخواجة"، عراب التسوية التي بدأت في باريس وانتهت فصولها في بيروت.

ويزعم البعض أنه بات وصياً على سعد الحريري ومكلفاً من الديوان الملكي السعودي نظراً لأنه صديق مقرب لسعود القحطاني.

لكن إفلاس الحريري ومن ثم احتجازه مع الأمراء السعوديين عزز لدى اللبنانيين فكرة مغايرة في الشكل والمضمون.

شراء إرث الحريري

من يعرف إمبراطورية رفيق الحريري المالية وشركاته وأعماله لا يصدق أن كيف يفرط نجله سعد في تراكم الأعمال والشركات الكبرى التي خلفها وراءه.

يعيش الحريري أزمة مالية منذ عام 2011، بدأت بإفلاس شركاته وعدم قدرته على دفع مستحقات موظفي مؤسساته في بيروت والسعودية.

كانت الرياض قد وصلت لقناعة أن كل المال السياسي الذي أنفقته في لبنان لم يصرف في مكانه، لا بل على العكس بات خصوم المملكة أقوى في المعادلة اللبنانية.

بقي للحريري مملكته الأخيرة التي تتهاوى على وقع التوظيفات العشوائية وهي بنك البحر المتوسط والذي يتقاسمه الحريري مع زوجة والده نازك، ما سهل لعلاء الخواجة بعملية إقناع الحريري في شراء حصته مقابل سداد ديون الحريري المحلية. 

وعلى الرغم من الكلام الموجه للرجل في الإعلام والمجالس وعبر منصات التواصل والغمز واللمز، يصر الخواجة على نهج الصمت وعدم الرد. 

عرض العديد من رجالات الإعلام والصحافة على الرجل والمقربين منه إجراء عمليات تلميع بعد أن أحيط بالعديد من الاتهامات.

 يبتسم الرجل يخرج دفتر شيكاته ويكتب المبلغ المرقوم ثم يطلب عدم ذكر اسمه لا سلباً ولا إيجاباً ولا الرد على أحد، حسبما تقول مصادر مطلعة على أنشطته. 

لديه أعمال ينوي إنهاءها وفقط، هذا أصلاً ما استطاع القيام به مع سعد الحريري، نسب إليه قوله "السياسة وحدها يا دولة الرئيس لا تطعم خبزاً" مخاطباً الحريري، وبدلاً من الدخول في زواريبها، من الأفضل للمرء التركيز على الاقتصاد. 

وهذا، حسب المصادر، ما دفع الحريري إلى التعاطي ببراغماتية مع خصوم الأمس، لتمرير المشاريع الاقتصادية: "لأن السياسة المبدئية بحسب الخواجة لا تنتج مشاريع استثمارية، ولا تفيد لا البلد ولا المصالح الشخصية".

عراب العلاقة مع باسيل

يؤكد بعض المطلعين على أدوار علاء الخواجة  لـ "عربي بوست" أن رجل الأعمال بات على علاقة وثيقة تنميها المشاريع مع الوزير جبران باسيل، وأنه يستطيع زيارة الرجل في بيته أو مكان إقامته دون موعد حتى.

يسهل باسيل لخواجة مشاريع الاستثمار مقابل حصة كبيرة يتلقاها من الخواجة، 

يتمم الرجل اسثماراته باللعب على التناقضات وهذا ما يزعج حزب الله.

لعب الرجل دور الوسيط بين الحريري وباسيل إبان تشكيل الحكومة السابقة والتي بقيت 6 أشهر في إطار المناكفات بين الرجلين.

جمع الخواجة الحريري وباسيل في باريس على عشاء كان عنوانه الرئيس أن خلافهما سيؤثر حتماً على صفقات أبرمت منذ التسوية في ملفات النفايات والكهرباء والنفط والاتصالات.

وافق حينها الثلاثة على التسريع بتشكيل الحكومة والتي استمرت 10 أشهر ثم أسقطت بفعل انتفاضة اللبنانيين في الشارع.

 لكن ما هو أكيد أن شبكة الشراكة ما زالت قائمة في الإطار المرسوم، وبعيداً عن خروج الحريري من المشهد السياسي المباشر وإعلان الخصومة مع حليف الأمس جبران باسيل، لكن هناك ضابط إيقاع للعلاقة بين الرجلين.

الخواجة وبحسب مصادر خاصة لعب دوراً في إقناع الحريري بحسان دياب كرئيس بديل مؤقت للحريري، والمعارضة الشكلية ما هي إلا لتمرير صفقة أقرت في عهد حكومة الحريري – باسيل وهي صفقة تشغيل معمل تشغيل الكهرباء في منطقة ديرعمار شمال لبنان والتي استحصلت عليها شركة يمتلكها الخواجة. 

بل ما هو خطير هو كيفية توزير الخواجة لوزير الاقتصاد راؤل نعمة والذي يعمل كمدير لبنك البحر المتوسط الذي اشتراه الخواجة من الحريري، ما يؤكد نظرية اليد العليا في الاقتصاد.

فلم توقف الحكومة الجديدة مشروعات الرجل على الرغم من الوعود المتكررة بإعادة النظر بالعديد من الملفات والمشاريع المرتبطة بأعمال الخواجة. 

بقي الخواجة جاثماً على صدر مكتسبات اللبنانيين دون التفكير للحظة في إيقافها، اتفاقات باريس بين باسيل والحريري لاتزال تسري على جمهورية أعلن رئيس حكومتها إفلاسها وعدم قدرتها بدفع ديونها المستحقة بسبب صفقات المال وسياسات المحاصصة التي تبدو طائفية، لكنها في الأصل عقيدتها الوحيدة هي الدولار.

في خدمة الإمارات ومصر وعراب إقصاء الإسلاميين اللبنانيين

يرتبط اسم الخواجة بعلاقاته الواسعة في أبوظبي والقاهرة. 

وبحسب مصادر مطلعة فإن الخواجة على علاقة صداقة مع وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، تكونت عبر صديقهما المشترك نجيب ساويرس، والذي حاول مراراً إقناعه بأن يكون رئيساً لوزراء الأردن نظراً لأن الخواجة على علاقة طيبة مع ملكها عبدالله الثاني.

كما يرتبط الخواجة بعلاقات مميزة مع ابن الصحفي محمد حسنين هيكل، حسن هيكل، والتي أدت لشراكة في مجموعة مشاريع لمنتجعات في شرم الشيخ، والتي من خلالها تكونت علاقته بعباس كامل رئيس المخابرات المصرية.

لكن تلك العلاقة دفعت الخواجة مراراً لنصح الحريري بالقيام بخطوات عملية تعيد ثقة حلفائه الخليجيين به، وظهر ذلك في الدور في انتخابات برلمان 2018 من خلال الضغط على زعيم تيار المستقبل لإقصاء الإسلاميين في المشهد السياسي والمجال العام وتقليم أظافرهم كقربان لدول الخليج التي ترفع لواء محاربة حركات الإسلام السياسي بالمنطقة.

في جلسات الرجل مع مقربيه يؤكد الخواجة أن تيارات الإسلام السياسي تشكل العائق الأكبر في عملية النهوض الاقتصادي للبلاد.

وبالفعل أقصى الحريري العديد من حلفائه أيضاً نتيجة ضغط علاء الخواجة المتكرر .

كما أخرج وليد جنبلاط من معادلة المحاصصة بعد أن كان الشريك الأوحد في مشروعات السياسة وتلزيماتها.

وتقول مصادر إن الخواجة ينفق على مجموعة كبيرة من رجال الدين السنة كدعاة لمشروعه الدائم".

لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

توافق « عربي بوست » أحياناً على عدم التعريف بأسماء مصادر تقدم معلومات حساسة لقرائنا. وبموجب إرشادات الموقع، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر وذات مصداقية، وأننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.

ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، وبعضهم يتساءلون ما إذا كانت هذه المصادر موجودة أصلاً. لكن لدينا قواعد وإجراءات لمحاولة معالجة هذه المخاوف.

فبالإضافة إلى المراسل، يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر. ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم أو من ينوب عنه قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. وعندما تكون القصة مبنية على معلومة مركزية من مصدر مجهول، فيجب الموافقة عليها بشكل عام من قبل رئيس التحرير.

نحن نتفهم حذر القراء، ولكن لا يمكن أبداً الحصول على المعلومات حول العديد من القصص المهمة في مجالات حساسة، مثل السياسة والأمن القومي والأعمال، إذا استبعدنا المصادر غير المعرّفة. فالمصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية. حتى في بعض الأحيان من أجل سلامتها.

يعتقد بعض القراء أن المصادر تكون أكثر صدقاً إذا تم نشر أسمائها، ومن غير المرجح أن يكذبوا إذا تم الكشف عن هويتهم. إلا أن المراسلين في العديد من المناطق يعرفون أن العكس هو الصحيح. فالمصادر في المناصب الحساسة غالباً ما سيتحدثون ببساطة بحسب التوجهات الرسمية. وسيكونون صريحين فقط إذا كانوا يعرفون أن أسماءهم لن يتم الكشف عنها.

 

تحميل المزيد