«تنشرون الذعر والعنصرية».. ما حقيقة اتهام الصين لأمريكا بالمساهمة في تفاقم أزمة الكورونا؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/02/15 الساعة 14:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/22 الساعة 15:20 بتوقيت غرينتش

مع زيادة عدد الحالات المُصابة وارتفاع مُعدل الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في الصين "تبحث الحكومة الصينية عن جهةٍ توجه لها اللوم"، كما تقول مجلة The National Interest الأمريكية. في مطلع الشهر الجاري فبراير/شباط، أدلت هوا تشون ينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، بتصريحاتٍ حول وباء كورونا، الذي توسع انتشاره ليشمل معظم مدن الصين، قائلةً: "صنعت الولايات المتحدة حالة ممنهجة ومستمرة من نشر الذعر". 

"سلوك عنصري"

على نفس المنوال، اتهمت صحيفة Global Times، الصحيفة الشعبية الخاضعة لسيطرة الحزب الشيوعي، الولايات المتحدة الأمريكية بارتكاب "سلوك غير أخلاقي"، وادّعت مراراً أن رد فعل الغرب على المرض جاء مشوباً بـ "العنصرية"، وأسطورة "الخطر الأصفر". 

وذكرت الصحيفة أيضاً في إشارةٍ إلى تفشي فيروس الإنفلونزا H1N1 في عام 2009، أنَّ "الولايات المتحدة فشلت في اعتماد تدابير رقابة فعالة لمكافحة الفيروس، ما تسبب في انتشاره في كافة أنحاء العالم". وفي واقع الأمر، كان تصدي الولايات المتحدة لتفشي الفيروس، الذي ظهر لأول مرة في المكسيك، "سريعاً وفعالاً بشكلٍ عام"، كما تصف ذلك المجلة الأمريكية.

بكين تصب جام غضبها على واشنطن

كذلك اتهمت الخارجية الصينية في مطلع الشهر الجاري فبراير/شباط، الولايات المتحدة بعدم تقديم "أي مساعدة ملموسة"، في الوقت الذي رفضت فيه الصين حينها كافة عروض المساعدة الأمريكية لقرابة شهر كما تقول المجلة الأمريكية. 

الرئيس الصيني شي جين بينغ يتفقد أعمال مكافحة فيروس كورونا في أنهوالي في بكين ، الصين/ رويترز
الرئيس الصيني شي جين بينغ يتفقد أعمال مكافحة فيروس كورونا في أنهوالي في بكين ، الصين/ رويترز

وبعد ساعاتٍ من صدور تلك التعليقات، كان هو شيجين، محرر لدى صحيفة Global Times، يسخر من دونالد ترامب، متهماً إياه بادعاء تقديم المساعدات دون أثرٍ ملموس. لكنَّ إدارة ترامب، في الوقت الذي تُثار فيه كل تلك الاتهامات، كانت في حقيقة الأمر تشحن طائرة بوينغ 747 متجهة إلى الصين، مزودة بملابس حماية من الأخطار البيولوجية، وبعض اللوازم الطبية، إلى جانب إمدادات الإغاثة الطبية والإنسانية، بحسب ناشيونال إنترست.

"صرف الانتباه عن أزمة كورونا"

تعلق المجلة الأمريكية أن قادة الصين يهاجمون الولايات المتحدة بغية صرف الانتباه عن سوء معالجتهم للأزمة، فقد سمحوا للفيروس بالانتشار خلال مراحله الأولى، وها هم الآن يعوِّضون الوقت الضائع من خلال فرض "ضوابط صارمة". 

إذ بدأت حالة التماسك الاجتماعي في مناطق انتشار الوباء بالتفكك، بسبب مقاومتهم التدابير التي لم تحظَ بالقبول الشعبي. وكمثال على ذلك، ظهرت صورٌ لعمالٍ يرتدون ملابس الوقاية من الأخطار البيولوجية يسيرون في دورياتٍ في مدينة ووهان، مسلحين بالبنادق الآلية والمسدسات. وكما هو متوقع، أدَّت حالة تكتم الحزب الشيوعي على المعلومات، إلى جانب المحاولات  لنشر رواياته، إلى انتشار الشائعات بوتيرة سريعة، خاصةً تلك المتعلقة بمنشأ المرض. 

في أواخر الشهر الماضي، يناير/كانون الثاني، أشاد الرئيس شي جين بينغ بجهود العاصمة بكين في مكافحة الوباء. ولكن بعد أن باتت أوجه القصور واضحةً، ظلَّ منذ ذلك الحين ينقل المسؤولية بمهارةٍ على عاتق الآخرين. وفي أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، أمر بتشكيل فرقة عمل خاصة لمكافحة فيروس كورونا، لكنه، على عكس هيئات الحزب الشيوعي الأخرى، لم يضطلع بأي دور، تاركاً الرئاسة إلى خصمه السياسي رئيس مجلس الدولة، لي كه تشيانغ، في خطوةٍ واضحةٍ لجعله "كبش فداء"، تقول المجلة الأمريكية. 

"اختبار جوهري للنظام الصيني"

في الوقت الحالي، يُخضع شي جين بينغ الجميع للمحاكمة، إذ ذكر في تصريحٍ له في الشهر الحالي أنَّ "تفشي المرض بمثابة اختبار جوهري للنظام الصيني وقدرته على الحكم، ولا بد من إيجاز التجربة واستخلاص العبرة منها". 

تقول ناشيونال إنترست، يسترعي هنري كسنجر الانتباه إلى أنَّ قادة الصين يستعملون الدروس المستخلصة من التاريخ الصيني في وضع السياسات الحالية، لذا ينبغي أن يدور في رأس الرئيس شي جين بينغ في هذه الأيام حدثان رئيسيان لمدينة ووهان، أولهما أنَّ المدينة شهدت نقطة انطلاق الثورة التي أنهت ألفي عامٍ من الحكم الإمبراطوري، في أكتوبر/تشرين الأول عام 1911، والحدث الثاني هو خروج الحشود المقدرة بنحو 10 آلاف فرد إلى شوارع ووهان في أول مظاهرةٍ ضخمة في المدينة، مُستلهمة من هونغ كونغ، في أوائل يوليو/تموز.

استياء عام

تسببت حادثة وفاة الطبيب لي وينليانغ، في 7 فبراير/شباط -وهو طبيب في مستشفى ووهان حاول تحذير الحكومة من فيروس كورونا- في إثارة موجة من الحزن وعاصفة من الانتقادات جابت المدينة وامتدت لكافة منصات التواصل الاجتماعي في الصين. 

ردَّ الصينيون الغاضبون على ما حدث، بعد مظاهرات هونغ كونغ، من خلال اعتماد نشيد Do You Hear the People Sing؟ الشهير، الذي تغنّت به حشود الثوار في الملحمة الموسيقية السينمائية "البؤساء" (كان نص كلمات الأغنية يقول: "هل تسمع الناس يغنون أغنية الشعب الغاضب، إنها أغنية من يرفضون أن يصبحوا عبيداً مرة أخرى"). يقول الشعب علانيةً، من خلال الأغاني والسُّبل الأكثر وضوحاً، إنَّ المرض الحقيقي في بلادهم هو الحكم الشيوعي.

يقول آرثر والدرون، المؤرخ الأمريكي المهتم بالتاريخ الصيني من جامعة بنسلفانيا، إنّ شي جين بينغ "إما أن يتمكن من القضاء على الوباء، أو السيطرة على مجريات الحدث. لا يتسنى له إنجاز الأمرين في نفس الوقت". تُظهر حملة هجوم الحكومة الصينية على الولايات المتحدة أنَّ الصين سلكت المسار الآخر، وبسبب ذلك سيُعاني الكثيرون بلا مبرر، كما تقول المجلة الأمريكية.

تحميل المزيد