لعبة عض الأصابع.. لهذه الأسباب فتحت تركيا معابرها أمام اللاجئين نحو أوروبا

عربي بوست
تم النشر: 2020/03/05 الساعة 09:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/05 الساعة 09:48 بتوقيت غرينتش
تقول مصادر الأمم المتحدة إن نحو 100 ألف لاجئ يتمركزون الآن على طول الحدود التركية اليونانية، البالغ طولها 212 كيلومتراً/ رويترز

فتحت تركيا المعابر إلى أوروبا أمام اللاجئين، في أعقاب مقتل 34 جندياً تركياً في محافظة إدلب شمال غربي سوريا. وأرجع المسؤولون الأتراك فتح المعابر إلى عدم قدرة تركيا على تحمل أعداد جديدة من اللاجئين، في وقت يتدفق فيه آلاف المدنيين من شمالي سوريا، هرباً من القصف المدمر لمدنهم وقراهم من روسيا وجيش النظام وحلفائهما من الميليشيات الطائفية الإيرانية.

منذ بداية التدخل العسكري الروسي بسوريا، في 30 سبتمبر/أيلول 2015، يتبع الروس سياسة "العصا والجزرة"، بتدمير المدن والقرى وحرق الأخضر واليابس من جهة، وفتح باب المصالحات من جهة أخرى، حيث يخيرون السوريين بين البقاء تحت حكم بشار الأسد عنوة، ومن يرفض ذلك منهم يُحمل بالباصات الخضر، ويُرحل إلى إدلب.

عملية ترحيل الرافضين للعيش تحت حكم بشار شملت غالبية المحافظات، من درعا إلى دمشق والغوطة وحمص وحماة، وغيرها. وبينما كان عدد سكان إدلب وريفها لا يتجاوز المليون، أصبح بقدوم المهجرين إليها يزيد عن أربعة ملايين نسمة.

الاتفاق التركي الأوروبي حول اللاجئين

بعد لقاء عام 2016 جمع رئيس وزراء تركيا آنذاك، أحمد داود أوغلو، ورئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، في بروكسل، وقعت تركيا والاتحاد الأوروبي اتفاقاً لمعالجة تدفق اللاجئين نحو أوروبا، يقضي بإبعاد اللاجئين الجدد إلى تركيا، مع تسريع كل من تسديد المساعدات المالية لتركيا، وإلغاء تأشيرات دخول الأتراك إلى أوروبا، وانضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.

أهم بنود الاتفاق

1- إعادة جميع اللاجئين الجدد الذين يصلون من تركيا إلى الجزر اليونانية، بداية من 20 مارس/آذار 2016، إلى تركيا، ووضع حد للرحلات الخطيرة عبر بحر إيجه، والقضاء على عمل المهربين.

2- تخضع طلبات اللجوء للدراسة في الجزر اليونانية، ومن لا يقدمون طلب لجوء أو يثبت أن طلبهم لا يستند إلى أساس أو لا يمكن قبوله، تتم إعادتهم إلى تركيا.

3- تتخذ تركيا واليونان التدابير الضرورية لذلك، بمساعدة مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك وجود عناصر أتراك في الجزر اليونانية، وعناصر يونانيين في تركيا، على أن يتكفل الاتحاد بنفقات إعادة اللاجئين.

4- مبدأ "واحد مقابل واحد": مقابل كل سوري يُعاد من الجزر اليونانية إلى تركيا، يتم استقبال سوري آخر من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وتم تحديد سقف قدره 72 ألف لاجئ.

5- تحرير تأشيرات الدخول: يتم تسريع العمل على خريطة الطريق للسماح بإعفاء مواطني تركيا من تأشيرات الدخول إلى أوروبا، في مهلة أقصاها نهاية يونيو/حزيران 2016، على أن تستوفي تركيا المعايير الـ72.

6- مساعدة مالية: يُسرع الاتحاد بتسليم تركيا مساعدة تبلغ ثلاثة مليارات يورو، لتحسين ظروف معيشة اللاجئين السوريين.

7- الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي: وافق الاتحاد على فتح الفصل 33 من مفاوضات العضوية.

تقول وكالة الأناضول، إنه بينما التزمت تركيا ببنود الاتفاق بشكل شبه كامل، تهرب الأوروبيون من تطبيقه بشكل أو بآخر.

موجات لاجئين متزايدة نحو أوروبا

تقول مصادر الأمم المتحدة إن نحو 100 ألف لاجئ يتمركزون الآن على طول الحدود التركية اليونانية، البالغ طولها 212 كيلومتراً.

بينما قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إن عدد اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين، العابرين لتركيا باتجاه أوروبا، زاد عن 130 ألفاً، وهو في ارتفاع.

تقول رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، إن الاتحاد الأوروبي ينظر "بقلق" إلى تدفق المهاجرين من تركيا باتّجاه حدوده في اليونان وبلغاريا.

ويأتي التدفق الراهن للاجئين، ومعظمهم من السوريين، باتجاه حدود تركيا مع أوروبا، بعد أن تكرر على لسان مسؤولين أتراك، خلال الأيام الماضية، القول إن تركيا لن تمنع اللاجئين من التوجه إلى حدودها، في طريقهم إلى أوروبا، سواء براً أو بحراً.

فتح المعابر.. لماذا؟

لم يبق أمام المدنيين في إدلب وريفها سوى النزوح باتجاه تركيا، في ظل القصف الروسي المتواصل، واستهدافه المدنيين والمرافق التي تؤمن لهم الحد الأدنى من سبل الحياة، كالمستشفيات والمدارس ومخيمات النازحين، والأسواق الشعبية والجوامع وكافة دور العبادة.

وتحتضن تركيا ما يزيد عن ثلاثة ملايين و650 ألف لاجئ سوري، وهي مهددة بنزوح أعداد مثلهم، حال استمرار الروس في استهدافهم لإدلب بهذه الوتيرة.

ويشكل ذلك عبئاً بشرياً على تركيا تنوء بحمله كبريات الدول، خاصة مع انسداد قنوات الحل السياسي، وغياب أي بصيص أمل بقرب نهاية الأزمة السورية القائمة منذ 2011.

اتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بالتزاماته بخصوص التعاون مع أنقرة في ملف اللاجئين، بقوله: "لم تتم الاستجابة لتطلعاتنا بشأن التقاسم العادل للأعباء والمسؤوليات تجاه اللاجئين، والاتحاد الأوروبي لم يف بالتزامات إعلان 18 مارس/آذار (2016) بصورة تامة".

وتابع: "يقولون لنا (الأوروبيون) سنرسل لكم مليار يورو، من تخدعون (؟!) لا نريد هذه الأموال، فتركيا، التي أنفقت 40 مليار دولار على اللاجئين، بإمكانها تدبير هذا المبلغ".

ومن وجهة نظر أنقرة، لدى أوروبا الكثير مما تستطيع فعله في سوريا، أوله ممارسة ضغوط حقيقية على روسيا، لردعها وإجبارها على التوقف عن ممارساتها في إدلب، والمطلوب هو وضع اتفاقات جديدة وفق قواعد اشتباك جديدة، يتحمل فيها الجميع مسؤولياته.

تحميل المزيد