الأنباء عن إطلاق قوات حرس الحدود اليونانية الرصاص على الراغبين في اللجوء وسقوط شاب سوري صريعاً تطرح تساؤلاً مهماً بشأن ما يقوله القانون الدولي في هكذا حالة! وما الفرق بين اللجوء والنزوح والهجرة؟
كيف قتل الشاب السوري؟
اليوم الإثنين 2 مارس/آذار، قال مصدران أمنيان تركيان لرويترز إن مهاجراً سورياً كان يسعى للعبور من تركيا إلى اليونان لقي حتفه متأثراً بجروحه بعدما تدخلت قوات الأمن اليونانية لمنع عبور مهاجرين تجمعوا على الحدود.
كانت تركيا قد أعلنت الأسبوع الماضي عن فتح حدودها للسماح للمهاجرين بالعبور إلى أوروبا، وحاول أكثر من عشرة آلاف مهاجر المرور عبر الحدود البرية حيث أطلق الحراس الغاز المسيل للدموع على الحشود التي حوصرت في المنطقة الواقعة بين السياجين الحدوديين بين البلدين.
هذا الموقف المأساوي يطرح مجموعة من الأسئلة تتعلق بقضية اللجوء والحدود من الناحيتين القانونية والإنسانية، وما تفرضه نصوص القانون الدولي على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة فيما يخص الهجرة واللجوء وكيف يكون الموقف إذا ما تعارضت القوانين الدولية مع القوانين المحلية لكل دولة على حدة.
ما الفرق بين المهاجر واللاجئ والنازح؟
نبدأ القصة من توضيح الاختلاف في التعريف بين الهجرة واللجوء والنزوح من منظور القانون الدولي؛ فنجد أن تعريف المهاجر هو "الإنسان الذي يتنقل بشكل فردي أو بشكل جماعي من مكان إلى آخر، في سبيل البحث عن وضع اجتماعي أفضل أو اقتصادي أو حتى في سبيل الوصول إلى وضع ديني أو سياسي مناسب أكثر لمعتقداته وتوجهاته، مع العلم بأن انتقال الفرد من مكان إلى آخر في حالة الهجرة يكون بشكل إرادي وبرغبة من داخل الشخص المهاجر نفسه، ويظل يتمتع بحق العودة إلى بلده الأصلي والتمتع بحقوقه كمواطن".
أما اللاجئ فهو مجموعة الأفراد الذين يتم إجبارهم على أن يتركوا منازلهم بسبب خوفهم من التعرض للظلم والعدوان وذلك لعدة أسباب ممكن أن تكون أسباباً دينية أو عسكرية أو إنسانية، وبحسب تعريف الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "اللاجئون هم أشخاص لا يمكنهم العودة إلى بلدهم بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد أو الصراع أو العنف أو ظروف أخرى أخلّت بالنظام العام بشكل كبير، وهم بالتالي بحاجة للحماية الدولية".
وتم الاتفاق على تعريف عام للاجئين ورد في معاهدة الأمم المتحدة عام 1951 فيما يتعلق بوضع اللاجئين (المعاهدة الخاصة في اللاجئين)، فيعرف اللاجئ على أنه من "بسبب مخاوف حقيقية من اضطهاد بسبب العرق، الدين، الجنسية، انتمائه إلى طائفة اجتماعية معينة أو ذات رأي سياسي، تواجد خارج البلد الذي يحمل جنسيته، وغير قادر، أو بسبب هذه المخاوف غير راغب في الاعتماد على حماية دولته أو العودة لبلده بسبب المخاوف من الاضطهاد".
المصطلح الثالث النازح وهو الفرد أو الجماعة الذي ينتقل من منطقة جغرافية إلى منطقة جغرافية أخرى ضمن نفس الدولة، ويكون ذلك بشكل إجباري على الشخص النازح جراء تعرضه لمؤثر يهدد حياته، ومن الأمثلة على تلك المؤثرات المجاعات، الحروب، التصحر والجفاف، الكوارث البيئية، وأي سبب آخر يجعل النازح ينتقل إلى مكان آخر طمعاً في إيجاد ظروف أفضل سواء تم ذلك طوعاً أو كرهاً وبشكل مفاجئ واضطراري بسبب وجود نزاعات أو صراعات مسلحة أو تعد وانتهاك لحقوقهم الإنسانية أو بسبب العوامل الطبيعية مثل الفيضانات والأعاصير والزلازل أو حتى كوارث بسبب الإنسان.
ماذا تقول اليونان؟
أمس الأحد 1 مارس/آذار، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على تويتر إن اليونان عازمة على حماية حدودها، وحذر المهاجرين من أن بلاده "ستردهم إذا حاولوا دخول البلد بطريق غير مشروع"، وقال أيضاً إنه سيزور الحدود البرية للبلاد مع تركيا في منطقة إيفروس يوم الثلاثاء ومعه رئيس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل.
الملاحظ هنا أن اليونان وكذلك مسؤولي الاتحاد الأوروبي لا يستخدمون مصطلح "لاجئين" عند الإشارة لعشرات الآلاف من السوريين الذين وصلوا بالفعل للحدود اليونانية بعد أن فتحت أنقرة حدودها أمامهم، على الرغم من أن هؤلاء السوريون ليسوا "مهاجرين" بل هم "لاجئون" يفرون من جحيم الحرب، وذلك بتعريف القانون الدولي.
ماذا يحق للاجئ بحكم القانون الدولي؟
والفارق بين اللاجئ وطالب الهجرة – بتعريف القانون الدولي – يعني أنه لا يحق لأي دولة منع اللاجئين إليها هرباً من صراع مسلح يهدد حياتهم وهي الحالة التي تنطبق على السوريين الذين يحاولون دخول اليونان، وهنا نشير إلى ما تقوله اتفاقية اللاجئين لعام 1951، التي تم اعتمادها بعد الحرب العالمية الثانية، وهي التي عرفت اللاجئ على أنه "الشخص الذي يريد اللجوء إلى بلد هرباً من الاضطهاد".
المعاهدة في البداية كانت قاصرة على اللاجئين داخل أوروبا، ولكن تم تعديلها في عام 1967، لتشمل اللاجئين من جميع أنحاء العالم.
هذه المعاهدة لا تعطي اللاجئ الحق في الدخول فقط، لكنها أيضاً تمنحه الحق في ألا تتم إعادته إلى وطنه، إلا في الظروف القصوى.
وبالإضافة إلى عدم إعادتهم الى بلدانهم، يتمتع اللاجئون بالعديد من الحقوق الأخرى، بما في ذلك الحماية القانونية من الملاحقة بتهمة الدخول غير القانوني للدول المشتركة في المعاهدة، والحق في السكن والعمل والحصول على التعليم والحصول على المساعدات العامة والوصول إلى المحاكم والحق في الحصول على وثائق الهوية والسفر.
هذا بالطبع يفسر إصرار اليونان على عدم استخدام "لاجئين" عند الإشارة لعشرات الآلاف من السوريين الذين يحاولون دخول أراضيها، واليوم الإثنين أصدرت بياناً قالت فيه إن غالبية من يحاولون الدخول ليسوا سوريين وإنما هم أفغان وباكستانيون، وزعمت أنه لا يوجد سوريون من إدلب.