رغم محاولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم استصدار قرار من القضاء البريطاني يبقي تفاصيل خلافه مع زوجته الأميرة "هيا" قيد الكتمان، فإن طلبه رفض، الأمر الذي أدى إلى كشف الصحف البريطانية لكثير من أسرار حاكم دبي القديمة والجديدة ومن بينها أسباب صادمة لهروب الأميرة هيا من دبي.
فقد كشف خلال التقاضي أمام المحكمة العليا البريطانية، محاولات الشيخ مكتوم -أحد أغنى رجال العالم- لشن حملة "تخويف وترهيب" ضد زوجته الصغرى الأميرة هيا، التي فرّت إلى بريطانيا العام الماضي خشية أن يقتلها، حسبما ما ورد في تقرير لصحيفة Daily Mail البريطانية.
والأميرة هيا بنت الحسين (45 عاماً)، هي ابنة ملك الأردن الراحل حسين والأخت غير الشقيقة لحاكم البلاد الحالي الملك عبدالله الثاني.
ويبدو أن تداعيات القضية لا تقتصر فقط على الأسرة الحاكمة في دبي بل تشمل المملكة المتحدة، والأسرة الهاشمية في الأردن التي تنتمي إليها الأميرة هيا، أما المفاجأة الكبرى فهي أن الحكم يتعلق أيضاً بالأسرة المالكة السعودية وتحديداً رجلها القوي والذي يمكن اعتباره أقوى رجل في المنطقة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، حسب ما ورد في تقرير الصحيفة البريطانية.
أحد أسباب هروب الأميرة هيا من دبي خوفها من تزويج ابنتها قسراً للأمير محمد بن سلمان
في حُكمٍ صادم صدر الخميس 5 مارس/آذار 2020، عقب 10 أشهر من التقاضي على حضانة الأطفال في المحكمة العليا بين الشيخ والأميرة هيا، قالت صحيفة Daily Mail إنه يُمكن الكشف عن التالي :
- وجدت المحكمة أنّ الشيخ هو المسؤول عن اختطاف ابنته شمسة من كامبريدج في عام 2000.
- الشيخ هو من أرسل الكوماندوز لخطف ابنته الهاربة الأخرى، الأميرة لطيفة، عام 2018 بحسب ما وجدت المحكمة.
- الأميرتان مُحتجزتان الآن داخل قصرٍ في دُبي، ولا تزالان رهن الاعتقال حتى يومنا هذا.
- فرّت الأميرة هيا، خريجة أكسفورد، مع طفليها إلى لندن بعد أن اكتشفت الحقيقة حول ما حدث مع شمسة ولطيفة.
- خشيت الأميرة هيا إعداد ابنتها الأميرة جليلة (11 عاماً) لزواجٍ قسري إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المُتّهم بقتل الصحفي جمال خاشقجي، حسب ما ورد في تقرير الصحيفة البريطانية.
وقال المحامي البريطاني للأميرة لطيفة ديفيد هاي، خلال حديثه إلى صحيفة The Guardian البريطانية، إنّه سيُقدّم الحُكم إلى مجموعة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي.
وأردف أيضاً: "نحن سعداء بالحكم. إنّه يُبرِّر كل ما قُلناه، ويُبرِّئ شمسة ولطيفة وهيا".
وأضاف أنّه التقى بشرطة كامبريدج هو وتينا جاوهياينين، صديقة لطيفة المقربة، أواخر عام 2019.
وتابع: "اتضح الآن لماذا لم يرغب الشيخ محمد في أن تصل هذه الأحكام إلى العالم. إذ تُظهِره في صورة شخصٍ ليس مهيئاً لتحمُّل مسؤولية أطفال، ناهيك عن دولةٍ حليفة للمملكة المتحدة".
أزمة في بريطانيا بسبب ما فعله بن راشد مع ابنته.. إغلاق التحقيق كخدمة دبلوماسية
تزايد الدعوات في بريطانيا إلى فتح تحقيقٍ حكومي في صفقة حزب العمال مع حاكم دبي الملياردير الشيخ محمد "بالغرف المُغلقة"، وسط مزاعم بأنّ وزير الخارجية البريطاني السابق روبن كوك أغلق تحقيق الشرطة ضده باعتبارها "خدمةً دبلوماسية".
إذ قال عضوٌ بارز في حزب المُحافظين لموقع MailOnline البريطاني اليوم، الجمعة السادس من مارس/آذار، إنّه لابد من فتح تحقيقٍ في "صفقة الغرف المُغلقة" المزعومة بين حكومة حزب العمال الخاصة في عهد توني بلير وبين الشيخ الملياردير المُتّهم باختطاف ابنته على الأراضي البريطانية.
إذ أمر الشيخ محمد آل مكتوم، صديق الملكة، أتباعه باختطاف الأميرة شمسة في كامبريدج عام 2000. لكنّ التحقيق الجنائي يُزعَم أنّه أُغلِق باعتبارها "خدمةً دبلوماسية"، وفقاً لما بلغ كبير قضاة محكمة الأسرة في المملكة المتحدة.
وقضت المحكمة العليا البريطانية الخميس الخامس من مارس/آذار 2010 بأنّ الشيخ آل مكتوم دبّر عملية المداهمة. وقال السير أندرو ماكفارلان إنّ سلوكه انتهك على الأرجح القانون الجنائي في إنكلترا وويلز، والقانون الدولي، ومعايير حقوق الإنسان المقبولة دولياً.
وقالت شمسة إنّ حراساً شخصيين مُسلّحين اختطفوها وحقنوها بمادةٍ مُهدّئة، ثم نقلوها من قصر والدها في نيوماركت إلى فرنسا على متن طائرةٍ مروحية، قبل أن تصل إلى دبي حيث تعرّضت للتعذيب. ولم تظهر علناً منذ 20 عاماً.
وفتحت شرطة كامبريدج آنذاك تحقيقاً جنائياً، لكنّه أُغلِق بسبب "تدخُّل" من وزارة الخارجية -على أساس أنّها "خدمةٌ دبلوماسية" لواحدٍ من أفضل حلفاء المملكة المتحدة.
وقالت شرطة كامبريدجشاير بالأمس، الخميس الخامس من مارس/آذار: "في عام 2001، حقّقت شرطة كامبريدجشاير في مزاعم اختطاف شمسة محمد بن راشد آل مكتوم عام 2000. لكن الأدلة التي كانت متوافرةً حينها لم تكُن كافيةً لاتّخاذ أيّ إجراءٍ إضافي. وأُعيد النظر في القضية عام 2017، وتوصّلنا مُجدّداً إلى أنّ الأدلة لا تكفي لاتّخاذ أيّ إجراءٍ إضافي. هذا لم يعُد تحقيقاً مفتوحاً، ولسنا على تواصلٍ مع الضحية".
ويُواجه المسؤولون الحكوميون البريطانيون الآن ضغوطاً من أجل تقديم الشيخ إلى العدالة، بعد أن توصّل القاضي إلى أنّه دبّر عملية الاختطاف.
وللمرة الأولى، بات من الممكن تغطية أخبار التستُّر على عملية الاختطاف التي وقعت في عهد حكومة توني بلير عام 2000.
وتوسّلت شمسة إلى المُحققين البريطانيين لينقذوها، لكنّهم أُجبِروا على التخلّي عن القضية.
ملايين من الدولارات وثمانية من كبار المحامين البريطانيين للحفاظ على سرية القضية
وتأتي هذه الاكتشافات بعد أن خسر الشيخ مكتوم مُحاولته للحفاظ على سرية القضية. إذ استأجر ثمانية من كبار المُحامين البريطانيين بتكلفةٍ باهظة، لكنّه عجز عن الحفاظ على سرية القضية.
إذ رفضت المحكمة العليا البريطانية، ومحكمة الاستئناف، ومحكمة النقض طلبه بالحفاظ على سرية القضية. وقضت بأنّ العالم يجب أن يعرف ما توصّل إليه أندرو ماكفارلان، رئيس قسم الأسرة بالمحكمة العليا، حيال سلوكه الذي وصفته بـ "الإجرامي".
وقالت الصحيفة البريطانية في انتصارٍ للعدالة المفتوحة، يُمكن الكشف عن أنّ زوجة الحاكم الخليجي السابقة حاربت ضده من أجل حق العامة في معرفة أسرار العائلة الملكية في دبي.
ويزور مليون بريطاني الإمارات العربية المتحدة سنوياً، ودبي هي جزءٌ منها.
ويمتلك الشيخ (70 عاماً) إسطبلات غودولفين المُفضّلة لدى الملكة، في نيوماركت بسوفلوك. واعتاد التردُّد باستمرار على سباقات رويال أسكوت مع زوجته السادسة والصُغرى، الأميرة هيا (45 عاماً).
ورفع الشيخ -الذي تُقدّر ثروته بـ14 مليار دولار- قضيةً أمام محكمة النقض يطلب فيها "العودة الفورية" لابنه وابنته، لكنّ مساعيه باءت بالفشل .
واستمع السير أندرو إلى أدلةٍ من رئيس مُفتِّشي شرطة كامبريدجشاير الأسبق ديفيد بيك، والذي حقّق في اختطاف شمسة وطلب إذناً رسمياً بزيارة دبي من أجل مقابلتها.
وتحدّث مُحامي الأميرة هيا تشارلز جيكي أمام محكمة النقض عن "التدخُّل" في تحقيق الشرطة و"المصلحة المباشرة التي أعرب عنها وزير الخارجية".
وأقرّت وزارة الخارجية البريطانية منذ ذلك الحين بأنّها "تحتفظ بمعلومات تتعلّق بالقضية"، لكنّها زعمت أنّها "من المُرجّح أن تمس العلاقات بين المملكة المتحدة ودول أخرى في حال الكشف عنها".
وفي حُكمه، قال السير أندرو: "إنّ المزاعم حول أمر الوالد وتدبيره اختطاف وتسليم ابنتيه شمسة ولطيفة هي مزاعمٌ شديدة الخطورة. وقد وجدت أنّه يترأّس نظاماً لا يزال يسلب حرية الشابتين".
وأردف السير أندرو قائلاً إنّ هيا أرادته أن يتوصّل إلى أنّ دبي "قدّمت عروضاً" إلى وزارة الخارجية "لإنهاء التحقيق"، لكنّ إثبات ذلك لم يكُن ممكناً.
الشيخ رفض المثول أمام المحكمة أو استئناف الحكم
ولم يظهر الشيخ أو يتّصل بأي شاهد خلال القضية، ولم يستأنف ضد ما توصّلت إليه المحكمة.
وقبل صدور الحكم قال محمد بن راشد: "هذه القضية تتعلّق بالأمور الشخصية وشديدة الخصوصية التي تخُص أطفالنا. وقُدِّم الطلب من أجل حماية مصالحهم ورفاهيتهم بأفضل ما يُمكن. وهذه النتيجة لا تحمي أطفالي من تركيز وسائل الإعلام بنفس الطريقة التي يجري بها حماية أطفالٍ آخرين في النزاعات القضائية الأسرية داخل المملكة المتحدة. وبصفتي رئيس حكومة، لم أتمكّن من المشاركة في عملية تقصّي الحقائق الخاصة بالمحكمة. مما أسفر عن صدور حُكم "تقصّي حقائق" لا يروي سوى جانب واحد من القصة فقط".
كيف فرت الأميرة هيا؟
في أبريل/نيسان الماضي، فرّت الأميرة هيا على متن طائرتها الخاصة بوينغ 737 إلى بريطانيا مع أطفالها، الأميرة جليلة (12 عاماً) والأمير زايد (ثمانية أعوام). وهم الآن مُتحصِّنون داخل قصرٍ بقيمة 110 ملايين دولار في وسط لندن.
وأصبحت هيا بنت الحسين ثالث أميرة تحاول الفرار من واحدةٍ من أغنى عائلات العالم وأكثرها نفوذاً، ولكنها وحتى الآن هي الوحيدة التي نجحت في الهروب حتى الآن.
وبعد أن نزلت الأميرة التي تعلّمت في أكسفورد وتبلغ من العمر 45 عاماً من على متن الطائرة إلى الأراضي البريطانية بعد رحلةٍ استمرت لسبع ساعات من دبي، أبقت على طفليها بجوارها طوال الوقت.
ونُقِلوا بالسيارة إلى وسط لندن، حيث اجتازوا قبل منتصف الليل البوابات الحديدية السوداء لقصرٍ اشترته في فبراير/شباط عام 2018 بقيمة 110 ملايين دولار.
وكانت الأميرة هيا، ابنة عاهل الأردن الراحل الملك حسين، تختلف عن أيٍ من زوجات الشيخ مكتوم الخمس.
فوالدتها الملكة علياء تُوفّيت في تحطُّم مروحية وعمرها عامان، ثم أُرسِلَت إلى مدرسةٍ داخلية في إنجلترا بقيمة 39 ألف دولار سنوياً.
ثم انتقلت إلى أكسفورد لدراسة الفلسفة والسياسة والاقتصاد في كلية سانت هيلدا، حيث التقت "أشخاصاً مُنفتحين على استعداد لمناقشة أيّ شيء".
وشاركت الأميرة في منافسات قفز الحواجز خلال أولمبياد عام 2000 مُمثِّلةً عن بلدها، وكانت سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
وفي العام الماضي كان الشيخ ينتظر زوجته وأطفاله داخل عقاره مُترامي الأطراف في نيوماركت بسوفلوك، وهو أحد العقارات العديدة الضخمة التي يمتلكها العاهل الذي يبلغ من العمر 70 عاماً في المملكة المتحدة -دون أن يُدرك أنّها كانت ستفر منه خوفاً على حياتها. ولكنّهم لم يصلوا إلى العقار مُطلقاً.
والأسوأ بالنسبة للشيخ محمد أنّها أخذت معها ابنتهما الأميرة جليلة (11 عاماً حينها) والأمير زايد (سبعة أعوام حينها).
كلاهما صديق للملكة إليزابيث
ولطالما كان الشيخ وهيا من الحاضرين دائماً في الأوساط الاجتماعية البريطانية العليا، وكلاهما من أصدقاء الملكة بشكلٍ مُستقل.
ومن داخل قصرها المُحصّنة جدرانه ضد الرصاص في لندن، تسلّمت الأميرة هيا رسالةً مُشفّرة من أحد العاملين لدى زوجها حول "ذبح زوجةٍ بسبب الغضب"، حسب مزاعم الصحيفة البريطانية.
وكانت تلك الرسالة جزءاً من "حملة الترهيب والتخويف" التي وصفتها الصحيفة بالشريرة التي شنّها الشيخ ضد زوجته الشابة.
اكتشاف هيا للحقيقة حول "تعذيب" زوجها لابنتيه شمسة ولطيفة هو ما تسبّب في افتراقهما.
وقالت إنّ زوجها لم يُرحّب باهتمامها بأمر الأميرتين -وقد أخبرها في إحدى المرات "إنّ كل شيءٍ يحدث بمعرفتي وأوامري". ووجدت مسدساً موضوعاً على سريرها مرتين، في ما اعتبرته تهديداً بالقتل.
سنأخذ ابنك
وفي أوائل فبراير/شباط العام الماضي، جرت محادثةٌ هاتفية مُرعبة اقترح خلالها الشيخ بقسوة أنّ زايد "ابن الصحراء -وسنأخذه منكِ في غضون شهور قليلة، وسترين بنفسك".
ثم في مارس/آذار، قال لأصغر أطفاله: "نحن لسنا بحاجةٍ إلى أمكم بعد الآن، أليس كذلك؟". فأجابه الأطفال: "نحن نحتاج إليها"، وفقاً لما كشفه حكم المحكمة. فقال لهم الشيخ مكتوم: "لا، لا نحتاج إليها".
وفي الـ11 من مارس/آذار، حطّت مروحيةٌ داخل حديقة هيا، وقال أحد الحراس الأمنيين لزايد: "بابا غاضبٌ من ماما. وسوف يُرسلها إلى السجن". وقالت الأميرة إنّ ابنها الصغير تمسّك بساقها في رعب. لقد كان ذلك "إنذاراً" بحسب ما وصل إلى المحكمة.
وفي الـ15 من أبريل/نيسان، اصطحبت هيا أطفالها وفرّت إلى المملكة المتحدة خوفاً على حياتها في "رعبٍ تام".
واليوم، يُرافقها هي وأطفالها فريقٌ من الحراس الشخصيين الذين يرتدون ملابس أنيقة مع سماعاتٍ في آذانهم، وذلك خلال المناسبات النادرة التي يتجرّأون خلالها على ترك قصرهم.
تهديد لقيادي بالشرطة البريطانية
وتعرّض أحد قادة الشرطة البريطانية السابقين المسؤولين عن حمايتها لتهديدٍ من جانب أحد ممثلي حاكم دبي في لندن.
وقالت محكمة النقض في قرارها إنّه بالرغم من خبرته الكبيرة، شعر الضابط بـ "الاضطراب والقلق الكبير نتيجة التهديدات". وفي العلن، لم يتطرّق أحدٌ لتوتُّر العلاقات بين اثنتين من أقوى السلالات الحاكمة في الشرق الأوسط، وتداعيات ذلك على العلاقات الدبلوماسية داخل المنطقة وبين بريطانيا والإمارات العربية المتحدة.
وبعد أقل من شهرٍ على فرارها في منتصف الليل، التقت الأميرة الهاربة بالملكة داخل قلعة وندسور. وبعد شهرٍ من ذلك في يونيو/حزيران، حان دور الشيخ للانضمام إلى جلالتها في مسابقة رويال أسكوت للفروسية.
حرب المحامين
ولكن خلف الكواليس، بدأت الدراما المحلية التهديدية في التكشُّف بالتزامن مع إرسال الشيخ -الذي تخرّج من أكاديمية ساندهيرست العسكرية- جيشاً من أبرز المحامين البريطانيين إلى محاكم العدل الملكية في لندن للمطالبة بـ "العودة الفورية" لأطفاله. في حين عيّنت الأميرة المليونيرة فريقاً قانونياً مرهوب الجانب أيضاً.
وكان رفع السرية عن القضية يعني أن تفاصيل النزاع الزوجي الاستثنائي ستظهر أمام العامة.
وبعد أن فرّت إلى بريطانيا في مايو/أيار من ذلك العام، تزعم الأميرة هيا أنّ زوجها بعث لها برسالةٍ تقول: "لن تكوني بأمان أنتِ وأطفالكِ داخل إنجلترا".
وطلبت هيا من المحكمة العليا إصدار "أمرٍ بعدم التعرُّض"، وهو القانون المُخصص لمساعدة ضحايا العنف المنزلي، وقبلت المحكمة طلبها.
وتكلّف نزاع الزوجين القضائي غير المسبوق في لندن 6.7 مليون دولار بحسب التقديرات.
وكان الشيخ يبحث يائساً عن مخرجٍ من الموقف، قبل حتى أن تصل زوجته المنفصلة إلى المحكمة. إذ بدأ الدعوى القضائية، لكنّه فقد السيطرة عليها سريعاً.
وصار أبناؤه رسمياً في رعاية المحكمة، مما يعني أنّ كافة القرارات المُهمة في حياتهم صارت الآن في يد القاضي.
ولا شكّ أنّه كان مصدوماً من فكرة جره إلى المحكمة. فعلى غرار غالبية جلسات استماع محكمة الأسرة، يُريد القاضي من الأب أن يُقدّم أدلته شخصياً.
وجاء الرد واضحاً وقوياً، إذ لم يكُن رجل دولةٍ عربي سيُخضِع نفسه لمثل هذا المشهد تحت أي ظروف.
ومع انعكاس مجريات الأمور، حاول الشيخ الانسحاب من القضية. ولم تُغطّ الأخبار ذلك الأمر في حينها، لكنّ الشيخ تخلّى بالكامل عن مطالبه بـ "العودة الفورية" لأطفاله.
لكنّ القضية استمرت على كل حال، في ظل رفض السير أندرو السماح له بالانسحاب وإيضاحه أنّه لا يزال عليه "تقصّي الحقائق" من أجل اتّخاذ القرارات المستقبلية الصحيحة حيال رفاهية الأطفال.
وخلال جلسة استماع "تقصّي الحقائق" التي تلت ذلك، لم يطعن أحدٌ في مزاعم هيا لأنّ فريق الشيخ القانوني خرج بأكمله من المحكمة.
وفي النهاية انفجرت القضية في وجه الشيخ بالكامل، وانتهت إلى فقدانه أطفاله وزوجته -ومكانته بوصفه رجل دولةٍ دولياً.
ويُعتَقَدُ أنّ الأميرة، التي اشترت قصراً بقيمة 110 ملايين دولار وسط لندن في فبراير/شباط عام 2018 بدون زوجها الملياردير، دفعت 600 دولار في الساعة لمُحامية طلاقها الرئيسية (البارونة فيونا) من أجل أن تقبل القضية.
والأميرة هيا هي الأخت غير الشقيقة لعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، وهي ثريةٌ منذ الطفولة. وتقدّمت إلى المحكمة بطلبٍ ليكون أطفالها في رعاية المحكمة.
كما طلبت من المحكمة العليا في لندن أن تتقصّى الحقائق حول الشيخ محمد، خاصةً في ما يتعلّق بالاختطاف والاحتجاز القسري لاثنتين من بناته من زيجات أخرى على مدار عقدين.
كما طلبت أمر حمايةٍ من الزواج القسري في ما يتعلّق بالأميرة جليلة، وأمر عدم تعرُّض بحقها هي شخصياً.
وحضرت والدة الأطفال الثلاث كافة جلسات الاستماع تقريباً، محاطةً بالبارونة فيونا وفريقها الأمني، لكن الشيخ محمد لم يحضر أيّ جلسة.
وأصرّ فريق الشيخ محمد القانوني خلال جلسة استماع تقصي الحقائق على أنّ حاكم دبي "لا يستطيع الحضور ولن يأتي" لتقديم الأدلة.
وقال اللورد بانيك أمام المحكمة إنّه في حال استمرار تقصي الحقائق، فإنّ مُحاميّ الشيخ محمد "لن يُشاركوا بفاعلية في تلك الإجراءات".
ليست امرأة عربية عادية
وعلى غير العادة بالنسبة لأميرة عربية، أصبحت هيا، في سن 19 عاماً، المرأة الوحيدة في الأردن التي تحمل رخصة قيادة الشاحنات، ولا تمانع تصويرها وهي ترتدي الجينز، مثلما لا تمانع وهي ترتدي الملابس الأنيقة في المحكمة.
وهي تشترك مع زوجها المنفصلة عنه في حب الخيل، وفي العشرينات من عمرها، عملت بدوام كامل في الفروسية. وشاركت في الألعاب الأولمبية في سيدني عام 2000، حيث احتلت المركز 70 بعد حملها علم بلدها في حفل الافتتاح.
وأصبحت هيا الزوجة السادسة للشيخ محمد بعد زواجها منه عام 2004. وكانت أكثر ظهوراً من الزوجة الأولى للشيخ، إذ شغلت مناصب رفيعة المستوى مثل رئيس الاتحاد الدولي لرياضات الفروسية، وعملت في اللجنة الأولمبية الدولية، وسفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
كما كانت تظهر بين الحين والآخر في الفعاليات الاجتماعية الدولية برفقة الشيخ، ما دفع البعض إلى وصفهما بالزوجين المثاليين. لكن هذه الفكرة تحطمت عندما فرت إلى المملكة المتحدة مع طفليهما -اللذين يبلغان من العمر الآن 12 و7 أعوام- في ربيع العام الماضي، ما مهد السبيل لمعركة حامية في المحكمة العليا.