سيناريوهات تشكيل حكومة إسرائيلية متعددة، لكن المؤكد أنه لا شيء محسوماً حتى الآن

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/03/05 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/05 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
نتنياهو ومنافسه غانتس

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتفل احتفالاً صاخباً مع أنصاره، وأعلن أنه حقق نصراً كبيراً بعد ساعات من انتهاء التصويت في الانتخابات الثالثة في أقل من عام، لكن مع اقتراب عملية فرز الأصوات من نهايتها يتضح أكثر وأكثر أن "حلم نتنياهو" ربما يكون في طريقه للتبخر، فما قصة تشكيل الحكومة في إسرائيل؟

صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: "مع اقتراب الانتهاء من فرز الأصوات.. 5 سيناريوهات لتشكيل حكومة إسرائيلية أخيراً"، ألقت فيه الضوء على الاحتمالات المعقدة لتشكيل الحكومة.

هل اختلفت الأمور هذه المرة؟

تبقَّى عدد قليل من الأصوات التي لم تنتهِ عملية فرزها بعد، وعلى الرغم من الأداء القوي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في انتخابات الإثنين، فإنَّ ائتلافه اليميني عجز عن تحقيق الأغلبية المطلقة في البرلمان وتنقصه ثلاثة مقاعد ليتمكن من تشكيل حكومة.

وإذا ما بقي توزيع المقاعد المبدئي على حاله، سيؤذن ذلك بفترة أخرى من المفاوضات المتشنِّجة في ظل حالة الجمود السياسي التي تشهدها إسرائيل منذ عام، فيما يهرول نتنياهو لإيجاد نواب أو أحزاب بالمعارضة مستعدين للانضمام إلى ائتلافه.

لكنَّ محللين يقولون إنَّ انتعاش الدعم لنتنياهو من جديد في انتخابات الإثنين الماضي 2 مارس/آذار، على الرغم من مواجهته محاكمة في اتهامات بالفساد في وقتٍ لاحق من هذا الشهر، يضعه في موقعٍ قوي يُمكِّنه من تأمين الحصول على ولاية خامسة رئيساً للوزراء، وهو ما يمثل بدوره رقماً قياسياً.

تمنح عملية الفرز حتى الآن حزب الليكود بزعامة نتنياهو 36 مقعداً في البرلمان الإسرائيلي، المعروف بـ "الكنيست"، مقارنةً بـ33 مقعداً لحزب أزرق أبيض المنتمي لتيار يسار الوسط، وهو ثاني أكبر حزب. وترك الأداء الضعيف من الحزب بقيادة رئيس أركان الجيش السابق بيني غانتس الحزب مُمزقاً بفعل الانتقادات القادمة من داخل الحزب وخارجه، الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن قدرة الحزب الإسرائيلي الجديد على التماسك بعد بدء مفاوضات الائتلاف الحكومي.

وذهب ثالث أكبر عدد من المقاعد إلى تحالف من الأحزاب العربية في إسرائيل، يُسمَّى "القائمة المشتركة"، الذي حصل على 15 مقعداً، في دفعة للسياسيين الذين يمثلون المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل. وخرج الناخبون العرب بأعداد شبه قياسية، مدفوعين بالغضب من توصيفات نتنياهو المتكررة لهم باعتبارهم إسرائيليين غير مخلصين، فضلاً عن بند في خطة ترامب الأخيرة للسلام يلمِّح إلى أنَّ بعضهم قد يُجرَّد من جنسيته.

هل يتحالف ليبرمان مع نتنياهو؟

وشهدت الأحزاب الإسرائيلية اليسارية المتعثرة، بما في ذلك حزب "العمل" المُؤسِّس للدولة، تراجعاً في الدعم بصورة أكبر في ثالث انتخابات تشهدها البلاد خلال أقل من سنة. فلم تفُز أحزاب اليسار التي ترشَّحت في قائمة مشتركة إلا بسبعة مقاعد فقط.

أمَّا النتيجة المهمة فهي المقاعد الـ58 التي تسيطر عليها كتلة نتنياهو اليمينية، وهي أقل بثلاثة مقاعد من عتبة الـ61 مقعداً المطلوبة من أجل السيطرة على الكنيست المؤلف من 120 مقعداً. وهذا العدد أقل بمقعدين مما توقعته استطلاعات رأي ليلة الانتخابات، وهو ما يخفف من النشوة التي غمرت  احتفال حزب الليكود بالنصر.

فالآن يتوجَّب على نتنياهو اجتذاب مقاعد إضافية لائتلافه قبل أن يتمكن من تشكيل حكومة، في نفس الوقت نفسه الذي يستعد فيه لدخول قفص الاتهام يوم 17 مارس/آذار في اتهامات بالرشوة والتزوير وخيانة الأمانة.

ومع بدء المساومات السياسية بصورة جدية، إليكم خمسة سيناريوهات يمكن أن تؤدي لتشكيل أول حكومة إسرائيلية فعَّالة منذ أكثر من عام:

السيناريو الأول: العثور على نوَّاب مستعدين لتغيير انتماءاتهم

سيتمثل أول خيارات نتنياهو في البحث عن منشقين من الأحزاب غير المنضوية ضمن تكتله اليميني، وهم نواب إما يبحثون عن صفقة أفضل أو سئموا من حالة الجمود المستمرة. وإيجاد هؤلاء النواب ربما يمثل الحل الأفضل، لكن هناك بعض القيود على أعضاء الكنيست الراغبين في تغيير الحزب المنتمين إليه بعدما تم انتخابهم وهم مع حزب آخر.

أحد المرشحين المحتملين في هذا الإطار هي أورلي ليفي-أبيكاسيس، رئيسة حزب "غيشر" المتحالف الآن مع حزبي العمل وميرتس. عملت ليفي-أبيكاسيس على مدى السنوات القليلة الماضية كمرشحة مستقلة، وينصبُّ تركيزها الأساسي على قضايا الرفاه الاجتماعي والصحة.

وأثارت ليفي-أبيكاسيس، ابنة وزير الخارجية السابق وحليف نتنياهو في فترة من الفترات دافيد ليفي، التكهنات بعد ظهور نتائج استطلاعات رأي الناخبين عند مغادرتهم لمراكز الاقتراع يوم الإثنين، فغرَّدت بأنَّها "تأمل أن تستيقظ على حقبة عمل جديدة". وحذفت التغريدة بعد فترة قصيرة، بعدما تساءل الصحفيون ما إن كانت تُلمِّح إلى استعدادها للانضمام إلى ائتلافٍ يميني. لكن حتى لو كانت ليفي-أبيكاسيس، التي نفت حتى مجرد التفكير في الانضمام إلى نتنياهو، ستغيِّر انتماءها، فلن يكون ذلك كافياً لسد فجوة المقاعد الثلاثة التي يحتاجها ائتلاف نتنياهو.

السيناريو الثاني: إغراء حزب بأكمله

قد يكون من المباشر أكثر أن يحاول نتنياهو إغراء حزب كامل للانضمام إلى تكتله. ويتشكَّل كلٌّ من تحالف أزرق أبيض وتحالف "العمل-غيشر-ميرتس" الأكثر ميلاً لليسار من أحزاب أصغر توحَّدت خلال العملية الانتخابية لأسبابٍ استراتيجية.

الآن وقد انتهت الانتخابات، بات يُسمَح لتلك الأحزاب قانوناً بالانفصال. وفي هذه المرحلة المبكرة، تقف جميع أحزاب المعارضة ثابتةً في التزامها بعدم الانضمام إلى حكومة يقودها نتنياهو.

السيناريو الثالث: تشكيل حكومة وحدة

بات نتنياهو، بعد زيادة حصة حزب الليكود من المقاعد، في وضعٍ أقوى لتشكيل حكومة وحدة مع منافسه الرئيسي، حزب أزرق أبيض. ويُصِرُّ هذا الحزب الأخير، الذي يقوده غانتس، على أنَّه لن يشارك في حكومة تحت قيادة رئيس وزراء يواجه لائحة اتهام جنائية.

لكنَّ أزرق أبيض، المؤلف من ثلاثة أحزاب، قد يعيد النظر الآن بعدما بات واضحاً أنَّه لا يملك مقاعد كافية للتغلب على الليكود، وكذلك بهدف إنقاذ الجمهور الإسرائيلي من الذهاب إلى جولة رابعة من الانتخابات. لكنَّ موقفه أضعف بكثير مما كان في المرحلة التالية لانتخابات سبتمبر/أيلول الماضي، حين كان يمثل الحزب الأكبر وبإمكانه تقديم مطالب أكثر.

ولهذا الخيار عيوبه بالنسبة لنتنياهو أيضاً. فهناك تكهن على نطاق واسع بأنَّه كان يأمل تشكيل ائتلاف من شأنه تمكينه من إيجاد طريقة قانونية لإبطال لوائح الاتهام ضده، مثل توسيع نطاق حصانته على سبيل المثال. لكنَّ الاعتماد على حزب أزرق أبيض لتشكيل حكومة لن يمنحه هذا الخيار.

السيناريو الرابع: حكومة أقلية بزعامة الليكود

قد يتمثَّل أحد الخيارات الأخرى أمام نتنياهو في محاولة تشكيل حكومة أقلية بدعم من خارج ائتلافه. وقد يكون هذا حلاً لحليفه السابق، وزير الدفاع المتشدد السابق أفيغدور ليبرمان.

فبصفته زعيماً لحزب "إسرائيل بيتنا" اليميني العلماني، قاد ليبرمان حملته الانتخابية وفق برنامج يقوم على عدم الانضمام إلى حكومة مع القوميين الأورثوذكس المتشددين واليمينيين المغالين في التكتل الداعم لنتنياهو.

وقال ليبرمان في مؤتمر صحفي الثلاثاء 3 مارس/آذار فإنَّه لن يتخلى عن مبادئه، لكن سيقوم بما في وسعه لتجنب انتخابات رابعة، مُلمِّحاً إلى أنَّه قد يُرخي مبادئه استناداً إلى ما يعرضه نتنياهو عليه.

السيناريو الخامس: حكومة أقلية بزعامة أزرق أبيض

أحد الخيارات الأخيرة، والمستبعدة على نحوٍ متزايد، هو أن يحاول حزب أزرق أبيض نفسه تشكيل حكومة أقلية بدعمٍ من خارج الحزب من القائمة المشتركة للأحزاب العربية.

الطيبي عضو الكنيست

فاستناداً إلى النتائج النهائية، تملك الأحزاب التي لا تدعم نتنياهو داخل تكتل أحزاب أزرق أبيض عدداً أكبر من المقاعد مقارنةً بتلك التي تدعمه، على الرغم من كونها منقسمة على نطاقٍ واسع. وإذا ما تمكن غانتس من جسر الفجوات بين ليبرمان القومي المتشدد وحزب ميرتس اليساري الليبرالي، ستكون لديه فرصة لتشكيل تكتل أقلية.

وسيحتاج بعد ذلك لإقناع التكتل بالتوصل إلى اتفاق مع القائمة المشتركة للأحزاب العربية. لم يتحقق مثل هذا الاتفاق في جولة الانتخابات السابقة بسبب المعارضة من داخل حزبه.

ويبدو الأمر غير واقعي هذه المرة أيضاً، بعدما تحدث أعضاء أزرق أبيض عن تشكيل "حكومة أغلبية يهودية" فقط.

وقال رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، يوم الثلاثاء، إنَّه من المستبعد دعم غانتس هذه المرة، مثلما فعل بعد الانتخابات السابقة، بسبب التصريحات العنصرية من أعضاء أزرق أبيض.

وبطبيعة الحال، إن لم ينجح أيٌّ من هذه السيناريوهات، قد يتوجه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع مرة رابعة بحلول الصيف المقبل.

تحميل المزيد