80 ألفاً قيد الحجر الصحي بالمنازل واحتمال لإعلان الطوارئ وتسليم السلطة لمجلس الأمن.. سر تصاعد أزمة كورونا بإسرائيل

تم النشر: 2020/03/08 الساعة 16:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/08 الساعة 21:43 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

يبدو أن أزمة مرض كورونا في إسرائيل مرشحة للتصاعد مع إعلان وزارة الصحة تشخيص المزيد من الحالات المتلاحقة، ليصل إجماليها إلى 25 شخصاً.

ويأتي ذلك مع استمرار الأزمة السياسية المشتعلة في إسرائيل، في ظل فشل رؤساء الكتل السياسية من حسم مسألة تشكيل الحكومة.

و​تنذر أزمة مرض كورونا في إسرائيل بدخول البلاد في أزمة متعددة الأبعاد.

أزمة مرض كورونا في إسرائيل تصل للجيش 

على المستوى الصحي، سجلت منذ مطلع مارس/آذار ارتفاعاً مضطرداً في أعداد المصابين بفيروس كورونا على مستوى مواطنيها، أو السياح الأجانب الحاملين للفيروس والقادمين من الخارج.

و​دفعت هذه الظروف الطارئة بالحكومة الإسرائيلية لاتخاذ إجراءات للتقليل من حدة انتشار الوباء، فأصدرت وزارة الصحة قراراً احترازياً بحجر صحي بالمنازل لـ80 ألف إسرائيلي، حضروا مباراة لكرة القدم بالقدس، بعد أن تبين أن سياحاً من كوريا الجنوبية مصابين بالفيروس كانوا في المدرجات مع المشجعين الإسرائيليين.

​وشملت إجراءات العزل وقف العملية التعليمية لـ2500 طالب ومدرس، وعزل الجيش الإسرائيلي 1262 جندياً بعد الاشتباه بظهور أعراض الفيروس عليهم.

كما أوقف الجيش مناورة عسكرية مقررة مع نظيره الأمريكي لتعزيز الدفاعات الجوية المشتركة والتصدي للتهديدات الصاروخية، وألغى قائد الجيش أفيف كوخافي زيارته لواشنطن خشية إصابته بالفيروس.

​اقتصادياً، شرعت الشركة الحكومية للطيران المدني "العال" بإجراءات فصل 200 من موظفيها بعد التراجع الحاد في حركة الطيران والسفر من وإلى العالم الخارجي، وسيصل عدد المشمولين بقرار الفصل ألف موظف من أصل 6200 إجمالي عدد موظفيها، وتراوح إجمالي خسائر الشركة بين 50- 70 مليون دولار بسبب أزمة كورونا.

انهيار وشيك لقطاع السياحة 

مشهد آخر ينذر بدخول إسرائيل في أزمة عميقة، هو الشلل شبه الكامل لقطاع الفندقة، بعد إلغاء الحجوزات لملايين السياح المقرر وصولهم البلاد هذا العام ضمن الموسم السياحي.

نصر عبدالكريم، أستاذ الاقتصاد بالجامعة العربية الأمريكية في جنين، قال لـ "عربي بوست" إن "وقف الرحلات الجوية من وإلى العالم الخارجي يعني بداية لانهيار وشيك للقطاع السياحي في إسرائيل الذي يساهم بـ30 مليار دولار سنوياً من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل به قرابة 200 ألف إسرائيلي بصورة مباشرة وغير مباشرة".

وأضاف أن "هذا القرار قد يسبب خسائر مضاعفة لشركات السياحة والفنادق العابرة للحدود، التي ستتحمل خسائرها شركات التأمين التي قد ترى نفسها في موقف لا تستطيع تعويض هذه الخسائر مما يعني تخفيض تصنيفها الائتماني".

​في محاولة لاستدراك الأزمة، ومنع تفشي الوباء، اتخذت إسرائيل قراراً بحظر دخول السياح من عدة دول أوروبية وآسيوية، أبرزها: فرنسا والنمسا وألمانيا وسويسرا وإسبانيا إيطاليا والصين واليابان وتايلاند وسنغافورة وكوريا الجنوبية.

​لكن صحيفة يديعوت أحرونوت اعتبرت أن قرار الحكومة بوضع المسافرين القادمين من الخارج في حجر صحي فور وصولهم لإسرائيل، خصوصاً القادمين من الولايات المتحدة بمثابة كسر للتوازن في العلاقات، ويحمل تداعيات سياسية.

لجنة انتخابية مخصصة للإسرائيليين الخاضعين لإجراءات الحجر الصحي/رويترز

​وتعد إسرائيل وجهة سياحية مهمة في المنطقة حيث تستقبل سنوياً 4.5 مليون سائح يضخون 7 مليارات دولار سنوياً، وتضمنت خطط العام 2020 مواصلة الجذب السياحي لإنعاش الاقتصاد، لكن أزمة كورونا تسببت بخسائر جمة لشركات السياحة والفندقة، وبلغ إجمالي خسائر قطاع السياحة 300 مليون دولار.

​في محاولة لتقليص حجم الخسائر، ومنع انهيار موسم السياحة، قدمت شركات السياحة والطيران الإسرائيلي عروضاً في الأسواق المحلية والعالمية، وعبر موقعها الإلكتروني، تضمنت طرح حزم سياحية مخفضة بمئات الدولارات لإغراء الإسرائيليين لشراء العروض لتقليل الخسائر.

مجلس الأمن القومي قد تخول له صلاحيات كاملة لإدارة البلاد

​محمد وتد الصحفي الفلسطيني من داخل الخط الأخضر، قال لـ "عربي بوست" إن "الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل للحد من انتشار الكورونا في الطريق للتوسع، ومن المقرر أن تنظر الحكومة بقرار وقف العملية التعليمية لكافة المراحل، وإصدار قرار بإغلاق شامل للحدود والمطارات، ووقف المواصلات العامة، وإغلاق المصانع التي يعمل بها عشرات العمال، ووقف المواصلات العامة".

وأضاف أن "الأزمة السياسية في إسرائيل، وعجز رؤساء الكتل الحزبية على التوافق لتشكيل حكومة موحدة في هذا الظرف الحساس، قد يجبر إسرائيل على منح مجلس الأمن القومي صلاحيات كاملة لإدارة البلاد إلى حين تجاوز أزمة الوباء، خصوصاً إن لم يتم احتواؤه، وبقي في مستويات قد يلحق الضرر بالدولة".

و​يعرف المجلس الأمني القومي الإسرائيلي، بأنه الهيئة المركزية الخاصة بتنسيق ودمج وتحليل ومراقبة الأمن القومي الإسرائيلي، تأسس في 1999 في ظل حكومة بنيامين نتنياهو، ويعمل كهيئة استشارية لرئيس الحكومة في قضايا تتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي، كما يقوم بتركيز وتنسيق الفعاليات والنشاطات الأمنية بين قوى الأمن لتعمل كجسم واحد لمواجهة التحديات.

وقد يتم إعلان حالة الطوارئ

​من السيناريوهات المحتملة أن تعلن إسرائيل فرض حالة الطوارئ، إذا استمرت مستويات الإصابة بالفيروس بهذا الارتفاع، مما يعني تراجع مستويات الإنتاج في القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية، مما سينعكس سلباً بالضرورة على أداء الاقتصاد لهذا العام.

​محمد بلال حبيب، الصحفي الفلسطيني المختص بشؤون الاقتصاد الإسرائيلي قال لـ "عربي بوست" إن "الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية دفعت بقطاع واسع من الإسرائيليين إلى الاعتماد على الشراء من الإنترنت لتوفير الاحتياجات الأساسية، لكن ذلك يأتي على حساب الاستهلاك المحلي، الذي سيؤثر على أداء القطاع الصناعي، وقد لا يجد قناة لتصريف منتجاته، وفي حال استمرار الأزمة لعدة أسابيع، فإن موازنة الدولة ستتأثر بسبب تراجع الإيرادات من الضرائب، كما سيتأثر الإنفاق الحكومي بهذه الأزمة".

​وأضاف أن "الدورة الاقتصادية، خصوصاً في القطاعين الصناعي والتجارة الخارجية ستتأثر من أي قرار تصدره الدولة بشأن وقف استيراد المواد الخام التي تأتي من الخارج، لأنه يعني توقف العجلة الاقتصادية عن العمل، وفقدان أحد أهم مصادر الإيرادات في الدولة".​

ولكن هناك نقطة قوة اقتصادية

وتعتبر إسرائيل من الاقتصادات الناهضة والقوية على مستوى العالم، ورغم ما قد يصيبها من أضرار اقتصادية وخسائر مالية، لكن الخبراء الاقتصاديين يرون أنها قد تكون قادرة على تجاوز هذه الخسائر، دون أن تنعكس سلباً على أداء اقتصادها.

يعود السبب في ذلك إلى أن لدى إسرائيل مستوى مرتفعاً من الاحتياطات النقدية التي يمكن أخذ جزء منها لدفع تعويضات للقطاعات الاقتصادية المتضررة من هذه الأزمة، أو من خلال ضخ مزيد من هذه الأموال في السوق لتعزيز الطلب.

ولكن يبقى الكورونا مهدداً لسير العملية الاقتصادية في إسرائيل، بغض النظر عن الخسائر التي لحقت، وقد تلحق بها.

تحميل المزيد